ملايين الأميركيين لن يملكوا ما يكفي من المال للتقاعد

«الرهن العقاري العكسي» صار «أمرًا لا بد منه»

ملايين الأميركيين لن يملكوا ما يكفي من المال للتقاعد
TT

ملايين الأميركيين لن يملكوا ما يكفي من المال للتقاعد

ملايين الأميركيين لن يملكوا ما يكفي من المال للتقاعد

إذا لم يكن لديك رهن عقاري عكسي، ولا تعلم أحدًا في دائرة أصدقائك ومعارفك يشترك في هذا النوع من الرهن، فإن معرفتك بهذا الرهن ربما تأتي حصريًا من الإعلانات التلفزيونية، وغالبًا ما تذاع هذه الإعلانات في وقت متأخر من الليل، ويضطلع الممثلان بات بون وهنري وينكلر بدور رائع فيها.
ويشير مصطلح الرهن العقاري العكسي إلى نمط من الرهونات يتوافر أمام الأفراد الذين تبلغ أعمارهم 62 عامًا أو أكثر، ويتيح لهم سحب بعض المال من الأصل العقاري لمنزلهم من دون الحاجة إلى دفع مبالغ شهرية تتعلق بالدين، والملاحظ أن الرهن العقاري العكسي يتسم بتاريخ سلبي، ذلك أن محتالين سبق وأن نجحوا في إقناع مقترضين بتوجيه العائدات نحو استثمارات غير مناسبة، وفقد بعض الأزواج لم يكونوا مشتركين في الرهن منازلهم.
وعليه، فإنك قد تشعر بالدهشة لدى معرفتك أن بعض المصرفيين العاملين لدى ما يعرف بـ«المصارف المحلية» يعرضون في هدوء قروضًا أيضًا، الأمر الذي بدأ يضفي هالة من الاحترام والثقة على منتج لطالما افتقر إليهم.
مؤخرًا، قمت بجولة سريعة عبر عدد من المكاتب المصرفية الفاخرة في بنسلفانيا، حيث لا يزال المسؤولون التنفيذيون يقيسون مسيراتهم المهنية بالعقود، وخلال جولتي، طرحت عليهم السؤال التالي: «لماذا تغامرون بسمعتكم من أجل منتج مثل هذا؟»، في الواقع، لقد خطوت إلى داخل المقار الرئيسية لهذه المصارف حاملاً بداخلي شعورا بأن الرهن العقاري العكسي أصبح على نحو متزايد «شرا لا بد منه»، في إطار العالم المثالي الحالم، يسدد كل امرئ نفقاته مع تقدمه في العمر بالاعتماد على أموال التأمين الاجتماعي ومدخرات التقاعد، الأمر الذي يمكنه من الحفاظ على منزله من دون سوء لورثته.
إلا أنه على أرض الواقع، يحمل لنا كل أسبوع تقريبًا مؤشرات جديدة تكشف أن ملايين الأميركيين لن يملكوا ما يكفي من المال للتقاعد باطمئنان - أو التقاعد من الأساس - على مدار العقود المقبلة.
وكشف مسح أجراه بنك الاحتياطي الفيدرالي مؤخرًا حول الأفراد الذين تعرض جهات توظيفهم خطة تقاعد لكن لا تشترك بها، أن 27 في المائة منهم قالوا إنه ليس باستطاعتهم ادخار المال، وأعرب 18 في المائة آخرون عن حيرتهم البالغة تجاه الخيارات المتاحة، بينما كان 18 في المائة آخرون غير مؤهلين للمشاركة من الأساس، و16 في المائة لم تتح لهم فرصة الانضمام للخطة.
ومع ذلك، فإن كثيرين من هؤلاء الأفراد يتمكنون من شراء منزل، وربما يكونون قد سددوا جزءًا كبيرًا من الرهن العقاري بحلول سن التقاعد، وبذلك، يتضح ضرورة تحسين آليات التعامل مع مدخرات التقاعد داخل الولايات المتحدة، إلا أنه حتى يتحقق ذلك، ربما ينتهي الحال بالأصل العقاري لأن يصبح الأصل الأكبر الذي يلجأ إليه للسحب منه كثيرون في سن التقاعد.
وهنا، يأتي الرهن العقاري العكسي للأفراد الذين يستغلون منازلهم بوصفه مقر إقامة أساسية، إذا كنت في الـ62 أو أكثر، يمكنك التقدم بطلب للحصول على بعض من هذا الأصل العقاري في صور متنوعة، منها مبلغ ضخم أو خط اعتماد، وستساعد عوامل مثل سنك وأسعار الفائدة السائدة وحجم الأصل العقاري المرتبط بمنزلك، والجهة المقرضة على تحديد حجم المال الذي يمكنك اقتراضه، أما السمة الرئيسية المميزة لهذه النوعية من قروض الرهن العقاري - التي يستقي منها اسمه - فهي أنه بدلاً من أن تسدد للمصرف مثلما تفعل في حالة الرهن العقاري «التقليدي»، فإن المصرف هنا هو الذي يدفع لك.
ومع ذلك، تبقى مسؤولاً عن المال (وينبغي عليك توفير مصاريف صيانة المنزل والضرائب والتأمين)، وتبقى الجهة المقرضة قناة فوائد مفتوحة ومصاريف (غالبًا باهظة)، وبمجرد وفاتك أو الانتقال لدار رعاية أو بيع العقار، يسترد المصرف أمواله (أو يحرر ورثتك للمصرف شيكًا لتسوية الدين والاحتفاظ بالمنزل)، ولا يتعين على المقترضين قط دفع أموال إضافية، حتى ولو تراكمت الفائدة نهاية الأمر لتتجاوز قيمة المنزل عند تلك النقطة.
بوجه عام، تتسم الرهون العقارية العكسية بالتعقيد، وفي بعض الأحيان تقع مشكلات للمقترضين ممن يبقى أزواجهم على قيد الحياة أو لهم ورثة يأملون في وراثة المنزل. من جهتهم، حاول مشرعون فيدراليون إصلاح كثير من المشكلات المتعلقة بهذا النمط من الرهن خلال السنوات الأخيرة، وفي الشهر الماضي، أعلنت إدارة الإسكان الفيدرالية عن أحدث محاولاتها لإحكام القواعد، ومع ذلك، لا يزال من الأفضل بالنسبة لأي شخص يفكر في الحصول على رهن عقاري عكسي (أو لديه أب أو أم أو قريب مشترك به) الاطلاع بتعمق على مواد تعليمية من وزارة الإسكان والتنمية الحضرية والمجلس الوطني لكبار السن ومكتب الحماية المالية للمستهلك.من جانبه، حرص فريد شيندار، 72 عامًا، على التعرف على جميع المعلومات المهمة من خلال الحديث إلى صديق من منطقة بتسبرغ استعان بجهة إقراض من فيلادلفيا للحصول على رهن عقاري عكسي، وقال: «لكنني لا أحب القيام بشؤون تجارية كبيرة عبر البريد العادي أو الإلكتروني، وكان راندي مسؤولا محليا».
وراندي المشار إليه هنا هو راندي ديفيز، المسؤول الوحيد عن الرهن العقاري العكسي داخل منطقة بتسبرغ لصالح «دولار بانك»، الذي بدأ عمله عام 1855. ومثلما الحال مع جميع المصارف المحلية والإقليمية، يأمل المصرف في بناء علاقات طويلة مع العملاء، بما في ذلك بعد وصولهم للتقاعد، وعليه، يقر المصرف حاليًا قرابة 100 صفقة رهن عقاري عكسي سنويًا داخل وحول بتسبرغ وكليفلاند.
من ناحيته، استغل شيندلر الرهن العقاري العكسي الذي حصل عليه في سداد جزء من الرهن العقاري الأصلي الذي حصل عليه من أجل شقته وفتح خط اعتمادات، ومن خلال ذلك، نجح في بناء مبلغ مقدم كبير بما يكفي للحصول على سعر فائدة أفضل على قرض سيارة، كما منحه الرهن العقاري العكسي مساحة للتنفس، لأنه لم يرغب في اللجوء إلى أموال التقاعد من استحقاق سنوي ستزداد قيمته لو انتظر فترة أطول قبل استغلاله.
الواضح أن القروض المائة التي يوفرها المصرف سنويًا ليست بالعدد الكبير بالنسبة لمصرف لديه عشرات الفروع، وعلى ما يبدو فإن المصرف يتعمد التحرك بحذر على هذا الصعيد.
اللافت أن المصرف أحيانًا يتحدث إلى العملاء على نحو يقنعهم بالابتعاد عن الرهن العقاري العكسي، على سبيل المثال، وصف ديفيز مقابلته مع سيدة مسنة تعيش مع ابنها البالغ، وقال: «سألتها ما نيته بعد وفاتها؟». من جانبه، رغب الابن في البقاء بالمنزل، لكن إذا تراكمت على الأم فاتورة رهن عقاري عكسي ضخمة، فإنه سيتعين عليه سدادها بمجرد وفاتها، أو التوصل إلى سبيل لاقتراض ما يكفي من المال لسداد الدين، وعليه، تم رفض فكرة حصول السيدة على رهن عقاري عكسي.
أيضًا، شارك «فولتون بانك» في لانكستر ببنسلفانيا في مجال الرهن العقار العكسي في وقت كان كثيرون يتوقعون بانهيار هذا المجال، وعن ذلك، أوضح جيل كارسون، رئيس وحدة الرهن العقاري العكسي داخل المصرف الذي بدأ عمله بالمصرف عام 1974، أنه «في المجالات التي يتعرض خلالها الأفراد للاستغلال، رأينا أنه من المنطقي أن نتدخل ونوفر بدائل لعملائنا».
ومثلما الحال مع «دولار بانك»، يقر «فولتون بانك» قرابة 100 صفقة رهن عقاري عكسي سنويًا، ويتقاضى وكلاؤه بهذا المجال رواتب ثابتة، وليست عمولات، ويتمثل عنصر مشترك آخر بين المصرفين في محاولة وكلائهما ضمان وجود أقارب بالغين أو مستشارين موثوق بهم من العميل، للتأكد من أن الأخير يدرك تمامًا جميع جوانب الرهن العقاري العكسي.وبطبيعة الحال، يبدو هذا أمرًا منطقيًا بالنظر إلى أن كثيرا من عملاء الرهن العقاري في السبعينات والثمانينات من العمر، وبعضهم ربما يكون على أعتاب التردي في الإدراك والوعي.

* خدمة «نيويورك تايمز»



بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)

قالت الصين الخميس إن تحقيقاتها في ممارسات الاتحاد الأوروبي وجدت أن بروكسل فرضت «حواجز تجارية واستثمارية» غير عادلة على بكين، مما أضاف إلى التوترات التجارية طويلة الأمد.

وأعلنت بكين عن التحقيق في يوليو (تموز)، بعدما أطلق الاتحاد تحقيقات حول ما إذا كانت إعانات الحكومة الصينية تقوض المنافسة الأوروبية. ونفت بكين باستمرار أن تكون سياساتها الصناعية غير عادلة، وهددت باتخاذ إجراءات ضد الاتحاد الأوروبي لحماية الحقوق والمصالح القانونية للشركات الصينية.

وقالت وزارة التجارة، الخميس، إن تنفيذ الاتحاد الأوروبي للوائح الدعم الأجنبي (FSR) كان تمييزاً ضد الشركات الصينية، و«يشكل حواجز تجارية واستثمارية». ووفق الوزارة، فإن «التطبيق الانتقائي» للتدابير أدى إلى «معاملة المنتجات الصينية بشكل غير موات أثناء عملية التصدير إلى الاتحاد الأوروبي مقارنة بالمنتجات من دول أخرى».

وأضافت بكين أن النظام لديه معايير «غامضة» للتحقيق في الإعانات الأجنبية، ويفرض «عبئاً ثقيلاً» على الشركات المستهدفة، ولديه إجراءات غامضة أنشأت «حالة من عدم اليقين هائلة». ورأت أن تدابير التكتل، مثل عمليات التفتيش المفاجئة «تجاوزت بوضوح الحدود الضرورية»، في حين كان المحققون «غير موضوعيين وتعسفيين» في قضايا، مثل خلل الأسواق.

وأوضحت وزارة التجارة الصينية أن الشركات التي عدّت أنها لم تمتثل للتحقيقات واجهت أيضاً «عقوبات شديدة»، الأمر الذي فرض «ضغوطاً هائلة» على الشركات الصينية. وأكدت أن تحقيقات نظام الخدمة المالية أجبرت الشركات الصينية على التخلي عن مشاريع أو تقليصها، ما تسبب في خسائر تجاوزت 15 مليار يوان (2,05 مليار دولار).

وفي سياق منفصل، تباطأ التضخم في أسعار المستهلكين في الصين خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فيما واصلت أسعار المنتجين الانكماش وسط ضعف الطلب الاقتصادي.

وألقت عوامل، تتضمن غياب الأمن الوظيفي، وأزمة قطاع العقارات المستمرة منذ فترة طويلة، وارتفاع الديون، وتهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب فيما يتعلق بالرسوم الجمركية، بظلالها على الطلب رغم جهود بكين المكثفة لتحفيز القطاع الاستهلاكي.

وأظهرت بيانات من المكتب الوطني للإحصاء، الخميس، أن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع 0.1 في المائة الشهر الماضي على أساس سنوي، بعد صعوده 0.2 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) السابق عليه، مسجلاً أضعف وتيرة منذ أبريل (نيسان) الماضي. وجاءت البيانات متسقة مع توقعات الخبراء في استطلاع أجرته «رويترز».

وظل مؤشر أسعار المستهلكين ثابتاً على أساس شهري، مقابل انخفاض بواقع 0.6 في المائة في نوفمبر، وهو ما يتوافق أيضاً مع التوقعات. وارتفع التضخم الأساسي، الذي يستثني أسعار المواد الغذائية والوقود المتقلبة، 0.4 في المائة الشهر الماضي، مقارنة مع 0.3 في المائة في نوفمبر، وهو أعلى مستوى في خمسة أشهر.

وبالنسبة للعام ككل، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين 0.2 في المائة بما يتماشى مع وتيرة العام السابق، لكنه أقل من المستوى الذي تستهدفه السلطات عند نحو ثلاثة في المائة للعام الماضي، مما يعني أن التضخم أخفق في تحقيق الهدف السنوي للعام الثالث عشر على التوالي.

وانخفض مؤشر أسعار المنتجين 2.3 في المائة على أساس سنوي في ديسمبر، مقابل هبوط بواقع 2.5 في المائة في نوفمبر، فيما كانت التوقعات تشير إلى انخفاض بنسبة 2.4 في المائة. وبذلك انخفضت الأسعار عند بوابات المصانع للشهر السابع والعشرين على التوالي.

ورفع البنك الدولي في أواخر ديسمبر الماضي توقعاته للنمو الاقتصادي في الصين في عامي 2024 و2025، لكنه حذر من أن أموراً تتضمن ضعف ثقة الأسر والشركات، إلى جانب الرياح المعاكسة في قطاع العقارات، ستظل تشكل عائقاً.