الناصر: البرلمان التونسي هو من سيحسم في منح الثقة للحكومة المرتقبة

الأحزاب المشاركة في المشاورات تتحاشى طرح موضوع بقاء رئيس الحكومة أو استبداله

الناصر: البرلمان التونسي هو من سيحسم في منح الثقة للحكومة المرتقبة
TT

الناصر: البرلمان التونسي هو من سيحسم في منح الثقة للحكومة المرتقبة

الناصر: البرلمان التونسي هو من سيحسم في منح الثقة للحكومة المرتقبة

أكد محمد الناصر، رئيس مجلس نواب الشعب (البرلمان) التونسي، أن البرلمان ستكون له الكلمة الفصل في منح الثقة للحكومة المرتقبة من حيث برنامجها وتركيبتها، دون غيره من المؤسسات الدستورية، مشيرا إلى أن حكومة الوحدة الوطنية ستعالج المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية العاجلة، في إطار خطة وطنية تهدف بالأساس إلى إرجاع ثقة المواطن بمستقبل البلاد وبالقيادات الحاكمة.
ودعا الناصر إثر لقاء جمعه بالرئيس التونسي إلى ضرورة الاعتماد على الكفاءات في حكومة الوحدة الوطنية المزمع تشكيلها، بعيدا عن مصالح الأحزاب وحساباتها الضيقة، على حد تعبيره.
وشهد قصر قرطاج أمس اجتماع لجنة ممثلي المنظمات والأحزاب المشاركة في مشاورات حكومة الوحدة الوطنية، المكلفة بصياغة الوثيقة المشتركة النهائية لأولويات ومضامين عمل الحكومة المقبلة، بعد أن تأجل هذا الاجتماع بسبب تأخر بعض الأطراف المشاركة في الحوار في إتمام صياغة اقتراحاتها، على غرار الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال)، الذي تمسك بضرورة تطبيق الاتفاقيات السابقة مع الحكومة بشأن الزيادة في الأجور، في حال إقرار هدنة اجتماعية بسنتين، وهو موقف اعتبره المتابعون للشأن السياسي متناقضًا مع مبدأ السلم الاجتماعي، والعودة إلى الإنتاج الذي يرمي إليه تشكيل هذه الحكومة.
وخلال جلسة المشاورات الثالثة التي انعقدت الأربعاء الماضي، تقرر أن تظل اجتماعات هذه اللجنة مفتوحة حتى صياغة الوثيقة النهائية حول برنامج حكومة الوحدة الوطنية التي لن ترى النور قبل نهاية شهر رمضان.
وبشأن ما ستفضي إليه هذه المشاورات الماراثونية من نتائج سياسية، قال جمال العرفاوي، المحلل السياسي التونسي لـ«الشرق الأوسط»، إن المبادرة الرئاسية «تعيش حالة تمطيط غير عادي، ولا يبدو أن نتائجها مضمونة، بل تسير ضد مصلحة تونس السياسية والاقتصادية»، مضيفا أن مصالح الأحزاب السياسية التسعة المشاركة في الاجتماعات الرئاسية «تتناقض بصفة جوهرية، فالبعض منها غير ممثل في البرلمان ووجد الفرصة مواتية لاستعادة قليل من البريق السياسي، ومحاولة تهيئة الأرضية الملائمة للانتخابات البلدية المقبلة، وبعض الأحزاب، وبخاصة الكبرى منها، وجدت نفسها في مأزق بسبب المبادرة الرئاسية، وذلك نتيجة جلوسها إلى أحزاب غير ممثلة في البرلمان أو ذات تمثيل برلماني ضعيف، وهي مطالبة بالتشاور والنقاش حول المصير السياسي للحكومة».
وعلى الرغم من مرور شهر تقريبا على إعلان الرئيس التونسي لمقترح تشكيل حكومة وحدة وطنية، فإن المشاورات تراوح مكانها، حيث لم تتمكن الأحزاب التسعة المشاركة في المشاورات من الاتفاق حول أولويات الحكومة وبرنامجها المستقبلي، كما تحاشت حتى الآن طرح موضوع بقاء الحبيب الصيد رئيسا للحكومة من عدمه، وهو لب القضية بالنسبة لبعض قيادات حزب النداء التي لم تقبل منذ البداية بترؤس شخصية من خارج النداء الفائز في الانتخابات البرلمانية للحكومة التونسية.
من ناحية أخرى، أفاد عمر منصور وزير العدل، بأن تجربة تركيب أجهزة للهاتف الثابت بالسجن المدني بالمنستير تسعى إلى «أنسنة» السجون التونسية. وقال أثناء زيارته إلى السجن المدني بالمنستير إن هذه التجربة نموذجية، وستشمل سجون: منوبة (العاصمة)، وبرج الرومي (بنزرت)، وستعمم على كامل السجون المدنية في تونس، مشيرا إلى أن وزارة العدل تدرس إمكانية دعم السجون بـ«الويب كام»، وأن السلطات تعمل على مساعدة الأشخاص الذين أنهوا عقوبة السجن والراغبين في العمل، وذلك بالتنسيق مع نخبة من رجال الأعمال والمجتمع المدني.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.