المعارضة السورية ترفض أي توجه للقبول ببقاء بشار الأسد لفترة انتقالية

ماخوس: تشكيل حكومة جديدة واجتماع للائتلاف بإسطنبول وآخر للهيئة العليا بالرياض لمتابعة المستجدات

المعارضة السورية ترفض أي توجه للقبول ببقاء بشار الأسد لفترة انتقالية
TT

المعارضة السورية ترفض أي توجه للقبول ببقاء بشار الأسد لفترة انتقالية

المعارضة السورية ترفض أي توجه للقبول ببقاء بشار الأسد لفترة انتقالية

رفضت المعارضة السورية أي توجه للقبول ببقاء بشار الأسد لفترة انتقالية ولو قصيرة، في وقت تجري فيه الاستعدادات حاليا لعقد اجتماعين، أحدهما للهيئة العامة للائتلاف بإسطنبول يومي 11 و12 من يوليو (تموز) الحالي، والثاني للهيئة العليا للتفاوض في الرياض يوم 15 من الشهر الحالي، في ظل النظر في تشكيل حكومة جديدة بعد استقالة أحمد طعمة عن رئاسة الحكومة، وتكليف جواد أبو حطب محله، ومناقشة تشكيلة وزارية للحكومة الجديدة.
وقال الدكتور منذر ماخوس سفير الائتلاف السوري في باريس، عضو الهيئة العليا للمفاوضات والوفد المفاوض، لـ«الشرق الأوسط»: «مسألة اتجاه أنقرة للقبول ببقاء الأسد لفترة انتقالية قصيرة، كلام أثير في الإعلام فقط ولكن لم نلمس منه تصريحا رسميا يؤكد وجهة نظر الحكومة التركية في هذا الصدد، فليس هناك ما يؤكد بالفعل أن أنقرة تقبل ببقاء الأسد في مرحلة ما من المرحلة الانتقالية، لذلك سيكون من غير المنصف التعليق على تصريح غير مؤكد رسميا».
واستدرك ماخوس، أنه من حيث المبدأ فإن موقف المعارضة المهيكلة رسميا والأكثر وزنا في الساحة، أنها لن تقبل ببقاء بشار الأسد بعد بدء المرحلة الانتقالية، مشيرا على وجه التحديد إلى الائتلاف السوري والهيئة العليا للتفاوض، وأن لهما موقفا ثابتا لن يتغير على الإطلاق مهما كانت الظروف والمحددات والمستجدات.
وأضاف: «إذا كانت هناك مقاربات دولية اليوم، وأن الأمور السياسية في العالم تتغير كيفما كانت، يمكن القول إنه صحيح أن هناك إعادة تموضع وتغير في اللاعبين في المنطقة، ولكن هذه المواضيع، خصوصا الموضوع الذي يتعلق ببشار الأسد هو الأكثر حدة من حيث إن المعارضة لن تقبل بموقع له في مستقبل سوريا على الإطلاق، أيا كانت المقاربات الأخرى».
وتابع ماخوس: «مع أن كل بلد لديه مقاربات تناسبه، ولكن أكرر أن الحديث الإعلامي حول اتجاه أنقرة بالقبول بإبقاء الأسد لفترة انتقالية قصيرة، ليس على الأقل رسميا، وهو يحتمل أن يكون كذلك أو يكون غير ذلك، ومن المبكر التعليق على تصريح لم يؤكد رسميته».
وعلى صعيد واقع نشاط المعارضة هذه الأيام، أوضح ماخوس، أنه يجرى حاليا للتحضير لاجتماعين مهمين، في الأيام القليلة المقبلة، حيث من المتوقع انعقاد اجتماع للهيئة العامة للائتلاف في إسطنبول يوم الحادي عشر والثاني عشر من هذا الشهر وهو اجتماع دوري يعقد شهريا، مؤكدا أنه يعاد، من ناحية، قراءة الموقف السياسي السوري في كل مرة، على ضوء التطورات التي حدثت بين اجتماعين. ومن ناحية أخرى، والحديث لماخوس، هناك أجندة على جدول أعمال الائتلاف والهيئة، وهي النظر في تشكيل حكومة جديدة بعد استقالة أحمد طعمة عن رئاسة الحكومة، حيث كلف جواد أبو حطب ليحل محله، وسيتم مناقشة تشكيلة جديدة يقدمها أبو حطب للمواقع الوزارية، مشيرا إلى أنها حكومة مختصرة لا تشمل كل القطاعات المعروفة في التشكيلات الكلاسيكية، مشيرا إلى أن الوزراء المقترحين سيتم مناقشة أمرهم حول برنامج عملهم وحول مسيرتهم السياسية وغير ذلك.
ووفق ماخوس، يعقب اجتماع إسطنبول، بيومين مباشرة، اجتماع آخر للهيئة العليا للتفاوض في الرياض سيعقد في الخامس عشر من هذا الشهر، مشيرا إلى أن المسائل السياسية حاضرة بامتياز، خصوصا الأمور التي تتعلق بالتطورات الأخيرة في السياحة السورية والإقليمية والدولية.
وقال: «هناك تطورات لافتة بعد تعليق المفاوضات منذ نحو شهر ونصف، اليوم هناك محاولة ومشروع من قبل ستيفان دي مستورا المبعوث الأممي لدى سوريا، على أن تعود هذه المفاوضات مرة أخرى، حيث تتم في موعد ما في نهاية هذا الشهر أو مطلع الشهر المقبل»، مشيرا إلى أن هذا الموضوع سيكون أيضا محل نقاش للتأكد ما إن انتفت الأسباب التي تم تعليق المفاوضات من أجلها، وهل هناك تقدم حقيقي على الأرض بما يسمح باستمرار عملية تفاوضية في الأفق لإحداث انتقال سياسي.
ولفت إلى هذا موضوع قديم متجدد ولكن سيتم البت فيه، في اجتماع الرياض، في الخامس عشر من هذا الشهر، لاتخاذ قرار حول التطور السياسي من ناحية، ومن ناحية أخرى تأكيد ما وصلت إليه الأمور الداخلية المتعلقة بالهيئة العليا للتفاوض، مشيرا إلى أن هذه تمثل المحطات الجديدة التي تنسجم تماما مع التطورات الأخيرة وتشكل إجابة للاستفهامات المطروحة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.