خطة تجنيس السوريين في تركيا تفجر الانقسامات.. سياسيًا وشعبيًا

اتهامات لإردوغان بتوظيف قضيتهم لصالح «العدالة والتنمية»

سوريون في حي الفاتح بمدينة إسطنبول بتركيا وتظهر بعض المحلات التجارية بأحرف عربية (أ.ف.ب)
سوريون في حي الفاتح بمدينة إسطنبول بتركيا وتظهر بعض المحلات التجارية بأحرف عربية (أ.ف.ب)
TT

خطة تجنيس السوريين في تركيا تفجر الانقسامات.. سياسيًا وشعبيًا

سوريون في حي الفاتح بمدينة إسطنبول بتركيا وتظهر بعض المحلات التجارية بأحرف عربية (أ.ف.ب)
سوريون في حي الفاتح بمدينة إسطنبول بتركيا وتظهر بعض المحلات التجارية بأحرف عربية (أ.ف.ب)

فيما تتواصل حالة الجدل حول إعلان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان منح الجنسية التركية للسوريين وانتقادات المعارضة للقرار ووصفها له بأنها محاولة لتجييش مزيد من الناخبين لصالح حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، دافع إردوغان عن اقتراحه بتوطين عدد كبير من اللاجئين السوريين في تركيا بعدما أثار جدلا كبيرا.
ونقلت وسائل الإعلام التركية عن إردوغان أمس، اقتراحه بأن يتمكن السوريون من الاستفادة من ازدواج الجنسية والبقاء في تركيا بعد انتهاء الحرب الأهلية في بلادهم. وتساءل «هل هو شرط أن يعود حاملو الجنسية المزدوجة إلى بلدهم الأم؟». وأعطى مثالا على ذلك بعشرات الآلاف من العمال الأتراك الذين ذهبوا إلى ألمانيا في أوائل الستينيات من القرن الماضي، قائلا إن «أحدا لم يسألهم ما إذا كانوا سيعودون إلى تركيا أم لا».
وفي محاولة لتهدئة المخاوف داخل تركيا حول مشروع لم تتضح معالمه بعدـ أكد إردوغان أن لدى بلاده مساحة كبيرة بما يكفي لاستيعاب السوريين، بحسب ما ذكرت صحيفة «حرييت».
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الصحيفة أن إردوغان قال: «لا شيء نخشاه. هذا البلد موطن لأكثر من 79 مليون نسمة يعيشون على مساحة 780 ألف كيلومتر مربع»، مشيرا في المقابل إلى أن «85 مليونا يعيشون في ألمانيا على مساحة أصغر بمرتين».
واقترح إردوغان تحديدا استيعاب السوريين في مساكن فارغة بنتها الإدارة العامة للمساكن الجماعية في تركيا (توكي).
وأعلن إردوغان في الثاني من يوليو (تموز) الحالي أن الحكومة التركية تعمل على مشروع من شأنه السماح في نهاية المطاف للراغبين من اللاجئين السوريين الحصول على الجنسية التركية، وإن كان قد حدده بمن يستطيعون الإسهام في نهضة وتطوير تركيا من العقول والخبرات والكفاءات الموجودة بين السوريين.
ولجأ إلى تركيا نحو 2.7 مليون سوري منذ بداية النزاع في بلادهم في 2011 ولا يعيش سوى 10 في المائة منهم في مخيمات قريبة من الحدود، أما الباقون على مختلف انتماءاتهم الاجتماعية فيعانون من أجل الاندماج في المجتمع وفي سوق العمل.
وقال المتحدث باسم الحكومة التركية نائب رئيس الوزراء نعمان كورتولموش أمس، إن المشروع الذي اقترحه الرئيس التركي لم توضع عليه اللمسات الأخيرة بعد.
وبحسب صحيفة «خبر تورك» التركية أثار مشروع إردوغان الذي قد يشمل توطين 300 ألف سوري موجة انتقادات على شبكات التواصل الاجتماعي.
فبعد وقت قصير من إعلان إردوغان خطته لمنح الجنسية التركية للسوريين، وجهت الاتهامات له باستغلال الأزمة الإنسانية للاجئين لتحقيق مكاسب سياسية مستقبلا.
وأثارت تصريحات إردوغان عن تجنيس نحو 300 ألف لاجئ سوري كمرحلة أولى من أصل ما يقترب من 3 ملايين يعيشون في تركيا، موجة من الجدل داخل الأوساط الشعبية والسياسية في تركيا. وبعد أن قال إردوغان الأسبوع الماضي للصحافيين إن «الدول الغربية تفتح أبوابها لمثل هؤلاء الأفراد الموهوبين وليس لدى هؤلاء أي خيار سوى الذهاب للغرب عندما لا نفتح لهم أبواب المواطنة. نود أن ننتفع من علمهم». ردت أحزاب الشعب الجمهوري والشعوب الديمقراطي والحركة القومية برفضها للخطة، مؤكدة أن الهدف منها هو تجنيس السوريين لزيادة أصوات العدالة والتنمية في الانتخابات المقبلة.
وقال رئيس حزب الشعب ‏الجمهوري كمال كليتتشدار أوغلو إنها «مسألة خطيرة تظهر الطريقة التي يتم بها ‏حكم تركيا. هدف هذه الخطوة ليس إنسانيا، بل إنها تهدف إلى تحقيق ميزة لحزب ‏العدالة والتنمية الحاكم».
وفي السياق ذاته، قال النائب المعارض والي أغبابا من حزب الشعب الجمهوري: «من الواضح أن الحزب الحاكم ليس مهتما بمستقبل هؤلاء الناس، بل هو مهتم بالمكاسب السياسية التي قد يجنيها» في الانتخابات المقبلة المقررة عام 2019.
ورأى محمد جونال النائب عن حزب الحركة القومية أن خطة إردوغان لتجنيس السوريين ستشجعهم على عدم العودة إلى بلادهم إذا استقرت أوضاعها، وستجعلهم يتمسكون بالبقاء في تركيا كمواطنين، معتبرا أنها خطة سياسية في الأساس من جانب إردوغان لزيادة أصوات حزب العدالة والتنمية في الانتخابات.
وحذر النائب عن حزب الشعوب الديمقراطي إيهان بلجين من أن «إيجاد ناخبين جدد على أساس القوة ‏العاملة الرخيصة سيزيد من التحيز ضد اللاجئين وجرائم الكراهية ما سيؤدي إلى تغيير ‏حاسم في معدلات التمثيل».
وظهر أن إعلان خطة تجنيس السوريين أفرزت موجة من الكراهية ضد السوريين في تركيا، قبل البدء في أي إجراء يتعلق بها، واتضح ذلك في حوادث غريبة كان آخرها مقتل سوري وتركي في شجار بمدينة كونيا إحدى أهدأ المدن التركية وأكثرها محافظة في الوقت نفسه بسبب قتل سوريين لكلب في أحد الشوارع.
وانتشر على «تويتر» وسم «لا أريد سوريين في بلادي»، الرافض لخطة الرئيس التركي لتجنيس السوريين.
وقال مغردون أتراك إن «تركيا ليست معسكرا للاجئين»، محذرين من ارتفاع نسبة البطالة التي تبلغ حاليا 10 في المائة في تركيا، وسط مخاوف من قلاقل إثنية أو دينية على طريق التنافس على فرص العمل.
ويعيش نحو 260 ألف سوري فقط في مخيمات تديرها الحكومة التركية، بينما يعيش باقي السوريين في مدن بجميع أنحاء البلاد، التي يسكنها 79 مليون نسمة.
ورحب المثقفون السوريون بخطة إردوغان التي تستهدف في الأساس أصحاب المواهب وحملة المؤهلات العليا، وقال المخرج السوري فراس فياض الذي استطاع الفرار من الحرب في بلاده بعد أن قبض عليه مرتين، إن خطة إردوغان خطة عبقرية وإننا سنكون سعداء بأن نكون مواطنين في دولة قوية مثل تركيا.
من جانبه، أكد وزير الجمارك والتجارة التركي بولنت توفنكجي أمس، عدم وجود رقم معين لعدد السوريين الذين من الممكن منحهم الجنسية التركية، مشيرًا إلى أن التركيز في عملية التجنيس يتم في هذه المرحلة على الأشخاص من ذوي الكفاءات وغير المتورطين بجرائم.
وأضاف أن بإمكان أي سوري الحصول على الجنسية التركية في حال استيفائه المعايير والشروط المحددة.
وبين الوزير التركي أن الحكومة عاقدة العزم على تفعيل آلية منح السوريين الجنسية، للمساهمة في دخول أصحاب الكفاءات منهم إلى سوق العمل، وتعزيز اعتمادهم على أنفسهم، وبالتالي إشراكهم في المساهمة بالاقتصاد التركي، انطلاقًا من تصريحات الرئيس رجب طيب إردوغان بهذا الصدد.
وفي رده على انتقادات المعارضة، أكد توفنكجي «ضرورة النظر إلى السوريين الذين سيتم تجنيسهم على أنهم قيمة مضافة ستسهم في الاقتصاد والقوى العاملة»، مشددًا على أهمية تجنب عمليات توجيه الرأي العام «القبيحة وغير الواقعية»، التي تسعى لإظهار تلك الشريحة من السوريين على أنها «ستسلب قوت يوم الأتراك». ولفت إلى أن المعارضة التركية لم تقدم أي مقترح بنّاء فيما يتعلق بوضع السوريين في تركيا، مؤكّدًا ضرورة ألا تكون هناك أي مفاهيم مغلوطة بخصوص حصول السوريين على الجنسية.
وجاء السوريون في المرتبة الأولى بين من يحصلون على تصاريح العمل في تركيا هذا العام مقارنة بالعام الماضي. وبحسب بيان لوزارة العمل والضمان الاجتماعي في تركيا، تقدم نحو 45 ألف شخص للحصول على تصاريح عمل في غضون الشهور الستة الأخيرة، منحت تصاريح لـ38 ألفا منهم فقط.
وذكر البيان أن السوريين هم الأكثر حصولا على تصاريح العمل، بينما أتى الجورجيون في المرتبة الثانية والأوكرانيون في المرتبة الثالثة، أما القيرغيزيون ففي المرتبة الرابعة.
وبحسب البيان، حصل 5 آلاف و502 سوري على تصاريح عمل من أصل 6 آلاف، بينما 686 لاجئا سوريا تقدموا بطلبات للحصول على تصاريح.



«الوزراء اليمني» يناقش إنقاذ الاقتصاد في اجتماع استثنائي

جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)
جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)
TT

«الوزراء اليمني» يناقش إنقاذ الاقتصاد في اجتماع استثنائي

جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)
جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)

عقدت الحكومة اليمنية في العاصمة المؤقتة عدن، الخميس، اجتماعاً استثنائياً برئاسة رئيس مجلس الوزراء أحمد عوض بن مبارك؛ لمناقشة خطة إنقاذ اقتصادي تتوافق مع أولوية الحكومة وبرنامجها في الإصلاحات، وإنهاء الانقلاب الحوثي، واستكمال استعادة الدولة.

وجاء الاجتماع في وقت يعاني فيه الاقتصاد اليمني ظروفاً خانقة بسبب تراجع الموارد، وتوقف تصدير النفط جراء الهجمات الحوثية على موانئ التصدير وتعثر مسار السلام، إثر تصعيد الانقلابيين بحرياً وإقليمياً.

حزم من الأوراق النقدية اليمنية الجديدة والقديمة في أحد البنوك في عدن (غيتي)

وذكرت المصادر الرسمية أن مجلس الوزراء ناقش في الاجتماع المستجدات الاقتصادية والمالية والنقدية والخدمية والمعيشية، وفي المقدمة تقلبات أسعار الصرف، والتحديات المتصلة بالكهرباء، وتقييم مستوى الخطط الحكومية للتعاطي معها.

واستعرضت الحكومة اليمنية في اجتماعها مشروع خطة الإنقاذ الاقتصادي لإثرائها بالنقاشات والملاحظات؛ لتطويرها ومواءمتها مع البرامج والسياسات الحكومية الجاري تنفيذها في مجال الإصلاحات، تمهيداً لإقرارها ورفعها إلى مجلس القيادة الرئاسي.

ونقلت وكالة «سبأ» الرسمية أن مجلس الوزراء أجرى نقاشاً مستفيضاً لتقييم الخطة، والتي تتوافق في عدد من جوانبها مع المسارات الرئيسية لأولويات الحكومة والمتمثلة في استكمال استعادة الدولة، وإنهاء الانقلاب، وتحقيق السلام، ومكافحة الفساد، وتعزيز الشفافية والمساءلة، إضافة إلى الإصلاح المالي والإداري، وتنمية الموارد الاقتصادية، والتوظيف الأمثل للمساعدات والمنح الخارجية وتوجيهها وفقاً للاحتياجات والأولويات الحكومية.

وبحسب الوكالة، أقرت الحكومة تشكيل لجنة وزارية برئاسة وزير المالية، وعضوية وزراء التخطيط والتعاون الدولي، والصناعة والتجارة، والكهرباء والطاقة، والنقل، والخدمة المدنية والتأمينات، والنفط والمعادن، والبنك المركزي اليمني، والأمانة العامة لمجلس الوزراء، ومكتب رئيس الوزراء، لدراسة الخطة واستيعاب الملاحظات المقدمة عليها، وإعادة عرضها على المجلس خلال أسبوعين من تاريخه للمناقشة واتخاذ ما يلزم.

مواءمة الخطة

وأفاد الإعلام الرسمي بأن مجلس الوزراء كلف اللجنة الوزارية بمواءمة خطة الإنقاذ مع برنامج الحكومة ومصفوفة الإصلاحات وخطة التعافي الاقتصادي والخطط القطاعية للوزارات، وغيرها من السياسات التي تعمل عليها الحكومة، وتحديد الأولويات، وما تم إنجازه، ومتطلبات تنفيذ الخطة، والخروج بوثيقة اقتصادية موحدة يتم الاستناد إليها في عمل الدولة والحكومة، بحسب الأولويات العاجلة.

رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وشدد مجلس الوزراء اليمني على تحديد التحديات بما يتناسب مع الواقع والمتغيرات، وسبل معالجتها بطريقة مناسبة والمسؤولية التشاركية والواجبات بين الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي.

وركزت نقاشات الحكومة على أهمية مراعاة الخطة لمسببات الوضع الاقتصادي الكارثي الذي فاقمته هجمات الحوثيين على المنشآت النفطية وخطوط الملاحة الدولية، وتحديد جوانب الدعم المطلوبة من شركاء اليمن في التنمية من الدول والمنظمات المانحة.

وأكد اجتماع الحكومة اليمنية تحديد السياسات التي تم تنفيذها والجاري العمل عليها، والتي تضمنتها الخطة، والتحديات والمعوقات التي حالت دون تنفيذ بعضها، ومقترحات المعالجة.

نقص الوقود

اطلع مجلس الوزراء اليمني في اجتماعه على تقارير من الوزراء المعنيين، حول الإشكالات القائمة في تزويد محطات الكهرباء بالوقود في العاصمة المؤقتة عدن، والجهود المبذولة لتجاوزها، والإجراءات العاجلة لوضع الحلول لتحقيق الاستقرار النسبي في خدمة الكهرباء، واستمرار إمدادات المياه للمواطنين.

وطبقاً للإعلام الرسمي، تم التأكيد بهذا الخصوص على توفير كميات إسعافية من الوقود لمحطات الكهرباء، وعلى العمل لتأمين كميات أخرى إضافية لضمان استقرار الخدمة.

الحكومة اليمنية تعاني تدهوراً حاداً في الاقتصاد بسبب نقص الموارد وتوقف تصدير النفط (سبأ)

كما وجه الاجتماع الحكومي وزيري المياه والكهرباء بالتنسيق لتأمين احتياجات تشغيل آبار المياه، من الكهرباء والوقود اللازم لاستمرار الضخ، وتفادي توقف إمدادات المياه للسكان في عدن.

وإلى ذلك، استمع مجلس الوزراء اليمني إلى إحاطات حول نتائج حملات ضبط محلات الصرافة المخالفة والمضاربين بالعملة في عدن والمحافظات المحررة، وضبط أسعار السلع والمتلاعبين بالأسعار، وشدد على مواصلة الحملات والتنسيق بين الجهات الأمنية والسلطات العدلية المختصة في هذا الجانب، طبقاً لما أورده الإعلام الرسمي.