«الحشد» يحرق منازل أهالي الفلوجة ويرفع الشعارات الطائفية

العيساوي: ما يتم انتهاكات صارخة وأبلغنا الحكومة ولا مجيب

أحد عناصر الحشد الشعبي يرفع لافتة عنصرية عليها صورة للإرهابي الذي أعدمته السعودية نمر النمر على جسر في الفلوجة (خاص)
أحد عناصر الحشد الشعبي يرفع لافتة عنصرية عليها صورة للإرهابي الذي أعدمته السعودية نمر النمر على جسر في الفلوجة (خاص)
TT

«الحشد» يحرق منازل أهالي الفلوجة ويرفع الشعارات الطائفية

أحد عناصر الحشد الشعبي يرفع لافتة عنصرية عليها صورة للإرهابي الذي أعدمته السعودية نمر النمر على جسر في الفلوجة (خاص)
أحد عناصر الحشد الشعبي يرفع لافتة عنصرية عليها صورة للإرهابي الذي أعدمته السعودية نمر النمر على جسر في الفلوجة (خاص)

استمرت الحكومة العراقية في تجاهل التحذيرات التي أطلقها المجتمع الدولي والجماعات الحقوقية من مشاركة ميليشيا الحشد الشعبي في معركة تحرير الفلوجة من «داعش» والاستغلال الطائفي للجماعات المتطرفة للمعركة.
وأزداد حنق الكثير من الأحزاب العراقية مما تعرض له سكان الفلوجة من تعذيب واعتقال بتهمه الانضمام لـ«داعش»، مشيرين إلى أن تلك التهمة ذريعة استخدمها ميليشيا الحشد الشعبي للتصفية الطائفية لأبناء الفلوجة.
وتعرضت مدينة الفلوجة إلى أضرار كبيرة خاصة عند المناطق الجنوبية التي شهدت الكثير من الضربات الجوية التي نفذتها طائرات التحالف، فضلا عن العمليات العسكرية على الأرض التي شهدتها المدينة أثناء تحريرها من تنظيم داعش، إضافة إلى عمليات الحرق والتدمير وأعمال السلب والنهب التي تقوم بها بعض العناصر التابعة للميليشيات.
وقال قائمّقام قضاء الفلوجة عيسى ساير العيساوي لـ«الشرق الأوسط» إن «مدينة الفلوجة تتعرض لدمار كبير في البنية التحتية، وعمليات حرق وتدمير للمنازل والمحال التجارية انتهاكات والجرائم يقوم بها عناصر تابعة للحشد الشعبي»، مشيرا إلى أن ما يجري حاليا تسبب في وقوع أضرار بالغه في المدينة، مضيفا أنه تم إبلاغ القيادات العليا بهذه الانتهاكات ولكن ليس هناك من رادع».
وأشار العيساوي إلى أنه تم هدم الكثير من المنازل جراء العمليات العسكرية التي شهدتها المدينة أثناء وبعد تحريرها من قبضة «داعش»، مشيرا إلى أنه بعد سلسلة كبيرة من الضربات الجوية التي نفذتها طائرات التحالف الدولي قبل دخول القوات الأمنية إلى المدينة الأمر الذي تسبب في تدمير مناطق كبيرة في الأحياء السكنية، إضافة إلى ما شهدته المدينة من قصف بالبراميل المتفجرة الذي استمر لأشهر، إلى أن جاء دور العمليات العسكرية ودخول القوات الأمنية للمدينة لغرض تحريرها من التنظيم الإرهابي وما خلفته تلك المعارك في مناطق متعدد في الفلوجة.
وأضاف العيساوي «إن الكثير من المباني في مدينة الفلوجة سويت بالأرض أو أصيبت بأضرار لا يمكن إصلاحها كما وأصيبت منشآت أخرى مثل الملعب الرياضي بدمار كبير وأحرقت عشرات المنازل»، مشيرا إلى أن نسبة الدمار كبيرة جدا وتحتاج إلى زمن طويل لأعمار المدينة كونها ما زالت تتعرض لعمليات حرق وتفجير ونهب للمنازل والمنشآت العامة من قبل الميليشيا.
وأضاف أن ميليشيا الحشد الشعبي أحرقوا الكثير من منازل المواطنين والمحال التجارية في المدينة إضافة إلى سرقتها، وقاموا بوضع ملصقات وصور وشعارات مكتوبة على الجدران تدل على الكراهية والعدوان وروح الانتقام من المدينة وأهلها وبدوافع طائفية، مستدركا أنه هناك من يرفض هذه التصرفات وخاصة من عناصر جهاز مكافحة الإرهاب التي تعمل على مسح تلك الشعارات الطائفية التي قامت بكتابتها العناصر التابعة للميليشيات، وكذلك تتم عمليات إزالة الصور، ولكن في الوقت نفسه تقوم الميليشيات المنتشرة في الأحياء السكنية بانتهاكات جديدة وبمناطق مختلفة.
وعن احتمالية عودة أهالي مدينة الفلوجة لمناطقهم أكد العيساوي أن هذا الأمر يحتاج إلى وقت طويل فما زال الملف الأمني مفتوح ولم يغلق بعد ويوجد الكثير من القوات والأجهزة الأمنية في المدنية، ولم يدخل الفلوجة لحد الآن أي دائرة من الدوائر الخدمية تمهيدًا لعمليات إزالة المخلفات الحربية، لذلك لا يوجد لحد الآن سقف زمني لعودة النازحين إلى المدينة.
ميدانيًا، فرضت القوات الأمنية، سيطرتها على منطقتي البوعلوان والحلابسة آخر معاقل «داعش» جنوب مدينة الفلوجة، وقال قائد عمليات الأنبار اللواء الركن إسماعيل المحلاوي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «قوات تابعة للفرقة الثامنة في الجيش العراقي تمكنت من تحرير منطقتي الحلابسة والبوعلوان جنوب مدينة الفلوجة ورفعت العلم العراقي فوقهما».
وأضاف المحلاوي أن قوات الفرقة «وصلت إلى الضفة الغربية لنهر الفرات وجسر الفلوجة القديم والجديد وتكبد (داعش) خسائر بالأرواح والمعدات، وبتحرير تلك المناطق ستتمكن القوات الأمنية من فتح الطريق الرابط بين مدينتي الرمادي والفلوجة وصولاً إلى بغداد، كما تمكنت القوات المشتركة من تحرير حي الجولان والأزركية، وتم إجلاء أكثر من ستين شخصا من المدنيين، معظمهم من النساء والأطفال كان تنظيم داعش يحتجزهم لاستخدامهم كدروع بشرية في تلك المناطق».
سياسيا، عقد مجلس محافظة الأنبار جلسة مخصصة لاستجواب محافظ الأنبار صهيب الراوي، وصوت 18 عضوا من مجموع أعضاء المجلس البالغ عددهم 30 عضواَ على إقالة المحافظ من منصبه، بالأغلبية البسيطة، وقال عضو المجلس ورئيس كتلة الإصلاح جاسم الحلبوسي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «مجلس محافظة الأنبار عقد جلسة لاستجواب محافظ الأنبار صهيب الراوي الذي رفض الحضور إلى الجلسة، وقرر المجلس بعد قراءة أسئلة الاستجواب إقالة المحافظ غيابيًا، بعد أن تم مسبقا رفض قبول تأجيل جلسة الاستجواب من قبل المحافظ». وأضاف الحلبوسي «إن 18 عضوا من أصل 30 صوتوا على إقالة الراوي من منصب المحافظ لوجود خروقات إدارية وقضايا فساد».
وعقد مجلس محافظة الأنبار، جلسة في قضاء الخالدية، الذي يبعد 23 كلم شرق الرمادي، لاستجواب محافظ الأنبار صهيب الراوي، الذي اعتذر بدوره عن الحضور لأسباب صحية.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.