مسؤولون أميركيون: قاتل الشرطة في دالاس كان يخطط لهجوم أكبر

رئيس الشرطة يدافع عن استخدام قنبلة بالتحكم عن بعد لقتل القناص

رجال الشرطة الفيدرالية يرفعون الأدلة الجنائية من موقع إطلاق النار في دالاس الذي أدى إلى مقتل خمسة ضباط وإصابة تسعة آخرين ومدنيين الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)
رجال الشرطة الفيدرالية يرفعون الأدلة الجنائية من موقع إطلاق النار في دالاس الذي أدى إلى مقتل خمسة ضباط وإصابة تسعة آخرين ومدنيين الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)
TT

مسؤولون أميركيون: قاتل الشرطة في دالاس كان يخطط لهجوم أكبر

رجال الشرطة الفيدرالية يرفعون الأدلة الجنائية من موقع إطلاق النار في دالاس الذي أدى إلى مقتل خمسة ضباط وإصابة تسعة آخرين ومدنيين الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)
رجال الشرطة الفيدرالية يرفعون الأدلة الجنائية من موقع إطلاق النار في دالاس الذي أدى إلى مقتل خمسة ضباط وإصابة تسعة آخرين ومدنيين الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)

دافع ديفيد براون قائد شرطة دالاس، عن قيام الشرطة باستخدام قنبلة يتم التحكم فيها عن بعد، في قتل المشتبه به في حادث إطلاق النار مساء الخميس الماضي. وقال رئيس الشرطة في مؤتمر صحافي ظهر أمس، إن «المشتبه به قام بقتل رجال الشرطة بطريقة دامية، ولو تطلب الأمر مني القيام بذلك مرة أخرى لفعلتها حتى أنقذ أرواح رجال الشرطة» وأوضح أن رجال الشرطة واجهوا خيارا صعبا في تلك الليلة، مع مخاطر إرسال ضباط إلى موقع القاتل دون تعريض حياتهم للخطر، وأشار إلى أنه وافق على استخدام الروبوت لضمان سلامة رجال الشرطة. وأشار براون إلى أن رجال الشرطة وجدوا دماء على الجدران في المرأب الذي احتمي به القاتل، مشيرا إلى أن الدماء تقود للاعتقاد بأن القاتل أصيب على طول الطريق حتى صعوده إلى الطابق الثاني من المرأب.
وأشار قائد الشرطة إلى أهمية السماح بالمظاهرات وحمايتها، باعتبارها أحد الحقوق الدستورية للمواطنين وقال: «لقد أدينا يمينا دستورية لحماية المواطنين وحقهم في الاحتجاج والتظاهر، وسوف نقدم حياتنا في مقابل حمايتهم» وأضاف: «ما نحتاجه فقط هو أن نسمع من المتظاهرين أنهم يقدرون العمل الذي نقوم به، ويقدرون قيامنا بحمايتهم بينما يتظاهرون».
ونفى مسؤولو الشرطة وجود روابط بين القاتل ومجموعة إرهابية أو جماعات متطرفة، وأوضحوا أن الدلائل تشير إلى أنه كان يعمل بمفرده، ولم تكن له أي انتماءات، وفي الوقت نفسه أشار رجال الشرطة إلى أنهم وجدوا ترسانة كبيرة من البنادق والذخيرة والمواد المتفجرة في بيت القاتل، ما يشير إلى أنه كان يخطط للقيام بتفجيرات.
وقال قائد الشرطة: «نحن على قناعة بأن المتهم قد كانت لديه خطط أخرى، وأنه كان على وشك استهداف رجال تنفيذ القانون».
وقد شهدت مدينة دالاس مساء الخميس الماضي، أسوأ حادث لإطلاق النار ضد رجال الشرطة، حيث قام ميخا جونسون (25 عاما) بقتل 5 ضباط وإصابة 9 آخرين ومدنيين، خلال مظاهرة احتجاج على مقتل اثنين من السود على يد الشرطة في ولايتي لويزيانا ومنيسوتا.
واستمرت الاحتجاجات ضد الأساليب التي تنتهجها الشرطة الأميركية، الأحد، لليوم الثالث على التوالي، مع اعتقال عشرات في باتون روج بولاية لويزيانا، بعد أن حذرت السلطات بأنها لن تسمح بالعنف خلال الاحتجاجات على قتل الشرطة رجلين من السود الأسبوع الماضي.
وقال ديفيد براون قائد شرطة دالاس، لمحطة «سي إن إن» أول من أمس، إن جونسون، وهو جندي سابق في الجيش، أقدم على قتل أفراد الشرطة خلال مظاهرة يوم الخميس، دون إعداد مسبق، متبعا أسلوب إطلاق النار والانتقال سريعا لمكان آخر بغرض تشتيت الانتباه وعدم معرفة مصدر إطلاق النار. وكان يوم الخميس أكثر الأيام دموية في تاريخ قوات الأمن الأميركية منذ هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001.
وأضاف براون أن تفتيشا لمنزل جونسون كشف أن المسلح تدرب على استخدام المتفجرات، وأن أدلة تشير إلى أنه كان يريد استخدامها ضد أفراد من الشرطة.
وقال براون: «نحن مقتنعون بأن المشتبه به كانت لديه مخططات أخرى»، مضيفا أن مقتل اثنين من السود الأسبوع الماضي على يد الشرطة في منيسوتا ولويزيانا، دفع المهاجم البالغ من العمر 25 عاما إلى الإسراع في تنفيذ هجومه.
واستغل جونسون - وهو جندي سابق في الجيش خدم في أفغانستان، وهو من أصل أفريقي - مسيرة عفوية بدأت في نهاية احتجاج على قتل الشرطة للرجلين السود، وتحرك متقدما عن المسيرة ثم توقف عندما وجد فرصة لاتخاذ وضع يتيح له استهداف قوات الشرطة.
وقال براون إن جونسون غنى وضحك وسخر من أفراد الشرطة، وقال لهم إنه يرغب في «قتل البيض» ثأرا لقتل الشرطة للسود، قبل أن ترسل الشرطة إنسانا آليا يحمل قنبلة لقتله. وأضاف براون: «بدا مسيطرا بشكل كبير على الوضع، ومصرا بشدة على إيذاء أفراد آخرين من الشرطة».
وقال براون إن الشرطة أخذت على حين غرة يوم الخميس، عندما بدأ المحتجون في السير بعيدا عن موقع المظاهرات الأصلي، ليصبحوا عرضة لنيران القناص بينما كانوا يسارعون لإغلاق مفارق الطرق.
وساعد التدريب العسكري لجونسون في قيامه بإطلاق النار بشكل سريع، والانتقال إلى مواقع أخرى بمفرده وإطلاق مزيد من الأعيرة النارية، لدرجة جعلت الشرطة تعتقد في البداية أن هناك أكثر من مهاجم.
ودافع براون عن قرار استخدام إنسان آلي لقتله، وقال إن قنبلة زنة رطل واحد تقريبا من مادة «سي 4» كانت مثبتة في الإنسان الآلي.
وأضاف أن جونسون كتب حرفي «آر بي» بدمائه على جدار قبل أن يموت، وقال: «نحن نحاول معرفة معناها من خلال البحث في الأغراض التي في منزله».
ولم ترد وزارة الدفاع الأميركية، والمحامي الذي قام من قبل بالدفاع عن جونسون، على طلب تقديم معلومات بشأن سجل خدمته العسكرية، والظروف التي تم فيها تسريحه من الخدمة.
وعلى الرغم من أن مسؤولين وناشطين أدانوا عمليات إطلاق النار، وعبروا عن حزنهم على مقتل أفراد الشرطة، فإن عشرات الأشخاص قد اعتقلوا يومي السبت والأحد، مع انطلاق احتجاجات جديدة في المدن الأميركية ضد استخدام الشرطة للقوة المفرطة.
ووقعت مواجهات بين المحتجين وأفراد شرطة يرتدون أقنعة واقية من الغاز، مساء الأحد في باتون روج. وذكرت وسائل إعلام نقلا عن شرطة المدينة أن 48 شخصا على الأقل احتجزوا بعد أن اشتبك المتظاهرون مع الشرطة، في أعقاب مسيرة سلمية لمقر برلمان الولاية.
وأصيب 21 من أفراد الشرطة خلال مظاهرات في سان باول بولاية منيسوتا، حيث تعرضوا للرشق بالحجارة والزجاجات ومواد البناء والألعاب النارية.
ونبهت 3 دول مواطنيها بأن عليهم توخي الحذر عند زيارة المدن الأميركية التي تشهد احتجاجات.
وحذر الرئيس الأميركي باراك أوباما، أثناء زيارته لمدريد ضمن جولة أوروبية، من أن الهجمات ضد الشرطة ستضر بحركة «بلاك لايفز ماتر»، وهي حركة حقوق مدنية نشأت بعد حوادث قتل الشرطة لأميركيين من أصل أفريقي، لكنها انتقدت بسبب تصريحات حادة اللهجة بثتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي ضد الشرطة، وجاء بعضها متعاطفا مع جونسون.
وكان مسؤولو شرطة دالاس قد أشاروا إلى أن القاتل ميخا جونسون كان يخطط لهجوم أكبر، وعثر في منزله على ترسانة ضخمة من الأسلحة والمواد المتفجرة، تكفي لإلحاق ضرر أكبر بكثير.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.