30 شابًا بـ«رؤية سعودية جديدة» يتولون حياكة وتطريز كسوة الكعبة

الأيادي الواعدة تشغل أكبر ماكينة تطريز في العالم

مشروع بالشراكة بين الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني - خريجو المعهد الصناعي يحيكون كسوة الكعبة على أكبر ماكينة خياطة بالعالم
مشروع بالشراكة بين الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني - خريجو المعهد الصناعي يحيكون كسوة الكعبة على أكبر ماكينة خياطة بالعالم
TT

30 شابًا بـ«رؤية سعودية جديدة» يتولون حياكة وتطريز كسوة الكعبة

مشروع بالشراكة بين الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني - خريجو المعهد الصناعي يحيكون كسوة الكعبة على أكبر ماكينة خياطة بالعالم
مشروع بالشراكة بين الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني - خريجو المعهد الصناعي يحيكون كسوة الكعبة على أكبر ماكينة خياطة بالعالم

مع اقترب دخول الشهر الفضيل أيامه العشر الأواخر، يتجه المسلمون لقضاء هذه الأيام المباركة بجوار بيت الله الحرام. إلا أنه لم يدر بخلد الكثير منهم أن كسوة الكعبة المشرفة تحاك وتطرز بأيدي شباب سعوديين في منتصف العشرينات من عمرهم. إذ هم الشباب الذين تمكنوا، بعد تأهيلهم، من تشغيل أكبر ماكينة تطريز في العالم.
يأتي ذلك في الوقت الذي زج فيه المعهد الصناعي الثانوي في مكة المكرمة بشباب في عمر الزهور إلى ميدان العمل على تطريز وحياكة وصبغة كسوة الكعبة، ليكسروا بذلك احتكار هذه المهنة التي طالما استأثر بها غيرهم من كبار السن والوافدين في الماضي.
وأتقن فعليًا 30 شابًا سعوديًا من خريجي المعهد الصناعي العمل على أكبر ماكينة خياطة في العالم، بعد اجتيازهم برنامج تدريبي لمدة عامٍ واحد، يشتمل على المراحل السبع المخصصة لإنتاج كسوة الكعبة، وذلك بناء على عقد بالشراكة بين الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني.
وعلى الرغم من أن مكائن الخياطة الآلية التي تستخدم لحياكة وتطريز كسوة الكعبة المصنعة من الحرير الطبيعي، والذي يتم استيراده من إيطاليا على هيئة خيوط دقيقة تحتاج لدقةٍ بالعمل وتركيزٍ وصبرٍ، وهي صفاتٍ من النادر تحلي الشباب فيها، إلا أن هؤلاء الشباب نجحوا بمهارتهم وحرفيتهم على إثبات العكس. وحفّز ذلك المصنع على وضع خطط مستقبلية لتوظيف 100 شاب سعودي على مدار خمس سنوات في مجال الحياكة والتطريز.
من جانبه، أظهر الشيخ عبد الرحمن السديس، الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، اهتمامًا ملحوظًا في شباب حياكة كسوة الكعبة، وأثنى على جهود المعهد، واصفًا هذه الخطوة بالمباركة في سبيل تقديم أفضل الخدمات للحرمين الشريفين، منوهًا بجهود المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني التي تشرف على المعهد، وذلك في ظل اهتمام المؤسسة بالمجال التدريبي وتنمية المهارات، سواء في المجالات التقنية أو الفنية.
وفي السياق ذاته، تعهد نائب الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام الدكتور محمد بن ناصر الخزيم، بأن يتم تشجيع وتحفيز الخريجين الجدد لإكمال مسيرتهم العلمية والعملية في هذا المجال، ولتحقيق «الرؤية السعودية 2030».
ويقول الدكتور أحمد الفهيد، محافظ المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، إن مساهمة المؤسسة في خدمة الحرمين الشريفين تعد شرفًا عظيمًا، لما تمثله هاتان البقعتان الطاهرتان من مكانة وأهمية عظيمة، مشيرًا إلى أن المؤسسة لن تدخر جهدًا في خدمة أبناء الوطن وتأهيلهم في أي مكان وبالتعاون مع أي جهة.
وفيما لم يخف الفهيد شعوره بالامتنان، والإعراب عن الشكر للرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي على تفعيل هذا التعاون مع المؤسسة، سعيًا لخدمة الحرمين الشريفين تنفيذًا للتوجيهات العليا، روى الشاب محمد فطاني تجربته بالعمل بمصنع الكسوة المشرفة قائلاً: «بالبداية اخترت الالتحاق بالبرنامج التدريبي في المعهد الصناعي في مكة بدافع الثواب، فهي مهنة تكسبني بإذن الله الأجرين في الدنيا والآخرة، ولكن بعد مشاهدتي للمكائن الحديثة التي لا تستخدم إلا في حياكة قطعة الحرير الأسود والخيوط المطلية بالذهب والفضة، تحول الأمر إلى تحدٍ من داخلي وشغف لاجتياز البرنامج وإتقان العمل، فكانت الأربع أشهر التي نحتاج إليها للانتهاء من تطريز قطعة بحجم مترين مربعين تمر دون أن أشعر بوقتٍ أو ملل».
ويصف عمله بالمصنع بالممتع من الناحية المهنية والحرفية، بالإضافة للجانب الروحاني في الوقت ذاته، حيث إنه يرتكز على حشو الآيات القرآنية التي تزين خارج الكسوة بالقطن الطبيعي ليعطيها الامتلاء اللازم، ثم تطريزها بخيوط السلّم المطلية بالذهب والفضة، لتكون بالفن والجمال الذي نراه عندما نزور الحرم المكي.
ويؤكد حسام اللقماني، أحد الشباب العاملين في حياكة وتطريز كسوة الكعبة، أنه لم يكن يتوقع عندما التحق بالبرنامج التدريبي أنه سينجح في المهنة التي عُرف عنها أنها لكبار السن، ولكن مشاهدته بطريقة عملية لمراحل تصنيع الكسوة من الصباغة والنسيج الآلي واليدوي وقسم المختبر والطباعة والتطريز، ثم المرحلة النهائية بتجميع الكسوة، ولدّت لديه الرغبة باكتساب المهارات والمنافسة في هذا العمل الشريف، وبالفعل تمكن من اجتياز البرنامج والعمل في المصنع.
ويستطرد قائلاً: «إن العمل في تصنيع الكسوة يشكل تحديًا في كل وقت، ويجعلك تشعر بالتفوق على النفس في كل مرحلة من مراحل العمل، فأن تطرز كسوة الكعبة بخيوطٍ من الذهب والفضة وأنت الذي لم تجرب الإمساك بإبرة وخيط في حياتك هي تجربة ثرية بكل ما في الكلمة من معنى».
من ناحيته أوضح رئيس مكتب التدريب التقني والمهني في مكة المكرمة، فيصل كدسة، أن المهارات التي اكتسبها المتدّربون في أساسيات الخياطة والتطريز، وإجراءات الصيانة، وتكنولوجيا الرسم والقص لكسوة الكعبة المشرفة، وقدرتهم على إثبات كفاءتهم، كانت سببًا في تحفيز المصنع لعقد برامج تدريبية مقبلة تستهدف توظيف 100 سعودي في هذا المجال خلال خمس سنوات.
يذكر أن المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني كانت قد وقعت مذكرة تفاهم مع الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، لتدريب وتأهيل الكوادر الشابة الوطنية بأعلى المعايير العالمية في المجالات التي يتطلبها العمل، كتطريز وحياكة كسوة الكعبة، وصيانة مرفقات المسجد الحرام والنبوي.



الشماغ السعودي في ذروة مواسم بيعه

بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)
بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)
TT

الشماغ السعودي في ذروة مواسم بيعه

بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)
بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)

أفصح مختصون في نشاط صناعة واستيراد الشماغ السعودي عن بلوغ هذا الزي التقليدي الرسمي أعلى مواسم البيع السنوية، مسجلاً مبيعات تُقدَّر بنحو 900 مليون ريال سنوياً، كاشفين عن توجهات المستهلكين الذين يبرز غالبيتهم من جيل الشباب، وميلهم إلى التصاميم الحديثة والعالمية، التي بدأت في اختراق هذا اللباس التقليدي، عبر دخول عدد من العلامات التجارية العالمية على خط السباق للاستحواذ على النصيب الأكبر من حصة السوق، وكذلك ما تواجهه السوق من تحديات جيوسياسية ومحلية.
ومعلوم أن الشماغ عبارة عن قطعة قماش مربعة ذات لونين (الأحمر والأبيض)، تُطوى عادة على شكل مثلث، وتُلبس عن طريق وضعها على الرأس، وهي لباس تقليدي للرجال في منطقة الخليج العربي وبعض المناطق العربية في العراق والأردن وسوريا واليمن، حيث يُعد جزءاً من ثقافة اللبس الرجالي، ويلازم ملابسه؛ سواء في العمل أو المناسبات الاجتماعية وغيرها، ويضفي عليه أناقة ويجعله مميزاً عن غيره.
وقال لـ«الشرق الأوسط»، الرئيس التنفيذي لـ«شركة الامتياز المحدودة»، فهد بن عبد العزيز العجلان، إن حجم سوق الأشمغة والغتر بجميع أنواعها، يتراوح ما بين 700 و900 مليون ريال سنوياً، كما تتراوح كمية المبيعات ما بين 9 و11 مليون شماغ وغترة، مضيفاً أن نسبة المبيعات في المواسم والأعياد، خصوصاً موسم عيد الفطر، تمثل ما يقارب 50 في المائة من حجم المبيعات السنوية، وتكون خلالها النسبة العظمى من المبيعات لأصناف الأشمغة المتوسطة والرخيصة.
وأشار العجلان إلى أن الطلب على الملابس الجاهزة بصفة عامة، ومن ضمنها الأشمغة والغتر، قد تأثر بالتطورات العالمية خلال السنوات الماضية، ابتداءً من جائحة «كورونا»، ومروراً بالتوترات العالمية في أوروبا وغيرها، وانتهاء بالتضخم العالمي وزيادة أسعار الفائدة، إلا أنه في منطقة الخليج العربي والمملكة العربية السعودية، فإن العام الحالي (2023) سيكون عام الخروج من عنق الزجاجة، وسيشهد نمواً جيداً مقارنة بالأعوام السابقة لا يقل عن 20 في المائة.
وحول توجهات السوق والمستهلكين، بيَّن العجلان أن غالبية المستهلكين للشماغ والغترة هم من جيل الشباب المولود بين عامي 1997 و2012، ويميلون إلى اختيار التصاميم والموديلات القريبة من أشكال التصاميم العالمية، كما أن لديهم معرفة قوية بأسماء المصممين العالميين والماركات العالمية، لافتاً إلى أن دخول الماركات العالمية، مثل «بييركاردان» و«إس تي ديبون» و«شروني 1881» وغيرها إلى سوق الأشمغة والغتر، ساهم بشكل فعال وواضح في رفع الجودة وضبط المواصفات.
وأضاف العجلان أن سوق الملابس كغيرها من الأسواق الاستهلاكية تواجه نوعين من المشكلات؛ تتمثل في مشكلات جيوسياسية ناتجة عن جائحة «كورونا» والحرب الروسية الأوكرانية، ما تسبب في تأخر شحن البضائع وارتفاع تكاليف الشحن وارتفاع الأسعار بسبب التضخم وارتفاع أسعار الفائدة، بينما تتمثل المشكلات المحلية في انتشار التقليد للعلامات العالمية والإعلانات المضللة أحياناً عبر وسائل الاتصال الاجتماعي.
من جهته، أوضح ناصر الحميد (مدير محل بيع أشمغة في الرياض) أن الطلب يتزايد على الأشمغة في العشر الأخيرة من شهر رمضان من كل عام، ويبدأ الطلب في الارتفاع منذ بداية الشهر، ويبلغ ذروته في آخر ليلتين قبل عيد الفطر، مضيفاً أن الشركات تطرح التصاميم الجديدة في شهر شعبان، وتبدأ في توزيعها على منافذ البيع والمتاجر خلال تلك الفترة.
وأشار الحميد إلى أن سوق الأشمغة شهدت، في السنوات العشر الأخيرة، تنوعاً في التصاميم والموديلات والماركات المعروضة في السوق، وتنافساً كبيراً بين الشركات المنتجة في الجودة والسعر، وفي الحملات التسويقية، وفي إطلاق تصاميم وتطريزات جديدة، من أجل كسب اهتمام المستهلكين وذائقتهم، والاستحواذ على النصيب الأكبر من مبيعات السوق، واستغلال الإقبال الكبير على سوق الأشمغة في فترة العيد. وبين الحميد أن أكثر من نصف مبيعات المتجر من الأشمغة تكون خلال هذه الفترة، مضيفاً أن أسعارها تتراوح ما بين 50 و300 ريال، وتختلف بحسب جودة المنتج، والشركة المصنعة، وتاريخ الموديل، لافتاً إلى أن الشماغ عنصر رئيسي في الأزياء الرجالية الخليجية، ويتراوح متوسط استهلاك الفرد ما بين 3 و5 أشمغة في العام.