ابتع لنفسك مقابلة صحافية

فرصة للأثرياء كي يحلوا ضيوفًا في مقابلات تلفزيونية معدة بطريقة مهنية

لإجراء المقابلات الإعلامية مقابل المال (نيويورك تايمز)
لإجراء المقابلات الإعلامية مقابل المال (نيويورك تايمز)
TT

ابتع لنفسك مقابلة صحافية

لإجراء المقابلات الإعلامية مقابل المال (نيويورك تايمز)
لإجراء المقابلات الإعلامية مقابل المال (نيويورك تايمز)

إن رفض تشارلي روز إجراء مقابلة صحافية معك، فربما يُجري بن مانكيفيش معك حوارا، مقابل ثمن.
ومانكيفيش هو صحافي ومعلق، والتحق مؤخرًا للعمل كمذيع بقناة «تيرنر كلاسيك موفيز» الأميركية. وقد صار مانكيفيش بهدوء أحد مؤسسي شركة تجارية ناشئة تتاجر بطريقة راقية في أكثر السلع الدائمة، ألا وهي سلعة «الغرور البشري».
وأسس مانكيفيش الشركة التي تحمل اسم «فورورد» بالمشاركة مع أندرو جيمسون، وهو منتج تلفزيوني محنك، باستشارة لويس وولف، وهو رجل أعمال تشتمل اهتماماته على فريق البيسبول أوكلاند للألعاب الرياضية.
وببساطة شديدة، تعطي شركة «فورورد» الفرصة للأثرياء ليحلوا ضيوفًا لمقابلات تلفزيونية معدة بطريقة مهنية، وتُجرى بشكل بارع وبأكثر مهارة تتوقعها من روز، بمقابل يتراوح ما بين 50000 إلى 150000 دولار شهريًا، على حسب الصفقة.
ويقول مانكيفيش خلال مقابلة صحافية على الهاتف مع جيمسون: «أكن احترامًا بالغًا للصحافة، إلا أن ذلك لا علاقة له بالأمر».
وعوضًا عن ذلك، فهو وجيمسون يجريان مقابلة صحافية مفصلة مع كل من يستطيع تحمل تكلفة ذلك.
ولا توجد أي مفاجآت غير مرحب بها فيما يتعلق بتغطية الموضوعات المدفوع أجرها، إذ يقول مانكيفيش عن أسئلته: «إذا حظروا التحدث عن موضوع بعينه، فلن يتم التطرق إليه».
وأوضح جيمسون أن من أوحى إليه بهذه الفكرة هو وولف الذي أراد أن يخبره قصته الخاصة بناء على إلحاح من عائلته، دون قضاء ساعات طويلة بالتعاون مع مؤلف يقوم بكتابة قصته نظير أجر مادي.
ويسترجع جيمسون استفسار وولف سائلاً إياه: «هل بإمكانك أن تُجري معي لقاءً صحافيًا أتحدث فيه عن حياتي فحسب؟» وقدم وولف، وهو مهندس صوت عريق، جيمسون إلى مانكيفيش وهو من أشد المعجبين بأعمال أندرو جيمسون، الذي قابله قبل عدة سنوات بينما هو يقف بطابور مهرجان تيلورايد السينمائي.
وقد أسس جيمسون مكانًا أشبه بالعرين، يحتوي على أرفف تحمل تذكارات من الشخصيات التي سيتم تداول حياتها، وكان وولف الشخصية الأولى التي تمت محاورتها، وتتابعت بعد ذلك الشخصيات التي سيتم سرد سيرتها على لسان أصحابها.
ويتم تزويد الضيوف بصندوق يحتوي على «آيباد» محمل بالكامل وعصا ذاكرة، إضافة إلى قرص بصري للتخزين «بلو راي» مسجلة عليه المقابلة التي أُجريت معهم. ويمتلكون حقوق استخدام المادة كما يشاءون.
ومن جانبه، قال إندي كوهين، الرئيس التنفيذي المشارك لشركة «جينسلر» للتصميم والهندسة المعمارية، إنه يعتزم إتاحة الجزء الموجه مهنيًا لحواره الأخير مع «فورورد» لعامة الجمهور من المهتمين، لكن ثمة أجزاء أكثر خصوصية، يهدف كوهين إلى عدم إتاحتها إلا لأشد المقربين منه. واستطرد: «هدفي هو أن أترك إرثًا لعائلتي».
وأضاف أن كلا من مانكيفيش وجيمسون استخرجا بعض التفاصيل الجيدة، مشيرًا إلى أنهما قد وجها إليه «أسئلة في غاية الخصوصية»، من قبيل: «ما أعظم مخاوفك؟».
*خدمة «نيويورك تايمز»



هل تنجح مساعي دمج صُنّاع المحتوى داخل غُرف الأخبار؟

صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
TT

هل تنجح مساعي دمج صُنّاع المحتوى داخل غُرف الأخبار؟

صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)

يبدو أن ثمة تطوراً جديداً ربما يظهر داخل «غرف الأخبار»، بعدما سعت صحف بارزة، مثل «واشنطن بوست»، لاجتذاب صُنّاع المحتوى بهدف «تعزيز التواصل مع الجمهور»، في حين أثارت مساعي دمج صُنّاع المحتوى (المؤثرون) داخل غُرف الأخبار تساؤلات بشأن «ضمانات التوازن بين المعايير المهنية والتكيّف مع تطلّعات الجمهور».

ووفق تقرير معهد «رويترز لدراسة الصحافة»، العام الماضي، فإن «الجمهور من الفئات الأقل من أربعين عاماً يعيرون اهتماماً أكبر لصُنّاع المحتوى، أو ما يطلقون عليهم لقب (مؤثرون)، بوصفهم مصدراً للمعلومات وكذلك الأخبار».

كما أشارت دراسة استقصائية ضمن مبادرة «بيو-نايت» الأميركية، المعنية برصد التغيرات في كيفية استهلاك الأخبار والمعلومات، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إلى أن أكثر من خُمس البالغين في الولايات المتحدة يعتمدون بانتظام على «المؤثرين» للحصول على الأخبار.

ومع ذلك، فإن معظم هؤلاء «المؤثرين» الذين ينشرون الأخبار لا ينتمون إلى مؤسسات إخبارية ولا يخضعون لتدريب صحافي. وحسب دراسة أجرتها منظمة «اليونيسكو» ونُشرت نتائجها، نهاية نوفمبر الماضي، فإن غالبية هؤلاء المؤثرين (62 في المائة) لا يتحقّقون من صحة المعلومات التي يشاركونها مع جمهورهم، ما يُثير مخاوف من انتشار «المعلومات الزائفة».

ومعروف أن ثمة تجارب بدأت تخوضها أخيراً غرف الأخبار للدمج بين الصحافي المدرب وصانع المحتوى صاحب الكاريزما والجمهور. وظهرت، في هذا الإطار، نماذج؛ مثل: «واشنطن بوست»، والمنصة الأميركية «مورنينغ بيرو» التي أطلقت بالفعل مبادرات يقودها صُنّاع محتوى على منصات التواصل الاجتماعي، غير أن الاتجاه لا يزال قيد التجربة والتقييم، حسب ما يبدو.

الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا»، مهران كيالي، رهن نجاح تجربة دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار بـ«تنظيم العلاقة بين الطرفين»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «على غرف الأخبار أن توفّر لصُنّاع المحتوى أدوات؛ مثل: التحقق من المصادر، والالتزام بأخلاقيات الصحافة، في حين يقدّم صُنّاع المحتوى خبراتهم في الإبداع الرقمي وفهم الجمهور على المنصات الحديثة». وأضاف: «كما يجب تقنين العلاقة من خلال وضع إطار واضح يحدّد المسؤوليات وأسلوب العمل».

غير أن كيالي أشار إلى «تحديات أمام تجربة دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار»، قائلاً: «هناك نظرة سلبية من قِبل بعض الصحافيين التقليديين تجاه صُنّاع المحتوى، بل هم يعدونهم دخلاء على المهنة، رغم امتلاكهم جمهوراً واسعاً وتأثيراً كبيراً». وأضاف: «بعض المؤسسات الصحافية تعاني صعوبة التكيّف مع أسلوب المحتوى السريع والبسيط الذي يتناسب مع منصات التواصل الاجتماعي، خشية خسارة الصورة الوقورة أمام الجمهور».

وعدّ كيالي أن غرف الأخبار قبل أن تستعين بصُنّاع المحتوى، هي بحاجة إلى «التجهيزات والإجراءات التي تمكّن الصحافيين من إنتاج ونشر محتوى رقمي جذاب بسرعة».

وعن الحلول لتجاوز هذه التحديات، أوضح الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» أنه «يجب على المؤسسات تحديث سياساتها وتوفير الدعم الفني والتدريب اللازم للصحافيين، مع تغيير النظرة السلبية تجاه صُنّاع المحتوى والبحث عن تعاون».

وأشار كذلك إلى أهمية تحقيق التوازن بين المهنية والتطوير، قائلًا: «بعض غرف الأخبار تحتاج إلى تعزيز مصداقيتها بالالتزام بمبادئ الصحافة، من خلال تجنّب المصادر غير الموثوقة وتدقيق المعلومات قبل نشرها»، و«لجذب الجمهور، يجب تقديم محتوى يلامس اهتماماته بأسلوب مبسط مع استخدام أدوات حديثة مثل الفيديوهات القصيرة؛ مما يضمن الجمع بين الدقة والجاذبية لتعزيز الثقة بعصر المنافسة الرقمية».

المحاضرة في الإعلام الرقمي بالجامعة البريطانية في القاهرة، ياسمين القاضي، ترى أن بعض المؤسسات الإخبارية لا تزال تعتمد الاستراتيجيات «القديمة» نفسها على وسائل التواصل الاجتماعي، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «منذ سنوات تبنّت بعض وسائل الإعلام مفهوم (التحويل إلى منصات) من خلال جمع المعلومات وتدقيقها، وهو الدور الأصيل للصحافة، ثم نشرها بأسلوب يحاكي وسائل التواصل الاجتماعي، غير أن هذا الاتجاه ربما لن يكون كافياً في ضوء احتدام المنافسة مع صُنّاع المحتوى، مما أفرز اتجاه الاستعانة بـ(المؤثرين)».

وأوضحت القاضي أن «الغرض من دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار، هو تقديم المعلومات المدققة بأسلوب مبتكر». وأضافت أن «الاستعانة بشخصية مؤثرة لنقل المعلومات لا تعني بالضرورة المساس بمصداقية المحتوى ودقته، فالأمر يعتمد على مهارة كُتّاب المحتوى، فكلما كان الكُتاب صحافيين محترفين يسعون لتطوير أدواتهم ضمنت منصة الأخبار تقديم معلومات دقيقة وموثوقة».