تطلعات ومبادرات السعودية لتنمية حس الإبداع لدى الشباب

الحواجز المجتمعية تقف عائقا أحيانا أمام التوسع في أعمالهم الإبداعية

تقوم بعض الجامعات السعودية بخطوات متقدمة بتضمين أقسام فنية وإبداعية للطالبات ضمن برامجها الدراسية
تقوم بعض الجامعات السعودية بخطوات متقدمة بتضمين أقسام فنية وإبداعية للطالبات ضمن برامجها الدراسية
TT

تطلعات ومبادرات السعودية لتنمية حس الإبداع لدى الشباب

تقوم بعض الجامعات السعودية بخطوات متقدمة بتضمين أقسام فنية وإبداعية للطالبات ضمن برامجها الدراسية
تقوم بعض الجامعات السعودية بخطوات متقدمة بتضمين أقسام فنية وإبداعية للطالبات ضمن برامجها الدراسية

تعد الفنون والإبداع اليوم المجالات الأكثر رواجا بين الشباب في السعودية، كاحتراف التصوير الفوتوغرافي، التمثيل، أدوات الإخراج، وتشعبا لفنون أخرى كالفنون البصرية، والتصميم، والكتابة. ويميل الشباب اليوم لإبراز مهاراتهم الإبداعية المعتمدة على قدرتهم على ابتكار شيء جديد، توشحا بالموهبة كأساس رصين يستندون إليه، في عمل شيء جديد مختلف وغير مسبوق، في البدء بأعمالهم الخاصة، أو الأعمال المتطلبة للفنون والإبداع، وساعدهم على ذلك تطور الوسائل الرقمية وتوافرها في متناول الأيدي بعد أن كانت حكرا في أيدي المختصين.
ويطمح الشباب اليوم إلى تطوير أعمالهم الإبداعية والاستفادة منها، إلا أن الحواجز المجتمعية تقف أحيانا عائقا أمام التوسع في الأعمال الإبداعية من الأفراد؛ بل وعدم تقبلها، ووضع تصور نمطي لحياة الأفراد المجتمعية في تمجيد احتكار الوظيفة اليومية، وجعل الموهبة أو ملكة الإبداع مهمشة إلى أن تذبل، أو جعلها شيئا ثانويا.

بيئة الإبداع
كلمة «الإبداع» شاملة كل ما له علاقة بابتكار شيء غير مألوف، وبما هو محسوس ومادي كالاختراعات العلمية، وغير مادي كالفنون التي تعبر عن حالة اجتماعية بأسلوب يطرحه الفنان برؤية مغايرة عما هو معتاد، أو ما يبتكره شخص في مجاله بشكل غير مسبوق، فيسمى مبدعا أيا كان تخصصه.
وترى أحد المبرمجات، فضلت عدم ذكر اسمها، أن الطلب على المجالات الإبداعية والمبدعين ما زال جديدا في سوق العمل، ومفهومه جديد على المجتمع السعودي، فلا يوجد وعي كاف بأهمية الموهبة وفرص المبدع عند تنميته مهارة خاصة يمتلكها، ولا لأهمية تضمين أقسام خاصة به في الجامعات والمعاهد التدريبية، فما زال عدد كبير من الشباب من الجنسين يطمحون إلى العمل في وظائف بدلا من بدء أعمالهم الخاصة بالاعتماد على مواهبهم الشخصية وتطويرها، وجعلها مصدر رزق متجدد ونام.
ومن وجهة نظر رامي بخش، مصور فوتوغرافي وعارض سعودي، فإن البيئة الاجتماعية بالسعودية بعيدة عن تقدير الفنون والجمال وتصطدم بعراقيل ومعتقدات فكرية تؤثر فيها، وأغلب العاملين في المجالات الفنية، بما فيها التصوير الفوتوغرافي، بذلوا جهودا شخصية لتطوير مواهبهم، مشيرا إلى أهمية تهيئة وتأهيل كوادر متخصصة ضمن معاهد تدريبية أو أكاديميات تخصصية، وصقلها بمجال العمل لتظهر بشكل مناسب عبر الوكالات الخاصة بالدعاية والإعلان.

تعليم ومهنة
وتشكو المؤسسات التعليمية اليوم افتقارها إلى مناهج تعليمية أو تدريبية في المدارس والمعاهد تنمي الإبداع لدى طلبتها، ولخطط أنشطة لا صفية (خارج وقت الدوام) تعتمد بالكامل على تنمية النشء في مجالات الفنون والإبداع والابتكار، فضلا عن عدم إتاحة تخصصات فنية جديدة ومتطورة بالجامعات لسد احتياج السوق من متطلبات الإبداع، كالتصميم والتصوير والمسرح.
وتدرس وزارة التعليم العالي السعودية اليوم تطوير خطط الابتعاث الخارجي لتغطي تكاليف الابتعاث في مجالات إبداعية وفنية لسد حاجة السوق السعودية من الجهات الحكومية والقطاع الخاص، وإيجاد مختصين متعلمين ومؤهلين.
وخطت بعض الجامعات السعودية خطوات متقدمة بتضمين أقسام فنية وإبداعية للطالبات ضمن برامجها الدراسية، مخصصة لتعليم أساسيات التصميم الرقمي (الغرافيكس)، ومجال الأزياء والفنون البصرية، إلا أن الطلب ما زال عاليا على الشباب السعوديين المتخصصين من الجنسين، فشح المتخصصين دفع غير السعوديين لاحتكار المجال الإبداعي لفترة طويلة تقارب العقدين، لا سيما في مجال الدعاية والإعلان، المطبوع والمرئي والمسموع، فظهرت الحاجة أخيرا إلى السعوديين للعمل بتوسع في هذا المجال، رغبة في طرح رؤية محلية جديدة تجعل المتلقي السعودي يتقبل المنتج أو الخدمة من سعودي مثله، يدرك طرق إيصال أفكار الإعلانات بأجمل صورها للسعوديين.
ولعل وسائل التواصل الاجتماعية التي تضمن إيصال الرسائل والتفاعل معها جعلت ردة فعل الجمهور تصل مباشرة، وتظهر تبرما واضحا من إشراك غير السعوديين في الإعلانات لمنتجات سعودية أو تستهدف الجمهور السعودي بشكل أساسي.
ومما لا شك فيه أن التغيير الاجتماعي الطارئ على المجتمع خلال السنوات الخمس الأخيرة الماضية، أسهم في تقبل وجود وظهور ممثلين وعارضين سعوديين ضمن الإعلانات، بعدما كانت تعتمد بشكل أساسي على ممثلين أجانب أو عرب غير سعوديين، وفي أحيان نادرة الاعتماد على الوجوه المعروفة والمستهلكة أحيانا كممثلي الشاشة الصغيرة، أو المشاهير من لاعبي كرة القدم السعودية.

المرأة في المسرح
مشعل المطيري (ممثل سعودي) يرى أن المشكلة أعقد من ذلك، فبحكم تخصصه الجامعي في المسرح في جامعة الملك سعود، الذي أغلق لاحقا، يرى أنه أساسا لا يوجد اعتراف من المجتمع ومؤسساته بالفنون ودورها، إلا ما هو سطحي ومرتبط بالترفيه لا كمجال إبداعي، واصفا المسرح في السعودية بالأعرج، ولن يستقيم بعدم وجود المرأة كجزء من العمل المسرحي، مهما كان النص متكاملا لتأدية الأدوار كافة من الممثلين الرجال.
يقول المطيري في حديث هاتفي مع «الشرق الأوسط»: «يوجد خلط بين المسرح وفنون الـ(ستاند أب كوميدي) الارتجالية التي يقدمها شخص واحد، فمن ناحية مادية فالأخيرة لا تكلف إقامتها شيئا أمام إنتاج عمل مسرحي متكامل، يظهر بصورة مشرفة، وبشكل فني، تختلف تماما عن الأعمال المسرحية، فهي تجسد دراما متكاملة على خشبته». وكحلول واقعية، بوجهة نظر مشعل المطيري، فإن الوكالات التي تتعاقد مع ممثلين سعوديين، قد تساعد جزئيا في سد الثغرة بالوسط الفني السعودي، البدء في إنشاء بنى تحتية كالمعاهد التي تخرج متخصصين في مجالات مختلفة، كالتمثيل والإخراج.
واختتم: «الأجيال القادمة تحتاج أن تتعلم في المدارس معنى تقدير الفنون وتذوق الجمال، في المناهج المدرسية قبل كل شيء، لتنمية حس الإبداع واحتضان الموهبة الفنية منذ الصغر».
فيما يعتقد عبد المجيد الكناني (ممثل وسينارست سعودي) أن الحل يأخذ جانبين: جانبا كبيرا تتحمله الجهة الرسمية المسؤولة عن الثقافة والإعلام والتربية والتعليم ممثلة في الوزارات، بأن تتحمل مسؤولياتها في هذا الجانب من ابتكار فرص تعليمية وفعاليات على أرض الواقع تحرك عجلة الإبداع الفنون، كونها تتحول إلى صناعة، موضحا أن إدارة عجلة الصناعة الفنية والإبداعية كفيلة بإيجاد فرص وظيفية للشباب المهتم بالإبداع والفنون.
ويقول الكناني إن الجانب الآخر يتحمله صناع الإبداع بأن يبذلوا المزيد من الجهد لخلق حالة تنتشر بين الناس، وتجعل الإبداع والفنون طقسا معتادا وثقافة متداولة، وأنهم بصدد فتح باب للمبدعين والمهتمين بصناعة الإبداع بقناة «سين» على شبكة «يوتيوب» بنشر أعمالهم في القناة، والمساعدة على نشرها للجمهور.

مبادرات شبابية
ويعزى لرواج فكر الإبداع بين الشباب، والحركة الفنية المعاصرة في السعودية، مبادرات الشباب في توعية وتحفيز بعضهم عبر المعارض الفنية الخاصة، والرحلات المتخصصة في مجالات فنية، للتصوير أو الرسم بمناطق أخرى خارج المدن، ودعوة المتخصصين لبدء ورش عمل أو محاضرات تنمي ملكة الإبداع لدى الموهوبين والمبدعين، بالإضافة إلى تعدد بيوت الإبداع واستوديوهات الفنون في السعودية.
وتعد «ريش» واحدة من سلسلة لقاءات شبابية مهتمة بتطوير الحس الإبداعي لدى الشباب في كل المجالات، عبر حوارهم مع المتخصصين والمبدعين واستلهام قصص ناجحة، والتعرف على طرق التميز في البيئة المحلية بالسعودية، التي بدأت أول لقاءاتها مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، بمعرض فني وجلسة حوار مع المبدعين من الجنسين، فضلا عن مبادرات أخرى دعمتها كـ«فكرة بطلة» الخاصة بتحفيز المديرين السعوديين لموظفيهم المبدعين في أعمالهم.
فيما اهتمت مبادرة «عنقود» كمشروع متخصص ومؤسستها سريا درويش، بإنشاء بيئة إبداعية سعودية متخصصة، لدعم الإبداع في مجال الفنون البصرية، من خلال تكوين مجتمع مبدع من الفنانين السعوديين، والمساهمة في الارتقاء بالذوق العام في المجتمع، من خلال إدارة فعاليات ومعارض متخصصة، ومنتقاة بعناية، وإقامة ورش عمل فنية متخصصة للأطفال والبالغين من الفنانين أنفسهم.



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.