استعادة الذاكرة الكاملة للطائرة المصرية المنكوبة تعزز تفسير أسباب تحطمها

لجنة التحقيق أعلنت انتشال الصندوق الثاني غداة العثور على الأول

تقني يضع مسجل الصوت للطائرة المصرية المنكوبة داخل صندوق لتحليل محتواه من قبل الخبراء
تقني يضع مسجل الصوت للطائرة المصرية المنكوبة داخل صندوق لتحليل محتواه من قبل الخبراء
TT

استعادة الذاكرة الكاملة للطائرة المصرية المنكوبة تعزز تفسير أسباب تحطمها

تقني يضع مسجل الصوت للطائرة المصرية المنكوبة داخل صندوق لتحليل محتواه من قبل الخبراء
تقني يضع مسجل الصوت للطائرة المصرية المنكوبة داخل صندوق لتحليل محتواه من قبل الخبراء

في انفراجة مفاجئة لمسار التحقيق حول أسباب تحطم طائرة مصرية فوق مياه البحر المتوسط، أعلنت لجنة التحقيق في الحادث رسميا أمس، انتشال الصندوق الأسود الثاني لطائرة شركة مصر للطيران المنكوبة، بعد يوم واحد من انتشال الصندوق الأول، ما يزيد من فرص تفسير أسباب تحطمها، الذي أودى بحياة جميع من كانوا على متنها، وعددهم 66 شخصا.
وكانت طائرة شركة مصر للطيران من طراز إيرباص A320 قد تحطمت في رحلتها رقم (804) القادمة من مطار شارل ديغول في العاصمة الفرنسية باريس، في طريقها للقاهرة، في 19 مايو (أيار) الماضي، وعلى متنها 66 شخصا، بينهم 30 مصريا و15 فرنسيا، إضافة إلى جنسيات متعددة أخرى.
وعثرت فرق البحث على حطام الطائرة المنكوبة قبالة سواحل الإسكندرية، فيما تنازع الحادث روايتان لتفسير أسبابه، الأولى رجحتها القاهرة واعتمدت فرضية وجود عمل إرهابي ما يعني وجود اختراق أمني في مطار شارل ديغول الذي انطلقت من الطائرة في طريقها للقاهرة.
لكن الرواية الثانية التي اعتمدتها تقارير إعلامية غربية سعت لترجيح وجود خطأ فني أو بشري لتبرير الحادث الذي وجه ضربة جديدة للاقتصاد المصري الذي يعاني قطاعه السياحي من الركود منذ تحطم طائرة روسية فوق سيناء أواخر العام الماضي.
وقالت لجنة التحقيق التي تترأسها مصر في بيان صدر صباح أمس (الجمعة) إنه تم «انتشال صندوق مسجل بيانات الطائرة» (أي الصندوق الأسود الثاني) غداة انتشال الصندوق الأول.
وقالت اللجنة إن السفينة جون ليثبريدج التي تستأجرها الحكومة المصرية للمشاركة في عمليات البحث في البحر المتوسط تمكنت من «العثور على الصندوق الأسود الثاني الخاص بمسجل بيانات الطائرة» ومن «انتشال الجزء الذي يحتوي على وحدة الذاكرة التي تعتبر أهم جزء في جهاز المسجل».
وقالت مصادر على صلة بالتحقيقات إن الصندوق الثاني انتشل أيضا على عدة مراحل، مؤكدة نجاح فرق البحث في انتشال الجزء الخاص بوحدة ذاكرة الصندوق الثاني، الأمر الذي اعتبره استعادة لذاكرة الطائرة المنكوبة بما يعزز فرص تفسير أسباب تحطمها. وقال بيان اللجنة إنه فور انتشال الصندوق الثاني أخطرت النيابة العامة التي تتولى التحقيق، لافتا إلى أن النيابة أصدرت قرارها بتسليم الصندوقين إلى لجنة التحقيق الفني في الحادث لاتخاذ إجراءات فحص وتفريغ البيانات والمحادثات. وانتشل الصندوقان الأسودان للطائرة المنكوبة قبل أسبوع فقط من توقفهما عن إرسال الإشارات اللاسلكية التي تسمح بتحديد موقعيهما. وتجدر الإشارة إلى أن أجزاء الحطام التي تم انتشالها من قبل لا تزال في حوزة الأدلة الجنائية بإشراف النيابة لاتخاذ الإجراءات المتبعة في هذا الشأن وسيتم نقلها إلى لجنة التحقيق الفني حال الانتهاء من تلك الإجراءات، وفقا للبيان الذي أصدرته شركة مصر للطيران المالكة للطائرة المنكوبة.
ويقول المحققون إنه من دون «الصندوقين الأسودين» لن تتوافر معلومات كافية لمعرفة سبب تحطم الطائرة. وأكدت المصادر أنه فور انتشال الصندوقين الأسودين للطائرة سيقوم فريق المحققين المصريين بتفريغ محتوياتهما في معمل موجود بمقر الإدارة المركزية لحوادث الطيران، حيث ستساعد محتويات الصندوقين في معرفة حقيقة اللحظات الأخيرة من سقوط الطائرة عن طريق مسجل الحوار الذي دار في كابينة القيادة والبيانات التي توضح حالة أجهزة الطائرة أثناء سقوطها.
وكانت اللجنة قد أكدت أن الصور الرادارية التي وردت إلى لجنة التحقيق من القوات المسلحة المصرية والخاصة بمسار الطائرة A320 قبل وقوع الحادث، أشارت إلى حدوث انحراف للطائرة يسارا عن مسارها وقيامها بالدوران يمينا لدورة كاملة متفقا مع ما جاء بصور الرادارات اليونانية والإنجليزية، وأضافت: «مع الأخذ في الاعتبار بأنه لا يمكن الاعتماد على تلك المعلومات بمعزل عن السياق العام للتحقيق». وسبق أن قالت هيئة الملاحة الجوية المصرية إن الطائرة اختفت فجأة من على شاشات الرادار على ارتفاع نحو 37 ألف قدم. وتعارضت تلك التصريحات مع رواية وزير الدفاع اليوناني في يوم الحادث التي قال فيها إن الطائرة انحرفت بشدة إلى اليسار ثم 360 درجة إلى اليمين قبل اختفائها من على شاشات الرادار على ارتفاع 15 ألف قدم.
وتأتي الانفراجة في مسار التحقيقات حول حادث تحطم الطائرة المصرية بعد يوم من إعلان رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، جون برينان، أن الولايات المتحدة متأكدة من ضلوع جماعة «أنصار بيت المقدس» التي تتخذ من سيناء مرتكزا لعملياتها الإرهابية، في كارثة الطائرة الروسية في الخريف الماضي. وفي كلمة ألقاها في مجلس الشيوخ الأميركي، الخميس الماضي قال برينان: «إننا نعتقد أن هذه المجموعة متورطة في تدمير طائرة الركاب الروسية فوق سيناء»، مشيرا إلى أن لدى هذه المجموعة المتصلة بتنظيم داعش إمكانات لتنفيذ هجمات إرهابية. وكانت طائرة إيرباص A321 تابعة لشركة «كوغاليم أفيا» التي كانت في رحلة من منتجع شرم الشيخ إلى بطرسبرغ، قد تحطمت فوق شبه جزيرة سيناء، في 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وقتل جراء تحطمها 217 راكبا وأفراد الطاقم السبعة، ومعظم الضحايا هم مواطنون روس.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.