الهيئة العليا السورية للمفاوضات تبحث اليوم في الرياض توحيد رؤية للفترة الانتقالية

بضمنها إعداد سيناريو متكامل للحل السياسي

سوريون في حي الشاعر في مدينة حلب ينتظرون في طابور للحصول على الخبز (رويترز)
سوريون في حي الشاعر في مدينة حلب ينتظرون في طابور للحصول على الخبز (رويترز)
TT

الهيئة العليا السورية للمفاوضات تبحث اليوم في الرياض توحيد رؤية للفترة الانتقالية

سوريون في حي الشاعر في مدينة حلب ينتظرون في طابور للحصول على الخبز (رويترز)
سوريون في حي الشاعر في مدينة حلب ينتظرون في طابور للحصول على الخبز (رويترز)

تجتمع «الهيئة العليا السورية للمفاوضات» اليوم الجمعة في العاصمة السعودية الرياض، وذلك لإقرار رؤية موحدة للمرحلة الانتقالية المقبلة، وإعداد سيناريو متكامل يدرس كل تفاصيل الانتقال السياسي، وتقييم الدولي ودراسة مدى آفاق الحل السياسي في المرحلة المقبلة. وفي هذه الأثناء، مع استمرار اللغط حيال الموقف التركي من الأزمة السورية، رأى بعض أعضاء الهيئة العليا للمفاوضات أن التصريحات الذي صدرت أخيرا عن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم بشأن موضوع التطبيع بين أنقرة ودمشق كانت «زلة لسان فقط»، وأن المسؤول التركي أعاد تصحيحها هو شخصيًا في وقت لاحق أول من أمس، بأنه كان يقصد برغبته في تطبيع العلاقات مع روسيا فقط، فقال بالخطأ سوريا، نافية في الوقت نفسه صحة اجتماع بين مسؤولين أتراك وممثلين للنظام السوري في إيران.
الدكتور رياض نعسان آغا، المتحدث الرسمي باسم الهيئة العليا للمفاوضات قال لـ«الشرق الأوسط» خلال لقاء معه بالعاصمة السعودية: «إن تصريحات رئيس الوزراء التركي بشأن التطبيع مع النظام السوري، كنت زلة سان فقط، إذ لم تكن صحيحة البتة، وحتى رئيس الوزراء التركي نفسه نفى صحة توجه بلاده لتطبيع مع النظام السوري، وقال إنها كانت زلة لسان فقط، حيث إنه أراد أن يقول روسيا فقال سوريا، فهو فعلا قال نرغب في تطبيع العلاقات مع سوريا ولكنه كان يقصد روسيا». وأضاف نعسان آغا: «إن رئيس الوزراء التركي عاد وانتبه لذلك فيما بعد وأكد في تصريح لاحق أنه يقصد تطبيع العلاقات مع روسيا وليس النظام السوري، بعدما راج تصريحه الأول في وسائل الإعلام بمختلف قنواته»، وعلّق بأن تصحيح رئيس الوزراء التركي لتصريحه «كلام منطقي ومعقول جدا، وينسجم مع الاتجاه العام لتركيا».
وتابع المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات: «شهدنا هذا الأسبوع عدة أحاديث وتصريحات في وسائل إعلام مختلفة وهي كاذبة في الأصل، منها أيضًا زيارة العماد علي حبيب إلى أنقرة»، وأصرّ المتحدث على القول إن كل ذلك كان كذبا ولا يستند إلى أي مصدر موثوق أو مصداقية. وعن تصريح أنس العبدة، رئيس «الائتلاف الوطني السوري»، خلال مؤتمر صحافي بأنه تلقى «تطمينات تركية كدليل على تبريرات تصريحات رئيس الوزراء التركي بتطبيع العلاقات مع النظام السوري»، أوضح نعسان آغا أنه «حتى أنس العبدة غلب في ذلك لأن ظنه كان في مكانه».
وعلى صعيد المعلومات عن عقد اجتماع في إيران، ومباحثات بين جانب تركي وجانب إيراني، ما يدلل على أن التوجه التركي يسير في ذات الاتجاه نحو التطبيع مع عدو المعارضة السورية، حرص نعسان آغا مجددًا على القول: «هذا أيضا خبر غير دقيق، وتركيا لا يمكن أن تكون متناقضة إلى هذا الحد، بحيث يناقض كلام رئيس وزرائها رئيس الجمهورية». ولفت المتحدث إلى أن الرئيس التركي طيب رجب إردوغان وصف خلال اجتماع بشار الأسد بأنه مجرم حرب «وبالتالي، ليس من المعقول أن يمدحه رئيس وزرائه في اليوم التالي، وتذهب أنقرة بكلياتها في اتجاه التطبيع فجأة مع النظام السوري». وأعلن أن اجتماع الهيئة اليوم بالرياض لن يناقش هذا الأمر البتة «لأنه في الأساس لم يعرض على الأعضاء بشكل رسمي للتباحث حوله» على حدّ تعبيره.
وعن اجتماع اليوم في الرياض قال نعسان آغا إن محاور مباحثات اجتماع الجمعة بالرياض، ترتكز بشكل أساسي، على إقرار رؤية موحدة للمرحلة الانتقالية المقبلة، بحيث تكون سيناريو متكامل يدرس كل تفاصيل الانتقال السياسي، كما أن هذا الاجتماع سيحاول تقييم الموقف بهدف دراسة الموقف الدولي بكثافة بالإضافة إلى مدارسة آفاق الحل السياسي في المرحلة المقبلة». وحول ما إذا كان هناك تعويل على أن يخرج هذا الاجتماع بموقف حاسم في ظل المقاربات الدولية والتصريحات المتباينة من قبل بعض الجهات التي تعمل على الملف السوري، قال المتحدث: «لن يكون هناك موقف حاسم ولكن ننتظر الظروف المواتية، وأيضا فإن المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا لم يحدد موعدا لاستئناف المفاوضات، ولذلك لن ندرس حاليا مواعيد اللقاءات المقبلة في جنيف، لأنه لم تكن هناك أي دعوة من المبعوث بهذا الشأن بشكل رسمي للهيئة العليا للمفاوضات».
من جهته، نفى الدكتور منذر ماخوس سفير «الائتلاف الوطني السوري» في باريس وعضو الهيئة العليا للمفاوضات والوفد المفاوض، لـ«الشرق الأوسط»، أي حديث له يتعلق بقضية التوسيع التركماني على أعمال الهيئة العامة للائتلاف، مؤكدا أنه لم يتعرّض إلى ذلك على الإطلاق، مشيرا إلى أن تشكيل الحكومة الانتقالية الجديدة، الذي بحثه اجتماع الائتلاف في إسطنبول لم يكن له أي علاقة البتة بالهيئة العليا للمفاوضات، مجددا تمسّك المعارضة بإبعاد الأسد عن الفترة الانتقالية المقبلة.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.