فنلندا.. جنة البلطيق العقارية

تحسن طفيف في السوق.. وإقبال على المنازل الفخمة

منزل يقع بالقرب من العاصمة الفنلندية هلسنكي
منزل يقع بالقرب من العاصمة الفنلندية هلسنكي
TT

فنلندا.. جنة البلطيق العقارية

منزل يقع بالقرب من العاصمة الفنلندية هلسنكي
منزل يقع بالقرب من العاصمة الفنلندية هلسنكي

على طريق ريفي محاط بالحقول الزراعية، يقع هذا المنزل الذي بُني عام 1995 على مساحة 0.9 فدان في ضاحية «كاونيانين» المترفة، التي تبعد نحو 8 أميال عن وسط مدينة هلسنكي. وقد صمم المنزل بأرضيته الخشبية مساحة 6.800 قدم مربع على طراز فرنسي، وفقًا لليزا جاكوفلو وهي وسيطة عقارية كبيرة تعمل لدى شركة «سنالمان سوذبيز إنترناشيونال ريالتي». ويحتوي العقار، المعروض للبيع مقابل نحو 1.8 مليون دولار، على ست غرف نوم وأربعة حمامات كاملة وحمامين آخرين صغيري الحجم.
ويؤدي رواق مغطى إلى الباب الرئيسي محاطًا بأضواء جانبية. وقاعة المدخل لها أرضية مزججة بـ«طوب من الآجر»، وتفتح على حجرة الطعام، المطلة على الحديقة من خلال نافذة مقوسة واسعة. وفي الزاوية، ثمة ركن قصي للجلوس مع مدفأة مقامة.
وتغطي ألواح أخشاب الصنوبر السيبيرية، بأحجامها المختلفة، أرضيات غرفة الطعام وغرفة المعيشة المتاخمة لها والمكتبة. أما بالنسبة لغرفة المعيشة، فلها سقف مقبب تبلغ مساحته 16 قدمًا مع دعامات مكشوفة ونافذة على شكل حرف V في إحدى النهايات.
وفي الجهة المواجهة لغرفة الطعام، يوجد المطبخ الذي يحتوي على خزائن بيضاء وصفراء اللون، وبلاط سيراميك ومناضد خشبية وعارضة من السيراميك يُوضع عليها الطعام، إضافة إلى فرن وموقد للحطب وثلاجة مزدوجة وثلاجة تجميد وميكروويف. وبجوار النافذة المشكلة على هيئة حرف V توجد زاوية لتناول الفطور. أما بالنسبة لغرفة الغسيل، فتوجد خلف المطبخ.
وإلى اليمين من بهو الدخول، تقع غرفة النوم الرئيسية وبها حمام بأرضية من السيراميك يتداخل فيها اللون الأزرق مع الأبيض وحوض غسيل مزدوج وحوض استحمام به دش يدوي. وعبر القاعة، يوجد تواليت حريمي وغرفة أطفال تستخدم كمكتب. ويفضي الدرج المفتوح إلى الأدوار العليا والسفلى.
وتشترك غرف النوم الثلاث بالطابق العلوي في حمامين، أحدهما يحتوي على حوض استحمام والثاني به دش، وكلاهما يشتملان على أحواض غسيل مزدوجة. وثمة هبوط كبير في أعلى الدرج يستخدم في ممارسة اليوغا، ويفتح على غرفة للهوايات والتلفاز وشرفة تطل على الفناء الخلفي.
وفي الطابق السفلي يوجد حمام سباحة مغطى يمتد عمقه لخمسة أقدام، مع تيار سباحة متدفق وساونا وصالة ألعاب رياضية وصالة أخرى بها موقد كبير وغرفة بلياردو وغرفة ضيوف وحمام وتواليت حريمي وغرفة تخزين.
ويفتح باب غرفة المعيشة على سطح يطل على حدائق مزهرة بها أشجار التفاح والبرقوق والزان والبلوط والزيزفون والفراولة البرية والأراوند والمشمش والزبيب الأحمر والأسمر، جنبًا إلى جنب مع حجرة دفينة صغيرة للأعشاب والزهور.
ولدى المنزل دروب مشتركة تؤدي إلى كراج مدفئ لركن السيارات بالاشتراك مع العقار المجاور، تستخدم كل منزل ركنين من أركان الكراج الأربعة.
وتتوافر في المدينة محطة سكة حديد وتستغرق رحلة القطار للوصول إلى وسط المدينة نحو 20 دقيقة، بينما تستغرق 10 دقائق بواسطة الأوتوبيس أو السيارة من المنزل. كما يوجد مركز للتسوق به الكثير من المطاعم على بُعد مسافة تزيد عن ميل قليلاً. ويوجد مركز رياضي مغطى وملاعب تنس ومنحدرات للتزلج وعدة مدارس متعددة اللغات للعائلات الأجنبية التي تقطن في الجوار.
* نظرة عامة على سوق العقارات
قالت جاكوفلي: «ظلت سوق العقارات في فنلندا ضعيفة على مدى السنوات القليلة الماضية، بشكل عام»، على الرغم من التحسن الطفيف الذي طرأ عليه خلال عام 2015. وأوضحت أن المنازل الفخمة هي أقوى قطاع في السوق، وكذلك الشقق السكنية الصغيرة.
ومن جانبها، عزت نينا نيكوب، وكيلة العقارات لشركة ويست هاوس في مدينة إسبو، ركود السوق إلى «الوضع الاقتصادي في فنلندا، مع زيادة نسبة البطالة والشعور بعدم الاطمئنان في جميع أنحاء أوروبا»، وخصوصًا في فيما يتعلق باللاجئين والإجراءات الروسية في أوكرانيا.
وأوضحت نيكوب أن أسعار الفيلات في منطقة العاصمة، على بعد 9 أميال من هلسنكي، تبدأ من 500 ألف يورو (أو 565 ألف دولار أميركي) بناء على الحجم والمساحة وعمر المبنى.
أما في أقصى المدينة، فغاليًا ما تتراوح الأسعار ما بين مليون إلى مليوني يورو (1.13 مليون إلى 2.26 مليون دولار)، إلا أن بعضها قد يصل إلى 3.5 مليون يورو (3.96 مليون دولار)، مع عدد قليل من العقارات التي يصل سعرها إلى 7 ملايين يورو (أو 7.91 مليون دولار).
واستطردت أنه في هانكو، وهي بقعة سياحية تطل على بحر البلطيق جنوب غربي هلسنكي، تبدأ أسعار الشقق ذات غرفة نوم واحدة من نحو 60 ألف يورو، أما بالنسبة للفيلات أو السقيفة فتصل أسعارها إلى نحو 1.5 مليون يورو أو نحو 1.7 مليون دولار.
وبدوره، قال هاري هيلتنن، المدير العام لاتحاد فنلندا العقاري، عبر البريد الإلكتروني إنه خلال فترة الانكماش الاقتصادي العالمي ما بين عامي 2008 و2010. انخفضت أسعار العقارات في هلسنكي ما بين 5 في المائة إلى 10 في المائة، إلا أنها «تعافت سريعًا حتى تخطت الآن مستويات ما كانت عليه قبل عام 2008».
وأضاف أن عمليات بناء منازل جديدة تصلح لسكن عائلة واحدة آخذة في التناقص منذ عقد من الزمن. ومع زيادة التحضر و«التخطيط المكاني الذي يولي أهمية لكثافة الأبنية العالية ومنطق العيش الضيقة»، نجد أن معظم الأبنية الجديدة عبارة عن عمارات لشقق سكنية بالقرب من وسائل النقل العامة.
* من يبتاع المنازل في فنلندا؟
غالبًا ما يشتري الأجانب بيوتا للعطلات فحسب على الساحل الشرقي، عند البحيرات وبالقرب من منتجعات التزلج على الجليد في شمال فنلندا، حسبما قال هيلتنن. في حين أوضحت نيكوب أن الأوروبيين المتزوجين من فنلندا، يشترون أيضًا منازل في هلسنكي لكي يتمكنوا من زيارة أبنائهم وأحفادهم. إلا أن الروسيين الذين كانوا قد اشتروا بيوت للعطلات ووحدات سكنية فخمة في هلسنكي، صاروا يبيعونها الآن، وإن شهدت السوق تدفقا للمشترين الآسيويين.
وأشار جاكوفلو إلى ارتفاع نسبة مشتري بيوت العطلات في الآونة الأخيرة من ألمانيا وبريطانيا: «لأن فنلندا تعد بلدًا آمن لا تكاد توجد به مخاطر تتعلق بالاستثمار في العقارات».
ومن جانبها، قالت نيكوب إن بلدة منتجع هانكو الواقعة جنوب غربي مدينة هلسنكي تتمتع بشعبية خاصة، وأضافت: «إنها تشبه جزيرة لونغ أيلاند.. إنها المكان الأمثل».
* مبادئ الشراء
في فنلندا لا توجد أي قيود على المشترين الأجانب، حسبما قالت جاكوفلو، ولكن لكي يتم ضمان عدم غسل الأموال، يتم فرض الرقابة الشديدة على أموال المشترين الأجانب، كما يجب تحويلها عن طريق بنوك فنلندية. وأوضحت ميكو راجالا، رئيسة مجلس إدارة نقابة المحامين الفنلندية وهي أيضًا خبيرة في البناء وقانون الرهن العقاري.
وقالت نيكوب إن «وكيل العقارات يقوم بمقام كاتب العدل، وعادة ما يتولى أمر جميع الأعمال الورقية، على الرغم من أن بعض المشترين لا يزالون يوكلون تلك الأعمال إلى محاميهم». أما بالنسبة للشقق التي تعد بمثابة أسهم عقارية تعاونية، فلا يلزم حتى الاستعانة بكاتب العدل، على حد قول راجالا.
* مواقع إلكترونية مفيدة
توجد الكثير من المواقع الإلكترونية المفيدة للمهتمين بالسوق العقارية في فنلندا، مثل موقع «هنا فنلندا»: finland.fi، وموقع الحكومة الفنلندية: government.fi، وموقع الفيدرالية العقارية الفنلندية: kiinteistoliitto.fi-en-، وموقع السياحة الرسمي: visitfinland.com.
أما اللغات الرسمية المعتمدة في فنلندا فهما الفنلندية والسويدية. والعملة الرسمية هي اليورو (1 يورو = 1.13 دولار أميركي).
* الضرائب والرسوم
الضريبة العقارية لهذا المنزل تقدر بنحو 3605 دولارات أميركية سنويًا. أما ضريبة التحويل، فهي تلك الضريبة التي يدفعها المشتري، وتقدر بنسبة 2 في المائة على الشقق، ونسبة 4 في المائة على البيوت. وهناك أيضا العمولة العقارية، وهي تلك التي يدفعها المالك، وتتراوح ما بين 2 في المائة إلى 5 في المائة، على حد قول جاكوفلو.

* خدمة «نيويورك تايمز»



جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
TT

جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه

غالباً ما ينظر النشطاء في مجال الإسكان بالولايات المتحدة الأميركية إلى بناء المباني السكنية الجديدة على أنه هو المشكلة، حيث يتم السماح للمطورين العقاريين ببناء مزيد من المساكن، لا سيما في الأحياء الفقيرة، مما يجعل المستأجرين والجيران في هذه المناطق يخشون من ارتفاع أسعار السوق وزيادة تكلفة الإيجارات عليهم، في حين يميل الاقتصاديون، من ناحية أخرى، إلى رؤية المباني الجديدة بوصفها الحل وليست المشكلة، حيث يقولون إن الطريقة الوحيدة لتخفيف النقص في عدد الشقق، الذي بدوره يؤدي إلى رفع الإيجارات، هي بناء مزيد من المساكن، فهم يؤكدون أن بناء ما يكفي من المساكن سيؤدي لانخفاض الإيجارات بشكل عام.
وتعدّ الإشكالية بين هذين الرأيين أساس حالة الجدل المثارة حول البناء الفردي والمعارك الأوسع حول كيفية تخفيف أزمة الإسكان في الولايات المتحدة. وحتى وقت قريب، لم تكن هناك أي بيانات تقريباً على نطاق الأحياء لحل هذه الأزمة، ويبدو أن كلا الرأيين صحيح في الوقت نفسه، فالمساكن الجديدة قد تساعد في خفض الإيجارات في مناطق المترو على سبيل المثال وذلك حتى في الوقت الذي قد يعني فيه ذلك زيادة الطلب على هذه المناطق مما يزيد من قيمة الإيجارات فيها.
وتقدم دراسات جديدة عدة أخيراً بعض الأدلة المشجعة، إن لم تكن كاملة، حيث نظر الباحثون في جامعة نيويورك و«معهد آب جون»، وجامعة مينيسوتا، إلى ما يحدث بشكل مباشر مع بناء المساكن الجديدة، واسعة النطاق، والتي تُباع بسعر السوق (دون قيود على قيمة الإيجار)، حيث تشير دراسات عدة بالفعل إلى أن المناطق التي تبني مزيداً من المساكن تكون أسعارها معقولة، وتتساءل هذه الدراسات الحديثة عما إذا كان هذا النمط يظل ثابتاً عند النظر إلى بناء المساكن الفردية وليس المجمعات السكنية الكبيرة.
وتشير النتائج، مجتمعة، إلى أن المساكن الجديدة يمكن أن تخفف من حدة ارتفاع الإيجارات في المباني الأخرى القريبة، لكن جاء رأي هذه النتائج مختلطاً حول ما إذا كان المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض يستفيدون بشكل مباشر من المباني الجديدة أيضاً.
وتمثل أنواع المباني التي تصفها هذه الدراسات، والتي تخضع لسعر السوق وتتكون من 50 وحدة سكنية أو أكثر، غالبية المباني الجديدة الآن، كما تستهدف الغالبية العظمى من الشقق الجديدة اليوم المستأجرين من ذوي الدخل المرتفع، حيث يبلغ متوسط الإيجار لوحدة جديدة الآن 1620 دولاراً أميركياً في الشهر، أي أعلى بنسبة 78 في المائة من متوسط الإيجار على مستوى البلاد، وذلك وفقاً لـ«مركز هارفارد المشترك للدراسات الإسكانية»، (كما أن الهوة بين هذه الأرقام آخذة في الاتساع)، وتميل هذه المباني أيضاً إلى أن تكون الأكثر ظهوراً في المعارك المتعلقة بالإسكان في مختلف الأحياء الأميركية.
وتقول الزميلة في «مركز فورمان» بجامعة نيويورك، والتي درست تأثير المباني الجديدة في نيويورك، شياودي لي: «المستأجرون لا يحبون فكرة بناء المباني الشاهقة الجديدة، وذلك لأنهم يجدون هناك ارتفاعاً أيضاً في قيمة الإيجارات لديهم».
وقد يفترض الجيران أن المباني الجديدة تتسبب في ارتفاع الإيجارات، وهذا أمر مبرر إذا كانت المباني الجديدة تجذب كثيراً من السكان الأكثر ثراءً، والذين بدورهم يجذبون وسائل الراحة الراقية التي تجعل الحي مرغوباً فيه بشكل أكبر.
وتضيف لي: «السؤال الرئيسي هنا هو: ما التأثير الحقيقي لبناء هذه المباني؟». وقد وجدت لي أن المباني الجديدة في نيويورك تجذب مزيداً من المطاعم والمقاهي في المناطق المجاورة، لكنها خلصت إلى أن أي تأثير قد يؤدي لرفع الإيجارات في المناطق المجاورة لهذه المرافق، سيتم وقفه بسبب زيادة المعروض من المباني، وهو الأمر الذي يؤدي لخفض الإيجارات، كما وجدت أنه مقابل كل زيادة بنسبة 10 في المائة في المعروض من المساكن، فإن إيجارات العقارات التي تقع على مسافة 500 قدم تنخفض بنسبة واحد في المائة، وذلك مقارنة بالمناطق الأخرى التي يرتفع فيها الطلب.
ولكن يبدو أن هذه الفوائد ستذهب للمستأجرين في المباني الراقية والمتوسطة القريبة، حيث يفترض أن مالكي العقارات يرون منافسة جديدة في الجوار مما يدفعهم لتعديل قيمة إيجارات مساكنهم بما يتناسب مع هذه المنافسة، لكن «لي» وجدت أن المباني الجديدة ليس لها أي تأثير على إيجار العقارات التي تقع على بُعد أكثر من 500 قدم، وأنها لا تؤثر أيضاً على إيجارات الوحدات منخفضة التكلفة القريبة، وذلك لأنه ربما لا يرى ملاك هذه الوحدات الأبراج الفاخرة الجديدة على أنها منافسة لهم بشكل مباشر.
وفي دراسة منفصلة، وجد براين أسكويث وإيفان ماست من «معهد آب جون»، وديفين ريد في «بنك فيلادلفيا الفيدرالي»، مجموعة مماثلة من النتائج في 11 مدينة رئيسية، بما في ذلك أتلانتا وأوستن وشيكاغو ودنفر، وشملت الدراسة المباني الجديدة التي تضم 50 وحدة على الأقل والتي تم بناؤها في أحياء يقطنها ذوو الدخل المنخفض في وسط المدينة، ويقدر هؤلاء الباحثون أن هذه المباني الجديدة تؤدي لخفض الإيجارات بنسبة بين 5 و7 في المائة في المناطق المجاورة بشكل مباشر، وذلك مقارنة بقيمة الإيجارات المتوقعة في حال لم يكن قد تم بناء هذه المباني الجديدة.
ولكن لا تعني الدراسة أن الإيجارات تنخفض بالفعل، إلا إنها تشير، بدلاً من ذلك، إلى أن المباني الجديدة تبطئ وتيرة زيادة الإيجارات في أنواع الأحياء التي يصفها المطورون العقاريون بأنها مرتفعة بالفعل، حيث إنه بحلول الوقت الذي يصل فيه هؤلاء المطورون إلى حي ما، خصوصاً مع وجود خطط لمشاريع كبيرة الحجم، فإنه من المرجح أن ترتفع الإيجارات بشكل سريع.
وعن تفسيره النتائج التي توصل إليها في اجتماع عام بشأن الرؤية السابقة، يقول ماست: «الأثرياء يتطلعون بالفعل إلى الانتقال إلى حي ما، ولذلك فإنه يمكننا بناء ذلك المبنى الذي يمنحهم شكل الوحدة التي يريدون أن يعيشوا فيها، وفي حال لم نفعل ذلك، فإنهم سيقومون بشراء وحدة في مكان قريب ثم سيقومون بتجديدها».
وقد يكون هذا الرأي غير مريح بالنسبة للمقيمين في الأحياء منذ فترة طويلة، خصوصاً أولئك الذين يشعرون بالقلق من التغيرات التي تحدث في أحيائهم والتي تتجاوز فكرة قيمة الإيجارات فقط، لكنه يمثل رداً على نقطة واحدة على الأقل فيما يخص الجدل المثار حول بناء المباني السكنية الجديدة.
ويقول الأستاذ في جامعة نيويورك، إنغريد غولد إيلين: «هذه النتائج تشير ببساطة إلى أن بناء مزيد من المساكن في أحد الأحياء لن يؤدي إلى تفاقم أعباء الإيجار المرتفعة، ولكنه قد يساعد في التخفيف من حدتها».
ويأتي أحد التحذيرات في الأبحاث التي أجراها أنتوني داميانو وكريس فرينير، اللذان يدرسان للحصول على الدكتوراه في جامعة مينيسوتا، حيث قاما بدراسة المباني الجديدة واسعة النطاق التي بنيت في مينابولس، وقد وجدوا أن بناء المساكن الجديدة قد ساعد في تخفيف حدة ارتفاع قيمة الإيجارات للوحدات الراقية القريبة، لكنهم خلصوا إلى أنه في الثلث الأسفل من السوق يكون للمباني الجديدة تأثير معاكس، حيث ترتفع قيمة الإيجار بشكل سريع.
ومن الممكن في بعض السياقات أن يتسبب بناء الشقق الجديدة، التي تباع وفقاً لسعر السوق، في قيام ملاك العقارات في المناطق القريبة بكبح جماح قيمة إيجار شققهم، لكنه قد يتسبب أيضاً في رؤية مجموعة أخرى من الملاك أن قيمة إيجاراتهم تعد قليلة مقارنة بالأسعار الجديدة، ومن المحتمل أن يشعر المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض بالغضب من المساكن الجديدة في البداية، وذلك حتى لو كانوا سيستفيدون منها على المدى الطويل، وذلك لأنه مع تقدم عُمر هذه المباني الجديدة، فإن أسعارها تصبح في المتناول.
وبشكل عام، فإن هناك أدلة في هذه الدراسات كافة على أن العرض والطلب يعملان على النحو الذي يتوقعه الاقتصاديون، وذلك حتى على نطاق الحي الواحد، ولكن هناك أيضاً أدلة على تحقيق مخاوف المستأجرين الأكثر فقراً.
ويقول داميانو: «هؤلاء هم الأشخاص الذين مروا بعدد كبير من التجديدات الحضرية، وإنشاء الطرق السريعة، والاستثمار العام في الإسكان، وإخفاقات التخطيط الأوسع والمؤسسات الحكومية على مرّ الأجيال، وأعتقد أن الخوف من مجرد جملة (مبنى جديد) هو خوف حقيقي ومبرر، والأمر متروك للمخططين وصانعي السياسات للنظر إلى تلك المخاوف بشكل جيد».

* خدمة «نيويورك تايمز»