نائب وزير الداخلية لـ «الشرق الأوسط»: إجراءات لحماية القضاة في عدن

بن دغر يشدد على سرعة البت في قضايا الموقوفين وعدم إبقائهم في المعتقلات

نائب وزير الداخلية لـ «الشرق الأوسط»: إجراءات لحماية القضاة في عدن
TT

نائب وزير الداخلية لـ «الشرق الأوسط»: إجراءات لحماية القضاة في عدن

نائب وزير الداخلية لـ «الشرق الأوسط»: إجراءات لحماية القضاة في عدن

حث رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عبيد بن دغر، رؤساء المحاكم وأجهزة الأمن على سرعة البت في قضايا الموقوفين وعدم إبقاء أحد في المعتقلات من دون محاكمة. وخلال لقائه بقصر المعاشيق برئيس محكمة الاستئناف ورؤساء المحاكم الابتدائية والتفتيش القضائي، والنيابة العامة بعدن، عبر عن تقديره لجهود القضاة خلال الفترة الماضية، لافتا إلى طبيعة الظروف الأمنية الاستثنائية التي عملوا بها، مشيدًا بتعاون السلطات المحلية في محافظة عدن معهم، وعلى وجه الخصوص محافظ المحافظة ومدير الأمن.
واستمع رئيس الحكومة اليمنية إلى معاناة ومشكلات تواجه القضاة، وتسلم منهم جملة من المقترحات كانوا قد رفعوها لرئيس الجمهورية ووزير العدل، وهي قضايا لا يستقيم العمل في القضاء دون أخذها في الاعتبار.
وقال رئيس الوزراء: «نحن أمام دولة جرت محاولة تحطيمها وهدمها، ولإعادة بنائها لا بد من إعادة بناء القضاء والنيابات العامة، وأجهزة التحري والشرطة، إلا أن عملية البناء تستغرق فترة زمنية أطول، خلافًا لأعمال الهدم والتخريب، ومع ذلك علينا جميعًا، وفي المقدمة القضاة، أن نتحلى بالعزيمة والإرادة الصلبة حتى تستقيم الأمور».
وكان بن دغر قد أشار، في معرض حديثه عن السلام المنشود، إلى أن استعادة الدولة، وتسليم السلاح والانسحاب وعودة الشرعية هو ما تسعى إليه الشرعية مع جميع القوى الوطنية، كما أنه هو نهج السلطة الشرعية بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية، الذي أوصى بالاهتمام بالقضاء والقضاة. وعبر عن تقديره لتعاون دول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، والدعم الذي تقدمة الإمارات العربية المتحدة في استعادة منظومة القضاء.
من جهته، قال نائب وزير الداخلية اليمني، رئيس اللجنة الأمنية العليا بعدن، اللواء علي ناصر لخشع، إن لقاء أجهزة السلطة القضائية والضبطية برئيس الحكومة كان مثمرا ومهما؛ كونه يتعلق بعمود الدولة والحكم وهو القضاء. وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أنه تم استعراض أهم العوائق التي تقف بوجه تفعيل عمل السلطة القضائية، منها ما له صلة بالبنية التحتية التي تعرضت للتدمير أثناء الحرب، إضافة إلى حماية القضاة والمحاكم من الأعمال الإرهابية والتخريبية، وكذلك معالجة التخريب المؤسسي الذي يتعرض له الهيكل القضائي في البلاد من قبل الانقلابيين.
وأشار اللواء لخشع إلى أن تلك المداولات للقضايا مع رئيس الحكومة تكللت بتأكيد الحكومة التزامها بمعالجة تلك القضايا، لافتا بتوجيه رئيس الحكومة السلطات المحلية في عدن لاتخاذ إجراءات سريعة لتجهيز المجمع القضائي وإعادة ترميمه وتجهيز المحاكم وتوفير الأمن الكافي لأجهزة القضاء، بما يؤهلها لاستئناف نشاطها الاعتيادي. ولفت إلى أنه تم الاتفاق على البدء في العمل بالمقر الجديد لمحكمة الاستئناف، والمحاكم، والدوائر القضائية الأخرى، بالتنسيق المباشر مع وزارة الداخلية ومحافظ عدن، ومدير الأمن.
وكان القضاة وأعضاء النيابات العامة قد تحدثوا باستفاضة حول منظومة العدل والقضاء، وأشاروا إلى أهمية وضرورة أن يمارس المجلس الأعلى للقضاء مهامه، ويؤكد حضوره، وكذلك الأمر بالنسبة للمحكمة العليا والنيابة العامة التي من دونها لا يمكن أن تكتمل المنظومة القضائية. كما طالبوا الحكومة والرئاسة باتخاذ الإجراءات كافة لضمان عمل القضاة في وضع آمن أثناء العمل وقبله وبعده، مع التأكيد على إعادة العمل في أقسام الشرطة وأجهزة التحري والبحث، وتوفير الإمكانات للمحاكم حتى يتسنى لها القيام بوظائفها المنصوص عليها في الدستور والقوانين النافذة. وتطرقوا إلى تكدس قضايا المواطنين، وتعطل مصالحهم، وهو ما يحتم تفعيل المنظومة القضائية للإسراع في البت في القضايا وتحقيق العدالة.
ميدانيا، ألقت قوات الحزام الأمني في عدن القبض على قياديين من تنظيم القاعدة في عدن فجر أمس. وقالت قوات الحزام الأمني، في بلاغ صحافي، إن قوات الحزام الأمني داهمت وكرا للجماعات الإرهابية في مدينة المنصورة، وسط عدن، وضبطت قياديين اثنين من تنظيم القاعدة، مؤكدة أنه تم نقل تلك العناصر إلى المعتقل تمهيدا لنقلهم إلى الجهات المختصة للتحقيق معهم.
وكانت قوات الحزام الأمني قد ألقت القبض في وقت سابق على عدد من عناصر تنظيم القاعدة في عدن، عقب عمليات بحث وتحرٍ واسعة، تلتها مداهمات وملاحقات لتلك العناصر المسلحة المنسوب لها القيام بأعمال اغتيالات وإرهاب وتخريب عدة، في عاصمة البلاد المؤقتة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.