الموضة والسياسة: 2017.. عام المرأة بلا منازع

تصاميم رومانسية.. خطوط أنثوية وهروب من الواقع.. عنوان الـ«هوت كوتير» للخريف والشتاء المقبلين

الموضة والسياسة: 2017.. عام المرأة بلا منازع
TT

الموضة والسياسة: 2017.. عام المرأة بلا منازع

الموضة والسياسة: 2017.. عام المرأة بلا منازع

في موسم تحول فيه الكل في باريس إلى محللين سياسيين، لا حديث لهم سوى عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وتبعات هذا الخروج على الحياة عموما والموضة خصوصا، أكد المصممون، كما أكدت بريطانيا، أن الأعوام القادمة ستكون للمرأة.
بريطانيا قالت كلمتها باختيارها امرأة لمنصب رئيس الوزراء لأول مرة منذ ثاتشر. فبعد منافسة بين وزيرة الدولة للطاقة أندريا ليدسوم، ووزيرة الداخلية تيريزا ماي، على زعامة حزب المحافظين البريطاني ومن ثم رئاسة الوزراء، كان الفوز من نصيب ماي. أما الموضة فعبرت عن الأمر باحتفالها بالأنوثة من خلال أزياء رومانسية تفوح من جوانبها رائحة التفاؤل، أو بالأحرى الرغبة في إلغاء كل ما يتعلق بالواقع، من تراجع الاقتصاد إلى العمليات الإرهابية التي تهز العالم. كانت هناك أيضًا عودة إلى الماضي البعيد، لأنه بالنسبة لهم أضمن من الحاضر والمستقبل، خصوصًا وأنهم يعرفون ما يتوقعونه منه. وبالفعل، بدءا من «ديور»، و«أتولييه فرساتشي»، و«أرماني بريفيه»، و«رالف أند روسو»، إلى «جيامباتيستا فالي» و«إيلي صعب» وغيرهم، تحولت عروض باريس إلى شبه واحة للهروب، ليس من الواقع الحزين بكل مشكلاته وتعقيداته فحسب، بل أيضًا من الموضة «السبور» الدارجة حاليًا. فأغلب المصممين وظفوا خيالهم في التفصيل والعودة إلى الزمن الجميل، حين كانت المرأة تحتفل بأنوثتها على الملأ، من دون خوف أن يدينها العالم على بذخها وإسرافها. ورغم أن دماء الإمبراطورة ماري أنطوانيت، التي جسدت هذا البذخ في القرن الثامن عشر، لا تجري في عروق زبونة الـ«هوت كوتير» المعاصرة، إلا أنها لا تختلف عنها في عشقها للموضة وتوقها للتفرد. هذه الزبونة تتميز أيضًا بالقوة، سواء من ناحية شخصيتها أو قدرتها المالية، وتأتي باريس في هذا الموسم خصيصا لتنتقي فساتين لا مثيل لها، بغض النظر عن أسعارها. وهذا يعني أنها لا تريدها بتصاميم أو خامات تأخذ بعين الاعتبار الأحوال الاقتصادية المتردية، كما لا تريدها أن تعكس ثقافة الشارع والواقع، بل تريدها أن تحلق بها عاليًا وتحقق أحلامها، وبالتالي تتوقع فساتين تحاكي التحف، لا يبخل عليها المصممون بشيء، سواء تطلبت هذه الفساتين تنورات مستديرة أو بذيول طويلة تليق بالقصور والمناسبات الكبيرة. والحقيقة أن كل المصممين، ودون استثناء، اجتهدوا أن لا يخيبوا آمال هذه المرأة وتوقعاتها، ونجحوا بنسب مختلفة. فقد غاب الأسلوب الـ«سبور» الدارج حاليا في شوارع الموضة العالمية، وحلت محله تصاميم تستحضر الخمسينات من القرن الماضي، حين تمرد أمثال كريستيان ديور على تقشف الحرب العالمية الثانية وأعادوا للمرأة أنوثتها المسروقة، من خلال تحف يستغرق تنفيذها آلاف الساعات وتتطلب أمتارا طويلة من أقمشة مترفة تبرر أسعارها التي قد تصل إلى مئات الآلاف من الدولارات.
إضافة إلى تأثير الخمسينات من القرن الماضي، عاد بعضهم إلى ماري أنطوانيت، وبعضهم الآخر إلى العهد الإليزابيثي، مثل «فالنتينو»، وجيامباتيستا فالي، وأليكسي مابيل، والثنائي «فيكتور أند رولف»، حيث كانت هنا الكثير من التنورات المستديرة بأحجام مبالغ فيه أحيانًا، كما كان هناك كم سخي من الياقات العالية والأكمام ذات الكشاكش. جون غاليانو أيضًا عاد بأنظاره إلى الماضي، وتحديدا إلى عهد نابليون بونابرت، وقدم لـ«ميزون مارجيلا» تشكيلة ثورية بكل معنى الكلمة، الأمر الذي يؤكد أنه بدأ يتأقلم مع دوره الجديدة في الدار، التي كانت قبله تميل إلى الاختبارات والتجارب أكثر من السريالية والدراما.
من اليوم الأول للأسبوع، وفي عرض «أتوليته فرساتشي» تأكد هذا الحنين إلى الماضي. فقد قدمت دوناتيلا فرساتشي قطعا متنوعة، تتباين بين فساتين السهرة ومعاطف للنهار، تضج بالإثارة والأنوثة وأيضًا بالحرفية وكأن المصممة تريد أن تنأى بنفسها عن الاستسهال. في اليوم التالي قدمت «ديور» أيضًا تشكيلة، رغم بساطتها، تصب في خانة السهل الممتنع، والسبب أن المصممين، لوسي ماير وسيرج ريفيو، يعرفان أنهما مؤقتان وبأن هذه آخر تشكيلة سيقدمانها للدار قبل أن تتسلم ماريا غراتزيا تشيوري، مصممة دار «فالنتينو» سابقًا، المشعل منهما. الفصل الذي كتباها كان واضحًا وبسيطًا بالأبيض والأسود فقط، ولم يضعا في آخره نقطة النهاية. فهما يعرفان جيدًا أن الفصل القادم سيكون مهمًا في تاريخ الدار، كون ماريا غراتزا ستكون أول مصممة تدخل «ديور» منذ تأسيسها في الأربعينات من القرن الماضي.
المصمم إيلي صعب ينجح دائما في أن يُهدي المرأة ما تطلبه وتحلم به، بحكم باعه الطويل مع الأنوثة الرومانسية من جهة، وعلاقته بهذه المرأة من جهة أخرى. فهو يفهمها جيدًا ويعرف أحيانًا ما تريد قبل أن تعرفه هي أحيانًا. ديكور القاعة الواقعة في «شارع غامبون»، كان بسيطًا لكن بدلالات كبيرة. فهو يعكس مدينة نيويورك، وتحديدا بنايات مانهاتن و«غرايزلر»، وهو ما تجسد في الأحجام والطيات وأيضًا في موتيفات ظهرت في مجموعة من الفساتين استهل بها عرضا لم يكن ينقصه سوى أغنية «نيو يورك نيو يورك» الشهيرة لفرانك سيناترا حتى تكتمل الرسالة. والرسالة هنا ليس إعجاب المصمم بالمدينة وإيقاعها فحسب، بل أيضًا نيته افتتاح محل كبير بماديسون سكواير، بحلول عام 2017، الأمر الذي يؤكد أن لا شيء يحدث في عالم الموضة اعتباطًا ودون دراسة مسبقة. بدأ العرض وتوالت الفساتين والاقتراحات، لنتبين أن وصفته الناجحة واللذيذة لم تتغير، وأن كل ما في الأمر أنها اكتسبت قوة وديناميكية، لمسناها في تشكيلاته السابقة لكن جرعتها زادت فخامة هذه المرة. كانت أيضًا أكثر جرأة، سواء من ناحية سخاء التطريزات التي غطت، في بعض الأحيان، فساتين بالكامل، وجاء أغلبها على شكل ورود ثلاثية الأبعاد، أو من ناحية الأقمشة الكلاسيكية مثل الحرير والتول والمخمل الذي عانق الجسم مع طيات أو فتحات هنا وهناك. الألوان أيضًا كانت لافتة، لأن إيلي صعب كان يركز في السابق، على لون واحد في كل إطلالة يضخه بالتطريزات الغنية بالخرز والترتر والأحجار، بينما كانت الألوان هنا متداخلة مع بعض. كلما زادت جرأتها، تشعر كما لو أنها كانت بمثابة اكتشاف بالنسبة للمصمم، وبأنه استحلى عذوبتها وهي تتماوج أو تتداخل مع بعض، فظل يزيد من جرعتها بالتدريج.
لم يكتف إيلي صعب برومانسية الألوان والأقمشة ولا أنثوية الخطوط والتطريزات التي غلبت عليها الورود، بل أضاف جديدا، يعرف بحسه التجاري أنه سيلمس وترا حساسا بداخل كل امرأة. هذه الإضافة جاءت على شكل مجموعة فساتين للأطفال تخاطب مناسبات الأعراس والأفراح.
لا شك أن الأمر كان سيبدو محاولة تجارية ساذجة، لكن المصمم يعرف ذلك جيدًا، ولا يمكن أن يخطر بباله أن يقوم بخطوة لها تبعات سلبية، كما أنه من الصعب اتهامه بالسذاجة أو الاستسهال لتحقيق الربح. فكل خطوة يقوم بها تكون مدروسة من كل الجوانب. ما يشفع له أن هذه المجموعة الصغيرة جمعت في عمقها الأناقة وظاهرها البراءة. ثم أنه لم يكن يحتاج لعرضها أمام الحضور، حتى يصل إلى قلوب زبوناته، وهن كُثر، لأن المتعارف عليه أن أغلبية زبونات الـ«هوت كوتير» تطلبن أزياء خاصة لأطفالهن للمناسبات الخاصة، لكن وراء الكواليس.
في عرض «أتولييه أرماني» لا يمكن لأحد أن يتهم المخضرم جيورجيو أرماني بالرومانسية أو الدراما على حساب الأناقة العصرية. فهو يعتمد دائما على مكمن قوته، وهو التفصيل الدقيق والمحسوب من الأكتاف العالية إلى البنطلونات المستقيمة أو الفساتين المحددة على الجسم. لهذا ليس غريبا أن يفتتح عرضه بتايور، مكون من جاكيت وبنطلون، مستوحى من خزانة الرجل بأكتاف عالية وأقمشة أنثوية، تلمع حينا وتتطاير حينا آخر، قبل أن يتسلل المخمل للفساتين الموجهة للمساء والسهرة. لم تكن هناك أي مبالغات أو تفاصيل لا تحتاجها المرأة، بل العكس كل غرزة وكل طية مدروسة وتتمركز في جزء استراتيجي، سواء كان الخصر أو الأكتاف أو الصدر، مع لعب على الأقمشة التي مزجها في الإطلالة الواحدة. مثلا كان هناك جاكيت من الساتان الأسود مع تنورة من نفس اللون من المخمل بفتحة جانبية. نفس الفكرة تكررت في اقتراحات أخرى، ركز فيها على درجات ألوان هادئة مثل الأبيض اللؤلؤي، والوردي الفاتح والأزرق السماوي. كانت العارضات يتخايلن على وقع نغمات موسيقية أوبرالية، تجعلك تسبح في عالم ساحر يتأرجح بين الخيال والواقع، لتستفيق منه على صوت تصفيق عال، عندما تطل عارضة في فستان من المخمل الأسود وقبعة مثيرة تغطي مجموعة الرأس وتتدلى منها ستارة خفيفة من التول المطرز لتغطي نصف الوجه. هذه القبعة قد تكون عملة ذهبية في يد جيورجيو أرماني، لأنها تلعب على مشاعر متعددة وتخاطب ثقافات مختلفة.
نفس الشيء يمكن أن يقال عن تشكيلة الثنائي «رالف أند روسو» التي لعبت هي الأخرى على المشاعر، لا سيما الحنين إلى الزمن الجميل. ما قدماه في الأسبوع الماضي هو سادس عرض لهما في برنامج أسبوع الـ«هوت كوتير» الرسمي بباريس. قبل ذلك، لم يكن يعرف بالماركة، سوى قلة من الناس، إلا أن اسم «رالف أند روسو» سرعان ما فرض نفسه على ساحة الموضة وأصبح لصيقًا اليوم بالأناقة الراقية. عندما اختيرا للمشاركة في الأسبوع، منذ ثلاث سنوات تقريبًا، عبرا عن رغبتهما في إعادة الحلم إلى المرأة، وهذا ما نجحا فيه لحد الآن، بعودتهما دائما إلى الخمسينات والسبعينات هذه المرة. لم تتغير استراتيجيتهما لكنهما يعرفان أن الأزمة الاقتصادية تعني المزيد من الاجتهاد لشد انتباه المرأة وكسب ودها، الأمر الذي يُفسر سخاءهما في التطريز وغرفهما من الطبيعة المتفتحة، إلى حد جعل الكثير من الفساتين والتنورات والبنطلونات المستقيمة تبدو وكأنها لوحات فنية متحركة. كل أنواع التطريزات استعملت هنا، من الترصيع بأحجار الكريستال والزجاج واللؤلؤ إلى تطريزات الورود ثلاثية الأبعاد، إضافة إلى الريش. بعض هذه الفساتين، تطلبت مهارة نحو 20 حرفية وآلاف الساعات لإنهائها بالمستوى المطلوب.
مثل إيلي صعب وجيورجيو أرماني وغيرهما، تعرف تمارا رالف ومايكل روسو بأن الموسم قد يكون خاصا بأزياء الـ«هوت كوتير» وأجمل المناسبات، لكن لا بأس من بعض الإكسسوارات لإكمال الصورة، لهذا قدما مجموعة من حقائب يد مع أحذية وقبعات رأس يُمكن أن تُدخل شريحة أوسع، نادي ال«هوت كوتير» النخبوي.
إذا كان الأغلبية هربوا من الواقع إلى الماضي، القريب والبعيد، فإن جون بول غوتييه، فضل الهروب إلى الطبيعة، من خلال تشكيلة لعبت فيها الألوان دورا مهما، بدءا من الأخضر الغامق إلى البني المستوحى من الأخشاب. لم يكن العرض مسرحيًا كعهدنا به ولا بشقاوة أيام زمان، بل كان هادئا ركز فيه على الأزياء أولا وأخيرا، والتصاميم التي تحتفل بمقاييس أنثوية للمرأة، بتركيزه على تحديد الخصر وإبراز منطقة الصدر. رغم أن كل ما قدمه يشي بحرفيته وخياله الخصب، فإن العرض افتقد حرارة أيام زمان عندما كان الحضور يخرجون وشعور بالنشوة يغمرهم.. النتيجة أن التشكيلة كانت متقنة وليس فيها ما يُعيبها، كما أنها ستروق حتمًا للطبقات الأوروبية البورجوازية، إلا أنها تفتقد إلى الإبهار وذلك العنصر الحيوي الذي يجعلها تتميز عما تم تقديمه طوال الأسبوع.
فشقي الموضة الفرنسية، كما يُلقب في أوساط الموضة، اكتوى بالأزمة منذ بضع سنوات، إلى حد أنه أوقف خطه الخاص بالأزياء الجاهزة مُبقيًا على خط الـ«هوت كوتير» فقط. وربما هذا ما جعلنا نتوقع أن يُقدم أفكارا جديدة وجريئة في الوقت ذاته، لكن العكس حدث، حيث ركز على ما يُتقنه ويعرفه جيدًا، وكأنه خائف أن يخض المتعارف عليه ويفقد زبوناته المخلصات، لا سيما وأن استقطاب زبونات جديدات ليس مضمونًا مائة في المائة في ظل الأوضاع الحالية. المؤسف أن اسم جون بول غوتييه مترسخ في الذهن على أنه مصمم شقي يميل إلى تكسير التابوهات، لهذا فإن ما قدمه مؤخرًا يشير إلى أنه، بعد أكثر من 35 عامًا من الجرأة، أصبح يتوخى السلامة، وهو ما يمكن أن يقتل الإبداع على المدى البعيد.
جيامباتيستا فالي، مثل جون بول غوتييه، احتمى بالطبيعة، لكنه على العكس من غوتييه قدم جديدًا واختار حديقة غناء تتفتح فيها الورود بشتى الألوان، وتنسدل على الجسم بخفة وخطوط تلعب على دراما من نوع خفي وهادئ. إلى جانب الألوان والطبيعة، عاد المصمم إلى الأحجام التي يمكن القول إنها ماركته المسجلة، وخفف من مبالغاتها بطرحه فساتين «بايبي دول» وأخرى مستوحاة من الخمسينات بأكمام منفوخة. في البداية قدم مجموعة باللون الأبيض تعبق بالأنوثة رغم إيحاءاتها التجريدية، سرعان ما تطورت إلى فساتين طويلة من الحرير وأخرى من الموسلين بكشاكش وأكمام وكأنها بالونات أحيانًا، بألوان الأبيض، والأسود، والأزرق السماوي مع زخات من الأحمر. استعمل أيضًا الفرو، بعد أن جعله بخفة وملمس الحرير وطرزه بسخاء. بيد أن ما نجح فيه المصمم فالي أنه مزج إيحاءات تاريخية بتفاصيل عصرية منحت كل قطعة تفردًا وفنية تروق لزبوناته الشابات. وحتى يُذكرهن بالسبب الذي جعلهن يعشقن تصاميمه منذ بدايته، أنهى عرضه بثلاث فساتين ضخمة لعب فيها على الدراما والأحجام اللافتة.



ميغان ماركل وكايلي جينر والصراع على المرتبة الأولى

بين ميغان ماركل وكايلي جينر قواسم مشتركة وفوارق عديدة في الوقت ذاته (أ.ف.ب)
بين ميغان ماركل وكايلي جينر قواسم مشتركة وفوارق عديدة في الوقت ذاته (أ.ف.ب)
TT

ميغان ماركل وكايلي جينر والصراع على المرتبة الأولى

بين ميغان ماركل وكايلي جينر قواسم مشتركة وفوارق عديدة في الوقت ذاته (أ.ف.ب)
بين ميغان ماركل وكايلي جينر قواسم مشتركة وفوارق عديدة في الوقت ذاته (أ.ف.ب)

ما الذي يمكن أن يجمع دوقة ساسكس، ميغان ماركل وكايلي جينر، صُغرى الأخوات كارداشيان؟ فالأولى ترتبط بالعائلة المالكة البريطانية بحكم زواجها من الأمير هاري، والثانية تنتمي إلى عائلة بَنَتْ شهرتها على تلفزيون الواقع. خبراء الموضة يجيبون بأن هناك فعلاً مجموعة من القواسم المُشتركة بينهما؛ فإلى جانب الجدل الذي تثيرانه لدى كل ظهور لإحداهما، بسبب ما تُمثلانه من ثقافة يرفضها بعض الناس ويدعمها بعضهم الآخر، فإن تأثيرهما على صناعة الموضة من الحقائق التي لا يختلف عليها اثنان. ما تلبسه ميغان يتصدر العناوين وصفحات المجلات البراقة وقد ينفد من المحلات، وما تنشره كايلي جينر على صفحاتها ينتشر انتشار النار في الهشيم، في دقائق، ويلهب رغبة متابعاتها في الشراء.

كايلي في فستان «فريز» من «غالفان» (خاص) وميغان في حفل بلوس أنجليس (أ.ب)

وهذا ما يجعل المصممين لا يمانعون ظهورهما بتصاميمهم، بغض النظر عما إذا اتفقوا مع الثقافة التي ترتبط بهما أم لا، على أساس أنه مهما وصلت نسبة الجدل والانتقادات؛ فهي نافعة تعود عليهم بالربح. أو، على أقل تقدير، تسلِّط الضوء عليهم.

في عام 2018، ظهرت كل منهما بفستان مستوحى من «التوكسيدو» باللون نفسه، ومن الماركة النيوزيلندية نفسها، ماغي مارلين. ظهرت به ماركل في زيارتها الرسمية لأستراليا ونيوزيلندا رفقة زوجها الأمير هاري، من دون أكمام، بعد أن طلبت من المصممة تعديله خصيصاً لها. كايلي، وبعد مدة قصيرة، ارتدته كما هو بأكمام، الأمر الذي يشي بأنها اشترته جاهزاً. في الحالتين، أسعدتا المصممة ماغي هيويت، التي تغنَّت بهما على صفحتها بالصورتين معبرة عن إعجابها بالشخصيتين؛ خصوصاً أن المبيعات زادت بشكل ملحوظ.

الجانب التجاري

لكن هناك أيضاً اختلافات بينهما؛ فكايلي تستفيد مادياً وترويجياً، لأنها تتلقى مبالغ طائلة لقاء منشور واحد، على العكس من ميغان التي لا تستطيع ذلك، لحد الآن على الأقل، لدواعي الحفاظ على صورة راقية تعكس لقبها كدوقة بريطانية، مع العلم بأن هذا اللقب لم يمنعها من دخول مضمار أعمال تجارية لم تحقق النجاح الذي تطمح إليه.

تغريدة واحدة من كايلي جينر تحقق ما لا يحققه عرض بكامله من ناحية تسليط الأضواء (رويترز)

في المقابل، فإن كايلي جينر، ورغم سنها الغضة، تجاوزت في فترة من الفترات حاجز المليار دولار لتُصبح واحدة من أصغر سيدات الأعمال بفضل علامتها «كاي (KHY)» لمستحضرات التجميل والعناية بالبشرة. أكدت، منذ بدايتها، أن الحس التجاري يجري في دمها؛ إذ شقت لنفسها خطأً مختلفاً عن أخواتها، ربما لأنها كانت تعرف أن منافستهن صعبة. ما نجحت فيه أنها استغلَّت اسم العائلة وشهرة أخواتها لتخاطب بنات جيلها بلغة تُدغدغ أحلامهن وطموحاتهن. وسرعان ما أصبحت نجمة قائمة بذاتها على وسائل التواصل الاجتماعي. تغريدة واحدة منها يمكن أن تغير مسار علامة تماماً.

زِيّ من ماركة «ألتوزارا» الأميركية ظهرت بها خلال مناسبة خاصة بالصحة النفسية والعقل اعتبره كثيرون غير مناسب للمكان والزمان (رويترز)

ميغان ماركل، رغم استثماراتها ومغازلتها صُنَّاع الموضة، لا تزال تستمد بريق صورتها من ارتباطها بالأمير هاري. على المستوى الربحي، لم تنجح في أن تنتقل من رتبة مؤثرة إلى درجة سيدة أعمال، كما لم تنجح في كسب كل القلوب، وهذا ما يجعل شريحة مهمة ترفض وصفها بأيقونة موضة، وتصف اختياراتها بـ«غير الموفقة». هذه الشريحة تستشهد إما بارتدائها تصاميم بمقاسات أكبر أو أصغر من مقاسها الحقيقي، أو تصاميم من ماركات عالمية لا تناسب شكلها أو طولها، وهلمّ جرّا.

ميغان ماركل رغم تأثيرها تثير كثيراً من الجدل بين رافض ومعجب (كارولينا هيريرا)

بيد أن قوتها، بالنسبة للمعجبات بها، كانت، ولا تزال، تكمن في عيوبها؛ فلأنها لا تتمتع بمقاييس عارضات الأزياء، ولا تشبه «كنَّتها»، أميرة ويلز، كاثرين، رشاقةً وطولاً، فإنها تُعبِّر عنهن. كل فتاة أو امرأة، بغض النظر عن عيوبها ومقاييسها، ترى نفسها في إطلالاتها. فعندما ظهرت بصندل من شركة «كاستنر» الإسبانية مثلاً ارتفعت مبيعاتها بنسبة 44 في المائة مباشرة، لأنها خاطبت شرائح من الطبقات المتوسطة، نظراً لأسعارها المعقولة. علامات محلية كثيرة لم تكن معروفة اكتسبت عالمية بمجرد أن ظهرت بها، لا سيما في السنوات الأولى من زواجها، حين كانت بالنسبة للبعض بمثابة «سندريلا» معاصرة. ساهمت أيضاً في تسليط الضوء على علامة «Club Monaco»، بعد ظهورها بفستان مستوحى من القميص، أي بإزار من الصدر إلى الأسفل، حين ظهرت به أول مرة خلال زيارتها الرسمية لجنوب أفريقيا.

لم يكن التصميم ثورياً أو جديداً، لكنه فتح عيون المرأة عليه، ليزيد الإقبال عليه بنسبة 45 في المائة وينفذ من الأسواق خلال 24 ساعة. كان لها نفس التأثير الإيجابي على علامات مثل «جي كرو» و«جيفنشي» و«ستيلا ماكارتني» وغيرهم. منصة «ليست»، وهي أيضاً شركة تسوُّق أزياء عالمية تربط العملاء بتجار تجزئة الأزياء رشحتها «كأهم مؤثرة لعام 2018». بيد أن تأثيرها ظلَّ مستمراً حتى بعد خروجها من المؤسسة البريطانية في عام 2020، وإن خفَّ وهج صورتها بعض الشيء.

البحث عن الجاكيت الذي ظهرت به ميغان في ألمانيا لدى حضورها ألعاب «إنفيكتوس» عطل موقع «جي كرو» (رويترز)

موقع «جي كرو» مثلاً تعطَّل في سبتمبر (أيلول) 2023، بسبب البحث عن سترة بيضاء ظهرت بها لدى مرافقتها زوجها، الأمير هاري، إلى ألمانيا، لحضور ألعاب «إنفيكتوس».

ولأنها باتت تَعرِف قوة تأثيرها على الموضة، استثمرت مؤخراً في علامة «سيستا كوليكتيف»، وهي علامة حقائب تصنعها نساء من رواندا، وتكتمل تفاصيلها في إيطاليا، لتحمل صفة «صُنع باليد». قالت إنها اكتشفتها بالصدفة وهي تقوم بعملية بحث عبر الإنترنت على حقائب مستدامة. ظهرت بالحقيبة أول مرة في مايو (أيار) من عام 2023 لدى حضورها حفل عشاء مع كل من غوينيث بالترو وكاميرون دياز في لوس أنجليس.

عروض الأزياء العالمية

ومع ذلك، لم نرَ ميغان ماركل بأي عرض أزياء في نيويورك أو في باريس أو ميلانو حتى الآن، باستثناء حضورها في عام 2018 حفل توزيع جوائز الموضة البريطانية ضيفةَ شرفٍ لتقديم جائزة العام لمصممة فستان زفافها، كلير وايت كيلر، التي كانت مصممة «جيفنشي» آنذاك. لكن كان هذا حفلاً وليس عرض أزياء.

اختتمت عرض «كوبرني» كسندريلا في فستان من التافتا أسود (رويترز)

كايلي جينر، ورغم رفض الثقافة التي تمثلها هي وأخواتها من قبل شريحة مهمة، أصبحت في السنوات الأخيرة وجهاً مألوفاً في عروض باريس. تُستقبل فيها استقبال نجمات الصف الأول. في الموسم الماضي، وخلال «أسبوع باريس لربيع وصيف 2025»، سجَّلَت في 3 ظهورات لها فقط ما يوازي ما قيمته أكثر من 20.3 مليون دولار، حسب بيانات «إنستغرام» وحده، إذا أخذنا أن «لايك» واحداً يساوي دولاراً.

لهذا ليس غريباً أن يتهافت عليها المصممون. نعم، هي مثيرة للجدل وأسلوبها لا يروق لكل الزبونات، لكنها في آخر المطاف توفر المطلوب من ناحية تسليط الضوء عليهم. ففي عالم الموضة والتجارة «أي دعاية حتى وإن كانت سلبية هي دعاية مجدية وأفضل من لا شيء». لم يقتصر حضورها في الموسم الباريسي ضيفةً فحسب، بل عارضة في عرض «كوبرني» المستلهم من عالم «ديزني». كانت هي مَن اختتمته في فستان من التافتا بإيحاءات قوطية تستحضر صورة «سندريلا».

تأثير إيجابي

3 مقاطع فقط من فيديو العرض، ولقطات من خلف الكواليس حققت 14.4 مليون مشاهدة؛ ما جعل علامة «كوبرني» تحقق 66 في المائة من إجمالي قيمة التأثير الإعلامي. كانت مشاركتها مخاطرة، لكنها أعطت ثماراً جيدة حسب تصريح الدار. تجدر الإشارة إلى أن «كوبرني» لمست تأثيرها القوي في عام 2022، عندما ظهرت في دعاية لمستحضرات التجميل الخاصة بها، وهي تحمل حقيبة من «كوبرني». ما إن نُشرت الصور، حتى زادت مبيعات الحقيبة بشكل كبير. في عرض الدار لخريف وشتاء 2023. لم تتمكن كايلي من الحضور إلى باريس، لكنها لم تغب؛ إذ نشرت صورة لها في زي من التشكيلة المعروضة، شاهدها الملايين من متابعيها، وحقَّقت ما لم يحققه العرض بالكامل من ناحية المشاهدات و«اللايكات».

كايلي جينر لدى حضورها عرض «سكاباريلي» بباريس (سكاباريلي)

وإذا كان الشك لا يزال يراود البعض على مدى تأثيرها على أساس أن علامة «كوبرني» لها شعبيتها الخاصة التي تستمدها من قدرة مصمميها على الإبداع وخلق الإثارة المسرحية أمام الضيوف، فإن تأثيرها الإيجابي على علامة «أتلين» الفرنسية الناشئة تُفند هذه الشكوك. وجودها في عرضها لربيع وصيف 2025 كان له مفعول السحر؛ حيث حققت لها ما يوازي 11.6 مليون دولار من المشاهدات واللايكات. طبعاً لا ننسى حضورها عرض «سكاباريلي» بتصميمٍ أثار انتباه العالم لغرابته وسرياليته.

رغم محاولاتها أن تُصبح أيقونة موضة لا تزال ميغان تستمد بريقها وقوة تأثيرها من ارتباطها بالأمير هاري (أ.ف.ب)

«كايلي» لا تقوم بأي حركة أو فعل من دون مقابل. حتى عندما تختار علامات ناشئة للتعاون مع علامتها الخاصة «كاي (Khy)»؛ فهي تؤمن بأنه لا شيء بالمجان. وهذا تحديداً ما يجعلها تتفوق على ميغان ماركل من ناحية التأثير التجاري حسب الأرقام والخوارزميات. الفضل يعود أيضاً إلى نجاحها في استقطاب شريحة مهمة من بنات جيلها تخاطبهن بلغة تُدغدغ أحلامهن. ماركل في المقابل لم تنجح لحد الآن في الخروج من جلباب لقبها كدوقة ساسكس.