سلم الرئيس الأميركي باراك أوباما صباح أول من أمس، قبل اختتام زيارته إلى الرياض، جائزة «أشجع امرأة» للدكتورة مها منيف المدير التنفيذي لـ«برنامج الأمان الأسري الوطني» في السعودية، تقديرا لجهودها في مكافحة العنف الأسري.
وأكدت المنيف في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن مثل هذه الجائزة ستساعد على تقديم المزيد من خلال البرنامج ودعم ضحايا العنف الأسري، إلى جانب ما تعكسه مثل هذه الجائزة من صورة مشرفة للسيدة السعودية ومساهماتها في تغيير المجتمع للأصلح بالتوافق مع الشريعة الإسلامية، مضيفة «ستساعدنا الجائزة أنا وزميلاتي العاملات في هذه القضية إلى تقديم المزيد من الخدمات التي تليق بالمرأة السعودية».
مها المنيف حصلت على الجائزة منذ نحو شهر مضى، بيد أنها ولأسباب صحية؛ لم تتمكن من حضور الاحتفال الذي عادة ما يقام في وزارة الخارجية الأميركية لتسلم الجائزة من قبل السيدة الأولى ميشيل أوباما.
وتلخص حديث المنيف مع الرئيس الأميركي عقب تسلم الجائزة في إلقاء الضوء على جهود البرنامج الأسري الحكومي في القضاء على العنف الأسري وآليات العمل قائلة «تحدثنا خلال اللقاء عن قضايا العنف الأسري وآليات التحرك وما قدمناه من خلال البرنامج من خدمات وقائية وعلاجية إلى جانب المساهمة في التحفيز على استصدار القوانين».
كما تحدثت مع أوباما عن دور المرأة السعودية في تنمية المجتمع، وما أحرزته حديثا من نجاحات إلى جانب مشاركتها في صنع القرار.
وكان الرئيس الأميركي أثنى خلال لقائه بالمدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري بدور الملك عبد الله بن عبد العزيز في دعم حقوق المرأة بالمجتمع السعودي وما حققته من مكتسبات في الأعوام الماضية.
وفيما يتعلق بطبيعة الجائزة التي تسلمتها، أوضحت مها المنيف أن الجائزة عبارة عن مجرد «درع كريستالية»، مؤكدة عدم تقبل البرنامج لأي دعم مالي خارجي، وأضافت أن «برنامج الأمان الأسري برنامج حكومي يقدم له الدعم من قبل الدولة، وقادرين على دعم برنامجنا منفردين منذ عام 2005 ولا نستقبل أي دعم خارجي أو داخلي».
وكانت وزارة الخارجية الأميركية منحت جائزة «أشجع امرأة» إلى مها المنيف، تقديرا لجهودها وفعالية برنامجها، وذلك ضمن مجموعة من النساء حول العالم «الشجاعات» اللواتي استطعن إحداث تغيير إيجابي في مجتمعاتهن، وبذلك تصبح المنيف أول سيدة عربية في الشرق الأوسط تحصل على هذه الجائزة من بين 10 نساء حول العالم.
وتسعى الدكتورة مها من خلال برنامج الأمان الأسري مع فريق العمل الخاص في المرحلة القادمة، بالتركيز على تقديم برامج وقائية وأسرية، إلى جانب تمكين المرأة اقتصاديا واجتماعيا وتوعيتها بحقوقها بشأن رفض ما قد يقع عليها من عنف من قبل أحد أفراد الأسرة. وفيما يتعلق بنظام الحماية من الإيذاء الذي أقر رسميا في السعودية بعد ما بذله برنامج الأمان الأسري من جهود لإقراره، أكدت المدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري بدء وزارة الشؤون الاجتماعية بوضع آليات التنفيذ الإجرائية كخطوة أولى، متوقعة البدء بتنفيذه وتفعيله في الدوائر القضائية والجهات الحكومية الأخرى المعنية في العام الحالي.
وفي حفل ضخم في صالة «بنجامين فرانكلن» في مبنى وزارة الخارجية الأميركية أعلنت السيدة الأولى ميشيل أوباما أسماء الفائزات لهذا العام بجائزة الشجاعة التي تقدمها الوزارة سنويا لنساء من كافة دول العالم أثبتن جدارة وكفاءة وأظهرن دورا قياديا متحديات ديكتاتوريات وقيودا مجتمعية في مجالات متعددة من حقوق الإنسان إلى حماية البيئة إلى الإعلام.
وكانت على قائمة هذا العام الدكتورة السعودية مها المنيف التي لم تحضر شخصيا لقبول الجائزة، لكن السيدة الأولى قالت إن «مها وهي أيضا عضو في الشبكة العربية لحماية الطفل من الإيذاء قامت بجهود جبارة لمكافحة العنف الأسري والعنف ضد الأطفال» وأضافت ميشيل أوباما أن «جهود المنيف ساهمت في وضع أول تشريع حكومي ضد العنف الأسري وجعله جريمة يعاقب عليها القانون».
* بروفايل: مها المنيف.. مقاومة العنف الأسري
* شغلت الدكتورة مها المنيف السعوديين يوم أمس، بعد تكريمها من قبل الرئيس أوباما كأشجع امرأة، وأخذت معرفات السعوديين والعرب في وسائل الاتصال الاجتماعي تعج بنبئها، وراحت الفضائيات تجري معها المقابلات، ولم تخلُ نشرة إخبارية تهتم بالشأن السعودي من خبر تكريمها من قِبل أوباما، لدرجة قد تفوق تلك التي أعلنت فيها السيدة الأولى ميشيل أوباما النبأ نفسه، مطلع مارس (آذار) الماضي.
بيد أن الأمر لا يقف البتة عند النقطة السابقة، فمها المنيف الحائزة بكالوريوس الطب والجراحة من جامعة الملك سعود، والبورد الأميركي في مجال طب الأطفال ومكافحة العدوى، وعلم الوبائيات، والبورد الأميركي في إيذاء الأطفال وعضو الجمعية الأميركية لطب الأطفال، دأبت لنحو عقد كامل، على أن تجول في جميع أرجاء البلاد بقضية واحدة؛ العنف. وساهمت في ولادة نظام الحماية من الإيذاء في السعودية من رحم الحراك الذي قادته الرئيسة التنفيذية لبرنامج الأمان الأسري الوطني.
تقلدت المنيف عدة مناصب، كان آخرها المدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري الوطني، وعضوية الشبكة العربية لحماية الطفل من الإيذاء، وعضوية أخرى بلجنة ضحايا العنف الأسري في مدينة الملك عبد العزيز الطبية، إلى جانب عملها مستشارة غير متفرغة في مجلس الشورى السعودي.
عملت مها المنيف استشارية طب الأطفال بمدينة الملك عبد العزيز الطبية بالحرس الوطني منتصف التسعينات من القرن الماضي، واستشارية الأمراض المعدية والوبائية في المدينة الطبية نفسها عام 1999، وفي عام 2000 وحتى 2008، عملت المنيف نائبا للمدير التنفيذي لإدارة الطب الوقائي ومكافحة العدوى في المدينة الطبية، وفي الوقت نفسه، تولت الإدارة التنفيذية لبرنامج الأمان الأسري الوطني في 2006 وحتى اللحظة، إلى جانب عملها أستاذا مساعدا بكلية الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحية منذ عام 2007 حتى اليوم، وهي الرئيس المنتخب للشبكة العربية لحماية الطفل من الإيذاء.

