قبائل ليبية تحيي قوانينها العُرفية للتغلب على ضعف مؤسسات الدولة

عقوبات تتضمن نفي عائلة الجاني.. ومن طقوس الصلح تقاسم التمر والحليب

جانب من جلسة قبلية في شرق ليبيا لحل الخلافات في ظل تراجع دور الدولة  ({الشرق الأوسط})
جانب من جلسة قبلية في شرق ليبيا لحل الخلافات في ظل تراجع دور الدولة ({الشرق الأوسط})
TT

قبائل ليبية تحيي قوانينها العُرفية للتغلب على ضعف مؤسسات الدولة

جانب من جلسة قبلية في شرق ليبيا لحل الخلافات في ظل تراجع دور الدولة  ({الشرق الأوسط})
جانب من جلسة قبلية في شرق ليبيا لحل الخلافات في ظل تراجع دور الدولة ({الشرق الأوسط})

هذا ليس صراعا سياسيا أو عسكريا. في ظهيرة يوم من أيام الصيف أطلق مسلحٌ ليبي النار عشوائيا، فقتل أحد سكان مدينة طبرق في شرق البلاد. ولأنه لا توجد قوة يعتد بها لإنفاذ القانون في دولة تعاني أصلا من الفوضى منذ نحو خمس سنوات، توجهت عائلة القتيل للثأر لابنها، فسقط منها قتيلان آخران.
في غياب النظام، تسعى كثير من القبائل الليبية لإحياء موروثات قديمة تتعلق بقوانين عُرفية لردع القتلة واللصوص. ويشارك في أحدث عملية لنزع فتيل الانتقام، رموز من قبائل مصرية لديها امتداد قبلي في ليبيا، من بينهم النائب السابق في البرلمان المصري، عبد الرحمن عبد الجواد، أحد قيادات قبائل «أولاد خروف»، والذي قال: جئنا لمساعدة إخوتنا إلى أن تعود دولتهم قوية.
من بين «العقوبات العُرفية» دفع دية من النوق أو الأغنام، ونفي عائلة الجاني، بينما تجري وقائع الصلح مع أكل التمر وشرب الحليب. في الغرب الليبي اندلعت اشتباكات في عدة مدن منذ بداية هذا العام، تتعلق بملكية أراض أو القتل الخطأ. استمرت بعض المواجهات عدة أسابيع وسقط فيها عشرات الضحايا، قبل أن تتدخل رموز قبلية محلية لعقد مصالحات وكتابة «أوراق عرفية مُلزمة» والتلويح بنزع الغطاء الاجتماعي عن المعتدين. كل ذلك بعيدا عن سلطة الدولة الغارقة في حروب الميليشيات.
يقول رجب أمحمد بن غزي، وهو إعلامي ليبي من أبناء مدينة بنغازي تعود أصوله لمدينة مصراتة: القبائل قادرة على لعب دور مؤثر في وضع حلول للقضايا الاجتماعية، لكن إذا اقتربت من الأمور السياسية، فهذا يتطلب النظر للوضع برؤية مختلفة للخروج من الأزمة التي تمر بها البلاد، مثل تأسيس مجلس شيوخ يتكون من القبائل الكبرى القادرة على تحريك الأمور.
على الضفاف الأخرى، المُقفرة والحارة، تدور معارك شبه عسكرية على بسط النفوذ، مثل تلك الجارية على مشارف العاصمة طرابلس وفي سرت وبنغازي ودرنة، ويسقط فيها عشرات الشبان، ومعظمهم غير مدرب جيدا على القتال. بيد أنَّ عبد الجواد يقول وهو يستعد لعقد مصالحة بين قبيلتين في شرق البلاد: «لا علاقة لنا بالخلافات الناجمة عن الصراع السياسي. هدفنا يتعلق بتسوية قضايا اجتماعية خاصة بسقوط قتلى».
تزداد أعمال القتل سواء القريبة أو البعيدة عن الصراع السياسي، بسبب انتشار السلاح على نطاق واسع في دولة يبلغ عدد سكانها نحو 6 ملايين نسمة. وحذر مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، مارتن كوبلر، الأسبوع الماضي، من «فوضى السلاح»، مشيرا إلى أنه يوجد نحو 20 مليون قطعة سلاح في هذا البلد.
في طرابلس ما زالت مفاوضات وتحقيقات جارية بشأن مقتل 12 سجينا في المدينة عقب تبرئة ساحتهم والإفراج عنهم قبل عدة أيام. هل الحادث نتاج لـ«ثأر قبلي» أم «تصفية سياسية» تتعلق بخلافات في الماضي؟ حوادث بشعة تقع في الظلام ويعاني ذوو الضحايا في صمت.
الوضع أسوأ في بنغازي، فبعض الناس لا يضمن الوصول لأسرته، «إذا رجعتُ من الدكان إلى البيت، فإنني أريدُ أن أعود في أمان، وأن أصلَ لأولادي». هذه أمنية من أمنيات نادرًا ما تتحقق وسط قذائف صاروخية طائشة. هكذا يتحدث محمود أحد أبناء القبائل في بنغازي. ويقول أحد زعماء قبيلة القطعان: كل يوم يأتي نبأ عن مقتل مواطنين بالخطأ. عدد الضحايا مفزع. هذه كارثة. وحيث لا توجد دولة فالحل الآن يكمن في تفعيل قوانين القبيلة.
تفاصيل حياتية صغيرة لا يهتم بها أحد، كما يقول صاحب الدكان الذي يقع في آخر شارع العشرين القديم في بنغازي. يبعد دكان الأقمشة الذي ورثه الشاب محمود عن والده بمسافة كيلومترين تقريبا عن بيته. يقول: القتل بالصدفة يحدث، لكن هناك، في كل يوم أيضا، حوادث تبدو هامشية، مثل السرقة والمشاجرات العادية، وهي تكبر سريعا، وتتدخل فيها قذائف مضادة للدبابات لحسم الموقف، فيسقط ضحايا جدد ويتعقد الموقف.
إذا لم يكن لديك قبيلة فإن مصيرك، في خضم الفوضى، محفوف بالمخاطر. مثل كثير من الليبيين، يخشى محمود أن يلقى حتفه دون جريرة. يضيع مستقبل أطفاله الثلاثة وزوجته في مدينة متداعية. يعيش في بنغازي، المحترقة بقذائف المدفعية، قبائل شتى ومسلحون غرباء من جنسيات مختلفة. يبلغ عدد سكان المدينة نحو مليون نسمة، لكن هجرتها ألوف العائلات منذ عام 2014 بسبب الحرب الأهلية.
كبح جماح الخارجين عن القانون في المدن الكبرى، مثل طرابلس، ومثل بنغازي هنا، يأخذ وقتا أطول، مقارنة بمدن أصغر ذات قبائل محددة وخالية تقريبا من المسلحين الأجانب، كـ«ورشفانة» في الغرب و«طبرق» في الشرق. يقول النائب السابق عبد الجواد: «هناك جُناة يرفضون الخضوع للقانون العرفي للقبيلة، ولهذا تضطر قبيلتهم للتبرؤ منهم».
رغم كل شيء فقد امتد تأثير إحياء الأعراف القبلية، على أبناء القبائل ممن التحقوا بمجموعات مسلحة وميليشيات متطرفة، حيث جرى التبرؤ من المئات بالفعل، أي إعلان القبيلة عدم مسؤوليتها عن تصرفاتهم ومن ثم يحق القصاص منهم دون الرجوع لها. لكن هذا التأثير يظهر أنه ما زال محدودا، كما يقول أمحمد بن غزي، وذلك «بغض النظر عن قيام قبائل بالتنصل من أبنائها ممن انضموا لتنظيمات مثل (داعش) وأنصار الشريعة».
يغلق محمود دكانه، ويجري اتصالات ليعرف أي طريقٍ آمن يسلكه في هذه الساعة للرجوع لأسرته آمنا. تعرضت مدينة بنغازي للدمار بسبب قتالٍ يغلب عليه الكر والفر، مستمر حتى الآن، بين المتطرفين والجيش، بينما تعاني مدن أخرى من الذعر لانتشار المسلحين وغياب القانون.
يقول محمود إن العالم مشغول بالحروب التي لها علاقة بالتناحر السياسي وبالصراع على النفط والغاز في بلاده، لكنه لا يبدو مهتما بالفوضى التي شردت آلاف العائلات.. «تخيل نفسك في مدينة من دون شرطة ومن دون جيش. الضعيف بلا سند».
وقعت حوادث قتل مروعة. يقول النائب السابق عبد الجواد بعد أن وصل مع الوفد المصري إلى ليبيا: «لا نتحدث هنا عن نزاعات نتج عنها إصابات. الإصابات رفاهية في دولة تعج بالسلاح والمسلحين. جئنا لتسوية قضايا قتل».
منذ سقوط نظام معمر القذافي، تعاني سلطة إنفاذ القانون من عراقيل. يهيمن على البلاد ميليشيات جهوية وعقائدية، مع وجود مجلسي حرب يتنافسان على قتال المتطرفين في الشرق والغرب. وفي الشوارع التي يخيم عليها البؤس، يعاني معظم الناس من مشكلة انتشار السلاح ومن عصابات قطع الطرق ومن نقص الأموال وشح المواد الغذائية.
تنتشر في ليبيا ومصر قبائل ذات قوانين عرفية واحدة. في المساء جرى بناء عدة خيام، وبدأت المفاوضات. ومن بين الزعماء القبليين الحضور، العمدة عايزينه المعبدي، والعمدة عبد الله الزيات، والشيخ عبد الله العشيبي، وعبد الرازق الزريريع، وسعيد الصنقري، وعبد الجليل الجميعي. وشاركت قيادات قبلية من بنغازي ومن إجدابيا، وممثلون لقبائل «العواقير» و«المغاربة» و«البراعصة» وغيرهم من شرق البلاد وغربها.
الجانب الخفي من المأساة الليبية يتعلق بأولئك الذين يتسللون إلى أعمالهم اليومية وهم يرون فوهات البنادق على نواصي الطرق وأحيانا يتعثرون في جثث مشوهة ليلا. فبعيدا عن الحرب الأهلية، هناك حروب خفية لا تحظى باهتمام، باعتبارها حوادث اجتماعية ليس لها منابر إعلامية ولا قيادات سياسية ولا عسكرية. إحدى القضايا تخص الشبان القتلى الثلاثة وشقيقهم الرابع المصاب. كل قتيل ترك زوجة وأطفالا. يقول عبد الجواد: «كانت مأساة».
حدثت الواقعة في طبرق كالتالي.. مسلح أطلق الرصاص، فأصاب أحد جيرانه، وهو شاب من إحدى القبائل الكبرى في شرق ليبيا. بعد عدة أيام لفظ المصاب أنفاسه الأخيرة. هنا توجهت عائلته للانتقام، فقتل منها اثنان آخران. يقول عبد الجواد: المعركة ليست ببنادق خرطوش، ولكن بأسلحة أوتوماتيكية، منها مدافع من عيار 14.5 مم و23 مم (المضادة للطائرات المنخفضة). ويضيف: تصادف أنه لم يكن هناك مارة كثيرون في الشارع، وإلا كانت المنطقة تحولت إلى مذبحة.
في اليوم التالي، وخلال استكمال مفاوضات الصلح، استندت عائلة القتلى على «القانون العرفي»، وطلبت أولا: تسليم الجناة. ثانيا: إبعاد عدد من ذويهم عن المنطقة السكنية التي يعيشون فيها. ثالثا: إلزام قبيلتهم بالنزوح إلى منطقة القعرة في شرق طبرق. يقول عبد الجواد إنه وفقا للعرف القبلي فإن هذه تعد «مطالب مشروعة لذوي الضحايا».
مع ذلك جرى تيسير الأمور من أجل إنجاز الصلح وتهيئة الحياة للطرفين دون ضغائن. تم الصلح بعد تقدير غرامة مالية على الجاني، وإبعاد (نفي) اثنين من أسرته خارج المدينة. أما مسألة نفي باقي القبيلة في منطقة القعرة فتنتهي بإتمام بنود الصلح كاملة. وتشارك الخصوم في تبادل أطباق التمر وشرب أكواب الحليب تعبيرا عن طي صفحة الماضي.



الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)

أعلنت الجماعة الحوثية في اليمن أنها ستكتفي، فقط، باستهداف السفن التابعة لإسرائيل خلال مرورها في البحر الأحمر، بعد بدء سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بحسب رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلتها الجماعة، الأحد، إلى شركات الشحن وجهات أخرى.

ونقل ما يسمى بـ«مركز تنسيق العمليات الإنسانية»، التابع للجماعة الحوثية، أن الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، ستقتصر، فقط، على السفن المرتبطة بإسرائيل بعد دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ.

وأضاف المركز، الذي كلفته الجماعة بالعمل حلقةَ وصل بينها وشركات الشحن التجاري، أنها توعدت الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل باستئناف الضربات على السفن التابعة لها في حال استمرار هذه الدول في هجماتها الجوية على المواقع التابعة لها والمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وسبق للجماعة الحوثية تحذير الدول التي لديها وجود عسكري في البحر الأحمر من أي هجوم عليها خلال فترة وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وتوعدت في بيان عسكري، أنها ستواجه أي هجوم على مواقعها خلال فترة وقف إطلاق النار في غزة، بعمليات عسكرية نوعية «بلا سقف أو خطوط حمراء».

لقطة أرشيفية لحاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان التي أعلن الحوثيون استهدافها 8 مرات (رويترز)

كما أعلنت الجماعة، الأحد، على لسان القيادي يحيى سريع، المتحدث العسكري باسمها، استهداف حاملة الطائرات أميركية هاري ترومان شمال البحر الأحمر بمسيرات وصواريخ لثامن مرة منذ قدومها إلى البحر الأحمر، بحسب سريع.

وسبق لسريع الإعلان عن تنفيذ هجوم على هدفين حيويين في مدينة إيلات جنوب إسرائيل، السبت الماضي، باستخدام صاروخين، بعد إعلان سابق باستهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي، في حين اعترف الجيش الإسرائيلي باعتراض صاروخين أُطْلِقا من اليمن.

موقف جديد منتظر

وفي وقت مبكر من صباح الأحد كشفت وسائل إعلام تابعة للجماعة الحوثية عن استقبال 4 غارات أميركية، في أول ساعات سريان «هدنة غزة» بين إسرائيل، و«حركة حماس».

ويتوقع أن تكون الضربات الأميركية إشارة إلى أن الولايات المتحدة ستواصل تنفيذ عملياتها العسكرية ضد الجماعة الحوثية في سياق منعزل عن التطورات في غزة واتفاق الهدنة المعلن، بخلاف المساعي الحوثية لربط العمليات والمواجهات العسكرية في البحر الأحمر بما يجري في القطاع المحاصر.

ومن المنتظر أن تصدر الجماعة، الاثنين، بياناً عسكرياً، كما ورد على لسان سريع، وفي وسائل إعلام حوثية، بشأن قرارها اقتصار هجماتها على السفن التابعة لإسرائيل، والرد على الهجمات الأميركية البريطانية.

كما سيلقي زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي خطاباً متلفزاً، بمناسبة بدء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وزعم سريع، السبت الماضي، وجود رغبة لدى الجماعة لوقف هجماتها على إسرائيل بمجرد دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، وإيقاف الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر؛ إذا توقفت الولايات المتحدة وبريطانيا عن مهاجمة أهداف في اليمن.

كما أكّد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الأسبوع الماضي، أن الهجمات على إسرائيل ستعود في حال عدم احترام اتفاق وقف إطلاق النار.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام قبل الماضي تستهدف الجماعة الحوثية سفناً في البحر الأحمر بزعم تبعيتها لإسرائيل، حيث بدأت باحتجاز السفينة جالكسي ليدر التي ترفع علم جزر الباهاما في المياه الدولية، والتي لا تزال، وأفراد طاقمها البالغ عددهم 25 فرداً، قيد الاحتجاز لدى الجماعة.

السفينة «غالاكسي ليدر» التي تحتجزها الجماعة الحوثية منذ 14 شهراً (رويترز)

وأتبعت الجماعة ذلك بتوسع عملياتها لتشمل السفن البريطانية والأميركية، بصواريخ باليستية وطائرات مسيَّرة في المياه القريبة من شواطئ اليمن بزعم دعم ومساند سكان قطاع غزة ضد الحرب الإسرائيلية.

وتسببت تلك الهجمات في تعطيل جزء كبير من حركة التجارة الدولية، وأجبرت شركات الشحن والملاحة على تغيير مسار السفن التابعة لها، واتخاذ مسار أطول حول جنوب قارة أفريقيا بدلاً من عبور قناة السويس.

وأدى كل ذلك إلى ارتفاع أسعار التأمين وتكاليف الشحن وزيادة مدد وصولها، وبث مخاوف من موجة تضخم عالمية جديدة.

لجوء إلى التخفي

ويلجأ قادة الجماعة إلى الانتقال من مقرات إقامتهم إلى مساكن جديدة، واستخدام وسائل تواصل بدائية بعد الاستغناء عن الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية، رغم أنهم يحيطون أنفسهم، عادة، باحتياطات أمنية وإجراءات سرية كبيرة، حيث يجهل سكان مناطق سيطرتهم أين تقع منازل كبار القادة الحوثيين، ولا يعلمون شيئاً عن تحركاتهم.

أضرار بالقرب من تل أبيب نتيجة اعتراض صاروخ حوثي (غيتي)

وشهدت الفترة التي أعقبت انهيار نظام الأسد في دمشق زيادة ملحوظة في نقل أسلحة الجماعة إلى مواقع جديدة، وتكثيف عميات التجنيد واستحداث المواقع العسكرية، خصوصاً في محافظة الحديدة على البحر الأحمر.

كما كشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، خلال الأيام الماضية أن الاتصالات بقيادة الصف الأول للجماعة المدعومة من إيران لم تعد ممكنة منذ مطلع الشهر الحالي على الأقل، نتيجة اختفائهم وإغلاق هواتفهم على أثر التهديدات الإسرائيلية.

وأنشأت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، تحالفاً عسكرياً تحت مسمى تحالف الازدهار، لمواجهة الهجمات الحوثية وحماية الملاحة الدولية، وفي يناير (كانون الثاني) الماضي بدأ التحالف هجماته على المواقع العسكرية للجماعة والمنشآت المستخدمة لإعداد وإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.

وأطلق الاتحاد الأوروبي، في فبراير (شباط) الماضي، قوة بحرية جديدة تحت مسمى «خطة أسبيدس»، لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وحدد مهامها بالعمل على طول خطوط الاتصال البحرية الرئيسية في مضيق باب المندب ومضيق هرمز، وكذلك المياه الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وخليج عمان والخليج، على أن يكون المقر في لاريسا اليونانية.

احتفالات حوثية في العاصمة صنعاء بوقف إطلاق النار في غزة (إعلام حوثي)

وتزامنت هجمات الجماعة الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر مع هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية على مدن ومواقع إسرائيلية، ما دفع سلاح الجو الإسرائيلي للرد بضربات جوية متقطعة، 5 مرات، استهدف خلالها منشآت حيوية تحت سيطرة الجماعة.

وشملت الضربات الإسرائيلية ميناء الحديدة وخزانات وقود ومحطات كهرباء في العاصمة صنعاء.

ونظمت الجماعة الحوثية في العاصمة صنعاء، الأحد، عدداً من الاحتفالات بمناسبة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، رفعت خلالها شعارات ادعت فيها أن عملياتها العسكرية في البحر الأحمر وهجماتها الصاروخية على الدولة العبرية، أسهمت في إجبارها على القبول بالهدنة والانسحاب من القطاع.

وتأتي هذه الاحتفالات مترافقة مع مخاوف قادة الجماعة من استهدافهم بعمليات اغتيال كما جرى مع قادة «حزب الله» اللبناني خلال العام الماضي، بعد تهديدات إسرائيلية باستهدافهم، وسط توقعات بإصابة قادة عسكريين كبار خلال الضربات الأميركية الأخيرة في صنعاء.