التضخم يعود «على استحياء» لمنطقة اليورو

أسعار الخدمات تدفع التضخم للارتفاع بعد 4 أشهر من الانكماش.. ومخاوف من التأثير السلبي لحادثة نيس

انخفاض أسعار النفط يفشل خطط رفع أسعار السلع والخدمات في منطقة اليورو
انخفاض أسعار النفط يفشل خطط رفع أسعار السلع والخدمات في منطقة اليورو
TT

التضخم يعود «على استحياء» لمنطقة اليورو

انخفاض أسعار النفط يفشل خطط رفع أسعار السلع والخدمات في منطقة اليورو
انخفاض أسعار النفط يفشل خطط رفع أسعار السلع والخدمات في منطقة اليورو

أظهرت بيانات جديدة نشرت، أمس الجمعة، أن منطقة اليورو عادت إلى التضخم في يونيو (حزيران) بعد أربعة أشهر شهدت انكماشا أو استقرارا للأسعار، وإن كان معدل التضخم السنوي الطفيف البالغ 0.1 في المائة لا يُشعر البنك المركزي الأوروبي بارتياح كبير.
وقال معهد الإحصاء، التابع للاتحاد الأوروبي، إن الأسعار في منطقة اليورو زادت 0.1 في المائة على أساس سنوي لتؤكد بذلك تقديراتها الأولية التي نشرت قبل أسبوعين، وارتفعت الأسعار 0.2 في المائة على أساس شهري.
ومن المقرر أن يجتمع المجلس الحاكم للبنك المركزي الأوروبي، الخميس المقبل، لتحديد ما إذا كان برنامجه الشهري لشراء أصول قيمتها 80 مليار يورو «89 مليار دولار» بجانب أسعار الفائدة الصفرية والقروض من دون فوائد، المعروضة على البنوك، كافيا للحيلولة دون السقوط في دوامة انكماش الأسعار.
ولم ترتفع الأسعار في منطقة اليورو التي تضم 19 دولة منذ يناير (كانون الثاني)، حيث شهدت ثلاثة من الأشهر الأربعة التالية له انكماشا في الأسعار في حين استقرت في مارس (آذار).
وتعهد «المركزي الأوروبي» باتخاذ أي إجراء ضروري للحفاظ على الاستقرار المالي بعد تصويت بريطانيا لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي في استفتاء 23 يونيو «حزيران»، وفاجأ بنك إنجلترا الأسواق، أول من أمس، الخميس، بعدم خفض أسعار الفائدة إذ ينتظر صدور بيانات تظهر الآثار المترتبة على نتيجة الاستفتاء.
ولم يطرأ أي تغيير على التضخم الأساسي الذي يستثني أسعار الأغذية غير المصنعة والطاقة ليستقر عند 0.8 في المائة في يونيو، وارتفع معدل التضخم الأضيق نطاقا، الذي يستثني أسعار الطاقة والأغذية والمشروبات الكحولية والتبغ إلى 0.9 في المائة من 0.8 في المائة في مايو (أيار)، ولم يتغير كلا المعدلين عن التقديرات الأولية.
ونزلت أسعار الطاقة في يونيو، لكن وتيرة الهبوط تباطأت إلى 6.4 في المائة من 8.1 في المائة في مايو، وعلى أساس شهري زادت الأسعار 1.7 في المائة.
وارتفعت أسعار الخدمات، أكبر مكونات اقتصاد منطقة اليورو 1.1 في المائة، على أساس سنوي مسجلة أكبر زيادة بين المكونات الرئيسية لمؤشر التضخم، وكانت الأسعار زادت 1 في المائة في مايو، ولكن أسعار الخدمات بالطبع باعتداء نيس، الذي تم أول من أمس، عن طريق استهداف مدينة على ساحل كوت دازور الفرنسي الشهير الذي يجذب سياحا أثرياء، ما سيشكل ضربة قاسية أخرى للسياحة في فرنسا التي ما زالت تعاني من مصاعب في النهوض إثر اعتداءات 2015. وفرنسا قائدة نشاط السياحة داخل منطقة اليورو وفي العالم، ما يعني تأثيرا سلبيا ملموسا على أسعار الخدمات في القارة كلها.
فالهجوم تم في مكان شديد الرمزية، حيث دهست شاحنة حشدا تجمع لمشاهدة ألعاب نارية على جادة «برومناد ديزانغليه»، وهي وجهة رئيسية للسياح الفرنسيين والأجانب في عُطلهم على الساحل المتوسطي، وتستقبل مدينة نيس أكثر عدد سياح بعد باريس من بين المدن الفرنسية، خصوصا يوم 14 يوليو (تموز)، الذي يصادف الاحتفالات بالعيد الوطني الفرنسي في أوج موسم السياحة.
واعتبر مدير مكتب «إم كا جي» الاستشاري المتخصص، جورج بانايوتيس، أن تكرار الاعتداءات يهدد بإضعاف إحدى موارد العائدات الرئيسية في فرنسا.
وقال: «لم نعد نشهد إرهابا كلاسيكيا، حيث يستأنف النشاط الاقتصادي وتيرته بعد أشهر على الاعتداء» موضحا أن توالي الأحداث العنيفة التي وقعت في يناير ونوفمبر (تشرين الثاني)، ويوليو، وأوقعت عددا كبيرا من الضحايا، وتنظم أحيانا بإمكانات قليلة «سيردع السياح عن الوفود لفترة».
وصرح رئيس نقابة أصحاب الفنادق في نيس والعضو في النقابة الفندقية الرئيسية، أوميه: «دوني سيبولوني» «سجلنا إلغاءات بالجملة منذ مساء أمس»، موضحا أن تحديد الحصيلة حاليا صعب، خصوصا مع حرص القطاع على توفير الدعم للضحايا وأقاربهم قبل إجراء حساباته.
كما اقترحت شركة تي أو آي الألمانية للسفر، على زبائنها أصحاب الحجوزات إلى نيس حتى 31 يوليو تعديل مواعيد رحلاتهم أو إلغاءها مجانا.
كذلك أُلغيت عدة برامج ثقافية وفنية مهمة على غرار حفل المغنية ريهانا في نيس، الجمعة، ومهرجان موسيقى الجاز، الذي كان مقررا انطلاقه السبت.
كما يتخذ أثر الاعتداء حجما أكبر نظرا إلى اجتذاب الكوت دازور كثيرا من السياح الأثرياء الذين يمضون بالعادة أوقاتهم في قصور المنطقة وفيلاتها الفخمة، في حين يتوافد بعضهم إليها بحرا على يخوت فاخرة.
غير أن القطاع الذي يمثل 7 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي للبلاد ويوفر مليوني فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة كان متعثرا، فالأربعاء، دعا وزير الخارجية جان مارك إيرولت بمناسبة الدورة الأولى المكرسة للسياحة لـ«لجنة الطوارئ الاقتصادية» إلى «تعبئة عامة» كي «تبقى» فرنسا الوجهة الأولى للسياحة حول العالم.
رغم ذلك، بدا أن المنطقة نجت من هذا التدهور، حيث سجلت نسبة وفود السياح إليها جوا ارتفاعا بنسبة 1 في المائة بالموازاة مع تراجعها 11 في المائة إلى باريس منذ يناير.
كما شهد هذا التوجه تحسنا منذ مطلع الشهر الحالي مع ارتفاع 11 في المائة لنسبة الوافدين جوا إلى المنطقة في الأيام العشرة الأولى من الشهر الحالي.
في مطلع الأسبوع، تحدثت وزارة الخارجية عن انتعاش الحجوزات في اللحظة الأخيرة من بعض الدول الأوروبية بفضل تنظيم ناجح لبطولة اليورو لكرة القدم.
لكن مع انتظار الحصيلة الأولى بالأرقام، بدا قطاع السياحة والنقل صباح الجمعة مثقلا بالضغوط في بورصة باريس، حيث خسرت أسهم مجموعات على غرار فنادق أكور أو أوروبكار لإيجار السيارات نحو 4 في المائة من قيمتها.



مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
TT

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)

نشرت الجريدة الرسمية في مصر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن الموافقة على زيادة حصة البلاد في صندوق النقد الدولي بنسبة 50 في المائة. كما نص القرار على أن الزيادة في الحصة لن تصبح سارية إلا بعد استيفاء شروط التصديق، رابطاً ذلك بموافقة جميع الدول الأعضاء في الصندوق على زيادة حصصهم.

وحسب مراقبين، تهدف زيادة الحصة إلى تعزيز الموارد المتاحة لصندوق النقد لدعم السياسات الاقتصادية والمالية للدول الأعضاء. كما أنها تزيد من القوة التصويتية لمصر في الصندوق.

ويرتبط القرار بالمراجعة العامة الـ16 للحصص، التي تشمل زيادات في حصص الدول الأعضاء، والتي تعتمد على الموافقة الكتابية للدول المشاركة والالتزام بالشروط المالية المحددة. علماً أن نحو 97 في المائة من الدول الأعضاء توافق على الزيادة.

كان مجلس النواب قد وافق في جلسة عامة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على زيادة حصة مصر في الصندوق بنسبة 50 في المائة. ومن المقرر أن تقوم مصر بإتمام الإجراءات المالية اللازمة لدفع الزيادة في حصتها، والتي ستتم في إطار الزمان المحدد في القرار، حسبما أوضح مسؤولون مصريون.

وأعلن صندوق النقد الشهر الماضي التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذي يستمر 46 شهراً، وهو ما قد يتيح صرف شريحة جديدة تبلغ 1.2 مليار دولار. وقال وزير المالية المصري أحمد كوجك، قبل أيام إن مصر ستحصل على الشريحة هذا الشهر، نافياً طلب مصر توسيع القرض البالغة قيمته 8 مليارات دولار مرة أخرى.

وفي تصريحات إعلامية، أعرب كوجك عن قلقه من حجم الدين الخارجي الذي يتخطى 152 مليار دولار، وأكد تعهد الحكومة بخفضه بما يعادل نحو ملياري دولار سنوياً مع السداد بأكثر من قيمة الاقتراض.

في سياق منفصل، أفادت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر بأن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 24.1 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من 25.5 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وهذا هو أدنى مستوى في عامين، ويتماشى ذلك مع ما خلص إليه استطلاع رأي أجرته «رويترز»، وذلك في ظل استمرار تراجع أسعار المواد الغذائية.

وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار في المدن المصرية 0.2 في المائة، مقارنةً مع 0.5 في المائة في نوفمبر. وانخفضت أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.5 في المائة في ديسمبر بعد انخفاضها بنسبة 2.8 في المائة في نوفمبر، مما جعلها أعلى بنسبة 20.3 في المائة مما كانت عليه قبل عام.

وارتفع التضخم في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، لكنه انخفض في نوفمبر وظل أقل بكثير من أعلى مستوى له على الإطلاق عند 38 في المائة الذي سجله في سبتمبر 2023.

وساعد النمو السريع في المعروض النقدي لمصر على زيادة التضخم. وأظهرت بيانات البنك المركزي أن المعروض النقدي (ن2) نما 29.06 في المائة في العام المنتهي في آخر نوفمبر، وهو ما يقل قليلاً عن أعلى مستوى على الإطلاق البالغ 29.59 في المائة المسجل في العام المنتهي بنهاية سبتمبر.

وبدأ التضخم في الارتفاع بشكل كبير عام 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق الخزانة المصرية. وسجل التضخم ذروته عند 38 في المائة في سبتمبر 2023، وكان أدنى مستوى له منذ ذلك الحين عندما سجل 21.27 في المائة في ديسمبر 2022.

ووقَّعت مصر في مارس (آذار) الماضي على حزمة دعم مالي مع صندوق النقد الدولي بهدف مساعدتها على تقليص عجز الميزانية وتبني سياسة نقدية أقل تأجيجاً للتضخم، لكنَّ الحزمة تُلزم الحكومة بخفض الدعم على بعض السلع المحلية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها.

ومعدلات التضخم من أهم النقاط التي تراعيها لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري عندما تجتمع لاتخاذ قرارات أسعار الفائدة.

وتتوقع اللجنة استمرار هذا الاتجاه، إذ قالت في محضر آخر اجتماعاتها في 2024: «تشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءاً من الربع الأول من عام 2025، مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026».

كانت اللجنة قد ثبَّتت أسعار الفائدة في اجتماعاتها الستة الأحدث، إذ لم تغيرها منذ أن رفعتها 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي خلال مارس في إطار اتفاق قرض تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وكان هذا الرفع قد جاء بعد زيادة بلغت 200 نقطة أساس أول فبراير (شباط).