خامنئي يرفض التنسيق الإيراني ـ الأميركي في الأزمة السورية

لجنة برلمانية إيرانية: فضيحة الرواتب تشمل 950 رئيسًا لمؤسسات مالية حكومية

خامنئي يرفض التنسيق الإيراني ـ الأميركي في الأزمة السورية
TT

خامنئي يرفض التنسيق الإيراني ـ الأميركي في الأزمة السورية

خامنئي يرفض التنسيق الإيراني ـ الأميركي في الأزمة السورية

حذر المرشد الإيراني علي خامنئي من التفاوض والتعاون مع الولايات المتحدة حول الأزمة السورية، واعتبره تهديدا للدور الإيراني في الملفات الإقليمية الساخنة.
ولمح خامنئي إلى ميول واشنطن للتنسيق مع طهران في الأزمة السورية، قائلا: «نحن لا نريد هذا التعاون، لأن غايته قطع الطريق على حضور إيران في المنطقة».
في المقابل، طالب خامنئي بإنهاء الحضور الأميركي وعدم تدخلها في المنطقة، معتبرا مواقف النظام الإيراني إزاء القضايا الإقليمية في إطار «العقلانية».
وكان خامنئي يتحدث أول من أمس أمام حشد من أعضاء الجمعيات الطلابية في إيران في سياق لقاءات رمضانية يلتقي فيها مع ممثلين من مختلف الشرائح والقطاعات الرسمية والشعبية، كما تعد خطابات خامنئي غير مسبوقة خلال الشهر الأخير.
الشهر الماضي أزاحت تقارير الستار عن مفاوضات جرت بين وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف حول الأزمة السورية في أوسلو، كما كثرت التكهنات حول مرونة إيرانية خصوصا بعد إقالة مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والأفريقية أمير عبد اللهيان الذي يعتبر عراب الحرس الثوري في الدبلوماسية الإيرانية بالشرق الأوسط.
على هذا الصعيد، فسرت تهديدات قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني وإعلان أمين عام ما يسمى حزب الله حسن نصر الله حول تلقي الدعم الإيراني، على أنها محاولة لتعكير صفو ما يجري الإعداد له خلف الكواليس.
كما كرر خامنئي انتقاداته للاتفاق النووي المبرم بين إيران والدول الغربية، قائلا إن «أميركا سواء في الكونغرس أو الحكومة مستمرة في عدائها مع الشعب الإيراني». واتهم واشنطن بالسعي وراء الانقسام بين المسؤولين الإيرانيين من خلال الفصل بينهم إلى مسؤول جيد وآخر سيئ، ملمحا إلى أن الكفاءات في النظام يصنفون بين السيئين في نظر الأميركيين.
ورد خامنئي على أسئلة محرجة وجهها بعض أعضاء الجمعيات الطلابية حول دور إيران الإقليمي، والاتفاق النووي، و«أحداث 2009»، والأوضاع الاجتماعية، وفساد القضاء والمؤسسات المالية. وأفادت وكالة «إيسنا» أن خامنئي شبه «الأوضاع الخاصة والحساسة» في البلد بحروب صدر الإسلام، قائلا إن نظامه عرضة للهجوم من كل الأطراف.
في غضون ذلك، أثارت انتقادات وجهها إلى خامنئي، طالب دكتوراه في القانون بجامعة طهران، ويدعى علي كام فيروزي، ممثلا عن نقابة الصحف والمجلات الطلابية، جدلا واسعا في إيران أمس.
وعلى الرغم من حجب الجزء المتعلق من انتقادات الطلاب بتقارير وكالات الأنباء الإيرانية، لكنها انتشرت بصورة لافتة بعد تسريبها عبر شبكات التواصل الاجتماعي مثل «تويتر» و«فيسبوك» و«تليغرام».
ووفقا للتقارير، فإن كام فيروزي وجه انتقادات لاذعة إلى خامنئي بسبب أداء الدوائر التابعة له، وكذلك تعامله مع قادة «الثورة الخضراء» في 2009، كذلك انتقد القيود المفروضة على الطلاب والمنشورات الطلابية، والقيود المفروضة على حق الانتخاب الحر للشعب، وانتهاك كرامة الآخرين والاعتداء عليهم، ونشر الأكاذيب، والإساءة لبعض الشخصيات السياسية والاجتماعية، خصوصا من سبق له تولي مناصب رفيعة في النظام.
وفي إشارة إلى مواد في القانون الإيراني تكفل حقوق المواطنة، انتقد ضمنا حرمان مير حسين موسوي ومهدي كروبي من حق الدفاع عن النفس أمام القانون.
في المقابل، قال خامنئي: «مواقفي صريحة جدا من (فتنة 2009)، وإنني أتحسس من هذه القضية، والدليل على ذلك عدم دعم الأشخاص الذين قادوا الفتنة أو استغلوها ولم يعلنوا براءتهم حتى الآن».
ويطلق خامنئي وصف «الفتنة» على احتجاجات دامت ثمانية أشهر بعد إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية في 2009 التي فاز بموجبها محمود أحمدي نجاد بفترة رئاسية ثانية.
من جهته، ذكر الطالب الذي لاقت الأقوال المنسوبة إليه إعجاب الإيرانيين بعد ساعات من تداولها، أن «نقد أوضاع بعض المؤسسات التابعة للمرشد أو التساؤل حول بعض مواقف المرشد، يؤدي إلى معاقبة الصحف، ويؤدي بالصحافيين ورؤساء التحرير إلى الطرق الملتوية في المحاكم».
في هذا الصدد، انتقد ملاحقة الصحافة بسبب ما تنشره من تحليلات علمية واختصاصية حول التهديدات الاجتماعية، وتعد الأجهزة الأمنية تلك التقارير «دعاية ضد النظام» و«سوداوية».
إلى ذلك، ذكر رئيس «لجنة المادة 90» داود محمدي، في البرلمان الإيراني أن قائمة «إيصالات الرواتب الفلكية» تشمل 950 من رؤساء الشركات الحكومية والبنوك والتأمين.
وكشف محمدي عن نتائج أولية لتحقيق يجري في البرلمان حول فضيحة الرواتب التي هزت إيران في الأسبوعين الماضيين وتعد من أكبر الفضائح المالية في النظام الإيراني. وجاء الإعلان بعد ساعات من مشاورات جرت لبحث تداعيات الفضيحة بين رئيس ديوان العدالة أمين حسين رحيمي، ورئيس منظمة «التفتيش» الإيرانية ناصر سراج، ورئيس البرلمان علي لاريجاني، ورئيس مركز دراسات البرلمان كاظم جلالي.
وكانت إدارة روحاني أعلنت على مدى اليومين الماضيين إقالة أكثر من عشرة مسؤولين من المتورطين في فضيحة الفساد، وذكرت صحيفة «اعتماد» المقربة من الحكومة أول من أمس، أن إدارة روحاني على وشك إقالة أكثر من 307 مسؤولين متورطين في فضيحة الفساد.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.