«داعش» يفرض واقعًا جديدًا على معركة منبج بسيطرته على بلدات في ريفها

«سوريا الديمقراطية» تعلن إحباط محاولة التنظيم فك حصار المدينة وتتعهد بتحريرها

مقاتلان من {قوات سوريا الديمقراطية} في أحد المنازل في منبج بمحافظة حلب أمس (رويترز)
مقاتلان من {قوات سوريا الديمقراطية} في أحد المنازل في منبج بمحافظة حلب أمس (رويترز)
TT

«داعش» يفرض واقعًا جديدًا على معركة منبج بسيطرته على بلدات في ريفها

مقاتلان من {قوات سوريا الديمقراطية} في أحد المنازل في منبج بمحافظة حلب أمس (رويترز)
مقاتلان من {قوات سوريا الديمقراطية} في أحد المنازل في منبج بمحافظة حلب أمس (رويترز)

تراجع الضغط العسكري الذي تشنه ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» ذات الغالبية الكردية والمدعومة من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، على مدينة منبج المحاصرة، بعد الهجوم المعاكس الذي نفذه تنظيم داعش في ريف المدينة الواقعة بشمال شرقي محافظة حلب السورية، وتمكنه من استعادة عدة قرى. هذا التطور أدى إلى تراجع وتيرة معركة تحرير المدينة لحساب الاحتفاظ بالمكتسبات الميدانية التي حققها التحالف والميليشيا الكردية خلال الأسابيع الماضية في ريف منبج خصوصا جنوبي المدينة. كذلك اعترف شرفان درويش، الناطق باسم المجلس العسكري لمدينة منبج، بتنفيذ التنظيم هجوما واسعا انطلاقا من مدينة جرابلس (شمال شرقي منبج) والقرى القريبة منها باتجاه منبج، ترافق مع عمليات متزامنة خاضها على جبهات عدة استخدم فيها الأسلحة الثقيلة والسيارات المفخخة.
تواصلت الاشتباكات العنيفة، أمس، بين ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» من جهة وتنظيم داعش من جهة أخرى، في ريف منبج الجنوبي الشرقي، بعد هجوم بدأه التنظيم، صباح أمس، على قرى ومزارع تسيطر عليها «سوريا الديمقراطية»، لكن الأخيرة تمكنت من استعادة السيطرة على قرية ومزرعتين كانت خسرتهما الاثنين، في حين لا تزال قريتان وعدد من المزارع تحت سيطرة التنظيم، وأسفرت الاشتباكات عن سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف الطرفين.
ولقد عزا الناطق باسم المجلس العسكري لمدينة منبج (التابع لـ«سوريا الديمقراطية») هذه التطورات الميدانية إلى هجمات عنيفة شنها تنظيم داعش على القرى والبلدات المحررة، بهدف كسر الطوق على منبج، مستخدما الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والسيارات المفخخة. وأكد درويش في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن مقاتلي المجلس العسكري لمدينة منبج «تصدوا (أمس) لهجوم هو الثاني من نوعه من قبل تنظيم داعش الإرهابي، شنه من ثلاث محاور استراتيجية، بهدف فك الحصار عن الجماعات الإرهابية المتمركزة داخل المدينة جراء إحكام المجلس العسكري قبضته العسكرية على الجهات الأربعة للمدينة»، لافتا إلى أن التنظيم «تكبد خسائر كبيرة إثر هذه المحاولة التي تأتي في سياق كثير من المحاولات المماثلة».
وأعطى درويش صورة للمشهد الميداني في ريف منبج خلال اليومين الماضيين، بعد المعلومات التي تحدثت عن سيطرة «داعش» على عدد من البلدات والمزارع في ريف المدينة فقال: «بدأ التنظيم الإرهابي هجوما عند الساعة الخامسة من صباح أمس (الأول)، واستمر حتى الساعة الرابعة عصرا، من محور مدن الباب ومسكنة وجرابلس، كما شن هجمات عنيفة استهدفت بلدات عدة في الريف الشمالي، منها: عريمة، وعوسجلي، وطوق الخليل، وخربة الروس، وجب الشيخ، وغيرها من القرى».
وتابع درويش أن «الهجوم نفذ بأعداد كبيرة من الإرهابيين المزودين بالأسلحة الخفيفة والثقيلة والصواريخ المحمولة والسيارات المفخخة، وكانت الخطة تقضي باختراق دوار الكتاب في منبج، عبر مهاجمته بسيارتين مفخختين، لكن المجلس العسكري لمدينة منبج، أفشل هذا المخطط وحال دون تحقيق أهداف الإرهابيين، وأجبرهم إلى الانكفاء على وقع الاشتباكات العنيفة». وضمن خطة تهدف إلى فتح كثير من الجبهات لإرباك «سوريا الديمقراطية» وتحقيق اختراق يؤدي إلى فك حصار المدينة، شن التنظيم هجوما خاطفا بواسطة سيارة مفخخة انطلاقا من قرية زونغل التابعة لجرابلس، بحسب ما أعلن درويش الذي أكد أن «مقاتلي المجلس العسكري أحبطوا الهجوم، وسيطروا على السيارة المفخخة قبل تفجيرها». وتابع: «هذا الهجوم تزامن مع هجوم آخر شنه (داعش) على حاجز لقوات الأسايش في بلدة صرين، ولكن الأخيرة تصدت له وتمكنت من قتل جميع الإرهابيين».
هذا، ويحاول تنظيم داعش من خلال الهجمات التي يشنها من خارج مدينة منبج، تخفيف الضغط على مقاتليه المحاصرين داخل المدينة، بعدما تمكنت ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» من تطويقها من الجهات الأربع، وقطع كل طرق إمداد التنظيم إلى مناطق أخرى تحت سيطرته ونحو الحدود التركية.
أما حصيلة الخسائر البشرية لهذه المعارك، فكانت وفق ما أكد شرفان درويش «مقتل 142 إرهابيا احتفظت قواتنا بـ89 جثة منهم، مقابل ستة شهداء من المجلس العسكري، الذي غنم أسلحة وكمية كبيرة من الذخائر». مضيفا: «إن هذه الهجمات التي شنها تنظيم داعش لا تعبر عن قوة وقدرة الإرهابيين على قلب الوقائع على الأرض كما حاول أن يوهم الناس، إنما هي تعبير عما يشبه حالة انتحار يحاول عبرها التخفيف من الخناق الذي يطبق عليه في منبج». وقال: «إن هذه العمليات تزيدنا عزما على الإصرار في القضاء على هذا التنظيم، وتحرير منبج وسكانها منه حتى لو كانت كلفة تضحياتنا عالية».
وكان «المرصد السوري لحقوق الإنسان» قد أعلن في تقرير له، أن تنظيم داعش شن هجوما مفاجئا الاثنين باتجاه مناطق في ريف منبج في محافظة حلب، كانت ميليشيا «سوريا الديمقراطية» قد طردته منها أخيرا. ووفق «المرصد» فإن الهجوم استهدف قرى ونقاطا تقع تحت سيطرة الميليشيا جنوبي مدينة منبج؛ حيث تمكن من السيطرة على قريتي خربة الروس وجب العشرة، بالإضافة إلى ثلاث مزارع أخرى، مشيرا إلى أن هذا الهجوم «استدعى ضربات جوية عنيفة للتحالف الدولي بقيادة أميركية طالت مناطق الاشتباك».



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».