لجنة التحقيق: ذاكرة مسجل محادثات «قمرة القيادة» لم تتعرض للتلف.. وعودة اللوحات للقاهرة

مؤشرات تزيد من فرص كشف غموض تحطم الطائرة المصرية عقب تأكيدات بإمكانية قراءة التسجيلات

لجنة التحقيق: ذاكرة مسجل محادثات «قمرة القيادة» لم تتعرض للتلف.. وعودة اللوحات للقاهرة
TT

لجنة التحقيق: ذاكرة مسجل محادثات «قمرة القيادة» لم تتعرض للتلف.. وعودة اللوحات للقاهرة

لجنة التحقيق: ذاكرة مسجل محادثات «قمرة القيادة» لم تتعرض للتلف.. وعودة اللوحات للقاهرة

أعلنت لجنة التحقيق المصرية في حادث طائرة «مصر للطيران» المنكوبة، أن الاختبارات المكثفة التي أجريت على مكونات الصندوق الأسود الثاني للطائرة المنكوبة، بمكتب تحقيق حوادث الطيران الفرنسي، أظهرت أنه لم تتضرر أجزاء وحدة الذاكرة للوحة الخاصة بالصندوق الثاني، وهو عبارة عن اللوحة الإلكترونية الخاصة بجهاز مسجل محادثات قمرة قيادة الطائرة.
وهو الأمر الذي عده مسؤولون مؤشرًا هامًا يزيد من فرص كشف غموض أسباب تحطم الطائرة فوق مياه البحر المتوسط مايو (أيار) الماضي، أثناء عودتها من العاصمة الفرنسية باريس، التي أودت بحياة جميع من كانوا على متنها وعددهم 66 شخصًا.
وقالت مصادر مصرية إن «لجنة التحقيق المصرية في حادث الطائرة المنكوبة سوف تواصل عملها بمجرد عودة اللوحات من باريس.. وقد يستغرق عملها أسابيع للانتهاء من تفريغ البيانات، وذلك بحضور الممثل المعتمد لدولة فرنسا والممثل المعتمد للولايات المتحدة الأميركية دولة صانع محرك الطائرة ومستشاريهم من الخبراء في هذا المجال».
وكانت الطائرة التابعة لشركة «مصر للطيران» قد تحطمت أثناء رحلتها رقم (804) المقبلة من مطار شارل ديغول في باريس إلى العاصمة المصرية القاهرة، في 19 مايو الماضي، وعلى متنها 66 شخصًا بينهم 30 مصريًا و15 فرنسيًا، إضافة إلى جنسيات متعددة أخرى. وتأمل القاهرة في أن يعزز تفريغ بيانات تسجيلات الصندوقين موقف طياريها وأسطولها الجوي، من وجود أي خلل فني في محركات الطائرة، أو بشري تسبب في تحطم وسقوط الطائرة.
وقالت اللجنة المصرية في بيان لها أمس، إنه «تم استبدال عدد من الأجزاء الداعمة لاتصال اللوحة بأنظمة الطائرة بأجزاء جديدة، وسيتم العمل على استخلاص التسجيلات من تلك الوحدات بطرق تكنولوجية متقدمة ودقيقة»، لافتة إلى أن «نتائج الاختبارات جاءت إيجابية، حيث أظهرت إمكانية قراءة التسجيلات التي تحتوي عليها وحدة الذاكرة الخاصة بالجهاز CVR».
ويسجل أحد الصندوقين الأسودين في الطائرات المحادثات داخل قمرة القيادة، بينما يسجل الصندوق الثاني بيانات الرحلة بالكامل، وتم انتشال الصندوقين الأسودين للطائرة من البحر المتوسط، وكانت الأجهزة في الصندوقين تعرضت لأضرار بالغة.
وعثرت فرق البحث على حطام الطائرة المنكوبة قبالة سواحل الإسكندرية، وسبق أن رجح مسؤولون مصريون فرضية أن يكون العمل الإرهابي وراء تحطم الطائرة، مما يعني وجود اختراق أمني في مطار شارل ديغول الفرنسي الذي انطلقت منه الطائرة في طريقها للقاهرة، كما نفت شركة «مصر للطيران» وجود أي خلل في محركات الطائرة، مؤكدة القيام بكل إجراءات التأمين والصيانة عليها بشكل دوري.
وسبق أن أعلن تنظيم داعش الإرهابي مسؤوليته عن تحطم طائرة سياح روس تابعة لشركة «كوغاليم أفيا» التي كانت في رحلة من منتجع شرم الشيخ إلى بطرسبرغ، فوق شبه جزيرة سيناء المصرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أودت بحياة 217 راكبًا وأفراد الطاقم السبعة، ومعظم الضحايا هم مواطنون روس.
ولجأت مصر قبل أسبوع لفرنسا لإصلاح اللوحات الإلكترونية لمسجل معلومات الطيران (FDR) الخاص بالطائرة بمعامل مكتب تحقيق الحوادث الفرنسي، وقالت اللجنة المصرية أمس، إنه «تقرر عودة أعضاء لجنة التحقيق الفني في الحادث إلى القاهرة في أقرب وقت وبحوزتهم اللوحات التي تم إصلاحها، لمواصلة العمل وقراءة محتويات أجهزة مسجلات الرحلة وتحليلها بمعامل الإدارة المركزية لحوادث الطيران بوزارة الطيران المدني».
في غضون ذلك، قالت المصادر المصرية إن «عمل اللجنة يأتي متزامنًا مع أعمال البحث عن حطام الطائرة بموقع الحادث، حيث قامت السفينة جون ليثبريدج برسم خريطة لتوزيع الحطام بقاع البحر المتوسط، تمهيدًا لاستخراجها من البحر».
وكانت السفينة جون ليثبريدج التي تستأجرها الحكومة المصرية للمشاركة في عمليات البحث في البحر المتوسط، تمكنت من «العثور على الصندوقين الأسودين الأول والثاني الخاص بمسجل بيانات الطائرة»، ومن «انتشال الجزء الذي يحتوي على وحدة الذاكرة التي تعتبر أهم جزء في جهاز المسجل».
وعثرت فرق البحث على حطام الطائرة المنكوبة قبالة سواحل الإسكندرية، وكانت لجنة التحقيق المصرية قد أكدت أن الصور الرادارية التي وردت إلى لجنة التحقيق من القوات المسلحة المصرية والخاصة بمسار الطائرة قبل وقوع الحادث، أشارت إلى حدوث انحراف للطائرة يسارًا عن مسارها وقيامها بالدوران يمينًا لدورة كاملة، متفقًا مع ما جاء بصور الرادارات اليونانية والإنجليزية، مضيفة أنه «لا يمكن الاعتماد على تلك المعلومات بمعزل عن السياق العام للتحقيق».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.