«لجنة للترفيه» بمجلس الغرف.. مطلب قطاعي يعزز مفهوم «الرؤية 2030»

التفاهم السعودي مع المجموعة الأميركية الأكبر من نوعها يؤكد أن الترفيه لم يعد مجرد ترف

قطاع الترفيه في المملكة يتجاوز الـ7.5 مليار ريال
قطاع الترفيه في المملكة يتجاوز الـ7.5 مليار ريال
TT

«لجنة للترفيه» بمجلس الغرف.. مطلب قطاعي يعزز مفهوم «الرؤية 2030»

قطاع الترفيه في المملكة يتجاوز الـ7.5 مليار ريال
قطاع الترفيه في المملكة يتجاوز الـ7.5 مليار ريال

قال مختصون في صناعة الترفية، إن إنشاء لجنة مستقلة ومتخصصة للترفيه بالغرف التجارية، سيمّد الطريق لجعل القطاع قبلة جاذبة للاستثمار العالمي، متناغمة مع «الرؤية 2030». وتحويل الفنون إلى صناعة متطورة وفق آلية اقتصادية استراتيجية، في ظل تقديرات بحجم القطاع بملياري دولار حاليا، مع توقعات بنموه بنسبة مائتين في المائة، خلال 15 عاما من الآن.
يأتي ذلك في ظل التفاهم الذي قاده الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، مع شركة «سيكس فلاغز» الأميركية، كأكبر مجموعة لصناعة الترفيه بالعالم، ما أكد أن الترفيه لم يعد مجرد ترف، وإنما صناعة حقيقية ومصدر اقتصادي جدير بالاهتمام، ما أثار تساؤلات كثيرين من المهتمين بهذه الصناعة بشكل أو بآخر عن إمكانية إنشاء لجنة متخصصة تحت مظلة الغرف التجارية الصناعية السعودية.
وأوضح سلطان البازعي، رئيس الجمعية السعودية للثقافة والفنون لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك حاجة ماسة لإطلاق لجنة خاصة بالترفيه في مختلف الغرف التجارية، ليكون لها سهم اقتصادي ومردود كبير بجانب ما تلعبه من دور مطلوب لتثقيف وتوعية وترفيه المجتمع».
وأضاف: «أعتقد أن إنشاء لجنة ترفيه متخصصة للترفيه بالغرف التجارية سينتظر منها أن تكون محفزا للاستثمار في قطاع صناعة الترفيه، ووضع الأنظمة والمواصفات لضمان جودة هذه الصناعة، واستقطاب المستثمرين العالميين في هذا القطاع».
وأكد أن مثل هذه اللجنة المتخصصة، تنسجم تماما مع الاتفاقيات التي أبرمت مع أكبر مجموعة للترفية بحضور الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد، وهي شركة «6 فلاغز» الأميركية، كأكبر مجموعة متنزهات ترفيهية في العالم، مبينا أن إنشاء لجنة متخصصة سيمهد الطريق لغيرها من الشركات التي تعمل في هذا المجال.
وافترض أن تبدأ الغرف التجارية الصناعية التفكير جديا في تخصيص لجان للترفيه، متوقعا أن يثمر ذلك عن زيادة في الراغبين الاستثمار في هذا القطاع، مشيرا إلى أن وجود نشاط الترفيه ضمن لجنة قطاع السياحة يحجم مساحة الاهتمام المتعلقة بصناعة الترفيه.
ووفق البازعي، ينتظر أن تبادر الغرف التجارية بإنشاء لجنة خاصة بالترفيه، لتدعم من خلالها الأنشطة الثقافية كمنتجات ترفيه بمذاق مختلف لها رسالة في المجتمع تؤديها كاستثمار وكداعم أيضا، فهي تشكل مجالا كبيرا وواعدا للاستثمار والاقتصاد والترفيه ونشر الوعي الثقافي.
وطالب البازعي، الغرف التجارية أن تبدأ بتوعية المستثمرين بالقطاعات المتاحة في مجال الترفيه، واستضافة رئيس هيئة الترفيه للحديث للمستثمرين عن أهمية هذا التوجه، ليتعرف رجال الأعمال على القطاعات التي يمكن الاستثمار فيها بالمجال وعلى التسهيلات التي يمكن أن تقدمها الهيئة لتلعب أكثر من دور استثماري تجاري ثقافي ترفيهي ومولّد للفرص الوظيفية.
وفي الإطار نفسه، قال المهندس ناصر الطيار العضو المنتدب لمجموعة الطيّار لـ«الشرق الأوسط»: «هناك أهمية بالغة بإلحاق لجنة خاصة بالترفيه بالغرف التجارية الصناعية، لصناعة الترفية، لأنها سترفع من حجم مردواته التي تتناغم مع (الرؤية 2030)، وستكون إضافة حقيقية خاصة أن وجودها ضمن لجان للسياحة والترفيه بشكل عام، لا تؤدي الغرض نفسه لما لديها مهام مشتركة كثيرة».
وأضاف الطيّار: «في حالة إنشاء لجنة خاصة بالغرف تعني بالترفيه، تعمل تحت مظلتها سيعزز هذه الصناعة وينظمها نحو طريقة الاستثمار السليم في مجال صناعة الترفيه، من خلال تقديم اقتراحات لصاحب القرار لاتخاذها بشأن أهمية إنشاء هذه اللجنة».
وقال: «ينتظر من هيئة الترفيه تأسيس النظام الأساسي وما ستقدمه من أجل تحويل هذه المهنة إلى صناعة تدعم صناعة السياحة بالسعودية وتكون صناعة مدرة اقتصاديا بدلا ما تكون فقط للاستهلاك والترفيه»، مقدرّا حجم قطاع الترفيه في المملكة، بأنه يتجاوز الـ7.5 مليار ريال (ملياري دولار)، متوقعا زيادة نموه هذه الصناعة خلال الأعوام المقبلة بنسبة مائتين في المائة.
ولفت إلى أنه في مدينة الطائف بالرغم بما لديها من مقومات الترفيه والمناخ وتعتبر من إحدى المصايف، إلا أنها تخلو من منتجات الترفيه وكذلك الحال ينطبق على مدينة أبها، منوها بأن أكثر من 60 في المائة من الشباب والأطفال ما دون الثالثة عشرة يتجاوز الـ10 في المائة وهي أكثر الفئات إلى تحتاج للترفيه.
من جهته، شدد محمد الحمادي عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية، على ضرورة استقلال وفصل نشاط الترفيه في لجنة متخصصة لا تخالطه بأي نشاط آخر، بعيدا عن نشاط لجنة السياحة، باعتبار أن ذلك ينسجم مع «الرؤية 2030»، كنشاط ضخم يستحق توطين هذه الصناعة وحفظ الأموال التي تهدر في الخارج بغرض الترفيه.
واتفق الحمادي مع الطيّار أن هناك مناطق كثيرة داخل المملكة، لا يوجد فيها ترفيه بالمعنى المقصود، باعتبار أنه محصور في المدن الرئيسية، متوقعا أن يتفاعل قطاع العمال مع الترفيه كنشاط استثماري جديد تحت مظلة لجنة متخصصة تنظمه.
وخلص الحمادي، إلى أن إنشاء لجنة متخصصة بالغرف التجارية، ستولي صناعة الترفيه اهتماما كبيرا وتجعل منه قطاعا استثماريا فعالا، ينسجم مع الهيكلة الجديدة التي أثمرت إنشاء هيئة عامة للترفيه، معتبرا أنها تمثل خطوة كبيرة للمستقبل.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.