انهيار المشاورات يقرب مصير ولد الشيخ من بنعمر

«عاصفة الحزم» صنعت منظورًا مختلفًا للأمم المتحدة

انهيار المشاورات يقرب مصير ولد الشيخ من بنعمر
TT

انهيار المشاورات يقرب مصير ولد الشيخ من بنعمر

انهيار المشاورات يقرب مصير ولد الشيخ من بنعمر

أعطى موقف السعودية وإطلاقها «عاصفة الحزم» لإعادة الشرعية في اليمن، مؤشرات كثيرة لزعامات الدول في المجتمع الدولي، بعد تخاذل الأمم المتحدة وعدم جدية تعاطيها في الشأن اليمني من قبل مبعوثها السابق جمال بنعمر، الذي منح غطاء متساهلا لانقلاب جماعة الحوثي ونفوذ الرئيس السابق علي عبد الله صالح في بعض ألوية الجيش اليمني، ومهد له القوة لفتح التحالفات، إضافة إلى تمهيد «اتفاق السلم والشراكة» الذي صاغه الحوثيون وأرغم المشاركين في الحوار على التوقيع عليه مع احتلالهم صنعاء في سبتمبر (أيلول) 2014.
الأمم المتحدة، في منظومتها يتهمها اليمنيون بتعقيد الأزمة، فهي من أبعدت الأنظار وصمّت الآذان عن فرض الحوثي الإقامة الجبرية على الرئيس عبد ربه منصور هادي، قبل أن يتسلل من صنعاء العاصمة إلى عدن ويعلنها عاصمة مؤقتة للبلاد حتى زوال الانقلاب.
إسماعيل ولد الشيخ، على خطى سلفه، جمال بنعمر، حيث أصبح الأول على عتبة الاستحالة في استئناف مفاوضات الكويت السياسية، بعد لقائه أول من أمس في صنعاء، وفدي الانقلابيين: علي عبد الله صالح، وجماعة الحوثي، اللذين يسعيان إلى المشاركة في السلطة وتشكيل حكومة وحدة وطنية، من منطلقات مكانية واهية، للالتفاف على قرارات مجلس الأمن، في وقت يتهم مجلس الأمن المخلوع علي عبد الله صالح بعرقلة العملية السياسية في اليمن.
في الميدان اليمني تعقيدات عدة، وكل تعقيد يعد قضية متصلة، لكن الدور الذي كان مأمولا أن تؤديه الأمم المتحدة عبر مبعوثها السابق لليمن، الدبلوماسي المغربي جمال بنعمر، غيّر الوجه وحطّم الآمال التي كان يأمل اليمنيون أن تتجه إلى الحلول السلمية في الحوار وما شابهه، ففرض الحوثيون، على السلطة الشرعية ممثلة بالرئيس هادي توقيع «اتفاق السلم والشراكة» الذي لم يكن سوى غطاء لوضع اليد على العاصمة وعلى كل الوزارات والمؤسسات الرسمية، بما في ذلك البنك المركزي اليمني.
وكانت الاتهامات اليمنية واتهامات أخرى، تحوم حول جمال بنعمر، صاحب التاريخ في الذاكرة السياسية اليمنية الذي تسبب اليوم في الأزمة اليمنية، كون بنعمر؛ واصل اجتماعاته مع القوى السياسية اليمنية، بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء، ومعه الأمم المتحدة كذلك، التي لم تكن جدية في إعلاناتها وقراراتها التي كانت هامشا وعرضة للشطب والتأجيل والنسيان دوما.
كان بنعمر، صاحب إعلانات صحافية كبرى، توحي بإنجازات الحلول، وكانت كل تدويناته عبر حساباته في منصات التواصل الاجتماعي، حافلة بعناوين «قرب الاتفاق» لكنه كان أكثر خطوات في القرب من الانقلابيين الحوثيين، والحاضر الدائم على موائدهم السياسية، بل هو أيضا من نحّى المبادرة الخليجية أثناء تصريحاته المتكررة بأنه «لا يمكن وضع العملية السياسية مجددا على السكة والوصول إلى سلام دائم إلا عبر مفاوضات بين اليمنيين ومن دون تدخل القوى الخارجية»، وذلك في انتقاد ضمني لدول مجلس التعاون الخليجي، بعد أن أمعن في الاستجابة لمطالب الحوثيين في كل مرة ينقلبون فيها على اتفاقات سابقة.
ملفات جمال بنعمر، مليئة بما يُخجل حيث كشف أحد المعاونين للمبعوث الأممي السابق باليمن لـ«الشرق الأوسط» في مايو (أيار) من العام الماضي، استعانته بـ20 فرقة من الميليشيات الحوثية، لمرافقته وحمايته في مكان إقامته، وذلك بعد دخول المتمردين القصر الرئاسي في العاصمة صنعاء، حيث أحضر أربعة خبراء عسكريين يشرفون على عملية دمج 20 ألف حوثي في الجيش والشرطة اليمنية، أحدهم لبناني كان يدافع عن عناصر ما يسمى «حزب الله».
وعن تساؤل حول مساهمة بنعمر والأمم المتحدة في تأزيم الوضع السياسي في اليمن، قبيل عاصفة الحزم، يرى الدكتور نجيب غلاب، رئيس منتدى الجزيرة العربية للدراسات، أن الآليات التي اتبعتها الأمم المتحدة قبل الانقلاب هي من الأسباب التي ساهمت في تدهور الأوضاع السياسية، وأن مؤتمر الحوار وإدارته ونتائجه بنيت على رؤية منهجية تعتمد دون استيعاب الواقع اليمني وتركيبته المعقدة وأفرزت مخرجات الحوار تحريك القوى داخل المجتمع وهو ما مكّن الحوثيين من التلاعب بالأمم المتحدة.
واعتبر الدكتور غلاب خلال اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، أن جمال بنعمر والأمم المتحدة لم يملكا الخبرة الكافية للتعامل مع اليمن وسياساته وهذا من الأسباب التي دهورت الحلول السياسية، وعمل بنعمر بشكل كبير بعيدا عن «المبادرة الخليجية» بإعلانه وثيقة «السلم والشراكة» وتجاوز المبادرة الخليجية وكثير من الأطراف.
وعدّ غلاب في سياق حديثه أن اتفاق السلم والشراكة، زعزع القوى اليمنية ومنهم حزب المؤتمر الشعبي قبل أن يلفظ علي عبد الله صالح منه، ورأى أن في ذلك تصفية لجناحه وهو ما جعله يتجه للتحالف مع الحوثي، وأصبح يدا مع الحوثي في خلق آليات مغايرة للهيمنة على الوثيقة الجديدة وإضعاف الأطراف الأخرى.
و«اتفاق السلم والشراكة»، هو اتفاق سياسي وقعته الرئاسة اليمنية وممثلو القوى السياسية، في 21 سبتمبر 2014. وذلك بحضور بنعمر، مع جماعة الحوثي، لإنهاء الأزمة السياسية في البلاد، عقب سيطرة الجماعة على العاصمة صنعاء في نفس اليوم، لكنه لم يكن سوى مانح ضوء للانقلاب، مستدعيا الجماعات ‏الانفصالية والمسلحة إلى الحوار مع القوى السياسية على ثوابت الدولة وشكلها، بما يؤدي إلى ‏خليط بين الدولة واللادولة والوحدة والانفصال.
وبعد أن قدم بنعمر استقالته وقدوم المبعوث الدولي الجديد، إسماعيل ولد الشيخ، في أبريل (نيسان) من العام الماضي، خلفا للدبلوماسي جمال بنعمر دفع في ذلك الشهر إلى الاستقالة من منصبه بعد أربعة أعوام أشرف فيها على العملية السياسية الانتقالية في اليمن منذ عام 2011، ومني في ذلك بفشل ذريع.
يبرز التساؤل عن الاختلاف في التعامل الأممي بشأن الأزمة في اليمن وهل استوعبت الأمم المتحدة ذلك، يجيب الدكتور غلاب أن الوعي الحاسم هو عاصفة الحزم التي غيرت منظور الأمم المتحدة للتقدم في الحلول السلمية، رغم التراكمات والقرارات الدولية التي طرحها مجلس الأمن، ورغم ذلك - والحديث لغلاب - يتم التعامل مع الحوثيين وكأنهم الطرف الأساسي، و«الدليل هو وجود ولد الشيخ في صنعاء وكأنه في مرحلة مداراة مع الحوثيين وبالتالي لا توجد ضغوط دولية حقيقية من الأمم المتحدة، وهو ليس دورها، فهي وسيط لصالح القرار الأممي، وعليها تطبيقه».



بيان منسوب لبشار الأسد: غادرت بطلب روسي في اليوم التالي لسقوط دمشق

الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد (رويترز - أرشيفية)
الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد (رويترز - أرشيفية)
TT

بيان منسوب لبشار الأسد: غادرت بطلب روسي في اليوم التالي لسقوط دمشق

الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد (رويترز - أرشيفية)
الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد (رويترز - أرشيفية)

نفى الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، أن يكون قد غادر سوريا «بشكل مخطَّط له كما أُشيع»، مؤكداً: «بل بقيت في دمشق أتابع مسؤولياتي حتى ساعات الصباح الأولى من يوم الأحد 8 ديسمبر (كانون الأول)».

وأوضح الأسد، في بيان منسوب إليه نشرته حسابات تابعة للرئاسة السورية على مواقع التواصل الاجتماعي: «مع تمدد (الإرهاب) داخل دمشق، انتقلتُ بتنسيق مع الأصدقاء الروس إلى اللاذقية لمتابعة الأعمال القتالية منها».

وأضاف: «عند الوصول إلى قاعدة حميميم صباحاً تبيَّن انسحاب القوات من خطوط القتال كافة وسقوط آخر مواقع الجيش. ومع ازدياد تدهور الواقع الميداني في تلك المنطقة، وتصعيد الهجوم على القاعدة العسكرية الروسية نفسها بالطيران المسيّر، وفي ظل استحالة الخروج من القاعدة في أي اتجاه، طلبت موسكو من قيادة القاعدة العمل على تأمين الإخلاء الفوري إلى روسيا مساء يوم الأحد 8 ديسمبر».

وتابع: «مع سقوط الدولة بيد (الإرهاب)، وفقدان القدرة على تقديم أي شيء يصبح المنصب فارغاً لا معنى له، ولا معنى لبقاء المسؤول فيه».

وأضاف الأسد في البيان: «لم أكن في يوم من الأيام من الساعين للمناصب على المستوى الشخصي، بل عددت نفسي صاحب مشروع وطني أستمدّ دعمه من شعب آمنَ به».

وأعلنت المعارضة السورية، يوم الأحد 8 ديسمبر، أنها حررت دمشق وأسقطت حكم الرئيس بشار الأسد الذي امتد 24 عاماً. وورد في بيان المعارضة على شاشة التلفزيون الرسمي: «تم بحمد لله تحرير مدينة دمشق وإسقاط الطاغية بشار الأسد».

وأضافت المعارضة أنه جرى إطلاق سراح جميع المعتقلين، فيما كشف ضابطان كبيران بالجيش السوري عن أن الرئيس بشار الأسد غادر البلاد على متن طائرة إلى وجهة غير معلومة، قبل أن يعلن الكرملين أن «الأسد وأفراد عائلته وصلوا إلى موسكو»، مضيفاً: «منحتهم روسيا اللجوء لدواعٍ إنسانية».

وشكَّلت المعارضة السورية بقيادة «هيئة تحرير الشام» حكومة انتقالية مؤقتة برئاسة محمد البشير، حتى الأول من مارس (آذار) 2025.