غضب عارم في فلسطين بسبب مشاركة مسؤول فلسطيني في مؤتمر للأمن القومي الإسرائيلي

الرئاسة قالت إنها هي من كلفت مجدلاني بحضوره.. وسياسيون وصفوا الخطوة بأنها طعنة للفلسطينيين

رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله مع أعضاء مكتبه خارج مسجد قبة الصخرة بعد زيارته للمسجد الأقصى في الجمعة الثانية من رمضان (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله مع أعضاء مكتبه خارج مسجد قبة الصخرة بعد زيارته للمسجد الأقصى في الجمعة الثانية من رمضان (أ.ف.ب)
TT

غضب عارم في فلسطين بسبب مشاركة مسؤول فلسطيني في مؤتمر للأمن القومي الإسرائيلي

رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله مع أعضاء مكتبه خارج مسجد قبة الصخرة بعد زيارته للمسجد الأقصى في الجمعة الثانية من رمضان (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله مع أعضاء مكتبه خارج مسجد قبة الصخرة بعد زيارته للمسجد الأقصى في الجمعة الثانية من رمضان (أ.ف.ب)

بعد يومين من الجدل والانتقادات الواسعة التي رافقت مشاركة عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أحمد مجدلاني، في مؤتمر هرتسيليا الإسرائيلي، خرجت الرئاسة الفلسطينية لتدافع عن مجدلاني، بإعلانها أنه ذهب بتكليف من الرئيس محمود عباس.
وقالت الرئاسة في بيان، إن هذه المشاركة «جاءت للتأكيد على الموقف الفلسطيني الواضح والثابت، الساعي للوصول إلى سلام واستقرار في المنطقة، ونيل الشعب الفلسطيني لحقوقه الكاملة غير المنقوصة، القائمة على أساس حل الدولتين على حدود الرابع من يونيو (حزيران) لعام 1967، والقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين الحرة المستقلة، وحل قضية اللاجئين والقضية الفلسطينية، وفق قرارات الشرعية الدولية (242، 338، 194)، ومبادرة السلام العربية، وهذا ما نصت عليه الكلمة التي ألقاها مجدلاني في المؤتمر».
وكانت الساحة الفلسطينية قد شهدت جدلاً غير مسبوق حول مشاركة مجدلاني في المؤتمر المخصص للأمن القومي الإسرائيلي، حيث اعتبرها سياسيون ومفكرون وناشطون تطبيعا غير مقبول، ومتناقضا مع ما تعلنه القيادة الفلسطينية في العلن، وضربا لجهود مقاطعة إسرائيل في العالم.
وشن سياسيون وفصائل هجوما على مجدلاني. كما أطلق ناشطون هاشتاغات «هرتسيليا وفلسطين مش للبيع» ضد المشاركة الفلسطينية.
ووصف يحيى موسى، القيادي في حماس، في تصريحات لإذاعة الأقصى، مشاركة مجدلاني، بأنها «قمة في الانحطاط وطعنة في خاصرة الفلسطينيين»، مطالبا بمحاسبته إلى جانب قيادات السلطة الفلسطينية.
ومن جهتها طالبت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بمحاسبة مجدلاني، ومخاطبة من أوعز له بالمشاركة، إذ قال القيادي في الجبهة خالد بركات: «إن مثل هذه اللقاءات هدفها تسويق التطبيع الذي تمارسه قيادات رسمية وغير رسمية بموافقة القيادة الفلسطينية».
كما استنكرت الجبهة الديمقراطية في بيان لها مشاركة أحمد مجدلاني، بأعمال «هرتسيليا»، ورأت في ذلك تحديًا سافرًا للمشاعر الوطنية الفلسطينية، ولدعوات مقاطعة الاحتلال الإسرائيلي، اقتصاديًا وأمنيًا وثقافيًا، ووقف كل أوجه التعاون معه. وسخرت الجبهة من القول بأن مؤتمر هرتسيليا لم يعد إسرائيليًا، بل بات عالميًا، ويشكل منبرًا يمكن أن تطل منه القضية الفلسطينية على الرأي العام الدولي، وأعادت التأكيد على أن وظيفة مؤتمر هرتسيليا كانت وستبقى رسم الاستراتيجيات السياسية والعسكرية والأمنية لدولة الاحتلال، وتزويدها بالدراسات والتوصيات التي تعزز من دورها الاستعماري والعدواني ضد أبناء الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية المشروعة غير القابلة للتصرف.
ومن جانبها قالت حركة مقاطعة إسرائيل، المعروفة اختصارا باسم BDS، إن المشاركة الفلسطينية في مثل هذه المؤتمرات تخدم إسرائيل في ضرب حركة المقاطعة. فيما قال المنسق العام لحركة المقاطعة محمود نواجعة: «إن مشاركة الفلسطينيين في مؤتمرات إسرائيلية، هو ضد الشعب الفلسطيني، ويضعف حركة المقاطعة الدولية». وطالبت الحملة بمحاسبة مجدلاني.
وقال منسق اللجان الشعبية في الحملة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان سهيل السلمان، إن المشاركة في مؤتمر هرتسيليا «يشكل وصمة عار على جبين المشاركين، وطعنة لحركة المقاطعة وفرض العقوبات على إسرائيل».
كما انتقد المشاركة زملاء لمجدلاني في منظمة التحرير، من بينهم تيسير خالد وواصل أبو يوسف، ووصفوها بخطوة غير مبررة ومبدأ مرفوض.
وغرّد كثيرون على مواقع التواصل الاجتماعي ضد مجدلاني واتهموه بالخيانة.
وكان مجدلاني قد شارك في مؤتمر هرتسيليا 16 في إسرائيل، بالفترة بين 14 - 16 الجاري. وقال مجدلاني في كلمته هناك: «لم أتردد للحظة في المشاركة لإلقاء كلمة أمام أكاديميين وساسة ومفكرين، انطلاقا من قناعتي بأن من يبحث عن السلام العادل والشامل يجب أن يذهب إليه، ولو كان في آخر العالم»، مضيفا: «إن أمام الجميع فرصة تاريخية علينا استغلالها واستثمارها، واستغلال المتغيرات التي تعصف من أجل السلام والعدل».
وشدد مجدلاني على ضرورة إعطاء الشعب الفلسطيني حقه بتقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو من العام 1967، وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين إلى ديارهم، وجدد التأكيد على أن القيادة الفلسطينية على قناعة راسخة بأن إنهاء الصراع العربي –الإسرائيلي، والفلسطيني – الإسرائيلي، هو المدخل الحقيقي لاستقرار المنطقة ومحاصرة تأثير قوى الإرهاب والتطرف، وأضاف موضحا أن «الأمن الذي تتذرع به حكومة إسرائيل لا يمكن أن تحصل عليه إلا من خلال السلام العادل والشامل».
ومؤتمر هرتسيليا هو مؤتمر سنوي يعني بشؤون الأمن القومي الإسرائيلي، ويكتسب أهميته من طبيعة المشاركين فيه، إذ يحضره مسؤولو الأمن والاستخبارات الإسرائيلية، إلى جانب أكاديميين ودبلوماسيين من إسرائيل وخارجها، لنقاش الأخطار المحدقة بإسرائيل، وإجراء مراجعات أمنية وسياسية. ومجدلاني ليس الفلسطيني الوحيد الذي حضر المؤتمر، إلا أنه يعد الأرفع مسؤولية.



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.