زكاة الفطر.. قيمة إسلامية واقتصادية تتعاظم ليلة العيد في شوارع الرياض

الهدف سد حاجة الفقير والمسكين بصاع من طعام وليس الكفاية النقدية

منح زكاة الفطر للأشخاص الذين يستحقونها - زكاة الفطر الهدف منها سد حاجة المسكين - توزيع التمور على المساكين
منح زكاة الفطر للأشخاص الذين يستحقونها - زكاة الفطر الهدف منها سد حاجة المسكين - توزيع التمور على المساكين
TT

زكاة الفطر.. قيمة إسلامية واقتصادية تتعاظم ليلة العيد في شوارع الرياض

منح زكاة الفطر للأشخاص الذين يستحقونها - زكاة الفطر الهدف منها سد حاجة المسكين - توزيع التمور على المساكين
منح زكاة الفطر للأشخاص الذين يستحقونها - زكاة الفطر الهدف منها سد حاجة المسكين - توزيع التمور على المساكين

قبيل غروب شمس آخر يوم من شهر رمضان، تشهد العاصمة السعودية الرياض حركة دؤوبة في الطرقات والشوارع وفي الأسواق، حيث كثير من الصائمين، يبحثون بعد تناول الإفطار عن مستحقي زكاة الفطر، ولكن يعتقد جمهور العلماء، بأنه من الخطأ منح زكاة الفطر لشخص لا تتحقق من استحقاقه لها، مشددين على ضرورة التحرّي من حقيقة المستهدف بها.
هذه الشعيرة لها جوّ روحاني وديني عام يشيع بين المارة في الطرقات وشوارع المدينة والحي والقرية، وعندما تتجول في شوارع العاصمة تعيش هذه الأجواء، مما يؤكد أن منحها لترى الناس هذه الشعيرة مثلها مثل غيرها من الشعائر الدينية التي تؤدى.
ويعتقد بعض العلماء، بأن استخراج زكاة الفطر، بالقيمة النقدية يخفي هذه الشعيرة مثلها مثل صلاة العيد وصلاة الجماعة وصلاة الكسوف، مشددًا على ضرورة إظهارها لتحقيق مقصد الشارع منها، لذلك يؤديها كل من وجد كفاية يومه من الطعام.
ومن مزايا وملامح زكاة الفطر في المجتمعات الإسلامية، حركة استخراجها صاعًا من طعام، بخلاف ما عليه المسلمين في المجتمعات الغربية، إذ إن هذه الشعيرة لا تبين في المجتمعات الغربية، لأنهم يعملون بفتوى استخراج القيمة النقدية لها وفقًا لقول الإمام أبي حنيفة، ولذلك لا تبرز كشعيرة دينية واضحة.
وأوضح الدكتور يوسف القاسم أستاذ الفقه المشارك بالمعهد العالي للقضاء في الرياض لـ«الشرق الأوسط»، أن زكاة الفطر الهدف منها إغناء المسكين بالطعام، مبينًا أن الأمن الغذائي، يعتبر أساس الاقتصاد الإسلامي، حيث أطعم الله الناس من جوع يعني الأمن الغذائي، وآمنهم من خوف هو الأمن السياسي، مشيرًا إلى أن تحقيق هذين الأمرين، ضروري لدى المجتمعات المسلمة.
وفق القاسم، فإن زكاة الفطر الهدف منها إغناء الفقير والمسكين ولذلك فرضها الله سبحانه وتعالى صاعًا من طعام أو تمر، منوهًا بقوله صلى الله عليه وسلم عن حديث لابن عمر أن النبي فرض زكاة الفطر صاعًا من طعام، والمقصود هو سد حاجة المسكين والفقير من الطعام يوم العيد.
وقال القاسم: «من الخطأ أن يعتقد البعض بأن الهدف من زكاة الفطر تحقيق الكفاية لدى الفقير والمسكين، من خلال إعطائه نقودًا بدلاً من الطعام»، منوهًا بأن ذلك يخالف قول جمهور العلماء، مقرًا في الوقت نفسه بأن قلة قليلة من الفقهاء أجازوا إخراج القيمة النقدية لزكاة الفطر، غير أنه يرى أن في ذلك مخالفة للنصوص الشرعية التي أجمع عليها جمهور العلماء.
ونوه بأن الرسول صلى الله عليه وسلم في زكاة الفطر فرض صاعًا من طعام، لأنه يهدف بها إغناء الفقير بهذا الطعام، موضحًا أن قيمة الصاع الواحد لا تزيد على 20 ريالاً، مبينًا أن هذه القيمة لا تحقق الكفاية لدى الفقير، مما يدلّ على أنه ليس الهدف تحقيق الكفاية، مشيرًا إلى أن الكفاية لا تتحقق إلا بزكاة المال وليس بزكاة الفطر.
وأضاف: «كل الفقراء يأكلون يوم العيد مما يأكل منه كل الناس، حتى لا يحرموا من الإفطار يوم العيد، بل يعيشوا هذا الجو الاجتماعي العظيم الذي يعيشه كل المسلمين بطقوس واحدة لا تمييز فيها، امتثالاً لأمر الشارع بالإفطار بعد شهر من الصيام».
ولذلك والحديث للقاسم، فإنه من السنّة تناول حفنة من التمرات من أول الصباح، قبيل صلاة العيد، لتوضيح اختلاف يوم العيد عن أيام رمضان، مشيرًا إلى أن المبادرة بالفطر أمر مشروع ومسنون ثم أكل وجبة الإفطار، حيث يتشارك الجميع في هذه الوجبة، وهذا يتحقق بزكاة الفطر. ووفق أستاذ الفقه، يلاحظ أن زكاة الفطر، هي زكاة عن البدن وليست زكاة عن المال، والبدن يقوم بالطعام، منوهًا بأن استخراجها قبل صلاة العيد وفق السنة، ولكن من الصعب استخراجها في هذا الوقت لصعوبة إيجاد فقير يستحقها بالفعل، على غير ما كان عليه الحال في الماضي.
وقال: «من الأفضل أن تتحقق من الفقير أو تعرفه وتعرف بيته، وهو أفضل، إذا تأخرت زكاة الفطر عن صلاة العيد تتحوّل إلى صدقة، ولكن في كل الأحوال يجب أداؤها وأفضل وقت تؤدى فيه، قبيل غروب شمس آخر يوم من شهر رمضان»، مشيرًا إلى أن هذه الشعيرة لها جوّ روحاني وديني عام يشيع بين المارة في الطرقات وشوارع المدينة والحي والقرية. ولفت إلى أن هذه الشعيرة لها جوّ روحاني وديني عام يشيع بين المارة في الطرقات وشوارع المدينة والحي والقرية، إذ إنه عندما تتجول في شوارع العاصمة تعيش هذه الأجواء، مما يؤكد أن منحها لترى الناس هذه الشعيرة مثلها مثل غيرها من الشعائر الدينية التي تؤدى.
وأكد أن استخراج زكاة الفطر بالقيمة النقدية، يخفي هذه الشعيرة مثلها مثل صلاة العيد وصلاة الجماعة وصلاة الكسوف، مشددًا على ضرورة إظهارها لتحقيق مقصد الشارع منها، لذلك يؤديها كل من وجد كفاية يومه من الطعام، مبينًا أنه من مزاياها أن هذه الشعيرة لا تبين في المجتمعات الغربية، لأنهم يعملون بفتوى استخراج القيمة النقدية لها وفقًا لقول الإمام أبي حنيفة، ولذلك لا تبرز كشعيرة دينية واضحة.



«للموت 3»... مسلسل كل شيء

رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل
رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل
TT

«للموت 3»... مسلسل كل شيء

رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل
رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل

يدرك الجزء الثالث من مسلسل «للموت» أنّ الخطأ ممنوع، ومع ذلك تلقّفته أخطاء على شكل مبالغات. حوَّل تونس أرضاً لبنانية - سورية، وأعاد بطلتيه «سحر»، ماغي بوغصن، و«ريم»، دانييلا رحمة، إلى عالم المافيا بحجّة واهية بعد توبة لم تدم. وهو كرّر المحفوظ غيباً في المسلسلات المشتركة: فتيات ومخدرات ورجال وسلاح ودولارات مُسددة بعشرات الآلاف لارتكاب جرائم. ذلك يحاكي جانب «الأكشن» ويضمن اشتعال الأحداث. جانبه الآخر أشدّ واقعية؛ إنسانه يمكن تصديقه.
على الورق أن يضمن مكاناً في المنافسة الرمضانية، فالمسلسل يطلّ بعد موسمين قالا الكثير. تُوزّع كاتبته نادين جابر سطورها بين الحقيقة والخيال. تتجرأ في الطرح وتُجدّد المقاربة، باستعمال «حيل» تصطدم أحياناً بالهشاشة. لِمَ تونس والمطاردات السوريالية في شوارعها؟ أهكذا تعود البطلتان إلى بحيرة الدم؟ ماذا عن «القوى الخارقة» و«الحاسة السادسة»، فتكشفان (خصوصاً «سحر») المستور والمعلن، ويقع جميع الرجال في غرامهما!
إنها الدراما ولا مفرّ من توابل تُنكّه الطبخة. هنا، يخرج المسلسل من كونه «واقعياً» ويسبح حيث تتكاثر الحيتان. هذا الموسم، تدخل امرأة على الخط؛ ويكاد عنصر اللعب مع الرجال يعلن خواتيمه لولا رغبة «شفيق» (اللافت كميل سلامة) بالانتقام. هذه المرأة هي «كارما» (أداء متفوق لورد الخال)، فتضرب بيد من حديد وتمسك الزمام، إلى أن يطال شرّها ابنتها فتُذعن للمصير.

ورد الخال تتألق بشخصية «كارما» (لقطة من المسلسل)

لم تعد بوغصن ورحمة تقفان أمام كاميرا فيليب أسمر بكونهما ممثلتين. تستبدلان بكيانهما الشخصيتين وتتوهّجان فيهما. تقدّمانهما على طريقة ذوبان السكر في الماء لبلوغ المحلول الواحد المُحلّى. الثلاثية مع الخال تتألق.
عوامل قوة المسلسل (إنتاج «إيغل فيلمز»، «MTV» و«شاهد») تغلب ثغراته. فالنص مشغول لحبس الأنفاس، وإن مرّت حلقات باردة. الحوارات بعيدة عن السطح. وهناك أشعار تُقال على ألسنة الشخصيات، وأوجاع وحكم حياة. يحدث ذلك أمام عين مخرج ينتشل الجمال من أقصى القهر. كادراته ناطقة واختياره لـ«اللوكيشنات» خلّاق. أمامه، يعطي الممثلون الإحساس الصائب والـ«ريأكشن» المطلوب، فلا تتكاثر الدعسات الناقصة حول الأقدام. فيليب أسمر فنان المسلسل.
خطايا «كارما» المتوارثة عن الأب تصيب العائلة بأسرها. تمتلئ الشخصية بدوافع ارتكاب الشر، من دون مبرر يمنح سلوكها أسباباً تخفيفية. لكنها إنسان، والبشر خَطَأة. فإلى جانب السوء، تستطيع الحب ولفرط كثافته يصبح مَرضياً تجاه الرجل وشبه هوسي تجاه ابنتها بعد موت ابنها ضحية الأثمان المترتّبة على الصفقات.
يحرص مهيار خضور ويامن الحجلي عن الانفعال الموزون. الأول يجيد التردد ومراجعة الحسابات، ثم الخلاص بالحب. والآخر فنان في غضبه وألم الذاكرة، يقلّب صفحات مضيئة عنوانها حب العُمر. خلطُ أوراق يعيدهما إلى المعدن الطيب قبل توحّش الظروف، فيتحالفان على الجَمعة بعد قطيعة.
ذلك العالم الفانتازيّ ظلّ شاهداً على مشاعر صادقة وعطف لا مشروط. «سحر» و«ريم» جدليتان في كل حالاتهما؛ في خصامهما وصُلحهما. وَقْعٌ فريد في الدراما العربية، غير مفهوم إلا لأمهات لم ينجبن ولأوفياء هم عملة نادرة في زمن الغدر. عنوان المسلسل «للموت»، منبعه عاطفة لا يبررها إلا القادرون على العطاء.

ثنائي البطولة من سوريا يامن الحجلي (يمين) ومهيار خضور (لقطة من المسلسل)

المقلب الواقعي يبلغ جماله الإنساني في رندة كعدي بشخصية «حنان». العطف وأمومة العالم في العيون والملامح واللسان والقلب. لم يعد الحي فقيراً وهجرت أحوال ناسه الويلات؛ مع ذلك، تعتصره المعاناة حيث المال يصطدم بمنغّصات الحياة ودورة الزمن على البشر؛ فيؤدي أحمد الزين مشهداً بديعاً لرجل بلا ذاكرة، تآكل بالألزهايمر، وتقدّم كعدي أنبل دروس مواجهة السرطان بإرادة التغلّب عليه، وسط عويل ختام اللحام البارعة وتكاتف الأسرة رغم الامتحانات القاسية.
تُلقي نادين جابر على وسام صباغ بشخصية «محمود» قيمتين إنسانيتين يؤديهما بالدمع: إسقاط النظرة الذكورية حيال المرأة المطلّقة، وإعلاء صوت المواطن الشريف. ومن باب الانتخابات النيابية، يُبيّن المسلسل مدى تجذّر الفساد اللبناني وقدرة أزلامه على سحق الأنقياء.
مرة أخرى، تؤكد الكاتبة حق الأم بحضانة أطفالها وإنْ انحازت القوانين للأب. ورغم مسحة الكآبة الطافحة على وجه دوجا حيجازي، فقد قدّمت آلام الأمهات المنسلخات عن أولادهن بالظلم والقوة. يمرّر المسلسل رسائل نبيلة بصوت صريح حيناً وبرمزية فنية حيناً آخر. لا يكتفي بالتحوّل مسرحاً لغلبة المبالغة وسطوة البطولات؛ بل يتبنّى مواقف ويُذكّر بقضايا تمسّ الصميم، تستوجب التحديث وإعادة النظر.
ينطبق على المسلسل عدُّه مسلسلَ كل شيء، ففيه خليط يخاطب الجميع. يصبح أبطاله بعضاً من الناس، الجدد منهم والقدماء. ريان حركة بشخصية «لميس»، أداء عفوي منساب، اختزالها مؤثر لثمن الزواج المبكر وتطوّر أفكار الإنسان. كارول عبود بدور «سارية» القناع الترفيهي لنفس طمّاعة تجيد إمساك تفاصيلها. فادي أبي سمرا حالة خاصة؛ ومن تونس فاطمة بن سعيدان بشخصية «جاكو» بطعم العسل.
يكتمل الأداء الجماعي مع فايز قزق ومحمد عقيل وعلي منيمنة وسحر فوزي ورانيا عيسى وساشا دحدوح وعلي سكر وروزي الخولي ومنير شليطا وسلطان ديب وأوس وفائي ومارلين نعمان... مع خليل أبو عبيد والطفلة تالين بورجيلي بشخصية «خلود» المُحمّلة عذابات الكبار.