الحكومة الإسرائيلية توافق على إطلاق مشاريع استيطانية في القدس

باريس: لا شيء يبرر بناء منازل جديدة في المستوطنات

الحكومة الإسرائيلية توافق على إطلاق مشاريع استيطانية في القدس
TT

الحكومة الإسرائيلية توافق على إطلاق مشاريع استيطانية في القدس

الحكومة الإسرائيلية توافق على إطلاق مشاريع استيطانية في القدس

صادق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه أفيغدور ليبرمان، أمس على سلسلة مشاريع استيطان في محيط مدينة القدس الشرقية المحتلة، قوامها 900 وحدة سكنية جديدة، وذلك في إطار العقوبات المفروضة على الفلسطينيين إثر العمليات الأخيرة. ولكي يبدو قراره «متوازنا» فقد صادق على إيداع خريطة لبناء نحو 600 وحدة إسكان للفلسطينيين في حي بيت صفافا في المدينة. لكن وزراءه لم يكتفوا بذلك، وطالبوه بمشاريع أخرى تطوق مدينة القدس، وتقطع آخر مناطق الاتصال الفلسطينية بها.
وكان نتنياهو صرح بأن حكومته ستقوم في أعقاب العمليات الأخيرة بتحويل مساعدات إضافية لتعزيز المستوطنات في الضفة الغربية، وقال خلال بيان نشر أمس، قبيل سفره إلى أفريقيا: «سنبذل جهودا خاصة لتعزيز المستوطنات، وسنعد خطة خاصة لمستوطنة (كريات أربع) (التي أقدم شاب فلسطيني قاصر على قتل فتاة يهودية مراهقة فيها) وغيرها من المستوطنات». وتبين لاحقا أنه يتعرض لضغوط شديدة يمارسها عليه عدة وزراء، بهدف إطلاق موجة بناء مكثفة في المستوطنات، ردا على العمليات.
وقال نتنياهو للوزراء إنه سيفحص الموضوع، وقد صادق مع ليبرمان أمس على إيداع خرائط لبناء 560 وحدة سكنية في مستعمرة «معاليه أدوميم»، و240 وحدة إسكان في أحياء «راموت»، و«جيلو» و«هار حوما» (جبل أبو غنيم). وبهذا الخصوص قال مسؤول رفيع في القدس أمس، إن هدف دفع بناء وحدات الإسكان «تحلية الحبة»، في ضوء عدم قيام نتنياهو بدفع البناء اليهودي في «جفعات همتوس» (وهو الاسم العبري لحي بيت صفافا) بسبب الضغط الدولي.
وبخصوص قرار البناء في بيت صفافا للفلسطينيين، تبين أنه جاء بعد أن أبلغ ممثلو النيابة نتنياهو بأنهم يستصعبون إقناع المحكمة المركزية في القدس بأسباب تأخيرها، باعتبارها مشاريع مقررة منذ زمن، لكن الحكومة والبلدية تمتنعان عن التنفيذ، خصوصا أن هناك مشروعا استيطانيا يهوديا مخططا قرب الحي نفسه. وقد حاولت النيابة الادعاء بأن الخطوة نابعة من معايير سياسية وجوهرية لا يمكن تفصيلها، لكن المحكمة رفضت هذا الادعاء.
وتعتبر خريطة البناء اليهودي في «جفعات همتوس» بالغة الحساسية من ناحية سياسية لأنها تحاصر بيت صفافا من كل جانب، وتصعب جدا تقسيم القدس في المستقبل.
وقال الوزير زئيف إلكين من الليكود، معقبا على ذلك، إنه «لا يمكن المصادقة على البناء في جفعات همتوس للجمهور العربي، من دون دفع البناء لليهود في الحي المستقبلي، جفعات همتوس. والقدس تحتاج إلى هذا الحي وإلى أكثر من ألفي وحدة بناء عاجلا».
وكان زعيم حزب المستوطنين «البيت اليهودي» وزير التعليم، نفتالي بنيت، أكثر تطرفا حيث طلب أن يتم إقرار مشاريع استيطان حقيقية وليس وهمية. واتهم نتنياهو بتقسيم القدس بواسطة مشروع البناء للفلسطينيين في بيت صفافا من دون أن يكون هناك بناء مضاعف لليهود.
من جهة ثانية، أقام رؤساء المستوطنات في الضفة الغربية ومحيط القدس، اجتماعا شعبيا واسعا، أمس، طالبوا فيه بضم مستعمرة «معاليه أدوميم»، إلى تخوم إسرائيل وسيادتها، كما حصل مع القدس الشرقية ومع هضبة الجولان السورية. وقال الوزير أوري أرئيل من البيت اليهودي إن هذه المستوطنة صارت مدينة كبيرة يعيش فيها نحو 60 ألف نسمة، ولا أحد في العالم يتصور أنه بالإمكان هدمها لمنحها للفلسطينيين. ولذلك فإن عدم ضمها هو المشكلة، وليس ضمها كما يدعي اليساريون.
وفي أول رد فعل دولي على هذا القرار، أدانت فرنسا أمس موافقة الحكومة الإسرائيلية على بناء منازل جديدة في المستوطنات، معتبرة أنه ليس هناك «تطورات على الأرض يمكن أن تبرر مثل هذه التدابير».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية رومان نادال إن باريس «تدين موافقة السلطات الإسرائيلية على خطط لبناء مئات المنازل في مستوطنات الضفة الغربية والقدس الشرقية».
وأضاف موضحا: «كما أشار التقرير الأخير للجنة الرباعية، فإن كل إعلان جديد عن مستوطنات، وهي غير قانونية بالنسبة للقانون الدولي، يؤجج التوتر».
وأكد المتحدث أنه تم مساء أول من أمس إبلاغ رئيس بلدية المستوطنة بشكل رسمي قرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع أفيغدور ليبرمان السماح بتخطيط بناء منازل في المستوطنة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.