«داعش» يخسر النفوذ والمساحة في العراق وأوضاع مأساوية في الفلوجة

حكومة بغداد أمام مطالب بسرعة الكشف عن حالات الانتهاكات

«داعش» يخسر النفوذ والمساحة في العراق وأوضاع مأساوية في الفلوجة
TT

«داعش» يخسر النفوذ والمساحة في العراق وأوضاع مأساوية في الفلوجة

«داعش» يخسر النفوذ والمساحة في العراق وأوضاع مأساوية في الفلوجة

يقر وزير التخطيط العراقي سلمان الجميلي، وهو قيادي بارز ينتمي إلى إحدى قبائل الفلوجة، بصعوبة الأوضاع داخل المدينة ومحيطها، بعد استكمال عملية تحريرها من قبل القوات العراقية بالكامل يوم أول من أمس.
الجميلي الذي افتتح أمس الاثنين مبنى قائمقامية القضاء داخل المدينة شبه السليمة (نسبة التدمير فيها طبقًا لمجلس محافظة الأنبار لا يتعدى الـ30 في المائة بالقياس إلى الرمادي التي بلغت نسبة التدمير فيها 90 في المائة)، وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» يقول إن «هناك نوعين من المشكلات التي لا بد أن يجري التحسب لها ومعالجتها، وهي إشكالية الثارات العشائرية، لا سيما بين من كان مع (داعش) ومع من قاتلها من أبناء العشائر ذاتها وهو ما ينطبق على كل المناطق وليس الفلوجة فقط».
الجميلي الذي كان يشعر بالرضى جراء الهزيمة السريعة لـ«داعش» بالفلوجة يضيف قائلاً إن «المشكلة الثانية هي كيفية تأمين الخدمات البلدية من خلال إعمار البنى التحتية لكي يتم ترتيب البيئة المناسبة لإعادة النازحين». وبشأن قضية الثارات العشائرية يقول الجميلي إن «(داعش) استغل أمورًا كثيرة حصلت خلال السنوات الماضية، وتمكن من التغلغل بين الناس ولكن ما حجم ما ارتكبه من جرائم بشعة بحق أهل السنة قبل غيرهم يمكن أن يكون مقدمة لوئام جديد بين أبناء تلك المناطق، بحيث يمكن التوصل إلى حلول بأقل الخسائر الممكنة دون حصول تبعات خطيرة»، مبينًا أن «الكرة الآن في ملعب الحكومة التي يتوجب عليها التحرك بسرعة لتعويض المدنيين والكشف عن حالات الانتهاكات والبدء بعملية إعمار حقيقي».
وكشف الجميلي أن «الدول المانحة ومنها الولايات المتحدة الأميركية أبلغتهم بأنها ستقدم قريبًا نحو مليار دولار أميركي لإعادة إعمار المناطق التي تم تحريرها من تنظيم داعش الإرهابي».
تنظيم داعش وبعد هزيمته بالفلوجة التي بدت مفاجئة حتى للحكومة العراقية التي كانت تتوقع أنها سوف تطول أكثر بكثير مما جرى يحاول العمل على تعويض هذه الخسارة القاسية بطريقتين، طبقًا لما يقوله الخبير الأمني المتخصص هشام الهاشمي، في حديثه لـ«الشرق الأوسط» وهما «أولاً الاستعداد الكامل لمعركة الموصل التي بدأ يستعد لها رغم التقدم الذي تحققه القوات العراقية الآن في محوري مكحول والقيارة، وكلاهما يمثلان طريقين مختلفين للاقتراب من الموصل، والثاني هو محاولة القيام بتعرضات هنا وهناك من أجل فتح جبهات لإشغال القوات العراقية، وهو ما فعله هذه الأيام في كل من الرطبة وهيت». وبشأن الموصل يرى الهاشمي أن «(داعش) يريد أن تكون الموصل هي معركته الفاصلة، لذلك فإنه في الوقت الذي لم يحشد فيه أكثر من 2000 إلى 3000 مقاتل بالفلوجة فإن مقاتليه في الموصل يفوقون العشرة آلاف مقاتل، ربما غالبيتهم من العرب والأجانب، مراهنًا على معركة كبيرة في مدينة قطنها نحو مليوني نسمة».
وحول ما إذا كان «داعش» قد خسر المساحة والنفوذ معا قال الهاشمي إن «تنظيم داعش كان يسيطر على نحو ثلث مساحة العراق، ونحو 200 بئر نفطي في العراق وسوريا، بالإضافة إلى خسارته لعشرات الآلاف من مقاتليه، فضلا عن جهوزيته القتالية من حيث المخازن والعتاد والبنى التحتية، والأهم من ذلك أنه فقد نحو 90 في المائة من موارده النفطية، كما خسر معظم قادة الخط الأول من قياداته».
هذه التقديرات تتوافق مع ما سبق أن أعلنته وزارة الدفاع الأميركية حيث إن تنظيم داعش خسر نحو 70في المائة من الأراضي التي كان يحتلها في العراق منذ سقوط الموصل خلال شهر يونيو (حزيران) عام 2014. مع ذلك فإن تنظيم داعش الذي يستعد لمعركة الموصل فإنه لا يزال يملك القدرة على التحرك في مساحات واسعة من محافظة الأنبار المترامية الأطراف والتي تمثل وحدها نحو ثلث مساحة العراق. فبالإضافة إلى هجومه على منطقة الرطبة الحدودية بين العراق والأردن فإنه حاول معاودة الهجوم على قضاء هيت الذي استعادته منه القوات العراقية قبل شهور.
ومع إعلان قائد عمليات تحرير الفلوجة الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي فتح الطريق الدولي السريع الرابط بين بغداد والفلوجة، والذي يمتد حتى الحدود العراقية الأردنية عند منفذ طريبيل والعراقية - السورية عند منفذ الوليد، وهو ما يعني عودة الحياة إلى أهم طريق بري دولي كان مغلقا منذ أكثر من سنتين بعد سيطرة «داعش» على الفلوجة، فإن قيادة عمليات بغداد أعلنت من جانبها أنها بصدد وضع خطة أمنية جديدة لحماية العاصمة من السيارات المفخخة والانتحاريين مع التوقع بازدياد هذه العمليات خلال الفترة المقبلة كجزء من محاولات «داعش» تعويض خسائرها وهزائمها معا.
إلى ذلك أفرجت اللجنة الخماسية المكلفة بالتحقيق مع المحتجزين من أهالي مدينة الفلوجة عن 14 ألف مواطن من أهالي المدينة من أصل 20 ألف تم احتجازهم في مخازن تابعة لوزارة الصناعة العراقية قرب ناحية العامرية، فيما قامت بتسليم 2000 شخص منهم إلى الأجهزة الأمنية للاشتباه في تعاونهم مع تنظيم داعش، وقال نائب رئيس مجلس المحافظة فالح العيساوي، في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «اللجنة الخماسية المكلفة بالتحقيق مع المحتجزين من أهالي مدينة الفلوجة أطلقت سراح أكثر من 14 ألف محتجز من أبناء المدينة، وأن جميعهم التحقوا بعائلاتهم المقيمة في مخيمات النازحين في عامرية الفلوجة قضاء الخالدية».
وأضاف رئيس اللجنة الخماسية الخاصة بالتحقيق مع المحتجزين أن «التحقيقات أثبتت تعاون 2000 شخص من المحتجزين مع داعش، لكنهم لم يحملوا صفة مقاتلين، وقد تمت إحالة قضاياهم إلى القضاء المختص بذلك».
وكانت قوات الأمن العراقية قد احتجزت 20 ألف شخص تقريبًا من أجل التحقيق معهم في مخزن تابع لوزارة الصناعة يقع في عامرية الفلوجة.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.