الجيش اللبناني يحبط عمليتين إرهابيتين في مرفق سياحي ومنطقة مكتظة

مصدر أمني رفيع: إحداها كانت تستهدف الضاحية أو الحمرا أو الجميزة

نساء من بلدة القاع في سهل البقاع اللبناني يبكين في جنازة قريب لهن قضى في تفجيرات إرهابية ضربت البلدة هذا الأسبوع (أ.ف.ب)
نساء من بلدة القاع في سهل البقاع اللبناني يبكين في جنازة قريب لهن قضى في تفجيرات إرهابية ضربت البلدة هذا الأسبوع (أ.ف.ب)
TT

الجيش اللبناني يحبط عمليتين إرهابيتين في مرفق سياحي ومنطقة مكتظة

نساء من بلدة القاع في سهل البقاع اللبناني يبكين في جنازة قريب لهن قضى في تفجيرات إرهابية ضربت البلدة هذا الأسبوع (أ.ف.ب)
نساء من بلدة القاع في سهل البقاع اللبناني يبكين في جنازة قريب لهن قضى في تفجيرات إرهابية ضربت البلدة هذا الأسبوع (أ.ف.ب)

أعلنت قيادة الجيش اللبناني يوم أمس الخميس إحباط «عمليتين إرهابيتين» قالت: إنهما «على درجة عالية من الخطورة»، كان يخطط تنظيم داعش لتنفيذهما في مرفق سياحي كبير ومنطقة مكتظة بالسكان، من دون تحديد الموعد الذي كان مقررا للتنفيذ.
وقالت القيادة في بيان بأن مديرية المخابرات أوقفت «الإرهابيين الخمسة الذين كانوا سينفذون العملية وعلى رأسهم المخطط، وقد اعترف الموقوفون بتنفيذهم أعمالا إرهابية ضد الجيش في أوقات سابقة».
وكشفت مصادر أمنية رفيعة لـ«الشرق الأوسط»، أن المرفق السياحي الذي كان سيتم استهدافه هو كازينو لبنان، لافتة إلى عمليتين جرى التخطيط لهما لاستهداف هذا المرفق الواقع شمال العاصمة بيروت في أوقات مختلفة. وأشارت المصادر أنّه «وفيما يتعلق بالمنطقة السكنية التي كان ينوي الإرهابيون استهدافها، فهي واحدة من 3، الضاحية الجنوبية لبيروت أو الحمرا أو الجميزة: باعتبار أنه تم استطلاع المناطق الـ3 المذكورة وكان سيتم استهداف المنطقة التي قد ينجحون بالوصول إليها».
وكشف المصدر الأمني أنّه «يتم حاليا تشديد الإجراءات الأمنية بشكل خاص حول الكنائس والمجمعات التجارية وفي المناطق السياحية»، مشيرا إلى أن الوضع الأمني «غير مطمئن». وأوضح المصدر أن التحقيقات المستمرة في العملية التي استهدفت القاع مطلع الأسبوع بيّنت حتى الساعة أن البلدة هي المستهدفة وأنّها لم تكن مجرد ممر للانتحاريين، نافيا ما تم تداوله عن حشد التنظيم عناصره على الحدود بالتزامن مع «غزوة» الانتحاريين للبلدة. وأضاف: «مدفعية الجيش استهدفت مراكزهم في الجرود، لكننا لم نسجل أي حشد لهم يوحي بقرار اقتحام البلدة بهدف احتلالها».
من جهته، قال مصدر وزاري بأن الأجهزة الأمنية تعرفت إلى سبعة من أصل ثمانية انتحاريين فجروا أنفسهم في بلدة القاع الحدودية يوم الاثنين الماضي لافتا إلى أن جميع هؤلاء من السوريين الذين كانوا مع تنظيم داعش في الجرود.
وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط»، بأن «موقوفين سوريين لدى الأجهزة الأمنية تعرفوا على زملاء لهم، ما عدا السابع الذي أثّرت التفجيرات على وجهه بحيث صَعُب على هؤلاء التعرف عليه من الصورة». وإذ توقع حصول محاولات جديدة من قبل التنظيم، أشار إلى أن المعلومات التي توصلت إليها السلطات الأمنية تفيد بأن «خطط داعش تتركز على إحداث أكبر ضجة ممكنة، من خلال استهداف المسيحيين والأجانب في لبنان»، مؤكدا أن «تدابير مشددة اتخذت لمنع حصول مثل هذه التفجيرات».
وأوضح المصدر أن «أحلام التنظيم المتشدد لا تزال تتمحور حول تأمين ممر إلى البحر والنفاذ إلى منطقة وادي خالد في شمال لبنان حيث يتوهم وجود حاضنة سنية له». ومن هذا المنطلق، وضع المشنوق الهجمات في إطار «محاولات تفريغ المنطقة من سكانها والانقضاض على الجيش اللبناني الذي يعتبر الهدف الأول للتنظيم». وأضاف أن «كل اعترافات الموقوفين من التنظيم المتشدد توضح أن حجر الزاوية في سياساته هو ضرب الجيش من أجل تأمين أرضية مناسبة لمخططاته على الساحة اللبنانية».
وتستنفر الأجهزة الأمنية لمواكبة الوضع المترنح، وقد نفذت وحدات الجيش المنتشرة في مختلف المناطق اللبنانية، سلسلة عمليات دهم شملت أماكن ومخيمات يقطنها نازحون سوريون في مناطق الجنوب والبقاع والشمال وكسروان والضاحية الجنوبية، وأعلنت عن توقيف 412 شخصا من التابعية السورية لدخول بعضهم خلسة إلى الأراضي اللبنانية ولتجول بعضهم الآخر بصورة غير شرعية.
وظلّت الأنظار متجهة إلى بلدة القاع على الحدود مع سوريا والتي تعرضت لـ8 عمليات انتحارية يوم الاثنين ذهب ضحيتها 5 من أبناء البلدة وعشرات الجرحى. كثّفت كل الأجهزة الأمنية دون استثناء من تواجد عناصرها في البلدة وحولها. وقال أنطون (52 عاما)، وهو أحد أبناء القاع لـ«الشرق الأوسط» بأن المعلومات تتحدث عن وجود 6 انتحاريين ما زالوا هاربين قد يعودون لاستهداف البلدة، متحدثا عن «استنفار أمني كبير من كل القوى العسكرية وأبرزها (حزب الله) الذي عاد ونشر عناصره وبشكل كبير في محيط القاع». وأضاف: «أبناء البلدة يتولون عملية الحراسة الليلية بسلاح خفيف معظمه من الكلاشن، أما الحزب فيمتلك كل أنواع الأسلحة الثقيلة وحتى الصواريخ».
وفيما أقام شبان القاع حواجز متنقلة وقطعوا الطرقات المؤدية إلى بلدتهم، شدّدت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي كما قيادة الجيش من الإجراءات المتخذة على طول الطريق الممتد من البقاع إلى بيروت، وتم بشكل خاص إخضاع الأشخاص الذين يحملون الجنسية السورية لتفتيش دقيق بعد إخراجهم من سياراتهم أو الباصات التي يستقلونها.
في هذا الوقت، حذّر رئيس الحكومة تمام سلام خلال اجتماع لمجلس الوزراء من «المضي في منحى ربط ما حدث بالنزوح السوري لوضع لبنان بأكمله في مواجهة النازحين»، مؤكدا أن «الجيش والقوى الأمنية على جهوزية تامة لمواجهة أي طارئ وأن هناك ثقة كبيرة بها وبقدرتها على مواجهة الإرهاب واستباقه وتعقبه». وقال سلام: «الإرهاب مصيبة كبرى والتصدي له يتطلب مسؤولية عالية. ليست هناك ضمانات أمنية مائة في المائة في أي بلد في العالم، والأمثلة كثيرة من حولنا عن العمليات الإرهابية في دول أكبر وأكثر قدرة من لبنان، لكن علينا الصمود والثقة بقدرات جيشنا وقواتنا الأمنية».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.