النفط يقترب من جديد لمستوى 50 دولارًا

المعطيات الإيجابية غلبت على أداء المتعاملين

النفط يقترب من جديد لمستوى 50 دولارًا
TT

النفط يقترب من جديد لمستوى 50 دولارًا

النفط يقترب من جديد لمستوى 50 دولارًا

غلبت المعطيات الإيجابية في أسواق النفط، على مثيلتها السلبية لدى المتعاملين الذين تحركوا أمس الخميس نحو الشراء، ليتخطى خام برنت مستوى 49 دولارًا مقتربًا من الـ50 مرة أخرى.
ودعمت تحركات المتعاملين نحو الشراء، انخفاض مخزونات الخام الأميركية وضعف الدولار، واندلاع حريق في مجمع بوعلي سينا للبتروكيماويات في إيران، وهجوم جديد على منشآت نفطية في جنوب نيجيريا؛ في حين تصدرت تخمة المعروض والتباطؤ الاقتصادي العالمي، وآفاق ليبية على إعادة فتح الحقول المغلقة وضخ الخام من جديد، الأخبار السلبية التي من شأنها الضغط على أسعار النفط.
وأظهرت بيانات معهد البترول الأميركي أن المخزونات انخفضت بواقع 6.7 مليون برميل الأسبوع الماضي بما يمثل هبوطًا للأسبوع السابع على التوالي، لتصل إلى 9.520 مليون برميل في الأسبوع الذي انتهى في الأول من يوليو (تموز).
وقال معهد البترول إن مخزونات الخام بنقطة التسليم في كاشينج بولاية أوكلاهوما ارتفعت 80 ألف برميل. وتراجع استهلاك الخام بمصافي التكرير 170 ألف برميل يوميًا، وانخفضت مخزونات البنزين 3.6 مليون برميل، كما هبطت واردات النفط الخام الأميركية الأسبوع الماضي 351 ألف برميل يوميًا إلى 2.7 مليون برميل يوميًا.
ومثّل الحريق الذي شب في مجمع بوعلي سينا للبتروكيماويات في إيران، عامل دفع لصعود الأسعار، رغم أن سرعان ما أعلنت وزارة النفط الإيرانية على موقعها الرسمي على الإنترنت أمس الخميس، السيطرة على الحريق، لكن أنباء أفادت باشتعالها مرة أخرى.
وذكرت وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء (إرنا) أن الحريق اندلع في المجمع الواقع بمدينة بندر ماهشهر بجنوب غربي البلاد يوم الأربعاء من دون حدوث خسائر في الأرواح.
ونقل موقع معلومات وزارة النفط الإيرانية على الإنترنت (شانا) عن مسؤول محلي من إقليم خوزستان الإيراني قوله «تم الحيلولة دون امتداد الحريق إلى وحدات أخرى من المحطة».
على نفس الصعيد، أعلنت مجموعة «منتقمو الدلتا» المتمردة في نيجيريا، مسؤوليتها أمس الخميس عن هجوم جديد على منشآت نفطية في جنوب نيجيريا.
وقد أعلنت المجموعة مسؤوليتها عن الهجمات التي استهدفت خلال الليل منصات التوزيع 22 و23 و24 التي تشغلها شركة شيفرون الأميركية في دلتا النيجر. وقد تعرضت منصتا التوزيع 23 و24 اللتان تصب فيهما أنابيب صغيرة للنفط لهجوم في الأول من يونيو (حزيران)، ثم تم تصليحهما.
ومنصات التوزيع هي منصات تصب فيها أنابيب صغيرة للنفط والغاز قبل تحويلها إلى خطوط توصيل أكبر حجما. وذكر مصدر عسكري أن «الهجوم وقع في منطقة واري واستخدمت فيه عبوة متفجرة تشغل عن بعد».
ومنذ بداية العام، أعلنت المجموعة مسؤوليتها عن عشرات الهجمات على بنى تحتية نفطية وجهت ضربة موجعة إلى القدرات الإنتاجية لنيجيريا، المنتج الأول للنفط في أفريقيا. ويطالب «منتقمو الدلتا» برحيل الشركات النفطية الأجنبية من هذه المنطقة في جنوب نيجيريا، والمحرومة رغم العائدات النفطية. ويطالبون أيضًا بالحكم الذاتي لمنطقة الدلتا.
في المقابل تجددت الآمال بعودة الإنتاج الليبي مرة أخرى لمستويات ما قبل الاضطرابات الحالية، إلا أن هذا من شأنه زيادة المعروض في السوق والضغط على أسعار النفط. إذ قال متحدث باسم قوات حرس المنشآت النفطية الليبية، إنها ستعمل مع المؤسسة الوطنية للنفط التابعة لحكومة الوفاق الوطني وستتخذ الترتيبات اللازمة لإعادة فتح الحقول المغلقة وضخ الخام من جديد.
ويسيطر حرس المنشآت النفطية على ميناءي رأس لانوف والسدرة الكبيرين لتصدير الخام، المغلقين منذ 2014. ولم يكشف المتحدث باسم القوات التي يقودها إبراهيم الجضران أي تفاصيل عما إذا كانت تلك الجهود ستتضمن إعادة فتح المرفأين قريبًا، لكن بدء نقل الشحنات عبر هذين المرفأين من شأنه أن يعيد 600 ألف برميل من الخام يوميًا إلى الطاقة التصديرية.
وأدت هجمات المسلحين والقتال بين الفصائل المتناحرة والضربات إلى بقاء إنتاج ليبيا النفطي عند نحو 350 ألف برميل يوميًا أي أقل من ربع حجم إنتاج البلاد.
وتعمل المؤسسة الوطنية للنفط مع حكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأمم المتحدة والتي يقودها رئيس الوزراء فائز السراج الذي يحاول توحيد الفصائل المتناحرة التي تقاتلت على السيطرة على الموارد النفطية منذ 2014.
وقال المتحدث علي الحاسي إن قائد حرس المنشآت النفطية إبراهيم الجضران أعلن أنه سيتم ضخ الخام قريبًا وأنه سيتم أيضًا إعداد الحقول في منطقة الهلال النفطي لاستئناف العمل، مضيفًا أن الجضران قال: إن حرس المنشآت سيعملون مع المؤسسة الوطنية للنفط التابعة للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني.
وأعلنت المؤسسة الوطنية للنفط هذا الأسبوع أنها ستندمج مع المؤسسة التي كانت تعمل بالموازاة معها في شرق البلاد وهو ما اعتبره محللون خطوة نحو إعادة النظام للقطاع النفطي في البلاد.
ولدى المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس خطة طموحة لإعادة مستويات إنتاج النفط الليبي لمعدلات ما قبل الثورة الليبية، لكن الأضرار التي لحقت بخطوط الأنابيب وأغلقتها لأشهر والتي لحقت بالموانئ التي شهدت معارك قد تستغرق أعواما لإصلاحها بالكامل.
على صعيد آخر نقلت وكالة بلومبرغ عن أربعة مصادر مطلعة أن شركة أكسون موبيل وشركة قطر للبترول تتعاونان في البحث عن فرص للاستثمار في أصول الطاقة في موزمبيق التي شهدت بعض أكبر اكتشافات الغاز الطبيعي.
وذكرت بلومبرغ أن الشركتين تبحثان شراء حصص في حقول الغاز المملوكة لشركتي أناداركو بتروليوم وإيني، لكن لم يتم التوصل بعد إلى اتفاق نهائي في هذا الشأن.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.