إفتاء مصر تفند آراء التنظيمات الإرهابية بتطبيق جديد على الهواتف الذكية

الأول من نوعه في العالم العربي.. ويتيح فرصة بيان حكم فتاوى القتل والعنف

إفتاء مصر تفند آراء التنظيمات الإرهابية بتطبيق جديد على الهواتف الذكية
TT

إفتاء مصر تفند آراء التنظيمات الإرهابية بتطبيق جديد على الهواتف الذكية

إفتاء مصر تفند آراء التنظيمات الإرهابية بتطبيق جديد على الهواتف الذكية

قالت مصادر في الإفتاء المصرية إن «الدار أطلقت تطبيقا جديدا على الهواتف الذكية المحمولة بهدف تفنيد آراء التنظيمات الإرهابية المتشددة، فضلا عن بيان الحكم الشرعي في الفتاوى والآراء التي يتم إطلاقها وتتعلق بدعاوى إباحة الجماعات المتطرفة للقتل والتحريض على العنف». في حين قال مفتي مصر الدكتور شوقي علام إن «الدار تبذل مجهودات دؤوبة نحو الوصل بين الإسلام والواقع المعيش، خصوصا فيما يشهده العالم الآن من أحداث.. ونصدر آلاف الفتاوى بشكل يومي في القضايا التي تشغل الأذهان في العالم المعاصر، وفي آراء التنظيمات المتشددة خاصة».
ولأول مرة في العالم العربي والإسلامي، أطلقت دار الإفتاء المصرية تطبيقا جديدا على الهواتف «الأندورويد والآيفون»، حيث يمكن للسائل طلب فتوى عن طريق الإنترنت من خلال المواقع، أو من خلال برنامج دار الإفتاء على المحمول، كما يمكنه أيضًا الاطلاع على آلاف الفتاوى الهامة التي تمت الإجابة عليها لإفادة المسلمين المصريين والعرب وحول العالم بأكثر من لغة.
وأكدت دار الإفتاء المصرية أنها «قامت بترجمة أكثر من ألف فتوى باللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية، نسبة كبيرة منها مُتعلقة بتفنيد مزاعم التيارات المتطرفة، وما تسوقه من مفاهيم وما تصدره من فتاوى مغلوطة»، وقال مفتي مصر الدكتور علام لـ«الشرق الأوسط» إن الإفتاء استشعرت خطر فتاوى الإرهاب والعنف والقتل، وقامت بـ«حزمة من الإجراءات» لمواجهة الآلية الدعائية للتنظيمات الإرهابية، وفي مقدمتها «داعش» الإرهابي.
وسبق أن أطلق تنظيم «داعش»، في فبراير (شباط) الماضي، أول تطبيق لإذاعة له تعمل على نظام «أندرويد» للترويج لأنشطته الإرهابية، ووجه أنصاره على مواقع التواصل الاجتماعي للاستماع إلى الإذاعة لمعرفة أخبار التنظيم وآرائه وآخر نشاطاته، وكان هذا التطبيق بعد أشهر من إطلاقه الوكالة الإخبارية التي تهتم بنشر أخبار التنظيم اليومية.
ويشار إلى أن التطبيق الجديد لدار الإفتاء المصرية على الهواتف الذكية به كثير من الفتاوى للمسلمين، حيث يهدف تطبيق دار الإفتاء إلى توصيل الحكم الشرعي في عدد من الأسئلة والفتاوى الهامة التي يسأل عنها كل مسلم. كما يهدف تطبيق دار الإفتاء إلى تيسير وتسهيل التواصل بين السائلين ومشايخ دار الإفتاء، وهذا في إطار السياسة التي تتبعها دار الإفتاء لتيسير عملية الحصول على الفتوى الشرعية من ذوي الخبرة والمتخصصين، كما توفر دار الإفتاء إمكانية الحصول على الفتاوى عبر المقابلات الشخصية أيضًا في مقر الدار، أو عن طريق المراسلة بالبريد أو الفاكس أو عبر الموقع الرسمي لدار الإفتاء على الإنترنت.
ودشنت دار الإفتاء، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مُبادرة عالمية للتصدي لظاهرة «الإسلاموفوبيا» في الغرب، عقب هجمات إرهابية طالت عددا من دول العالم نفذها تنظيم داعش الإرهابي، تضمنت صفحة على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» باللغة الإنجليزية والفرنسية والألمانية، للتواصل مع غير العرب.
وأوضح مفتي البلاد أن دار الإفتاء استشعرت خطر فتاوى الإرهاب، وأقامت مرصدا لمتابعة الفتاوى التكفيرية والمتشددة، والرد على هذه الفتاوى وتفنيدها من خلال منهج علمي رصين، وإقامة مركز تدريبي متخصص حول سبل تناول ومعالجة الفتاوى المتشددة، وإطلاق صفحة إلكترونية بعنوان «داعش تحت المجهر» باللغتين العربية والإنجليزية لتصحيح المفاهيم الخاطئة التي تسوقها التنظيمات الإرهابية، وإطلاق مجلة إلكترونية «بصيرة» باللغتين العربية والإنجليزية لنشر الإسلام الوسطي المعتدل.
وقالت المصادر في دار الإفتاء نفسها إن التطبيق الجديد للدار يهدف لتعرية الانحرافات الفكرية للجماعات المتطرفة وتفنيدها، قائلة لـ«الشرق الأوسط» إن «الجماعات الإرهابية تأتي بنصوص مبتورة من التراث، وتخرجها من سياقاتها لتحقيق أهدافها الدنيئة»، لافتة إلى أن المنتديات الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، مثل «يوتيوب» و«تويتر» و«فيسبوك» و«واتس آب» و«إنستغرام»، أصبحت الأداة الأهم في يد الجماعات الإرهابية المتطرفة لنشر أفكارها ومعتقداتها الخاطئة، وتنظيم داعش تفوق على أغلب هذه التنظيمات، ويستخدم تطبيقات مختلفة للإجابة عن بعض الأسئلة عن الحياة اليومية لعناصره، في دولة الخلافة المزعومة، وأغلبها ردود على فتاوى دينية وآراء في موضوعات فقهية وصفتها المصادر بالمغلوطة، لافتة إلى أن التطبيق الجديد للدار على الهواتف الذكية وسيلة جديدة لمحاربة التنظيمات المتطرفة بنفس أسلوبها.
من جهته، قال الدكتور علام إن الدار خصصت أيضًا 10 صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي للرد على أفكار المتطرفين، ونشر الفتاوى والمقالات والأبحاث ومقاطع الفيديو بعشر لغات، يتابعها ما يقرب من 4 مليون مُستخدم، مشددا على أن الجماعات المتطرفة تستخدم الفتوى كأداة لهدم المجتمعات ونشر الفوضى، وتستغل بعض النصوص الدينية التي تفسرها بمنطق مشوه وغير علمي، من أجل تحقيق مصالحها الشخصية وتبرير أعمالها الإجرامية، مؤكدا أن «الدار استغلت الطفرة الإلكترونية الهائلة ووسائل التواصل الحديثة للوصول إلى أكبر قطاع ممكن من المسلمين بمختلف الدول وبمختلف اللغات».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم