«الأوقاف» المصرية تطالب بمحاصرة كتائب التنظيمات الإرهابية على «فيسبوك» و«تويتر»

حذرت من استخدام مواقع التواصل للتحريض على العنف

«الأوقاف» المصرية تطالب بمحاصرة كتائب التنظيمات الإرهابية على «فيسبوك» و«تويتر»
TT

«الأوقاف» المصرية تطالب بمحاصرة كتائب التنظيمات الإرهابية على «فيسبوك» و«تويتر»

«الأوقاف» المصرية تطالب بمحاصرة كتائب التنظيمات الإرهابية على «فيسبوك» و«تويتر»

طالبت وزارة الأوقاف المصرية أمس بتغليظ العقوبة على جرائم النشر الإلكتروني لمواجهة ما يعرف بالميليشيات والكتائب الإلكترونية للجماعة والتنظيمات الإرهابية التي تهدد أمن الدول واستقرارها، وتشوه عن عمد رموزها الوطنية، فضلاً عن تعمدها التهكم والسخرية من أنظمة الدول لجذب العامة ولفت أنظارهم.
وبينما قالت الأوقاف إن «الجماعات الإرهابية تحرف القول والكلم عن مواضعه، وتلوي أعناق النصوص الدينية، بما يخدم أفكارها التنظيمية وفكرها المتطرف»، أكد مصدر مسؤول في الأوقاف أن «مواقع التواصل الاجتماعي باتت وسيلة مهمة لتنظيم «داعش» الإرهابي لتجنيد أتباع جدد حول العالم خاصة من الشباب، ووسيلة مهمة لجماعة الإخوان الإرهابية لنشر الأكاذيب التي تثير البلبلة من وقت لآخر في مصر».
وفي مايو (أيار) الماضي وافقت لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس النواب المصري على اقتراح بمشروع قانون بشأن مكافحة الجريمة الإلكترونية، وينص القانون المقترح على العقاب بالحبس والغرامة لكل من دخل عمدًا بغير وجه حق نظامًا معلوماتيا مع تشديد العقوبة إذا وقعت تلك الجريمة على موقع أو نظام معلوماتي يخص الدولة، فضلاً عن أحقية جهات التحري والتحقيق في أن تتخذ كل الإجراءات القانونية لحجب أي مواقع تقوم ببث أخبار أو معلومات أو شائعات تهدد الأمن القومي، سواء كانت ثبث من داخل مصر، أو من خارجها.
وسبق أن قرر مجلس الوزراء المصري في فبراير (شباط) عام 2015 تشكيل لجنة لإعداد مشروع قانون لمكافحة جرائم تقنية المعلومات؛ لكن لم يصدر القانون حتى الآن.
وحذر وزير الأوقاف المصري الدكتور محمد مختار جمعة من استخدام الجماعات الإرهابية لمواقع التواصل الاجتماعي في التحريض على العنف والتطرف، والدعوة صراحة إلى هدم الدولة المصرية والمؤسسات، كما أنها تفتعل كثيرًا من الأزمات لهدم كيان الدولة، وخدمة أغراض أعدائها في عمالة وخيانة ونفعية مقيتة، بما يشكل خطرًا داهمًا على الشباب وعلى النسيج المجتمعي واللحمة الوطنية.
وأوضح وزير الأوقاف في بيان له أمس، أن بعض المواقع والصفحات ما زالت تنقل أو تتناقل بيانات الجماعة الإرهابية المحرضة ورسائلها الموجهة، كما لا تزال صفحات عناصر جماعة الإخوان الإرهابية تبث أحقادها وسمومها في المجتمع وتعمل على تجنيد عناصر جديدة، ولم شمل عناصرها القديمة عبر صفحاتها «وجروباتها» وتكتلاتها الإلكترونية، ما يعد خطرًا داهمًا يجب التنبيه إليه، والعمل على سرعة القضاء عليه بكل شدة وحسم، ودون تردد أو تأخير.
وطالب الوزير جمعة بمحاصرة الكتائب الإلكترونية للجماعات الإرهابية وعناصرها على كل المستويات الدينية والثقافية والإعلامية، من أجل كشف زيفها وضلالها وإضلالها وفسادها وخيانتها وعمالتها وخطرها على المجتمع بأثره، والأخذ على أيديها بقوة، وتطبيق القانون عليها بحسم، مع التأكيد الدائم على أن هؤلاء المجرمين لا علاقة لهم بالإسلام؛ بل إنهم يمثلون عبئا ثقيلا على الإسلام والمسلمين.
ويؤكد مراقبون أن «داعش» يمتلك أكثر من 90 ألف صفحة على موقعي التواصل «فيسبوك» و«تويتر»، وأن التنظيم ينشر ما يقرب من 250 ألف تغريدة على مواقع التواصل الاجتماعي يوميًا لتوصيل رسالة بأن عدد الداعمين لأفكاره في تزايد مستمر.
من جهته، بين وزير الأوقاف المصري أن الميليشيات والكتائب الإلكترونية للجماعة الإرهابية تبذل كل طاقتها، وتنشط نشاطا ملحوظا على مواقع التواصل، وفي شراء مساحات واسعة بها، وبكثير من وسائل الإعلام العالمية بتمويلات مشبوهة من دول ومؤسسات رعاية للإرهاب ودعمه وإيوائه، وذلك بعد أن نفد رصيدها في الشارع (أي جماعة الإخوان)، وسقطت سقوطا سياسيا ومجتمعيا وأخلاقيا ذريعا.
وأشار المصدر المسؤول في الأوقاف إلى أن «الأساليب التي تقوم بها الجماعات والتنظيمات الإرهابية لتنفيذ عمليات الإرهاب الإلكتروني لا تكون فقط بجذب الشباب لأفكارها المتطرفة، لكن باستهداف الحاسبات الآلية وأنظمة المعلومات والاتصالات بأنواعها في الدول لتنفيذ عمليات إرهابية في الكثير من الدول»، لافتًا إلى أن أشكال الإرهاب الإلكتروني يتمثل في التجسس الإلكتروني والاختراقات أو القرصنة على المواقع الحيوية للمُنشآت والمؤسسات الرسمية في المجتمعات المختلفة، والتجنيد الإلكتروني للشباب والفتيات والصغار، من خلال ما يُطلق عليه التلقين الإلكتروني، فضلاً عن التهديد والترويع الإلكتروني بنشر مقاطع الفيديو المصورة التي تجسد أبشع مشاهد القتل والذبح، فضلاً عن بيانات التهديد والوعيد وتبني التفجيرات الإرهابية.
ويرى مراقبون أن التنظيم يمتلك جيشا إلكترونيا لنشر الفيديوهات المصورة والأخبار عبر دول العالم لزيادة شعبيته، خاصة في الدول الأوروبية. ويقول المراقبون إن «داعش» يعتمد بشكل كبير على ما يطلق عليهم «الهاكرز» لاختراق حسابات رواد التواصل الاجتماعي، لجذب المزيد من المتابعين والتأثير فيهم، فضلا عن أن «الهاكرز» يقومون بتصوير الحياة في ظل – مزاعم دولة الخلافة - بأنها حياة طبيعية، متجاهلين فيديوهات القتل والذبح والوحشية التي يرتكبها عناصر التنظيم.
وأكد المصدر المسؤول نفسه في الأوقاف لـ«الشرق الأوسط» أن الوزارة تدعو إلى سرعة سن القوانين والعقوبات على مرتكبي الإرهاب الإلكتروني، ودعم الجهود التشريعية والأمنية في ذلك، بالإضافة إلى ضرورة تصميم الشركات لبرامج حماية ضد تلك الجرائم التي ترتكب وتهدد أمن المجتمعات، إلى جانب أهمية دور الأفراد، وحثهم على استخدام أنظمة الحماية والوقاية لكل الأضرار التي يمكن أن تلحق بأجهزتهم ومؤسساتهم، بمعنى دعم تنمية الوعي الإلكتروني.
في سياق آخر، قال وزير الأوقاف المصري: «لا شك أن الأحداث الأخيرة التي وقعت في المملكة العربية السعودية، ومحاولة ضرب منطقة من أشرف البقاع وأطهرها في العالم كله وهي منطقة الحرم النبوي الشريف، التي لها مكانتها وقداستها وطهارتها في نفوس المسلمين جميعا، بحيث يُعد الاعتداء عليها اعتداء على المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها؛ يؤكد أن هذه الجماعات المارقة قد فقدت كل صوابها واتزانها وإنسانيتها».
وشهدت المملكة العربية السعودية قبل أسبوع أربع عمليات إرهابية انتحارية، استهدفت المكلفين بحماية رواد المسجد النبوي ثاني الحرمين الشريفين، فضلاً عن محاولة فاشلة لتفجير مسجد العمران بالقطيف شرق السعودية.
وقال الوزير المصري، إن «حادث المسجد النبوي تطور نوعي في العمليات الإرهابية لجماعات العنف، والذي كشفت فيه هذه الجماعات المارقة عن بعض الجوانب الخفية من وجهها القبيح»، مضيفا: «لم يعد للجماعات الإرهابية فكر ولا عقل ولا دين ولا خلق ولا إنسانية، وإلا فأين ذلك المسلم الذي يجرؤ حتى أن يفكر في مجرد المساس بحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبجوار روضته الشريفة، ذلك المكان الذي يفتديه المسلمون جميعا بحياتهم وأرواحهم وفلذات أكبادهم، ويبذلون النفس والنفيس ليتنسموا عطر هوائه، ولينهلوا من فيض بركاته ورحماته».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم