صفقة أميركية لتقاسم المعلومات الاستخباراتية مع روسيا.. والبنتاغون يشكك

المتحدث باسم الخارجية: كيري محبط للغاية ويريد التحقق من صدق وعود بوتين

أدخنة متصاعدة من قرية الشوفينية قرب دوما بريف دمشق إثر غارات للطيران الحربي أمس (أ.ف.ب)
أدخنة متصاعدة من قرية الشوفينية قرب دوما بريف دمشق إثر غارات للطيران الحربي أمس (أ.ف.ب)
TT

صفقة أميركية لتقاسم المعلومات الاستخباراتية مع روسيا.. والبنتاغون يشكك

أدخنة متصاعدة من قرية الشوفينية قرب دوما بريف دمشق إثر غارات للطيران الحربي أمس (أ.ف.ب)
أدخنة متصاعدة من قرية الشوفينية قرب دوما بريف دمشق إثر غارات للطيران الحربي أمس (أ.ف.ب)

يلتقي وزير الخارجية الأميركي جون كيري، اليوم الخميس، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو في مهمة جديدة لإنقاذ جهود السلام المتعثرة في الأزمة السورية، يزور بعدها كلاً من العاصمة البلجيكية بروكسل، والعاصمة البريطانية لندن.
وأشارت مصادر في الخارجية الأميركية إلى أن كيري يحمل معه مقترحات جديدة لدفع جهود السلام، ودفع روسيا لممارسة نفوذها على النظام السوري، وأخذ خطوات لمزيد من التعاون بين البلدين في القتال ضد تنظيم داعش والجماعات الإرهابية في سوريا، فيما أشارت صحيفة «واشنطن بوست»، أمس، إلى أن وزير الخارجية الأميركية سيقترح على الرئيس الروسي مبادرة لتقاسم وتبادل المعلومات الاستخباراتية حول جبهة النصرة، وأماكن تمركزها، وتنسيق الضربات العسكرية ضد «داعش»، وإنشاء مجموعة عمل استخباراتية بين البلدين لتبادل المعلومات حول الجماعات الإرهابية في سوريا. وأشارت الصحيفة إلى أن المقترحات الأميركية تستهدف تجنب الخلافات حول سوريا، ودفع روسيا لإقناع النظام السوري بالحد من نشاط قواتها الجوية ضد المعارضة السورية. وتعد زيارة وزير الخارجية الأميركية لموسكو اليوم، الرابعة خلال العام الحالي، وتأتي في ظل إحباطات متزايدة من تعثر جهود السلام السورية، وفشل جهود جلب الأطراف السورية إلى طاولة المفاوضات تحت إشراف الأمم المتحدة، وفشل اتفاق وقف إطلاق النار، واستمرار سفك الدماء، وتقييد وصول المساعدات الإنسانية إلى السوريين.
وأشار روب مالي، مستشار الرئيس أوباما لشؤون الشرق الأوسط والمسؤول عن الملف السوري بالبيت الأبيض والتفاوض مع الكرملين حول الوضع السوري، للصحافيين، أمس إلى «أن التنسيق مع موسكو من شأنه أن ينقذ حياة الكثير من السوريين من خلال وقف الغارات الجوية على المدنيين ومقاتلي المعارضة، وزيادة التركيز على قتال جبهة النصرة في جنوب مدينة حلب التي تعد العدو المشترك لكل من أميركا وروسيا».
وقال وزير الخارجية الأميركي، خلال حفل أقامته الخارجية الأميركية مساء الاثنين الماضي احتفالاً بعيد الفطر: «أنا ذاهب إلى موسكو من أجل لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية لافروف، لمعرفة ما إذا كنا نستطيع المضي قدمًا بطريقة أو بأخرى لتخفيف المعاناة في سوريا، وفتح المجال لوصول المساعدات الإنسانية، وسوف نسعى إلى تطبيق الحل السياسي الذي لا غنى عنه من أجل وقف العنف، وتمكين الأسر السورية من العودة، وإعادة بناء حياتها، والتوصل في نهاية المطاف إلى تسوية سياسية لهذه الحرب».
وأشار جون كيربي، المتحدث باسم الخارجية الأميركية للصحافيين، أمس الأول الثلاثاء، إلى أن وزير الخارجية الأميركي «محبط للغاية»، ويريد أن يرى تغييرًا حقيقيًا في سوريا. وأضاف: «أعتقد أنه يقصد كل كلمة قالها عندما أشار إلى أن صبره بدأ ينفد»، وأضاف كيربي أن زيارة كيري لموسكو تستهدف «التحقق من مدى صدق بوتين في وعوده». وشدد كيربي على أن زيارة كيري لموسكو تهدف إلى الحفاظ على الموعد المستهدف لبدء محادثات السلام السورية في الأول من أغسطس (آب) المقبل، وقال: «روسيا يمكن أن تلعب دورًا أكثر فاعلية، وسنرى إلى أين سنصل في المناقشات، وماذا سنحصل خلال الفترة المتبقية من شهر يوليو (تموز) الحالي».
ويبدو أن واشنطن تسعى إلى التلويح بـ«جزرة» التعاون الاستخباراتي بعد أن فشل التلويح بالعصا والخيار العسكري، وتقدم لروسيا عرضًا بتعاون عسكري أكبر ضد جبهة النصرة و«داعش». ويؤكد المحللون أن كيري لن يقدم مزيدا من العروض أكثر من تبادل المعلومات الاستخباراتية، ولن يتطرق إلى فكرة عمليات أميركية روسية مشتركة، وذلك وفقًا لمسؤولين أميركيين رفضوا نشر أسمائهم، أو الكشف عن مناصبهم.
وأبدى مسؤولون عسكريون بالبنتاغون القلق من هذا السيناريو، مشيرين إلى أن هذا التعاون والتنسيق الاستخباراتي لن يحقق نجاحًا. وتدور مناقشات داخل وزارة الدفاع الأميركية حول حجم المعلومات الاستخباراتية التي يمكن تقديمها للجانب الروسي، وكيفية تضييق حجم التنسيق. وقال مسؤول عسكري رفض نشر اسمه، إن البنتاغون لديه شكوك في نيات موسكو التي تسعى في نهاية المطاف لاستغلال هذا التنسيق بهدف دعم النظام السوري وإضعاف قوة المعارضة السورية.
كذلك، انتقد الكثير من المحللين الأميركيين زيارة كيري إلى موسكو ومحاولاته عرض التعاون والتبادل الاستخباراتي مع موسكو، مشيرين إلى أن النظام الروسي لا يهمه سوى حماية نظام الأسد، فيما يرى خبراء آخرون أن الإدارة الأميركية تريد أن تحرز تقدمًا بأي شكل في الملف السوري قبل انتهاء ولاية الرئيس باراك أوباما.
وقال أندرو تابلر المحلل السياسي بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى: «لا أفهم هدف كيري من هذا الأمر، إنه يقول إنقاذ الأرواح واستهداف الإرهابيين، لكن ما سيقوم به استراتيجيا يعني أن النظام السوري سيظل قائمًا، بينما نقوم نحن بضرب الإرهابيين، ويستفيد النظام السوري من كل ذلك».
ووصف تابلر هذا السيناريو بأنه يشكل هزيمة للسياسة الأميركية، مشيرًا إلى أن «المسؤولين استهدفوا القيام بكل شيء للحد من العنف، لكن في الحقيقة ما قاموا به يعد تقوية للنظام السوري، وهو عكس ما نقوله في أننا نريد تغييرًا في السلطة ورحيل الأسد».
وحذر السفير فريدريك هوف، مدير مركز رفيق الحريري، لـ«الشرق الأوسط» بمجلس أتلانتيك.
وقال هوف في مقاله بجريدة «هافينغتون بوست»، أول من أمس، إن عملاً عسكريًا مشتركًا مع روسيا ضد جبهة النصرة قد يبدو جذابًا من حيث المبدأ، لكنه ما لم تتم معاقبة نظام الأسد وإنهاء القتل الجماعي الذي يقوم به، فإن احتمالات إجراء محادثات سلام ستكون صفرًا. وقال السفير الأميركي الذي شغل منصب المستشار الأميركي للإشراف على المرحلة الانتقالية في سوريا إنه «إذا أرادت الولايات المتحدة وضع نهاية تفاوضية دولية للأزمة في سوريا، فعليها أن تبذل قصارى جهدها لحماية الأبرياء وحماية سمعتها».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.