لبنان: توقيفات اللاجئين مستمرة.. و«الداخلية» تلاحق المسؤولين عن التجاوزات

مسيرة صامتة الاثنين بعنوان «كلنا لاجئون مقيمون متضامنون بوجه العنصرية»

لبنان: توقيفات اللاجئين مستمرة.. و«الداخلية» تلاحق المسؤولين عن التجاوزات
TT

لبنان: توقيفات اللاجئين مستمرة.. و«الداخلية» تلاحق المسؤولين عن التجاوزات

لبنان: توقيفات اللاجئين مستمرة.. و«الداخلية» تلاحق المسؤولين عن التجاوزات

تستمر حملات التوقيفات في صفوف اللاجئين السوريين في لبنان، التي بدأت دائرتها تتسع منذ تفجيرات القاع قبل أسبوعين لتطال معظم المناطق، بحيث سجّل توقيف المئات منهم لعدم امتلاكهم الأوراق القانونية.
وفي حين تأتي هذه الخطوة ضمن سياق إجراءات القوى الأمنية للإمساك بالأمن، في ظل التهديدات المستمرة التي تطال لبنان، تلقي الصور التي تنشر على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي الضوء على الأساليب غير الإنسانية التي تطال الموقوفين، خصوصًا أن بعضها يتم من قبل الشرطة البلدية للمنطقة وليس القوى الأمنية أو الجيش، وهو ما أثار ردود فعل مستنكرة في صفوف عدد كبير من اللبنانيين والسوريين، على حد سواء.
ويوم أمس جاءت الصور التي نشرت لموقوفين من قبل شرطة بلدية عمشيت في جبل لبنان الشمالي، وهم يعاملون بطريقة غير إنسانية لتعيد هذه القضية إلى الواجهة من جديد، في وقت يلاحظ فيه شبه تجاهل المعنيين والمسؤولين لما يحصل، وغياب أي تصريحات تبرّر هذا الأمر، علمًا بأن وزير الداخلية نهاد المشنوق كان قد أعلن أن الانتحاريين الذين نفذوا تفجيرات القاع هم ليسوا من اللاجئين إنما أتوا من الداخل السوري.
وفي هذا الإطار، أكدت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» عدم وجود أي قرار أو تعميم من وزارة الداخلية للبلديات للقيام بحملات الدهم والاعتقالات، وشدّدت على أنه سيتم ملاحقة أي مسؤول عن هذه التجاوزات بحق اللاجئين، فيما أعلنت وزارة الداخلية أن المشنوق كلّف قائد منطقة جبل لبنان المباشرة بالتحقيقات اللازمة في ما يتعلّق بالتجاوزات بحق اللاجئين السوريين، كما تم توجيه كتاب إلى رئيس بلدية عمشيت، داعيًا خلاله لمنع الإساءة في استخدام السلطة من قبل عناصر شرطة البلدية. مع العلم، بأن وزير الخارجية ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، كان قد أعطى تعليمات للبلديات التابعة لحزبه بمنع تجمعات ومخيمات النازحين، وعدم السماح لهم بافتتاح محلات في المناطق.
ويلفت ناشط في «تنسيقية اللاجئين في لبنان» لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن حملة التوقيفات في منطقتي عمشيت وجبيل في جبل لبنان الشمالي بدأت قبل نحو ثلاثة أيام على خلفية عملية سرقة، وبدأت المداهمات تطال كل السوريين الموجودين، بعضهم أطلق سراحهم والبعض الآخر لا يزال موقوفًا.
وفي حين أكدت المصادر الأمنية عدم وجود أي شكوى حول عنف تعرض له اللاجئون قبل تلك الصور التي نشرت يوم أمس، مشدّدة على أنه ستتم ملاحقة أي تجاوزات، يقول مدير مؤسسة «لايف» نبيل الحلبي، إن التوقيفات العشوائية لم تتوقف، وهي مستمرة منذ وقوع تفجيرات القاع قبل نحو أسبوعين. ويوضح في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحملات لا تقتصر على منطقة دون أخرى، بل تشمل كل المناطق، بحيث تم توقيف المئات من السوريين، أطلق سراح معظمهم، لكن المشكلة تبقى في المعاملة غير الإنسانية التي يتعرضون لها، وآثار التعذيب الظاهرة على أجسادهم»، مذكرًا بتسجيل حالة وفاة لرجل ستيني مات نتيجة تعرضه للعنف الأسبوع الماضي. ويرى الحلبي أن «الحرب الاستباقية» التي تقوم بها الدولة اللبنانية بحق مجتمع اللاجئين تعطي غطاء للشرطة البلدية للقيام بهذه التوقيفات العشوائية، من شأنها أن تأخذ هؤلاء نحو الجريمة تمهيدًا لاعتقالهم بشكل جماعي، موضحا «الإجراءات الأمنية يجب أن تتوافق مع القانون وحقوق الإنسان بعيدا عن العنصرية، إنما ما يحصل الآن يخالف كل الضوابط والمعايير، كما أن الشروط التي توضع لتجديد إقامة اللاجئين، من فرض وجود كفيل وتوقيف من لا يحمل أوراقا قانونيا وهو هارب من الحرب، كلها أمور تعجيزية في ظل عدم السماح لهم أيضا بالعمل».
ويشير الحلبي إلى قضية مهمة بدأت تظهر في الفترة الأخيرة وهي رصد حالات اختفاء لمواطنين سوريين في لبنان، مرجحًا وجود طرف ثالث يقوم باستغلال هذه الإجراءات بحق السوريين عبر عمليات خطف أو ما شابه ذلك، لا سيما أن الأجهزة الأمنية وبعد تواصلنا معها أكدت لنا عدم وجودهم لديها.
وانطلاقًا من كل ما يحصل، تنظم حملات عدة في لبنان للمطالبة بالابتعاد عن العنصرية والعنف في التعامل مع اللاجئين، وإضافة إلى تلك المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي، فهناك دعوة للمشاركة يوم الاثنين المقبل، في «مسيرة صامتة» من أمام وزارة الخارجية في الأشرفية باتجاه وزارة الداخلية في منطقة الصنائع في بيروت، تحمل عنوان «كلنا لاجئون مقيمون متضامنون بوجه العنصرية».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.