أجهزة مزيفة للكشف عن المتفجرات تسببت بمقتل آلاف العراقيين

جهاز البحث عن كرة الغولف باعه بريطاني للعراق بسعر 7 آلاف دولار

عنصر أمن عراقي يستخدم الجهاز المزيف لكشف المتفجرات في أحد شوارع بغداد (أ.ب)
عنصر أمن عراقي يستخدم الجهاز المزيف لكشف المتفجرات في أحد شوارع بغداد (أ.ب)
TT

أجهزة مزيفة للكشف عن المتفجرات تسببت بمقتل آلاف العراقيين

عنصر أمن عراقي يستخدم الجهاز المزيف لكشف المتفجرات في أحد شوارع بغداد (أ.ب)
عنصر أمن عراقي يستخدم الجهاز المزيف لكشف المتفجرات في أحد شوارع بغداد (أ.ب)

تقف طوابير السيارات في بغداد لأوقات طويلة عند مئات من نقاط التفتيش المنتشرة داخل العاصمة العراقية، في ظروف جوية ساخنة، في انتظار أن يفحصها رجل أمن بجهاز أسود صغير ينتهي بهوائي شبيه بهوائي أجهزة الترانزستور، ويفترض أن يكشف عن المتفجرات. وعادة ما يشعر رجال الأمن بالحرج من مواطنيهم وهم يمارسون هذه الحركة وسط نظرات سخرية مكتومة من قبل العراقيين الذين يعرفون، كما يعرف ضباط الأمن، أن هذه الأجهزة مزيفة ولا تكشف عن المتفجرات، بل تتسبب فقط بتأخيرهم وعرقلة المرور.
وسيكون ضباط وعناصر نقاط التفتيش داخل بغداد وخارجها والمواطنون المستفيد الأول من تطبيق قرار رئيس الوزراء حيدر العبادي بعد تفجيرات الكرادة، فجر الأحد، بسحب هذه الأجهزة. وطلب العبادي أيضًا من وزارة الداخلية إعادة فتح التحقيق في صفقات الفساد التي اشتريت بموجبها الأجهزة، وملاحقة جميع الجهات التي ساهمت فيها.
كانت المحكمة العليا البريطانية قد حكمت عام 2013 بالسجن 10 سنوات على جيمس ماكورميك رجل الأعمال البريطاني لبيعه هذه الأجهزة المزيفة إلى العراق ودول أخرى وتعريض حياة الأبرياء للخطر مقابل تحقيق أرباح بقيمة 40 مليون دولار.
الجهاز اسمه «آي دي آي 651»، وهو من تصنيع الشركة البريطانية «آي تي إس سي) التي تدعي أنه يستطيع أن يكشف المتفجرات عن بعد، من دون أن تكون له بطارية أو أي مصدر آخر للطاقة. وتتم عملية الكشف المزعوم عن المتفجرات بتمرير الجهاز بالقرب من السيارة المراد فحصها، فإذا أشار الهوائي بحركة إلى اليمين أو إلى اليسار، فهذا يعني أن هناك متفجرات في السيارة.
وقال ملازم الشرطة إسماعيل حسن الذي كان يقف في إحدى نقاط تفتيش منطقة بغداد الجديدة لـ«الشرق الأوسط»: «منذ أن تسلمنا هذه الأجهزة لم تكشف لنا عن أية متفجرات، بل قمنا بتمرير سيارات تابعة لنا تحمل متفجرات، ولم يكشفها الجهاز، وقد كتبنا عدة تقارير لوزارة الداخلية التي ترغمنا على استخدام الجهاز، وتصر على أهمية استخدامه»، مشيرا إلى أن «المواطنين يعرفون أن هذه الأجهزة فاشلة، ويسخرون منا بصمت، مما يشعرنا بالإحراج».
ويضيف الضابط قائلا: «هناك أشخاص متورطون بصفقة أجهزة كشف المتفجرات المزيفة، ويريدون تبرير وجودها، لهذا يصرون على أن نستخدمها وتعريض حياة الناس لمخاطر التفجيرات».
كانت وزارة الداخلية في حكومة نوري المالكي الأولى قد عقدت صفقة شراء أجهزة كشف المتفجرات بعد تصاعد حدة الهجمات من قبل تنظيم القاعدة وجهات إرهابية أخرى وتصاعد موجة القتل الطائفي، وجاء هذا الجهاز بمثابة الإنقاذ للحكومة لوقف التفجيرات حيث أبرمت صفة الشراء في سبتمبر (أيلول) 2006، في عملية وصفت باعتبارها من أكبر صفقات الفساد في الحكومة وقتذاك، وكان عرابها اللواء جهاد الجابري الذي تم تحميله كامل المسؤولية عن هذه الصفقة، وقد حكم عليه القضاء العراقي لمرتين بالسجن لمدة أربع سنوات، بينما تمت تبرئة صاحب مصرف عراقي ووزراء ومسؤولين كبار في الحكومة آنذاك.
ورغم أن الأجهزة الفنية في وزارة الداخلية أكدت أن الجهاز لا يعمل، فإن وزير الداخلية آنذاك جواد البولاني أصر على أن جهاز كشف المتفجرات يستطيع أن يكشف مشتقات النترات ونترات الأمونيا والديناميت، كما أصر المالكي على أن الجهاز يعمل كي يبعد شبهات الفساد عن حكومته، وأمر باستخدامه.
ويقول المقدم هاشم العاني: «لقد بذلنا جهودا كبيرة لإيقاف استخدام هذا الجهاز المزيف، واعتمدنا تجارب عملية للتأكيد على أنه جهاز كاذب، كما اعتمدنا على تقارير بريطانية رسمية أكدت عدم صلاحية الجهاز ومنعت توريده للعراق، إلا أن رؤوس الفساد انتصرت علينا، وأبقت على الجهاز في الشارع متسببا بقتل عشرات الآلاف من العراقيين الأبرياء». ويضيف العاني قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «إن هذا الجهاز يستخدم للبحث عن كرات الغولف، واشتراه ماكورميك بـ20 دولارا، ثم باعه إلى العراق بسعر 7 آلاف دولار للقطعة الواحدة بعد أن قام بتغليفها على أنها أجهزة للكشف عن المتفجرات»، مشيرا إلى أن «122 مليون دولار من قيمة الصفقة ذهبت كرشى لـ15 مسؤولا عراقيا، حسب ما كشف المفتش العام لوزارة الداخلية آنذاك».
وقال العاني: «إذا أحال العبادي ملف أجهزة الكشف عن المتفجرات إلى التحقيق، فهذا يعني أن رؤوسا كبيرة متورطة في صفقة الفساد هذه ستسقط، بينهم مسؤولون كبار وصاحب مصرف عراقي مول صفقة الشراء مقابل عمولات ضخمة»، مستطردا «بل إن خطوة العبادي بمنع استخدام هذه الأجهزة تعد أقوى مواجهة بينه وبين سلفه المالكي وتحديا له».
وحتى أول من أمس، كانت نقاط التفتيش في جانب الكرخ من بغداد لا تزال تستخدم أجهزة الكشف عن المتفجرات المزيفة، وقال أحد عناصر الأمن: «نحن سمعنا بأوامر العبادي، لكنها لم تصلنا رسميا حتى الآن».



عباس: ينبغي أن تمارس السلطة الفلسطينية ولايتها الكاملة في غزة بما في ذلك معبر رفح

الرئيس الفلسطيني محمود عباس على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)
TT

عباس: ينبغي أن تمارس السلطة الفلسطينية ولايتها الكاملة في غزة بما في ذلك معبر رفح

الرئيس الفلسطيني محمود عباس على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)

استحوذت حرب غزة والقضية الفلسطينية والأزمات المختلفة في عدد من البلدان العربية على حيز واسع من مجريات اليوم الثالث من أعمال الدورة السنوية الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك؛ إذ صعد الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى منبرها للمطالبة بتجميد عضوية إسرائيل في المنظمة الدولية، ووقف تزويدها بالأسلحة، وإرغامها على تنفيذ التزاماتها وقرارات مجلس الأمن.

ودعا الرئيس الفلسطيني، الخميس، المجتمع الدولي إلى وقف تزويد إسرائيل بالأسلحة؛ لمنع إراقة الدماء في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة.

وقال عباس من منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة: «أوقفوا هذه الجريمة، أوقفوها الآن، أوقفوا قتل الأطفال والنساء، أوقفوا حرب الإبادة، أوقفوا إرسال السلاح لإسرائيل».

وأضاف: «إسرائيل دمرت القطاع بالكامل تقريباً، ولم يعد صالحاً للحياة». وأوضح أمام الجمعية العامة التي تضم 193 عضواً: «لا يُمكن لهذا الجنون أن يستمر. إن العالم بأسره يتحمل المسؤولية إزاء ما يجري لشعبنا».

وعرض عباس رؤية لإنهاء الحرب في غزة؛ تتضمن بسط سلطة منظمة «التحرير الفلسطينية» على جميع الأراضي الفلسطينية بما في ذلك غزة. وطالب الرئيس الفلسطيني بأن تمارس السلطات الفلسطينية ولايتها الكاملة في غزة، بما في ذلك على معبر رفح، بوصفه جزءاً من خطة شاملة.

كما قال عباس إن إسرائيل «غير جديرة» بعضوية الأمم المتحدة، مشدداً على أن الدولة العبرية تحدت قرارات المنظمة الدولية ذات الصلة بالصراع.

وأضاف من منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة: «إسرائيل التي ترفض تنفيذ قرارات الأمم المتحدة غير جديرة بعضوية هذه المنظمة الدولية»، معرباً عن أسفه لأن الولايات المتحدة استخدمت حق النقض في مجلس الأمن الدولي ضد إعطاء دولة فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.

وتابع: «يؤسفنا أن الإدارة الأميركية عطّلت 3 مرات مشاريع قرارات لمجلس الأمن تطالب إسرائيل بوقف إطلاق النار باستخدامها الفيتو، وفوق ذلك زوّدتها بالأسلحة الفتّاكة التي قتلت آلاف الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ، وهو ما شجّع إسرائيل على مواصلة عدوانها». وخلص إلى القول «فلسطين سوف تتحرر».

وأعلنت إسرائيل، الخميس، الحصول على مساعدة عسكرية أميركية بقيمة 8.7 مليار دولار.

كذلك عرض الرئيس الفلسطيني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة رؤية لإنهاء الحرب في غزة، تتضمن بسط سلطة منظمة «التحرير الفلسطينية» على جميع الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك غزة.

وطالب عباس بأن تمارس السلطات الفلسطينية ولايتها الكاملة في غزة، بما في ذلك معبر رفح، بصفته جزءاً من خطة شاملة، فالفلسطينيون يرفضون إقامة مناطق عازلة إسرائيلية، مشدداً: «لن نسمح لإسرائيل بأخذ سنتيمتر واحد من غزة».

اليمن ووكلاء إيران

من جهته، تحدّث رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد محمد العليمي، أولاً عن الوضع في بلاده، قائلاً: «إن تعافي اليمن ليس مجرد قضية وطنية، بل حاجة إقليمية وعالمية»، لأن «استقراره يعد أمراً حاسماً للحفاظ على السلام وأمن المنطقة، وطرق التجارة في البحرين الأحمر والعربي والممرات المائية المحيطة».

وأضاف: «أن الحكومة اليمنية تظل ملتزمة بنهج السلام الشامل والعادل، لكنه من الضروري في هذه الأثناء تعزيز موقفها لمواجهة أي خيارات أخرى، بالنظر إلى تصعيد الميليشيات الحوثية المتواصل على الصعيدين المحلي والإقليمي، وتهديد الملاحة الدولية، ولمنع تواصل توسع واستدامة هذا التصعيد».

ولفت إلى أن «هجمات الحوثيين المستمرة على حركة التجارة العالمية في البحر الأحمر والممرات المائية المحيطة تظهر أنها تُشكل تهديداً متزايداً ليس فقط للداخل اليمني، ولكن أيضاً لاستقرار المنطقة بأكملها».

وعن الوضع في بقية الشرق الأوسط، قال العليمي: «إن الحرب الإسرائيلية الوحشية على الشعب الفلسطيني يجب أن تتوقف على الفور، لأن ذلك هو مفتاح السلام المنشود، ومدخل لرفع الغطاء عن ذرائع إيران ووكلائها لتأزيم الأوضاع في المنطقة».

وتطرق إلى الوضع في لبنان، قائلاً: «إن السبيل الوحيدة لردع العدوان الإسرائيلي الغاشم على لبنان ستكون بموقف حازم من المجتمع الدولي، ووحدة اللبنانيين أنفسهم واستقلال قرارهم وعدم التدخل في شؤون بلدهم الداخلية، واستعادة الدولة اللبنانية لقرار السلم والحرب».

ليبيا نحو الانتخابات

وسبقه إلى المنبر رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، الذي قال إن الليبيين هم الأقدر على تقرير مصيرهم من خلال «الاستفتاءات النزيهة وعقد انتخابات شاملة (...) لإنهاء أي انسداد سياسي»، مؤكداً أن «الحل السياسي الشامل في مساراته المالية والاقتصادية والأمنية، إضافة لمسار المصالحة الوطنية، هو السبيل الوحيدة لتوحيد المؤسسات وضمان الاستقرار وصولاً إلى الانتخابات، وتجديد الشرعية لجميع المؤسسات وتقرير الشعب الليبي لمصيره».

وشدد المنفي على أن ما يرتكبه «الاحتلال الإسرائيلي من جرائم إبادة وتطهير عرقي ضد الشعب الفلسطيني واللبناني يُمثل انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية».

وشدد على أن إبعاد «شبح نشوب حرب إقليمية» في المنطقة يكون من خلال معالجة الوضع في غزة، وإيقاف «الانتهاكات والاعتداءات الجسيمة» في فلسطين.