هروب نشطاء من {القسام} إلى إسرائيل يدق ناقوس الخطر

تحقيقات داخلية وإجراءات صارمة وتحديد أنفاق ممنوع الاقتراب منها حتى لمن يحفرونها

جنود اسرائيليون خلال مواجهات مع فلسطينيين في الضفة الغربية ({غيتي})
جنود اسرائيليون خلال مواجهات مع فلسطينيين في الضفة الغربية ({غيتي})
TT

هروب نشطاء من {القسام} إلى إسرائيل يدق ناقوس الخطر

جنود اسرائيليون خلال مواجهات مع فلسطينيين في الضفة الغربية ({غيتي})
جنود اسرائيليون خلال مواجهات مع فلسطينيين في الضفة الغربية ({غيتي})

يثير ملف هروب نشطاء من كتائب القسام، الجناح المسلح لحماس، إلى إسرائيل، قلقا كبيرا داخل أروقة قيادة الكتائب، التي طالما اعتبرت حديدية ومغلقة على نفسها، كما ويهدد سلاح الحركة الاستراتيجي: «الأنفاق»، التي استهدف بعضها بعد قليل فقط من هروب هذه العناصر.
وفي غضون أشهر قليلة فقط، نجح ثلاثة نشطاء من كتائب القسام، في الفرار من قطاع غزة باتجاه الحدود الأمنية المحيطة بالقطاع، وتسليم أنفسهم إلى القوات الإسرائيلية، في مشهد صادم لمحبي حماس، وفي ظروف بقيت غامضة وغير مفهومة، في ظل القدرات الأمنية الكبيرة التي تظهرها أجهزة أمن حماس.
وبينما تلتزم الحركة وجناحها العسكري الصمت تجاه ما دار، وترفض التعقيب عليه، إلا أنها لم تتوقف عن التحقيق - كما تقول مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط»، في كل قضية من القضايا الثلاث الخاصة بالنشطاء الهاربين، خاصة أنه لا يوجد رابط بين الفارين، وكل منهم جاء من منطقة مختلفة ويعمل تحت قيادة ميدانية مختلفة.
بدأت قضية الهروب مع الأيام العشر الأولى من أبريل (نيسان) الماضي، إذ سجلت أولى حالات الهروب، للقيادي الميداني (س.ع)، البالغ من العمر 29 عاما، باتجاه الحدود الشرقية لمدينة جباليا شمال قطاع غزة، الأمر الذي فسرته كتائب القسام في تعميم داخلي لعناصرها، بأنها عملية اعتقال تمت للقيادي الذي كان قد تعرض سابقا، للفصل من الكتائب على قضية جنائية، قبل أن يتم إعادته مرة ثانية ليقود مجموعة خاصة بحفر الأنفاق في المناطق الشرقية من جباليا. وبحسب بيان تعميم القسام الداخلي آنذاك فإن (س.ع) حاول الهجرة من غزة واعتقل في عرض البحر، لكن بيانا لجهاز الأمن العام الإسرائيلي «الشاباك»، قال إنه اعتقل لدى محاولته التسلل إلى الحدود بهدف تنفيذ عملية طعن. ما أثار جدلا واسعا حول الرواية الحمساوية ومن ثم الإسرائيلية، خاصة أن المعتقل قيادي ميداني، ولا يمكن أن يفكر بتنفيذ مثل هذا العمل وهو يمتلك الأسلحة ولديه معدات عسكرية متطورة.
وتقول مصادر «الشرق الأوسط»، إن الجهاز الأمني للقسام، توصل إلى أن (س.ع) سلم نفسه إلى الجيش الإسرائيلي لظروف لم تعرف بعد، مشيرة إلى أنه لم يكن هناك أي شبهات أمنية سابقة حوله، وهذا ما يثير حيرة أكبر.
ووفقا لبيان الشاباك الإسرائيلي، فإن (س.ع) شارك في أنشطة واسعة لكتائب القسام، وكان يقف خلف عمليات زرع عبوات ضد الجيش الإسرائيلي، وعمل في مجال الأنفاق خلال السنوات الأخيرة، التي قدم بشأنها خلال التحقيق معه، معلومات كاملة عن طريقة حفر الأنفاق والوسائل المستخدمة، وعن الأنفاق الموجودة في المنطقة الشمالية من قطاع غزة، ومناطق الحفر المحددة، وأسماء العاملين في مجال الحفر، ضمن الكتيبة الشمالية الشرقية للقسام وقياداتها، ومعلومات عن أماكن تخزين الأسلحة وغيرها.
وأشار (ش.ع) خلال التحقيق معه إلى وجود شبكة أنفاق واسعة لتهريب المقاتلين والأسلحة، وتشمل مراحيض وحمامات جاهزة للاستحمام، ومطابخ صغيرة لتناول الطعام، وكل ما يلزم من احتياجات المقاتلين في الأنفاق.
وتعتقد مصادر من غزة، أن جهاز الشاباك تعمد إصدار بيان حول (س.ع) لظروف أمنية تخص بعض المعلومات التي قد تستطيع الحصول عليها من خلاله فيما بعد، في حال اتصل بجهات داخل غزة. وبعد أسبوع ونصف من الواقعة، تكررت حادثة مماثلة في بلدة بيت لاهيا المجاورة، بعد فرار (أ.ف) البالغ من العمر 19 عاما، إلى الحدود الشمالية من البلدة. وأشارت التحقيقات الأمنية للقسام، إلى أن الشاب قد يكون تعرض للخطف من قبل قوة إسرائيلية خاصة، إلا أنها لم تتثبت من ذلك، وبقيت قضية اختفائه مماثلة لتلك التي حدثت مع (ش.ع)، لتصبح الحالة الثانية التي تثير الجدل داخل أروقة مؤسسات أمن حماس وجناحها العسكري.
وبناء على المعلومات المتوفرة لدى «الشرق الأوسط»، فإن (أ.ف) يعمل في حفر الأنفاق، ولكنه ليس مسؤولا باستطاعته تقديم أي معلومات مهمة لجهاز الشاباك الإسرائيلي، الذي يتولى المسؤولية عن أي تحقيقات بشأن نشطاء التنظيمات الفلسطينية.
أما آخر فصول هذه الأحداث، فهو فرار القيادي الميداني (ب.م.ب) البالغ من العمر 36 عاما، ويقطن في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، وقد تمكن منذ نحو ثلاثة أسابيع، من الهرب باتجاه الحدود وتسليم نفسه إلى قوات الجيش الإسرائيلي.
ويُعد (ب.م.ب) من القيادات السابقة في كتائب القسام حتى عام 2013. قبل أن يتم إعادته إلى العمل في صفوف القيادات الميدانية للكتائب، قبيل اندلاع المواجهة العسكرية في صيف 2014. ليصبح بعد انتهاء الحرب مسؤولا في وحدة النخبة الخاصة بالقسام في إحدى مناطق دير البلح.
وقال المصادر، إن شكوكا ثارت لدى جهاز أمن كتائب القسام بتورط (ب.م.ب) في علاقة مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، إلا أنه لم يثبت لديها أي شيء أثناء التحقيقات التي قد تكون عجلت بفراره. وقد فر (ب.م.ب) وبحوزته جهاز كومبيوتر محمول، حفظت عليه معلومات خاصة بوحدة النخبة وبعض المعلومات المتعلقة بالأنفاق. وعممت القسام على عناصرها، عدم تداول القضية، والإعلان للرأي العام أن (ب.م.ب) قد ترك الكتائب، ولم يعد لها منذ أن تركها في منتصف عام 2013.
تكرار هذه الحوادث في فترة زمنية قصيرة، هز صورة القسام إلى حد ما، وأشعل إنذارا ساخنا داخلها، حول ما إذا كان يوجد عناصر أخرى متورطة مع إسرائيل، وما علاقة كل ما جرى بعمليات انهيار مفاجئة لبعض الأنفاق وما هو مصير الأنفاق المتبقية؟
واتخذت حماس مزيدا من الإجراءات الأمنية على الحدود، في أعقاب عمليات الفرار، لرصد أي محاولات أخرى ومنع تكرار ذلك. وجرى وضع قوات أخرى من القسام إلى جانب وحدات الضبط الميداني التابعة للكتائب، لمنع عمليات التسلل.
وبحسب مصادر مطلعة، فثمة قرار أمني من قيادة كتائب القسام، بمنع أي شخصية كانت، حتى من قيادات الكتائب، بالاقتراب من الحدود، إلا بتنسيق عبر جهات معينة جرى تحديدها داخل الكتائب، بهدف متابعة أي أعمال عسكرية معينة كرصد قوات إسرائيلية أو غيرها.
ويظهر من الإجراءات الأمنية على الحدود، وحتى داخل قطاع غزة، أن الكتائب لم تتوصل إلى أي نتائج في تحقيقاتها الداخلية، بشأن الدوافع التي تقف خلف عملية فرار عناصرها الثلاثة، وإمكانية تورطهم في انهيار الأنفاق مسبقا أو تورط عناصر أخرى بذلك. لكن ثمة مراجعة ذاتية لعملية تجنيد مئات العناصر الجدد بعد حرب غزة الأخيرة، من أجل المساعدة في حفر الأنفاق وترميمها بأسرع وقت ممكن، لمواجهة اندلاع مواجهة جديدة محتملة. وتخشى مصادر من حماس أن يكون هذا الفعل عملا سلبيا على واقع الأمن.
واتخذ القسام إجراءات أخرى، من بينها منع الاقتراب من أنفاق خاصة بوحدات النخبة، التي بقيت تحت تصرف أفراد ونشطاء الوحدة فقط، من دون مشاركة أي جهات أخرى فيها، كعناصر وحدة الأنفاق الذين يعملون في الحفريات.
وتخشى حماس من أن تفقد سلاحها الاستراتيجي في ظل العمليات الإسرائيلية المكثفة على الحدود، للكشف عن أي أنفاق، خصوصا بعدما أعلنت إسرائيل نجاحها في اكتشاف نفقين الشهر الماضي، بعد دخولهما حدود البلدات الإسرائيلية المحاذية للقطاع.
وكانت وسائل إعلام عبرية، قد سألت الجنرال يؤاف مردخاي، عن أي علاقة إسرائيلية بانهيار تلك الأنفاق، فقال: «الله وحده أعلم». رافضا الإدلاء بمزيد من التصريحات حول ما جرى في تلك الأشهر من انهيارات متتابعة، ما أثار كثيرا من التساؤلات عما يدور، بقيت بلا إجابة واضحة.
وتتحدث إسرائيل منذ أيام، عن نيتها بناء جدار أمني كبير تحت سطح الأرض وفوقها، بهدف محاربة الأنفاق، واعتبرت ذلك «خط دفاع» سيمثل «حلا جذريا» لقضية الأنفاق، التي تعتبرها حماس سلاحها الاستراتيجي الذي لن تتخلى عنه.



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.