محافظ لحج لـ «الشرق الأوسط»: لا وجود لقوات أميركية في قاعدة العند

قال إن الميليشيات دمرت 90 % من البنى التحتية.. و167 مليون دولار تكلفة أولية للخدمات الأساسية

د. ناصر الخبجي
د. ناصر الخبجي
TT

محافظ لحج لـ «الشرق الأوسط»: لا وجود لقوات أميركية في قاعدة العند

د. ناصر الخبجي
د. ناصر الخبجي

نفى محافظ لحج الدكتور ناصر الخبجي، ما تروج له الميليشيات الحوثية وحلفاؤها من قوات الرئيس المخلوع من مزاعم تواجد للقوات الأميركية في قاعدة العند الاستراتيجية (20 كيلومترا شمال مركز المحافظة).
وقال الخبجي في حوار مع «الشرق الأوسط» إن التكلفة الأولية لملفات الخدمات والإغاثة بمختلف أنواعها تقدر بـ167 مليون دولار.
وأشدد المحافظ على أن لحج بيئة طاردة تماما للإرهاب، محملا نظام الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح نتيجة تواجد بعض الأفراد من الجماعات الإرهابية في مناطق ريفية، وقال: إن بعضهم كان متواجدا من قبل، وآخرون كانوا منخرطين ضمن تلك الجماعات في محافظات أخرى وعادوا إلى مناطقهم هربا من الملاحقات التي شنت ضدهم، مضيفا أن المخلوع دأب في استغلال بعض الشباب المغرر بهم ليوجد هذه الجماعات: «لكنها فعليا ليس لها بيئة في لحج ولا حاضنة».
وتحدث المحافظ الذي يشرف إداريا على نحو مليون نسمة، موزعين على 13 مديرية، ومديريتين أخريين، عن جملة من القضايا ذات الصلة بالحرب القائمة في جبهة كرش واستماتة الميليشيات البائسة، بالإضافة إلى ملفات إعادة الإعمار ومحاربة الإرهاب والإغاثة الإنسانية وسواها من المسائل. فإلى تفاصيل الحوار
* قدمتم قائمة احتياجات محافظة لحج إلى عدة جهات عليا. فهل يمكنكم الحديث عن أهم هذه الاحتياجات المطلوبة والملحة للمحافظة؟
- نعم القائمة التي قدمناها هي احتياجات ملحة تحتاجها المحافظة ومديرياتها بشكل عاجل، وذلك لمعالجة بعض من المعاناة التي تعيشها لحج. وللعلم؛ فإن البنية التحتية للحج أصبحت بعد الحرب في انهيار كامل. أما بالنسبة للمصفوفة (القائمة)، فأهم ما يمكن ذكره في هذا الشأن ملفات الخدمات والإغاثة بمختلف أنواعها، وفي نواحٍ عدة، وتقدر كلفتها الأولية 167 مليون دولار، وأهمها الغذاء، والصحة، والتعليم، إلى جانب البيئية، والإيواء، والمياه والكهرباء والمشتقات النفطية، فضلا عن إغاثة النازحين التي تتضمن إقامة 4 مراكز للإيواء في كرش، وطور الباحة، والمضاربة، والمقاطرة. كما حملت المصفوفة، طلبات لاحتياجات في الكهرباء كتوفير طاقة توليدية بقوة 20 ميغاواط وتوفير 4 مولدات بقوة 25 ميغاواط، والمياه كحفر الآبار وتوفير المضخات، إلى جانب تخصيص خانة إغاثة لأسر الشهداء والجرحى بصورة مستدامة، وكذا توفير الغذاء بصورة تفصيلية للنازحين في خانة خاصة ومن ثم المتضررين من الحرب والأسر الأكثر فقرا بصورة مؤقتة، وتوفير إيواء للأسر النازحة والأسرة المنكوبة لا سيما التي لجأت إلى بعض المنشآت الحكومية أو الخاصة؛ فالكهرباء تحتاج لإعادة تقييم شاملة نتيجة تهالك الشبكة، وكذا المولدات وما إليه، إضافة إلى تهالك شبكات المياه، والصرف الصحي، وبالنسبة لقطاعات الخدمات الأخرى، التي هي بحاجة ماسة للدعم والنهوض كالصحة والتربية والتعليم والبيئة.
* التقيتم رئيس الدولة ورئيس الحكومة وبعض الوزراء.. فما أبرز ما طرحتم على الرئاسة والحكومة؟
- أولا، نعبر عن شكرنا وتقديرنا للرئيس عبد ربه منصور هادي، وجهوده، وبالنسبة للسؤال فنحن في كل لقاء مع الجهات المسؤولة العليا، نطرح أبرز الملفات التي تهم المحافظة، والمتمثلة في الميزانية التشغيلية التي ستمكن المحافظ والمكاتب التنفيذية في المحافظة والمديريات من العمل وإنجاز الكثير بأقل وقت ممكن، لكن الملف الأمني تصدر الاهتمام الأكبر في البلاد، فقد تم بنجاح إنجاز الكثير منه، وتبقت اليوم ملفات رئيسية هامة مثل دمج المقاومة بالجيش، ورعاية أسر الشهداء، وعلاج الجرحى، وتعويض المتضررين، وإعادة الإعمار للبنية التحتية.
* ما مقدار التجاوب مع قضايا مثل دمج شباب المقاومة في الجيش والأمن، وعلاج الجرحى، وتعويض أسر الشهداء، وما المطلوب لمعالجتها؟
- المطلوب لمعالجة هذه القضايا، هو الجدية والإخلاص من قبل الحكومة، في النظر لمحافظة لحج، لتعويضها عن سنوات التهميش والحرمان التي عاشتها من قبل. كما أنها بحاجة إلى تعاون وتآزر من جميع أبناء لحج، للوقوف خلف قيادة المحافظة، التي تحملت المسؤولية في مرحلة عصيبة وشاقة، من أجل دعمها أمام الرئيس والحكومة ودول التحالف والاستجابة لما تقدمه من حلول عاجلة لمشاكل وقضايا لحج.
* تحدثتم في وقت سابق بأن محافظة لحج تعد الأكثر تدميرا في الحرب.. فهل هناك إحصائيات بالأضرار الناجمة عن الحرب سوى المنشئات الحكومية أو الأهلية؟
- نعم، نحن نؤكد أن محافظة لحج، هي الأكثر تضررا من الحرب، وقولنا هذا ليس مبالغة، فلحج منكوبة، وبنيتها التحتية بشكل كامل منهارة، ومعاناة لحج أصلا ليست ناتجة من الحرب فقط، فالحرب أكملت انهيار لحج، لأن لحج تعرضت للتدمير الممنهج والتهميش المتعمد منذ أكثر من 25 عاما. وبالنسبة للإحصائيات، فهناك لجان عملت على ذلك، وتقدر نسبة تدمير البنية التحتية في لحج، بنحو 90 في المائة، وخاصة في المنشآت الحكومية والمرافق والطرقات.
* لماذا تمارسون عملكم كمحافظ خارج مدينة الحوطة (مركز المحافظة)؟
- مثلما قلنا سابقًا، إن بنية لحج التحتية منهارة، ومرافقها خارج الجاهزية، باستثناء عدد قليل من المرافق، إضافة إلى أن الوضع الأمني يحتاج مزيدا من المعالجة، ورغم هذا نتواجد في الحوطة بين فترة وأخرى، وعملنا مؤخرا على ترميم أحد المرافق «مكتب الصحة العامة» لنقل فروع مكتب المحافظ إليه مؤقتا، وما زال الترميم جاريا. وقد أعدنا بالفعل تشغيل الكثير من المكاتب والإدارات التنفيذية للعمل من داخل الحوطة رغم الدمار. وأريد هنا أن أشير إلى شيء مهم، وهو أننا بحاجة ماسة عند تواجدنا في الحوطة إلى معالجة ملفات هامة يعاني منها المواطنون وهي معروفة، والمعالجات تحتاج إلى تكاليف باهظة، ونحن ماذا عسانا أن نفعل إذا لم تتوفر لدينا ميزانية تشغيلية لمكتب المحافظ؟ لهذا نحن نعمل بجهود، ونتواجد في الحوطة بين لحظة وأخرى لتهدئة الناس على أمل أن يتم توفير الإمكانيات لمعالجة تلك الملفات التي تهمهم.
* ما أبرز المشروعات الإغاثية التي يزمع تنفيذها في لحج وهل هناك معالجة لأزمة الكهرباء المتفاقمة..؟
- المشاريع الإغاثية التي يزمع تنفيذها ستكون مع مركز الملك سلمان للإغاثة، ومن اللجنة الإغاثية العليا، ونقدم شكرنا وامتناننا للمملكة العربية السعودية قيادة وشعبا وهيئات ومنظمات ومراكز، على جهودهم الجبارة في مختلف المجالات، ومساعدتهم شعبنا، وقد التقينا الدكتور صالح الذيبان مدير مركز الملك سلمان في عدن، وللحقيقة، كان متفهما لظروف محافظة لحج، واحتياجاتها، ولاحظنا أنه جاد في العمل، حيث ناقشنا أوضاع المحافظة وما تحتاجه من إغاثة عاجلة لتخفيف ظروف الناس وآثار الحرب، وتلقينا وعودا بمساعدة لحج، وعلى ضوء ذلك قدمنا مصفوفة بالاحتياجات العاجلة في لحج. إلى جانب ذلك، شكلنا لجنة إغاثية بالمحافظة يتفرع منها لجان في المديريات، وهي لديها خطة وتواصل للعمل. ونشير هنا إلى هيئات إغاثية عملت في لحج، وفي مقدمتها الهلال الأحمر الإماراتي، الذي قدم إغاثة غذائية في لحج وبعض مديرياتها، كما تبنى تنفيذ مشاريع مياه وإعادة تأهيل وترميم نحو 10 مدارس في الحوطة وتبن والصبيحة. وكذا قدمت اللجنة الكويتية مشكورة بعض الاحتياجات للقطاع الصحي، إلى جانب مؤسسات إغاثية ميدانية كبرنامج الغذاء العالمي الذي قدم إغاثات لبعض المديريات عبر المؤسسة الطبية الميدانية.
* ارتبط اسم مدينة الحوطة (مركز محافظة لحج الإداري) في الذاكرة الشعبية اليمنية كوجدان بكونها منتجة للثقافة والفن والتعليم والإدارة والمدنية. بعد الانقلاب، بات ذكر المدينة مقترنا بالجماعات المتشددة؟ وكيف تصدرت رائحة البارود والديناميت بدلا عن رائحة الفل والكاذي؟
- بالعكس، الحوطة كانت ولا تزال وستبقى منتجة للثقافة والفن والوعي المدني والسلام، وما حدث فيها خلال المرحلة الماضية هو مجرد أشياء عابرة، نتيجة الحرب وانتشار السلاح بشكل عشوائي، وهو سرعان ما بدأ بالأفول عندما بدأت تستعيد الحوطة ولحج عافيتهما، وهذا واضح جدًا وبمجرد تتحقق المحافظة على موازنة تشغيلية كافية ترى الاهتمام المنتديات الثقافية والغنائية والمسرح وفق الخطط والبرامج، وإعادة ذلك الصوت والصورة للحج وريادتها في الفن والإبداع.
* ما حقيقة أن سكان المحافظة هم الأكثر فقرا على مستوى اليمن؟
- لحج محافظة يبلغ سكانها نحو ما يقارب مليون نسمة تقريبا، وتتوزع إلى 13 مديرية بعد أن تم إضافة مديريتين أخريين إليها هما القبيطة والمقاطرة من محافظة تعز. كل هؤلاء الناس في لحج، يعتمدون على المعاشات والرواتب الحكومية، والتي هي في الأساس ضئيلة جدا، غير أن الآلاف منهم تعرضوا للإقصاء والتهميش من النظام السابق، كما أنه تم حل الكثير في الجهاز المدني، ليصبحوا في رصيف البطالة. إضافة إلى ذلك، كان السكان يعتمدون على القطاع الزراعي بلحج كونها محافظة زراعية، إلا أن التدمير الممنهج الذي اتبعه النظام السابق تسبب بتعطيل كل القطاعات الحكومية، ونهبت الأراضي فضلا عن أن الفساد الذي جلبه النظام نخر كل شيء في لحج، حتى أصبح غالبية السكان يعيشون تحت خط الفقر. من هنا تعد لحج ومديرياتها المحافظة الأشد فقرا في مستوى الوطن.
* ما تفسيركم لاستمرار المواجهات القتالية في تخوم منطقة كرش؟
- المواجهات ليست في كرش وحدها، فهناك ثلاث جبهات في لحج، تشتعل فيها المواجهات، ولا تزال لحج تقدم من خلالها تضحيات جسيمة، وهي (كرش والمضاربة وباب المندب) أضف إليها، أن هناك جبهة لم تفتح بعد وتحاول الميليشيات بين الفينة والأخرى عمل مناوشات وهي جبهة الحد بيافع المتاخمة لمحافظة البيضاء. وتفسيرنا لاستمرار المواجهات في جبهات لحج، هي أن لحج ذات موقع استراتيجي هام وترتبط بخمس محافظات، تعز والبيضاء، والعاصمة المؤقتة عدن، وأبين، والضالع، كما يوجد بها أكبر معسكر في البلاد تقريبا، وهو معسكر محور العند، وتطل لحج أيضا غربا على باب المندب. كل هذه الأسباب تدفع ميليشيات الانقلاب للحلم بإعادة تواجدها في لحج، لتمر إلى محافظات أخرى وخاصة عدن، وكذا استهداف معسكر العند. لكن صمود أبطال قوات الشرعية في الصبيحة وكرش ويافع وباب المندب، جعل الميليشيات في انكسار دائم، وتحتاج هذه الجبهات للاهتمام والدعم المتواصل.
* هل تسلمت قوات أميركية قاعدة العند مثلما تروج ميليشيات الحوثي وصالح؟
- قاعدة العند تتواجد فيها قوات الشرعية والتحالف العربي، ولا صحة لترويج الميليشيات التي تحاول البحث عن حجج لتهييج قواعدها وحواضنها لإعادة الهجوم مرة أخرى، بعد أن طردت من المناطق المحررة تجر أذيال الهزيمة.
* ما حقيقة وجود خلايا إرهابية في مناطق ريفية مثل يافع التي وجد فيها معسكرات تدريب؟
- هذه المعلومة غير دقيقة البتة، وبكل صراحة، يتواجد بعض الأفراد من الجماعات الإرهابية في مناطق ريفية بلحج، بعضهم كان متواجدا من قبل، وبعضهم كان منخرطا ضمن تلك الجماعات في محافظات أخرى، وعاد إلى منطقته هاربا بعد الملاحقات التي شنت ضدهم، المحافظة تم تحريرها في مطلع أغسطس (آب) الماضي، وبعيد تحرير عدن فمن أين جاءت الجماعات؟ لقد جاءوا من امتداد استخدام (المخلوع) صالح للجماعات الإرهابية التي كانت في أفغانستان.
وبالطبع، لحج رغم أنها بيئة طاردة للإرهاب، فإن استغلال (المخلوع) صالح لبعض الشباب المغرر بهم أوجد هذه الجماعات، لكنها فعليا ليس لها بيئة في لحج ولا حاضنة.
* لحج من المحافظات الواعدة اقتصاديا وصناعيا وزراعيا واستثماريا في اليمن، كيف تقيمون حجم الأضرار وكيف تستعيد المحافظة عافيتها؟
- المزارع والمشاريع السمكية من أبرز نشاطات المحافظة الاقتصادية، وتضررت كثيرا. كما أن مشروع جمعية الصيادين في المضاربة تضرر أيضا ودمرت قوارب الصيادين، وقد تم الوعد بتعويضهم ولكن لم يتم حتى الآن، ونحن نتابع موضوعهم باستمرار وقد قمنا بزيارتهم، والالتقاء عدة مرات بهم لمناقشة وضعهم.
* لماذا لا تصرف مرتبات الموظفين المتقاعدين في مكاتب هيئة البريد بلحج؟ وهل ثمة معالجة لوضعية هؤلاء الذين يضطرون للذهاب إلى محافظات مجاورة مثل عدن والضالع لتسلم معاشاتهم الشهرية؟
- بالنسبة لمشكلة المتقاعدين، والبريد بمحافظة لحج، فهي تتعلق بالسيولة المالية، وهذه مشكلة خاطبنا فيها الحكومة والجهات المختصة، ولكن لم تعمل أي حلول، وتتلخص المشكلة في أن الرواتب تبلغ في محافظة لحج مليار ونصف المليار ريال، وما يتم صرفه فقط 600 مليون، وهذا يسبب الكثير من المشاكل للموظفين الحكوميين وكذا المتقاعدين. ونأمل معالجة وزارة المالية لهذه المشكلة بأسرع وقت ممكن.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم