وزير الخارجية الفرنسي يحمل «نصائح عامة» للبنانيين.. وأولوية المحافظة على الأمن

مصادر: لا ضوء أخضر دوليًا للاستحقاق الرئاسي الذي بات مرتبطًا بسوريا والقرار الإيراني

رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري لدى لقائه وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت أثناء زيارة الأخير إلى بيروت (إ.ب.أ)
رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري لدى لقائه وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت أثناء زيارة الأخير إلى بيروت (إ.ب.أ)
TT

وزير الخارجية الفرنسي يحمل «نصائح عامة» للبنانيين.. وأولوية المحافظة على الأمن

رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري لدى لقائه وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت أثناء زيارة الأخير إلى بيروت (إ.ب.أ)
رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري لدى لقائه وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت أثناء زيارة الأخير إلى بيروت (إ.ب.أ)

لم تحمل زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت إلى لبنان أي جديد على صعيد الملف الرئاسي اللبناني باستثناء «النصائح العامة» حول ضرورة إنجاز هذا الاستحقاق الذي لم يحصل لغاية الآن على ضوء أخضر دولي، فيما تبقى الأولوية بالنسبة إلى باريس وغيرها من دول القرار هي المحافظة على الاستقرار الأمني إضافة إلى قضية اللاجئين. والجولة التي قام بها المسؤول الفرنسي عكست هذه الأجواء رغم تأكيده أن الحل لن يأتي من الخارج، وأكّدت ارتباط الملف الرئاسي اللبناني بالأزمة السورية ومن خلفهما القرار الإيراني بحسب ما أشارت مصادر مطلعة على لقاءات إيرولت لـ«الشرق الأوسط». ووصفت المصادر الزيارة بـ«الاستطلاعية» مع تشديده على ضرورة الحفاظ على الوضع الأمني والتمسّك باتفاق الطائف، مضيفة: «يبدو واضحا أن هناك قناعة فرنسية بأن إيران لن تفرج عن الرئاسة اللبنانية قبل إنهاء الملف السوري في وقت تسعى فيه طهران أيضا إلى تعديل نظام الطائف بما يتلاءم مع حليفها ما يسمى ما يسمى حزب الله. وفي الإطار نفسه، وفي حين يصادف اليوم الأربعاء موعدا جديدا لجلسة انتخاب رئيس، يبدو أن انسداد الأفق الخارجي ينسحب بدوره على الأفق المحلي، بحيث لم ينجح الحراك السياسي الداخلي الأسبوع الماضي والذي شهد لقاءات عدّة بين القيادات اللبنانيين، في التوصّل لأي نتيجة، إذ أنه وبعدما كانت أسهم التفاؤل ارتفعت قليلا لناحية إمكانية إنجاز الاستحقاق الرئاسي عادت مجددا إلى نقطة الصفر. وهذا ما تلفت إليه مصادر نيابية في قوى 14 آذار، لـ«الشرق الأوسط» مشيرة إلى أنّ الخطر الأساسي هو في إجراء الانتخابات النيابية قبل الرئاسية، وهو الأمر الذي تسعى له أميركا ما يعني حكما الوصول إلى نظام جديد وإسقاط اتفاق الطائف».
ونقلت «وكالة الأنباء المركزية» عن أوساط دبلوماسية عربية مقيمة في الخارج، قولها «إنه لا مساعي جدية لإتمام الاستحقاق الرئاسي اللبناني غير المدرج حتى الساعة على أجندة أولويات الدول الكبرى المنشغلة حاليا بملفات أخرى من سوريا إلى العراق واليمن فالحرب على الإرهاب، ناهيك عن انهماكها بقضايا داخلية كالانتخابات الرئاسية المرتقبة في الولايات المتحدة».
ولا تتوقع الأوساط قيام أي مسعى خارجي محوره «الرئاسة» في المدى المنظور. مشيرة إلى أنه ما يهمّ المجتمع الدولي لبنانيا في الوقت الحاضر هو الاستقرار وضرورة الحفاظ عليه. ولفتت إلى أن «الخارج» يولي «الأمن» اللبناني أولوية مطلقة حتى أنه لا يمانع استمرار الشغور ما دام أن الاستقرار صامد، معتبرة أن بقاء الوضع المحلي تحت السيطرة حيوي بالنسبة إلى المجتمع الدولي الذي يخشى موجات نزوح جديدة إلى أوروبا إذا انهار الاستقرار. من هنا، تضيف المصادر «نراه يمد الجيش اللبناني والقوى الأمنية بالسلاح والعتاد في شكل مستمر ليتمكن من ضبط الساحة اللبنانية ورد الخطر الإرهابي المرابض على حدودها، فالاستثمار في الأمن اللبناني مكسب للغرب أيضا».
ودعا إيرولت الذي وصل إلى بيروت يوم الاثنين في زيارة تستمر ليومين، إلى التفاهم فيما بينهم من أجل حل الأزمة الدستورية التي تشل البلاد منذ عامين بسبب الفراغ في سدة الرئاسة. وقال خلال عشاء في مقر إقامة السفير الفرنسي في بيروت شارك فيه جمع من السياسيين اللبنانيين «يجب التوصل إلى حل. يعود إلى الأحزاب اللبنانية إيجاد السبل لتسوية سياسية».
واعتبر أن «الأزمة السورية لا يمكنها أن تبرر لوحدها عدم التوصل إلى حل للأزمة الدستورية المستمرة منذ وقت طويل للغاية».
وأضاف: «نحن نتحاور مع كل الدول التي لديها نفوذ في لبنان (...) والرسالة هي أن الحل لن يأتي من الخارج مؤكدا استعداد باريس لمساعدة القادة اللبنانيين على التوصل إلى هذا الحل».
ويوم أمس التقى إيرولت كلا من رئيس الحكومة تمام سلام ورئيس مجلس النواب نبيه بري والبطريرك الماروني بشارة الراعي.
وقال بعد لقائه سلام: «لبنان كان وسيبقى أولوية الأولويات بالنسبة لفرنسا»، وأضاف: «من الواضح أن مصلحة الشعب اللبناني تقتضي الخروج من هذه الأزمة ليتمكن من مواجهة التحديات الكبرى وكذلك معالجة المسألة الشائكة ألا وهي مسألة اللاجئين المستمرة بسبب الحرب في سوريا المستمرة. وبقدر ما يتم الإسراع في إيجاد حلّ سريع للأزمة السياسية فهذا سوف يخلق الظروف المواتية لتحسين الأوضاع في لبنان بشكل عام».
وبعد لقائه الراعي، قال المسؤول الفرنسي: «فرنسا لا تقرر مكان اللبنانيين إنما هي تيسر الأوضاع. الشعب اللبناني اليوم، في وضع صعب جدا: هناك التهديدات الأمنية والانعكاسات المأسوية للحرب في سوريا واللاجئين الذين يهربون إلى دول الجوار الجهود التي تبذلها فرنسا مع شركائها في المجتمع الدولي، هي لإيجاد حل للبنان».
وفي الإطار نفسه، أكد إيرولت خلال زيارته مؤسسة «عامل التربوية» في الضاحية الجنوبية لبيروت، استمرار فرنسا في بذل الجهود وتقديم المساعدات للبنان، مشيرا إلى أن باريس التزمت بتقديم مبلغ 200 مليون يورو لمساعدة المنظمات الموجودة في لبنان والتي تساعد اللاجئين»، مؤكدا «إننا سنخصص مبلغ 50 مليون يورو من هذا المبلغ ابتداء من عام 2016».



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».