شاشة الناقد

الممثلة الأميركية في لقطة من الفيلم
الممثلة الأميركية في لقطة من الفيلم
TT

شاشة الناقد

الممثلة الأميركية في لقطة من الفيلم
الممثلة الأميركية في لقطة من الفيلم

* وفي {المياه الضحلة} غرق الفيلم .. The Shallows
* إخراج: خوام كوليت ـ سيرا
* أدوار أولى: بلايك لايفلي
* تشويق | 2016
* تقييم الناقد: ** (اثنان من خمسة)
عند مقدّمة الفيلم تجلس بطلة الفيلم (بلايك لايفلي) إلى جانب سائق الشاحنة الصغيرة الذي قادها من الفندق إلى ذلك الساحل المخفي في المكسيك حيث تقضي عطلتها. يتبادلان الحديث. هو بإنجليزية مبعثرة وهي بمكسيكية مكسّرة لكنهما يصلان إلى مقصدهما. أول ما يتبادر لها أن المكان «فردوس»، كما تقول. يوافق الرجل على ذلك ويعتلي شاحنته من جديد رافضًا عرضها بدفع مبلغ له. هو شهم وغير باقي المكسيكيين الذين نراهم في الأفلام الأخرى.
لكن القرش الذي ينتظرها في ذلك الخليج الصغير ذي المياه الضحلة (تم التصوير في بقعة أسترالية في الحقيقة) ليس شهمًا. كغيره من فصيلته. يمني نفسه بوليمة غداء ويحصل عليها أكثر من مرّة.
«المياه الضحلة» هو سيناريو ضحل في الواقع لكن المخرج كوليت - سيرا، الذي تعامل مع مواضيع تشويقية من قبل (مثل «الهروب طوال الليل» و«بلا - توقف» وكلاهما من بطولة ليام نيسون) ينجح في خلق تشويق يتدرج نزولاً صوب مجرد تحريك فضول المشاهد.
إنها من تكساس تدرس الطب وجاءت طلبًا للاستجمام. تجيد رياضة «السيرف» وهذا المكان الخالي من الزحام يبدو لها مكانًا رائعًا. ترمي نفسها فوق اللوحة وبين الأمواج. من بعيد ترى شابان يمارسان الرياضة ذاتها. تلوح بيدها. يتبادل الجميع التحية والتلويح. بعد ذلك يبتعد الشابان أكثر وهذا هو الوقت الذي تكتشف فيها نانسي أن هناك قرشًا أبيض يلاحقها بغية تذوقها. لكن المهاجم يفشل فيما كان من المفترض أن يكون عملا طبيعيًا بالنسبة له وتلجأ مجروحة إلى صخرة صغيرة تجلس فوقها. في هذا الوقت يكون السابحان قد عادا إلى سيارتهما وأقلعا. تصرخ محاولة جذب انتباههما، لكنهما لا ينظران صوبها، ولا حتى من باب إلقاء نظرة أخيرة على جمالها.
هناك قصّة قصيرة عنوانها «النوع الناجي» (Survivor Type) وضعها الروائي ستيفن كينغ سنة 1982 ضمن مجموعة قصص تحت عنوان جامع هو «Terrors» وتنص على أن طبيبًا وجد نفسه وحيدًا فوق صخرة في البحر فاقتات بأكل بعض أطرافه، وذلك مباشرة بعدما كسر كاحله. الفيلم لا يجاري ذلك القدر من بشاعة الموقف، لكن بطلته تدرس الطب وتأوي إلى صخرة وتجرح ساقها. عوض أن تقطع ذلك الجزء كما فعل طبيب كينغ، تأخذ حلقة من حلقتي أذنها توصل بها خيطًا من خيوط البيكيني وتخيط الجرح الغائر. هذا أبشع ما يصل إليه الفيلم. في اليوم التالي سيعود الشابان لمزيد من السباحة. هذه المرة سمكة القرش بالانتظار وتلتهم الواحد تلو الآخر ثم تلتهم رجلاً سكيرًا اكتشف وجود نانسي فهب لنجدتها. والسمكة لا تكتفي فهي لا تزال تحاول التهام نانسي. هل يعقل أن تأكل سمكة قرش أكثر من وجبة في اليوم الواحد؟ لا أدري، لكن الفيلم يسبح في ذلك الخليج وسرعان ما يغرق في مياهه نتيجة سلسلة من الاحتمالات الضعيفة. إلى حد كبير يذكر «مياه ضحلة» بفيلم ستيفن سبيلبرغ «Jaws» حتى وإن لم يكن بطموحه.



شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
TT

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)

RENDEZ‪-‬VOUS AVEC POL‪-‬POT ★★★

* إخراج: ريثي بَنه (فرنسا/ كمبوديا)

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم. ويُذكّر الفيلم أن الصحافة في تاريخها العريق، دائماً ما وجدت نفسها أمام مسؤوليات وتحديات عديدة. في هذا الفيلم الذي أخرجه ريثي بَنه عن الأحداث التي عصفت في بلاده سنة 1978 اقتباسات عن كتاب الصحافية إليزابيث بَكَر (Becker) وعن تجربتها بصفتها واحدة من 3 صحافيين دُعوا لمقابلة بُل بوت، رئيس وزراء كمبوديا وأحد قادة منظمة «الخمير الحمر» (Khmer Rouge) المتهمة بقتل ما لا يقل عن مليون و500 كمبودي خلال السبعينات. الصحافيان الآخران هما الأميركي ريتشارد دودمان، والأسكوتلندي مالكوم كالدويل.

لا يبدو أن المخرج اتّبع خُطى الكتاب كاملةً بل تدخّل بغايةِ ولوج الموضوع من جانب الحدث الذي وضع حياة الثلاثة في خطر بعدما جاءوا للتحقيق ومقابلة بُل بوت. في الواقع دفع الأميركي حياته ثمناً لخروجه عن جدول الأعمال الرسمي والتقاطه صوراً تكشف عن قتلٍ جماعي. وفي الفيلم لحظة مختصرة لكنها قاسية التأثير عندما يَلقى الصحافي حتفه غرقاً في نهر دُفع إليه.

الفرنسية إيرين جاكوب التي تؤدي شخصية الكاتبة بَكَر تُعايش بدورها الوضع بكل مأساته. تُفصل عن زميلها ولم تعد تعرف عنه شيئاً، وتمر بدورها بتجربة مخيفة لم تكن تعلم إذا ما كانت ستخرج منها حية.

في باطن هذا الفيلم الجيد على تواضع إنتاجه، تُطرح أسئلة فيما إذا كان الصحافي يستطيع أن يقبل التحوّل إلى جزءٍ من البروباغاندا. وهل هو أداة لنقل الرأي الرسمي بغياب حرية التعبير؟ وماذا لو فعل ذلك وماذا لو لم يفعل؟

هو ليس بالفيلم السّهل متابعته من دون معرفة ذلك التاريخ ودلالاته حول العلاقة بين النُّظم الفاشية والإعلام. والحرية التي لا تُمنح لصحافيين محليين هي نفسها التي لا تُمنح كذلك للأجانب ما دام عليهم نقل ما يُقال لهم فقط.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

‪THE‬ WRESTLE‪R‬ ★★

* إخراج: إقبال حسين شودهوري (بنغلاديش).

يقترب الرجل المسن موجو (ناصر أودين خان) وسط أشجار ليست بعيدة عن شاطئ البحر وينتقل من واحدة لأخرى ماداً يديه إليها كما لو كان يريد أن يدفعها بعيداً أو أن يُزيحها من مكانها. ومن ثَمّ يتركها ويركض صوب أخرى ليقوم بالفعل نفسه قبل أن يعود إليها. يبعث هذا المشهد على تكراره سخرية غير مقصودة. قد تكون طريقة قديمة لممارسة تمارين المصارعة أو التدريب الوحيد المُتاح في تلك القرية، لكن موجو جادٌ في محاولته لدفع الأشجار إلى الخلف أو تغيير مواقعها، استعداداً لملاقاة مصارع أصغر منه سنّا وأكبر حجماً في المباراة المقبلة.

«المصارع» (أبلبوكس فيلمز)

هناك كثير مما يتأمله المخرج شودهوري بطيئاً قبل تلك المباراة وما بعدها. بعضُ المشاهد لديها نسبة معقولة من الشِّعر الناتج عن تصوير الطبيعة (ماء، أشجار، حياة... إلخ) وبعضها الآخر لا يفضي إلى تقدير خاص. في نصف الساعة الأولى يعكس المخرج شغفاً ما بتصوير شخصياته من الخلف. عندما يتخلى المخرج عن هذه العادة لاحقاً، يستبدل بتلك اللقطات سلسلة من المشاهد البعيدة عن شخصياته في الغالب. هنا يتحسّن تأطير اللقطات على نحوٍ نافع ولو أن شغله على الدراما يبقى غير ذي مكانة.

يطرح الفيلم مشكلة رجلٍ لا يريد الاعتراف بالواقع ويتحدى من هو أكثر قوّة منه. يحقّق طموحه بلقاء المصارع الآخر ويخفق في التغلب عليه. في الواقع يسقط أرضاً مغشياً ومن ثمّ نراه لاحقاً في بيت العائلة قبل أن يعود إلى تلك الأشجار ليصارعها. المخرج (ثاني فيلم له) طموح، لكن أدواته التّعبيرية وإمكانياته التي تفرض نفسها على السيناريو وحجم الفيلم بأسره، محدودة.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

ONE OF THOSE DAYS WHEN HEMME DIES ★★★

* إخراج: مراد فرات أوغلو (تركيا).

قرب نهاية الفيلم يبدأ الشاب أيوب مراجعة ما مرّ به طوال اليوم. لقد انطلق غاضباً من المُشرِف على العمل عندما شتم أمّه. يعمل أيوب في حقلٍ لتجفيف الطاطم. ويعرف المخرج كيف يوظّف المكان، درامياً (سهل منبطح تحت شمس حامية وصعوبة العمل)، وجمالياً (تلك الثمار المقطوعة إلى نصفين والملقاة فوق شراشف على مد النظر).

«أحد تلك الأيام التي مات فيها هيمي» (مهرجان مراكش)

نقطة الخلاف أن أيوب يُطالب بأتعابه، لكن المُشرف على العمل لم يتقاضَ المال بعد ليدفع له، مما يؤجّج غضب أيوب فينشب شجار بينهما. يركب دراجته النارية وينطلق صوب بلدته. في منزله مسدسٌ سيتسلّح به وفي البال أن يعود لينتقم. معظم الفيلم هو رحلة على الدراجة التي تتعطل مرّتين قبل إصلاحها عند المساء. الأحداث التي تقع على الطريق وفي القرية الصغيرة تُزيّن الموضوع بشخصيات تدخل وتخرج من الحدث الرئيسي الماثل. في أحد هذه الأحداث الثانوية يُساعد أيوب رجلاً عجوزاً اشترى بطيخة ولا يستطيع حملها، فيوصله والبطيخة إلى داره. وفي مشهد آخر يستمع لتوبيخ زوج شقيقته لأنه كان عرض عليه العمل في شركته ورفض. لا يقول لنا الفيلم لماذا رفض ما ينتقص من بنية الموضوع وأسباب عزوف أيوب على تنفيذ وعده لنفسه بالانتقام.

اعتمد المخرج هذين المشهدين وسواهما لملء الوقت الممتد بين عزم أيوب على الانتقام وعزوفه عن ذلك. لكنه هذه المشاهد ضرورية رغم أن الفيلم ينتهي من دون أن يبني حجة دامغة لقرار أيوب النهائي. هذا الفيلم دراما مصوّرة جيداً ومكتوبة بدراية، رغم الهفوات المذكورة.

* عروض حالياً في مهرجان «مراكش»

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز