القاهرة تستقبل وزير خارجية إريتريا بعد مناوشات عسكرية بين أسمرة وأديس أبابا

السفيرة منى عامر لـ «الشرق الأوسط»: القيادة في إريتريا تعتزم إثارة أزمة الحدود في القمة المقبلة

القاهرة تستقبل وزير خارجية إريتريا بعد مناوشات عسكرية بين أسمرة وأديس أبابا
TT

القاهرة تستقبل وزير خارجية إريتريا بعد مناوشات عسكرية بين أسمرة وأديس أبابا

القاهرة تستقبل وزير خارجية إريتريا بعد مناوشات عسكرية بين أسمرة وأديس أبابا

يُجري وزير الخارجية الإريتري، عثمان صالح، مباحثات مع مسؤولين مصريين، خلال زيارة للقاهرة تستغرق يومين، بدأت يوم أمس (الأحد). ويسعى صالح على ما يبدو لاستمالة القاهرة، عضو مجلس السلم والأمن الأفريقي، لتأييد موقف أسمرة بعد مناوشات عسكرية على حدود بلاده مع إثيوبيا، التي تخوض معها القاهرة مفاوضات شاقه بشأن سد تبنيه أديس أبابا على نهر النيل وتخشى القاهرة من تأثيره على حصتها من المياه. وقالت السفيرة منى عامر، التي عملت لسنوات مساعدا لوزير الخارجية لشؤون أفريقيا، إن الزيارة ليست الأولى لمسؤول إريتري رفيع.
ومن المقرر أن يلتقي صالح الذي وصل أمس إلى مطار القاهرة الدولي قادما من أسمرة، بعدد من المسؤولين، بينهم وزير الخارجية سامح شكري، لـ«بحث سبل دعم التعاون المشترك بين البلدين». وكان صالح قد زار القاهرة منتصف فبراير (شباط) الماضي.
وقالت السفيرة منى عامر إن زيارة صالح ليست الأولى لمسؤول إريتري منذ بدء التوتر على الحدود بين إريتريا وإثيوبيا، حيث ترغب أسمرة في أن تحظى بتأييد مصر وهي عضو مجلس السلم والأمن.. أعتقد أن القيادة في إريتريا تعتزم إثارة أزمة الحدود خلال الاجتماع المقبل للقمة الأفريقية التي ستشهد انعقاد أعمال مجلس السلم والأمن.
واتهمت إريتريا جارتها وغريمتها التقليدية إثيوبيا بمهاجمة الحدود بين البلدين الشهر الماضي. وقالت وزارة الإعلام الإريترية في بيان نشر حينها عبر موقعها الإلكتروني الرسمي إن إثيوبيا قامت «بشن هجوم على إريتريا على جبهة تسورونا المركزية». وتتبادل إثيوبيا وإريتريا باستمرار الاتهامات بشن هجمات وبدعم المتمردين في كل منهما. وفي فبراير (شباط) الماضي اتهمت إثيوبيا إريتريا بالوقوف وراء احتجاجات ضد الحكومة في منطقة وروميا العام الماضي أدت إلى قمع عنيف من قبل حكومة أديس أبابا. وما زال البلدان على خلاف أيضا بشأن بلدة بادمي التي أقرت الأمم المتحدة إلحاقها بإريتريا لكنها لا تزال تحت سيطرة إثيوبيا.
وبينما أشارت مصادر مصرية مطلعة إلى أن الجانب المصري يرى في التقارب مع أسمرة فائدة مهمة في مسار مفاوضات سد النهضة المتعثر في الوقت الراهن، قالت السفيرة عامر إنه «رغم ما يمكن أن تحققه مصر من مكاسب سياسية بهذا التقارب فإن السياسة المصرية الراسخة هي عدم الانحياز لأي طرف في مثل هذه الصراعات.. ربما ينتقد البعض هذا الموقف ويعتبر أن السياسة الخارجية لمصر يجب أن تتسم ولو بقليل من البرغماتية إلا أن الموقف المبدئي لمصر يحول دون استغلال هذا النوع من الصراعات».
وتعترض مصر على بناء إثيوبيا سدا على نهر النيل بسعة تخزينية قدرها 74 مليار متر مكعب، وهو ما تراه القاهرة سعة مبالغا فيها جدا بالنظر إلى الأهداف التنموية التي تعلنها أديس أبابا.
وكانت لجنة ثلاثية يترأسها وزراء المياه في الدول الثلاث تتولى الإشراف على إجراء دراسات اتفقت الدول الثلاث على احترام نتائجها في وثيقة «إعلان المبادئ»، وتهدف إلى «الاتفاق على الخطوط الإرشادية وقواعد الملء الأول لسد النهضة (...) بالتوازي مع عملية بناء السد»، و«الاتفاق على الخطوط الإرشادية وقواعد التشغيل السنوي».
وعلقت مصر الاجتماعات الثلاثية واستبدلتها باجتماعات سداسية يشارك فيه أيضا وزراء خارجية الدول الثلاث، في أقوى إشارة إلى قلق القاهرة من المسار التفاوضي.
وتقول الدول الثلاث إن إعلان المبادئ، الذي يتضمن 10 بنود، يعد أساسا للوصول إلى اتفاقات تفصيلية حول استخدام مياه النيل في تحقيق المصالح المشتركة. ويعول مسؤولون مصريون على التزام أديس أبابا بوثيقة «إعلان المبادئ» رغم انتقادات حادة للنهج الذي تتبناه القاهرة في المفاوضات الشاقة والمتعثرة حول السد.
وقالت عامر لـ«الشرق الأوسط» إن القاهرة سوف تتعاطى مع الأزمة بين أسمرة وأديس أبابا بمعزل عن أزمة سد النهضة، لافتة إلى أن القيادة المصرية لا تزال تعول على بناء الثقة بينها وبين القيادة الإثيوبية خاصة أن السد بات أمرا واقعا يجب التعامل معه.
وتعتمد مصر بشكل شبه حصري على النيل لسد حاجاتها من المياه في الزراعة والصناعة والاستهلاك المنزلي. ويمثل حجم الإنتاج الزراعي ما نسبته 14.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحسب تقديرات البنك الدولي.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).