عرض عسكري في بغداد يتسبب بفوضى وإغلاق الجسور والشوارع

برلماني وخبير أمني: يستهدف توجيه رسالة للخصوم السياسيين

عراقيان يمران بجانب عربة عسكرية وسط العرض العسكري غير المعلن عنه مسبقًا في بغداد أمس (أ.ف.ب)
عراقيان يمران بجانب عربة عسكرية وسط العرض العسكري غير المعلن عنه مسبقًا في بغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

عرض عسكري في بغداد يتسبب بفوضى وإغلاق الجسور والشوارع

عراقيان يمران بجانب عربة عسكرية وسط العرض العسكري غير المعلن عنه مسبقًا في بغداد أمس (أ.ف.ب)
عراقيان يمران بجانب عربة عسكرية وسط العرض العسكري غير المعلن عنه مسبقًا في بغداد أمس (أ.ف.ب)

استهل سكان العاصمة العرقية بغداد يومهم، أمس، بفوضى كبيرة؛ بسبب قطع جميع الطرق إلى جانب ثلاثة جسور تؤدي إلى جانب الرصافة من العاصمة العراقية، وعانى الآلاف من المواطنين المتوجهين لوظائفهم ومصالحهم؛ بسبب هذه القطوعات، مما أدى إلى أن يعلقوا في الشوارع غير قادرين على الوصول إلى أماكن عملهم، ولا العودة إلى بيوتهم في ظروف مناخية صعبة؛ حيث تصل درجة الحرارة إلى 48 مئوية.
سبب الأزمة والفوضى كان تمرينا لاستعراض عسكري جرى في واحد من أهم وأكبر شوارع وسط بغداد التجاري، شارع السعدون، حيث شوهدت الدبابات والعربات المدرعة في وسط العاصمة العراقية، بينما حلقت طائرات الهليكوبتر في فضاء جانب الرصافة.
حسب تصريح إعلامي للمتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية سعد معن، فإن «هذه الإجراءات سببها تمرين لاستعراض عسكري»، مؤكدا أن «هذا الاستعراض ستشترك فيه القوات العسكرية والأمنية وفصائل من الحشد الشعبي، وذلك احتفالا بانتصاراتنا العسكرية على تنظيم داعش في الفلوجة»، وعن سبب عدم الإعلان مسبقا عن هذا التمرين الذي شل العاصمة بغداد تماما، قال معن: «عدم الإعلان جاء لضرورات أمنية، حيث لا يمكن الإعلان مسبقا عن أي تحرك للقطعات الأمنية حفاظا على سرية هذه التحركات».
الخبير والمستشار الأمني والعسكري العميد ضياء الوكيل استغرب «عدم الإعلان رسميا ومسبقا عن هذه الممارسة»، وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط» ببغداد أمس: «كان يفترض بالإعلام الرسمي الإعلان عن هذه الممارسة، وأعني التمرين على الاستعراض العسكري والإيضاح للمواطنين عن سبب قطع الجسور والطرق وإحاطة مكان الممارسة بالأسلاك الشائكة».
مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة «فيسبوك» تداولت صور دبابات ومدرعات وعجلات ضخمة تسحب مدافع ثقيلة وكراديس جنود وشرطة وعناصر الحشد الشعبي وهم يحتلون شارع السعدون انطلاقا من ساحة الفردوس قرب فندقي عشتار شيراتون وفلسطين ميرديان، مما أطلق عنان الشائعات بوجود انقلاب عسكري ببغداد. وقال العميد الوكيل: «من الطبيعي أن تنطلق مثل هذه الشائعات لعدم إعلام المواطنين بهذه الممارسة (التمرين) للاستعراض العسكري الذي من المفترض إجراؤه يوم 14 يوليو غدا، استذكارا لثورة تموز عام 1958، مع أن أي مسؤول رسمي لم يصرح بموعد الاستعراض وأسبابه».
وأشار الخبير والمستشار الأمني والعسكري إلى أن «مثل هذه الممارسات تجري عادة في القواعد العسكرية البعيدة عن المدن حفاظا على أمن القطعات المشاركة، وكي تأخذ حريتها في الحركة أو في الأقل في ساحة الاحتفالات، بجانب الكرخ من بغداد، بدلا من إجرائه في واحد من أكثر الشوارع ازدحاما بالناس وسط العاصمة وتحميل المواطنين معاناة إضافية في ظل أوضاع أمنية صعبة وتحت درجة حرارة عالية، وكان يجب في الأقل إعلان اليوم (أمس) عطلة حتى لا يترك الناس بيوتهم، ثم يعودون دون معرفة الأسباب». وقال: «في اعتقادي أن الجهات التي خططت لهذه الممارسة وأصرت على أن تجري وسط بغداد كانت تريد أن توجه رسائل سياسية وعسكرية»، موضحا: «رسائل للخصوم السياسيين وعسكرية لتنظيم داعش من خلال استعراض القوة المشاركة في هذا الاستعراض».
نائب في البرلمان العراقي سرب لـ«الشرق الأوسط» معلومة مفادها أن «هذا التمرين العسكري الذي شاركت فيه فصائل من القوات المسلحة والشرطة المحلية والحشد الشعبي، باستثناء سرايا السلام التابعة للتيار الصدري، وبوجود عربات مدرعة وأسلحة ثقيلة، إنما هو رسالة للتيار الصدري الذي هدد زعيمه، مقتدى الصدر، بخروج مظاهرات وصفها بـ(المهيبة) يوم الجمعة، احتجاجا على عدم إجراء إصلاحات حقيقية والخروقات الأمنية التي أدت إلى تفجيري الكرادة وبلد».
وأضاف النائب عن التحالف الوطني (الشيعي)، الذي فضل عدم نشر اسمه، قائلا: «إن رئاستي مجلس النواب ومجلس الوزراء تخشيان اقتحاما جديدا للمتظاهرين لمبنيي البرلمان ورئاسة الوزراء، لا سيما أن أنباء انطلقت قبل عطلة عيد الفطر تحدثت عن عزم المتظاهرين باقتحام المنطقة الخضراء مجددا بعد انقضاء عطلة العيد»، مشيرا إلى أن «رئيس الوزراء، حيدر العبادي، يرى أن الأوضاع الأمنية والعسكرية لا تسمح الآن بخروج مظاهرات ضخمة، وأنه وجه أوامره بالتصدي لأية محاولة لاقتحام المنطقة الخضراء مجددا».
وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر قد ظهر أمس على شاشات التلفزيون، وهو يرتدي الزي العسكري مترأسا اجتماعا لسرايا السلام، الجناح العسكري للتيار، ومطالبا «بخروج مظاهرات مهيبة يوم الجمعة إنقاذا للوطن».



الأمم المتحدة: مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي في اليمن

الفيضانات الأخيرة في اليمن أدت إلى نزوح 400 ألف شخص (الأمم المتحدة)
الفيضانات الأخيرة في اليمن أدت إلى نزوح 400 ألف شخص (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة: مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي في اليمن

الفيضانات الأخيرة في اليمن أدت إلى نزوح 400 ألف شخص (الأمم المتحدة)
الفيضانات الأخيرة في اليمن أدت إلى نزوح 400 ألف شخص (الأمم المتحدة)

زاد عدد اليمنيين الذين واجهوا مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية بمقدار 100 ألف شخص خلال الثلاثة الأشهر الماضية، ليصل العدد الإجمالي إلى نصف عدد السكان في هذه المناطق في ظل أزمة اقتصادية خانقة تواجهها الحكومة بسبب استمرار الحوثيين في منعها من استئناف تصدير النفط.

وحسب تحليل حديث للأمم المتحدة، فقد عانى ما يقرب من نصف السكان في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية (4.7 ملايين شخص) من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد خلال الفترة من يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول) الماضيين، وتم تصنيف هؤلاء على أنهم في المرحلة 3 من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي أو أعلى (أزمة أو أسوأ).

من المتوقع أن تستمر أزمة الغذاء حتى الأشهر الأولى من عام 2025 (الأمم المتحدة)

ووفق هذه البيانات، فإن ذلك يشمل 1.2 مليون شخص عانوا من مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي - المرحلة 4 من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (الطوارئ) - التي تتميز بفجوات غذائية كبيرة ومستويات عالية من سوء التغذية الحاد.

ويعكس هذا، وفق التحليل، مستوى مرتفعاً باستمرار من الأمن الغذائي مقارنة بتحديث التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي السابق من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023 إلى فبراير (شباط) من العام الحالي، عندما تم تصنيف حوالي 4.6 ملايين شخص في المرحلة 3 أو أعلى.

أسباب التفاقم

ومع دعوة الحكومة اليمنية، المجتمع الدولي، إلى مساعدتها على مواجهة الأزمة الاقتصادية الراهنة نتيجة استمرار منعها من تصدير النفط الخام بسبب استهداف الحوثيين موانئ التصدير منذ عامين، أكد التحليل أن السبب في تسجيل مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد يعود إلى الاقتصاد المتدهور، الذي يتميز بانخفاض قيمة العملة وارتفاع أسعار المواد الغذائية وزيادة أسعارها، إلى جانب استمرار الصراع والمساعدات الغذائية الإنسانية غير المنتظمة.

بالإضافة إلى ذلك، يذكر التحليل أن الأمطار الغزيرة التي شهدتها البلاد في أغسطس (آب) الماضي أدت إلى فيضانات محلية دمرت المنازل وعطلت الأنشطة الزراعية وأسفرت عن خسارة الماشية والأراضي الزراعية ونزوح ما يقدر بنحو 400 ألف شخص، خصوصاً في أجزاء من محافظات مأرب والحديدة وتعز والضالع.

رجلان يحملان مساعدات غذائية في صنعاء من إحدى الوكالات الدولية (إ.ب.أ)

وخلال فترة التوقعات من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي وحتى فبراير (شباط) من العام المقبل، يبين التحليل أن الوضع سيتحسن بشكل طفيف مع توقع وجود 4.6 ملايين شخص في المرحلة 3 أو أعلى.

ومن بين هؤلاء، من المتوقع أن يواجه 1.1 مليون شخص مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي (المرحلة 4)، وتوقع أن يواجه 3.5 مليون شخص مستويات أزمة من انعدام الأمن الغذائي، المصنفة على أنها المرحلة 3 من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (الأزمة).

استمرار الأزمة

في حين توقع التحليل الأممي أن ينخفض عدد المديريات المصنفة في المرحلة 4 من انعدام الأمن الغذائي بنسبة 50 في المائة، من 24 إلى 12 مديرية، فإن عدد السكان في هذه المرحلة سيظل دون تغيير، وذكر أنه وبشكل عام، من المرجح أن تشهد جميع المديريات الـ118 التي تم تحليلها مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد (المرحلة الثالثة أو أعلى) خلال الفترة الحالية وفترة التوقعات.

والتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي هو مبادرة مبتكرة متعددة الشركاء لتحسين تحليل الأمن الغذائي والتغذية واتخاذ القرارات، وباستخدامه، تعمل الحكومات ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والجهات الفاعلة الأخرى ذات الصلة معاً لتحديد شدة وحجم انعدام الأمن الغذائي الحاد والمزمن وحالات سوء التغذية الحاد في بلد ما، وفقاً للمعايير العلمية المعترف بها دولياً.

12 مليون يمني عانوا من مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

وقد تم تطوير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي في الأصل في عام 2004 لاستخدامه في الصومال من قبل وحدة تحليل الأمن الغذائي والتغذية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة.

ومنذ ذلك الحين، تقود شراكة عالمية تضم 15 منظمة تطوير وتنفيذ التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي على المستوى العالمي والإقليمي والقطري.

وبعد أكثر من 10 سنوات من تطبيقه، أثبت التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي أنه أحد أفضل الممارسات في مجال الأمن الغذائي العالمي، ونموذج للتعاون في أكثر من 30 دولة في أمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا.