البنك الدولي لـ «الشرق الأوسط»: عملياتنا ما زالت معلقة في اليمن

الحكومة تدرس خيارات إنقاذ اقتصادي تضمن عدم انتفاع الحوثيين * رئيس مركز أبحاث يقترح موازنة طوارئ بديلة لـ«المركزي المفلس»

تتفاقم الأزمة الاقتصادية في اليمن منذ استيلاء الانقلاب على السلطة في صنعاء مما حدا بالمنظمات الدولية إلى تعليق أعمالها بسبب انعدام الأمن (رويترز)
تتفاقم الأزمة الاقتصادية في اليمن منذ استيلاء الانقلاب على السلطة في صنعاء مما حدا بالمنظمات الدولية إلى تعليق أعمالها بسبب انعدام الأمن (رويترز)
TT

البنك الدولي لـ «الشرق الأوسط»: عملياتنا ما زالت معلقة في اليمن

تتفاقم الأزمة الاقتصادية في اليمن منذ استيلاء الانقلاب على السلطة في صنعاء مما حدا بالمنظمات الدولية إلى تعليق أعمالها بسبب انعدام الأمن (رويترز)
تتفاقم الأزمة الاقتصادية في اليمن منذ استيلاء الانقلاب على السلطة في صنعاء مما حدا بالمنظمات الدولية إلى تعليق أعمالها بسبب انعدام الأمن (رويترز)

كشف نائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية اليمني عبد الملك المخلافي لـ«الشرق الأوسط»، عن تحرك تجريه الحكومة اليمنية لدراسة عدة خيارات إنقاذ اقتصادية لليمن.
وقال المخلافي إنه ناقش مع محافظ البنك المركزي الذي وصل إلى الرياض حديثا، الوضع الاقتصادي، إضافة إلى التواصل مع البنك الدولي والمجموعة الراعية، والاتحاد الأوروبي.
وأضاف المخلافي: «بعد عبث الميليشيا وتنفيذه عمليات نهب والسطو على الاحتياطي المركزي... نسعى لضمان ألا تصل المساعدات إلى الانقلابيين ليزودوا إعانتهم الحربية، كما حدث في الفترة الماضية تحت ذريعة الهدنة الاقتصادية».
وعن امتعاض الحكومة اليمنية من تعامل صندوق النقد مع الحوثيين، ذكر الوزير المخلافي، أنه في الآونة الأخيرة بدأ العالم يتفهم الوضع الاقتصادي وعبث الميليشيا، وقال إن الحكومة ستمارس حقها في اتخاذ جميع الإجراءات التي تضمن عدم تزويد الانقلابيين بالمال، وفي الوقت نفسه دفع الاقتصاد الوطني ليكون في حالة مستقرة وعدم التدهور أكثر مما هو عليه الآن، مع ضمان تدفق الأموال وصرفها على المستحقين، بما في ذلك صرف الأجور على العاملين في جميع المناطق.
وتعمل الحكومة في جميع الاتجاهات، من ذلك لقاؤها بحسب الوزير المخلافي، مع مجموعة من رجال الأعمال المحليين والخليجيين، وذلك بهدف إيجاد إطار وأرضية لدعم الاقتصاد اليمني، كما أن الحكومة المتواجدة في عدن تعمل على تنفيذ جملة من البرامج لخلق الاستقرار في المناطق المحررة، الذي سيساعد على إيجاد المشاريع الاقتصادية. ويستمر تداعي الأوضاع الاقتصادية في اليمن في ظل سيطرة الميليشيات الحوثية على البنك المركزي في صنعاء، فقد أفلس البنك المركزي ولم يتمكن من الإيفاء بالتزاماته في دفع مرتبات موظفي الدولة، بعد أن نهبت الميليشيات مليارات الدولارات من الاحتياطي النقدي للبنك، وفقا للحكومة اليمنية.
من ناحيته، قال متحدث باسم البنك الدولي في اتصال مع «الشرق الأوسط» إن «عمليات البنك لا تزال معلقة في اليمن، في انتظار تحسن الوضع الأمني، مشيرا إلى أمل البنك إلى العودة لليمن بمجرد تحسن الظروف». ولفت المتحدث إلى أن العمليات الوحيدة التي يجريها البنك في البلاد تتمثل في مبادرة برنامج لتحصين الأطفال اليمنيين ضد البوليو، منذ يناير (كانون الثاني) 2016 ويتم تطبيقه بالتعاون مع الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية، إذ تم تطعيم نحو مليون طفل يمني ضد المرض خلال سبعة أشهر.
وكان البنك الدولي قد أغلق مكتبه بمدينة صنعاء مؤقتا في 2015 كإجراء احترازي نتيجة للتغير السريع في الأوضاع الأمنية، منذ استيلاء الحوثيين وانقلابهم على الشرعية، وعقب مراجعة شاملة للأثر الذي أحدثته التطورات السياسية والأمنية التي شهدتها البلاد مؤخرا على برامجه. وقد أدت سلوكيات الميليشيات في ظل الهدنة إلى حرمان عشرات الآلاف من المواطنين من المرتبات. ويرى مختصون اقتصاديون أن الحكومة اليمنية يمكنها السيطرة على السيولة النقدية دون أن تكون في حاجة إلى نقل البنك المركزي إلى عدن أو تغييره ببنك مواز، وهو ما تعترض عليه بعض الدوائر الغربية.
وقال مصطفى نصر، رئيس مركز الإعلام الاقتصادي لـ«الشرق الأوسط»: «إنه عقب عودة الحكومة اليمنية التي يرأسها الدكتور أحمد عبيد بن دغر إلى العاصمة المؤقتة عدن لا بد من التفكير في خطوات لاستعادة السيطرة على الموارد الاقتصادية والبدء بممارسة دورها بصفتها حكومة شرعية». ويطرح نصر عددا من الخطوات المقترحة منها: «إعداد موازنة طوارئ للحكومة واستقطاب الموارد لها سواء من خلال الموارد المحلية التي تحت سيطرة الحكومة أو من خلال دعم دول التحالف»، إضافة إلى «تفعيل فرع البنك المركزي في عدن والمحافظات المحررة وإنشاء وحدات خاصة تمكن التجار والمستوردين من فتح اعتمادات لاستيراد السلع والخدمات بالتعاون مع دول التحالف وعلى رأسها المملكة العربية السعودية»، وكذا «تصدير النفط الموجود في المسيلة بحضرموت ومقداره 3.5 مليون برميل وتحرير رأس عيسى في الحديدة لتصدير النفط».
واعتبر نصر أن الحكومة اليمنية «للأسف الشديد وقعت منذ بداية الأزمة في فخ ما يسمى الهدنة الاقتصادية التي تقتضي حيادية البنك المركزي في صنعاء، الذي تسيطر عليه جماعة الحوثي، كانت تلك الهدنة غير المكتوبة قد تمت الموافقة عليها من قبل الحكومة بضغط من صندوق النقد والبنك الدولي وسفراء الدول الكبرى تحت مبرر الحفاظ على الاقتصاد اليمني من الانهيار»، مشيرا إلى أنه بعد أكثر من عام من سيطرة جماعة الحوثي على المؤسسات الرسمية في صنعاء بما فيها البنك المركزي اليمني تبين أنه تم استنزاف الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية الذي كان بحدود 4.7 مليار دولار ولم يتبقى منه سوي 1.2 مليار دولار، وفقا لتصريحات رئيس الحكومة اليمنية أحمد عبيد بن دغر. واستطرد نصر بالقول إن جماعة الحوثي في مأزق حقيقي حيال الوفاء بالتزامات دفع المرتبات خلال الأشهر المقبلة فالرسوم الضريبية والجمركية تغطي مرتبات ما بين 5 إلى 6 أشهر وفقا للإيرادات الفعلية لعام 2015، والباقي سيتم تغطيته عبر بيع أذون خزانة، لكن هذه لم تعد متاحة بصورة أكبر لأن الدين المحلي وصل إلى 26 مليار دولار، وأيضا كثير من المؤسسات التأمينية وغيرها أصبحت أموالها مجرد أرقام في الحسابات وليست نقدا حقيقيا.
وأردف قائلا: «ستتوقف عن دفع المرتبات وأي نفقات تشغيلية للمحافظات المحررة وهذا يجعلها قادرة على تلبية الاحتياجات الأساسية من المرتبات والنفقات التشغيلية في حدها الأدنى للمناطق التي تسيطر عليها، لا سيما أن المركز المالي المتمثل في البنوك وكبار الشركات هي في صنعاء وتحت سيطرتهم»، مؤكدا أن الحكومة الشرعية أمامها عدة خيارات إذا ما استطاعت إدارة الأزمة بكفاءة.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.