بنغلاديش.. الاعتراف بوجود «داعش»

TT

بنغلاديش.. الاعتراف بوجود «داعش»

بنغلاديش دولة كبيرة سكانيًا، تصنف السابعة عالميًا بـ160 مليون نسمة، والثالثة بين الدول الإسلامية، بعد إندونيسيا وباكستان. وللإسلاميين فيها حرية كاملة في العمل السياسي، وهنا عندما نقول «الإسلاميين» نعني المنخرطين في العمل السياسي، للتفريق بينهم وبين عامة المسلمين. توجد في بنغلاديش أربعة أحزاب أكبرها «الجماعة الإسلامية» المنافس دائمًا على الحكم، وتحظى الأحزاب الإسلامية بكل ما تتطلع له من نشاطات سياسية واجتماعية. إنما أحداث العنف المتكررة تؤكد أن التطرّف الديني تطور من فكر إلى مرحلة تكوين التنظيمات الإرهابية، وصار في بنغلاديش تحول خطير تقوده جماعات دينية مماثلة للتي قامت بتأسيس التنظيمات الإرهابية في أفغانستان وباكستان ومنطقة الشرق الأوسط.
وأحداث الأيام الماضية، التي تبنى فيها تنظيم داعش خطف وقتل عشرين رهينة معظمهم إيطاليون ويابانيون، تؤكد أن كل ما كانت تنفيه الحكومة البنغلاديشية في الماضي غير صحيح. كانت تنسب الجرائم الإرهابية السابقة لجماعات محلية معارضة، وفي العام الماضي قتل إيطالي يعمل في جمعية إنسانية وآخر ياباني في المجال الزراعي، ورفضت الحكومة الاعتراف بالمشكلة، مثلما رفضت وصف ما يحدث بعمليات إرهابية منظمة، تلك التي اجتاحت البلاد واستهدفت شخصيات ثقافية وسياسية. فقد قتل ناشر في دكا، وقبلها طعن كاتب، وأطلق النار على آخر. وسبق للناشر أن أبلغ عن تهديدات من «داعش» لكن الشرطة اعتبرتها فردية. وكان أربعة من الكتاب المدونين أيضًا قتلوا، بنفس الطريقة.
ولأن آخر عملية خطف كانت جريمة قتل كبيرة، وذات وقع دولي، لم يعد هناك شك في صحة بيان «داعش» أنه التنظيم المسؤول عن الجريمة.
و«داعش» ليس بالضرورة منظمة مؤسساتية مترابطة، كما هو موجود في محافظة الرقة في سوريا، أو مدينة الموصل التي يحتلها في العراق، بل هو مشروع، وعنوان، وأفكار، ووسائل تواصل وقيادة إلكترونية. إنه مثل الشركات عابرة القارات، متعددة الجنسيات التي تعتمد على التقنية في الدعاية والتجارة. وقد رأينا خلال السنوات العشر الماضية كثيرًا من ملامح التطرّف تنتقل إلى بنغلاديش آتية من منطقتنا، الشرق الأوسط، من خلال العمالة والدعوة الدينية المتطرفة، وإرسال الدعاة، وجمع الأموال باسم الأعمال الخيرية. وحيث لا يوجد في دولة بنغلاديش احتلال ولا قوات أجنبية ولا حرب أهلية، ومعظم سكان البلاد مسلمون، وغالبيتهم الساحقة سنة، فإن هذا لم يمنع التطرّف من أن يبحث لنفسه عن عدو يحرض البسطاء عليه. فهو يدعي وجود ثقافة غربية وقيم انحلال تجب محاربتها.
ما يحدث في بنغلاديش يكرر ما حدث ويحدث في دول أخرى، وأننا أمام حالة انتشار مستمرة لنفس الوباء وبنفس الأساليب. وكل التعاون الذي نراه في أنحاء العالم مقصور على تبادل المعلومات عن التنظيمات والمجرمين وما شابها من تحويلات مالية ودعائية مباشرة، ولا شيء على الإطلاق عن الفكر وعمليات الحضانة التي تهيئ للفكر المتطرف ثم الإرهاب. ما الفائدة من هذا التعاون المتأخر عندما يستشري المرض؟

[email protected]



مفاوضات ما بين الجولتين تضم «الثنائي الشيعي» إلى التوافق النيابي

خلال عملية فرز أصوات النواب في جلسة انتخاب رئيس للجمهورية (د.ب.أ)
خلال عملية فرز أصوات النواب في جلسة انتخاب رئيس للجمهورية (د.ب.أ)
TT

مفاوضات ما بين الجولتين تضم «الثنائي الشيعي» إلى التوافق النيابي

خلال عملية فرز أصوات النواب في جلسة انتخاب رئيس للجمهورية (د.ب.أ)
خلال عملية فرز أصوات النواب في جلسة انتخاب رئيس للجمهورية (د.ب.أ)

لم يكن إخراج عملية انتخاب الرئيس جوزيف عون سهلاً، بسبب العائق الدستوري المتمثل في نص «المادة 49»، الذي يمنع انتخاب موظفي الفئة الأولى قبل مرور سنتين على استقالتهم، وعدم وجود غالبية نيابية كافية لتعديل الدستور (86 نائباً على الأقل)، وبالتالي الحاجة إلى أصوات «الثنائي الشيعي» البالغة 30 صوتاً، وهو ما تُرجم في جولة التصويت الأولى التي نال فيها 71 صوتاً تكفي في الأحوال العادية لانتخابه رئيساً، لكنها لا تكفي لتشريع دستوري.

ولم يقفل «الثنائي»، المتمثل في «حزب الله» و«حركة أمل» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري، باب التفاوض على القبول بعون رئيساً، لكن المفاوضات التي أُجريت لإقناعهما بالالتحاق بالتوافق المحلي - الخارجي الواسع، استمرّت حتى انتهاء جولة التصويت الأولى، التي رفع الرئيس بري بعدها الجلسة «لمزيد من التشاور».

والتقى رئيسُ كتلة «حزب الله» البرلمانية، محمد رعد، والنائبُ علي حسن خليل، المساعدُ السياسي للرئيس بري، العمادَ عون في مكان قريب من البرلمان، لينتهي اللقاء بينهم بأول كلمة «مبروك» لعون، التي تُرجمت لاحقاً في صندوق الاقتراع.

وقال النائب علي حسن خليل: «عبرنا (للعماد عون) عن موقف له علاقة بإدارة المعركة الانتخابية خلال كل المرحلة الماضية، وحريصون على أن ينجح هذا العهد بالثوابت التي تم تحديدها، وأهمها الدفاع عن البلد وعن كرامته». وأضاف: «اليوم صفحة جديدة نتطلع إليها لمستقبل أفضل، وهذا الأمر يتطلب تعاون كل المكونات، وما سمعناه من فخامة الرئيس مشجع».

أماً رعد فعلق، في تصريح من مجلس النواب بعد الانتهاء من عملية انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية، على مجريات الجلسة، وقال: «أردنا من خلال تأخير تصويتنا لفخامة الرئيس أن نرسل الرسالة بأننا كما كنا حماة السيادة الوطنية، فإننا حماة الوفاق الوطني في البلد». وأضاف: «شهداؤنا الذين قدمناهم دفاعاً عن السيادة الوطنية وعن الوفاق الوطني حقهم علينا وعوائل الجرحى أن نخدمهم بأشفار عيوننا، وأن نرعى مصالحهم، وأن نحميهم من كل تآمر خارجي يريد الطعن في موقعيتهم وفي قوتهم، ويريد أن يفرض عليهم بالقوة والشعارات والدعايات الهزيمةَ حتى يتسلق المتطفلون من أجل أن يتحكموا في إرادة هؤلاء الناس».

وأمل أن «نشهد بعض نور في هذه المرحلة إذا تكاتفنا جميعاً ووقفناً بوجه التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية التفصيلية في إدارات بلدنا وتنظيم أمورنا».