أموال الزكاة تمول التعليم الحديث في الهند

مؤسسات خيرية تلجأ لوسائل التواصل لتحويل أوجه الصرف المعتادة

يتجه كثيرون في الهند لدفع أموال الزكاة لدعم التعليم الحديث للأطفال (أ.ف.ب)
يتجه كثيرون في الهند لدفع أموال الزكاة لدعم التعليم الحديث للأطفال (أ.ف.ب)
TT

أموال الزكاة تمول التعليم الحديث في الهند

يتجه كثيرون في الهند لدفع أموال الزكاة لدعم التعليم الحديث للأطفال (أ.ف.ب)
يتجه كثيرون في الهند لدفع أموال الزكاة لدعم التعليم الحديث للأطفال (أ.ف.ب)

نجح 17 طالبًا مسلمًا مؤخرًا في اجتياز اختبار الخدمة المدنية الهندية الرفيع، وذلك بعد تلقيهم تمويلا من جانب المؤسسة الهندية للزكاة التي تتخذ من دلهي مقرًا لها.
وقد تولت المؤسسة الهندية للزكاة توفير التدريب والتمويل للمسلمين المعوزين على مدار الأعوام الثمانية الماضية بالاعتماد على أموال الزكاة. ومع حلول شهر رمضان الكريم، حث رجال الدين المسلمون جموع المسلمين على توجيه الزكاة نحو التعليم الحديث.
من بين هؤلاء، سيد معين الدين أشرف، المشهور باسم معين ميان، رئيس الجمعية القدرية الأشرفية في مومباي، الذي حرص على نشر رسالته عبر وسائل التواصل الاجتماعي خلال رمضان.
وقال: «في الوقت الذي ندعم التعليم الديني، فإن الحاجة الملحة الآن للتعليم الحديث، ومن خلال تعليم فرد واحد ينقذ المجتمع أسرة بأكملها من براثن الفقر».
من جانبه، قال المسؤول الهندي السابق سيد ظفار محمود، الذي أنشأ المؤسسة الهندية للزكاة عام 1997: «عندما يتبرع الناس بالمال في صورة زكاة إلى المؤسسة، فإنهم بذلك يبعثون برسالة بخصوص الوجهة التي يرغبون في توجيه المال إليها. وعلى مدار السنوات القليلة الماضية، زادت الحاجة إلى التعليم الحديث بشدة. وتتضمن الأهداف الرئيسية لمؤسستي في تنظيم جمع الزكاة وتوزيعها ووضعها في إطار مؤسسي. ونستغل أموال الزكاة في إدارة دور أيتام وتمكين الشباب المسلم على الصعيد التعليمي».
جدير بالذكر أن مومباي تضم بعض أكثر مسلمي الهند ثراءً، وتشكل مصدر ما يتراوح بين 20 في المائة و25 في المائة من أموال الزكاة التي تتلقاها المؤسسة الهندية للزكاة.
ورغم عدم وجود تقدير رسمي لحجم أموال الزكاة التي يجري تجميعها داخل الهند خلال رمضان، فإن عامر إدريسي، رئيس اتحاد المهنيين المسلمين بالهند، وهي منظمة غير حكومية، يقدر المبلغ بما يتراوح بين 400 - 500 مليار روبية هندية.
تقليديًا، اعتاد المسلمون توجيه الزكاة إلى المدارس الدينية لتمويل تعليم الأطفال هناك. كما يوجه جزء من المال للأقارب المعوزين والمحتاجين والأيتام. والآن، بدأت فكرة توجيه المال نحو التعليم الحديث وتلبية الاحتياجات الطبية لفقراء المسلمين في اكتساب زخم كبير.
من جهتها، قالت المتخصصة بمجال الحاسب الآلي زينة سيدا إنها ستحرص على توجيه أموال الزكاة الخاصة بجميع أقاربها، والتي تصل لما يعادل نحو ألفي دولار أميركي، إلى منظمة غير حكومية تمول تعليم الفتيات المسلمات.
وأضافت: «نجحت في إقناع جميع أفراد عائلتي بالتبرع لمجال التعليم، بدلاً من إعطاء المال للمتسولين والمحتالين الذين يسيئون استغلال أموال الزكاة والصدقة. إن المرء ليشعر بطاقة روحانية هائلة عندما يعلم أن الزكاة متجهة نحو الأيدي التي تحتاجها بالفعل».
في وقت يسود جدال داخل صفوف مسلمي الهند حول ما إذا كان من الصائب اعتبار الأطفال الذين يدرسون داخل المدارس الدينية فحسب «خارج التعليم»، ترغب مجموعة من شباب المهنيين المسلمين في ضمان الاستفادة من أموال الزكاة عبر تعليم أبناء المسلمين ودعمهم لبناء نشاطات تجارية خاصة بهم.
من ناحيته، يترأس أخلاق باثان مجموعة من 25 مهنيا مسلما شابا قرر أعضاؤها جمع أموال الزكاة وتوزيعها بين مجموعة صغيرة من الأفراد لضمان الاستخدام الفاعل للمال. وشرح أخلاق أنه: «يمكن استخدام هذا المال، بل ويجب استخدامه كوسيلة لإنقاذ مسلمين آخرين من هوة الفقر وتمكينهم، بدلاً من إنفاقها على بناء مدارس دينية. ينبغي إنفاق الزكاة على نحو يضمن استفادة من يحصل عليها بأقصى قدر ممكن. بغض النظر عن حجم المال الذي تجمعه حملتنا، ننوي توزيعها في صورة حزم قيمة كل منها 25 ألف روبية موجهة للتعليم و50 ألف روبية للراغبين في إطلاق شركة جديدة».
من ناحية أخرى، ذكرت شخصيات مسلمة بارزة أن 10 في المائة فقط من المسلمين يوجهون زكاتهم إلى مؤسسات، تحديدًا المدارس الدينية، بينما يقدم 90 في المائة زكاتهم للأفراد الذين يطلبون منهم مساعدة مالية.
وقال عضو بـ«الجماعة الإسلامية» الناشطة بمجال جمع الزكاة: «إنهم حتى لا يتحققون مما إذا كان الساعون للحصول على الزكاة مستحقين لها بالفعل. وعليه، فإن المعوزين الذين لا يتسولون يعانون ظروفًا صعبة».
من ناحية أخرى، ذكر نشطاء أن الكثير من المسلمين الأثرياء لا يدفعون كامل مبلغ الزكاة المفروض عليهم، مشيرين إلى أنه لو دفع جميع المسلمين كامل الزكاة المطلوبة منهم ووجهوها الوجهة الصحيحة، كان مسلمو الهند سيتغلبون على مشكلة الفقر.
على الصعيد ذاته، أنشأ رجل البر غيث الدين بابو خان «صندوق الزكاة» عام 1990 والذي قدم العون حتى الآن لما يزيد على 400 ألف طالب مسلم حتى التخرج. ويعمل الكثيرون منهم الآن مهندسين وأطباء ومحامين ومحاسبين.
ويحاول الصندوق إظهار كيف أن الزكاة حال توجيهها الوجهة الصائبة يمكن أن تحقق الغرض المرجو منها بالقضاء على الفقر والتخلف.
ويركز الصندوق جهوده على التفوق بمجال التعليم، وقد أنشأ العام الماضي «معهد حيدر آباد للتفوق» لتعزيز مهارات الأطفال المتفوقين من أبناء الأسر المحتاجة ماديا. كما تضم المدارس الثانوية الخمس التابعة للصندوق أكثر من 3 آلاف طالب.
كما يشجع الصندوق الأرامل الشابات على معاودة الزواج ويمد كلا منهن بمساعدة مالية قدرها 25 ألف روبية. وبالفعل، عاون في إعادة تزويج 120 أرملة.
وتبعًا لما أفاده بابو خان، فإن الاحتمالات تشير لإمكانية بلوغ أموال الزكاة 10 مليارات روبية، لكن الأموال التي يجري تجميعها وتوزيعها بالفعل لا تتجاوز مليار روبية فقط.
من جهتها، أصدرت مؤسسة اليد المعاونة، التي تتخذ من حيدر آباد مقرًا لها وهي منظمة غير حكومية، قائمة بالبرامج التي يمكن للمسلمين دعمها من خلال زكاتهم.
وحددت المؤسسة 114 حالة تضررت من حوادث أو أمراض معضلة، بجانب 30 طفلا من ذوي الاحتياجات الخاصة و50 حالة سوء تغذية لأمهات وأطفال بحاجة لدعم. وقال مجتبى حسن عسكري، من أعضاء المؤسسة: «نحن بحاجة لدعم المجتمع لمعاونة مثل هؤلاء المحتاجين على مدار العام».
وتعمل مؤسسة خيرية أخرى تدعى «هيلب حيدر آباد» على توزيع أموال وأدوية ومنح تعليمية على الفقراء.
جدير بالذكر أن بعض التقديرات تشير إلى أن نحو 60 في المائة من إجمالي الزكاة التي يجري جمعها داخل الهند تتجه إلى مدارس دينية، بعضها مدارس زائفة.
في هذا الصدد، أعرب برهان الدين قاسمي، مدير منظمة «مركز المعارف الاجتماعية» الثقافية، عن اعتقاده بأن «غالبًا ما تحصل ذات المجموعة من المدارس الدينية والأفراد الذين يصلون إلى الأثرياء على المال، ما يحرم المحتاجين حقًا من المال. في ظل الظروف المثالية ينبغي أن يصبح الشخص الذي يحصل على الزكاة في عام ما قادرًا على دفع زكاة هو نفسه العام التالي. بيد أنه للأسف لا يحدث ذلك على أرض الواقع».
الآن، تتعالى المطالب والدعوات داخل مجتمع مسلمي الهند بتقليص التبرعات الموجهة للمدارس الدينية، وتوجيهها بدلاً من ذلك إلى تيسير التوظيف الذاتي والتعليم الحديث.
وعن ذلك، قال أمير إدريسي، رئيس اتحاد المهنيين المسلمين: «ينبغي توجيه الزكاة نحو القضاء على الفقر، وليس إطالة أمده. ما تزال ذات المجموعة من المدارس والأفراد يستولون على الحصة الكبرى من الزكاة عامًا بعد آخر».
وقد أفاد تقرير صادر عن الحكومة الهندية أن 4 في المائة فقط من أطفال المسلمين يرتادون المدارس الدينية. وعليه يرى الناشط سيد خان أن «ما ينبغي أن يقلق بالفعل بشأنه المسلمون كيفية توفير التعليم إلى الـ96 في المائة الباقين».
وقد لجأ اتحاد المهنيين المسلمين بالهند إلى الإنترنت للترويج لهذا الهدف بعنوان «صندوق زكاة اتحاد المهنيين المسلمين» بهدف جمع المال.
في الوقت ذاته، يتساءل الكثيرون عن سبب دفع الزكاة في رمضان فقط رغم أنه يمكن دفعها بأي وقت آخر من العام. وعن هذا، قال شعيب كوتي، رجل الدين البارز، إنه «رغم أن رمضان يحمل بركة لا حدود لها، فإن جمع وتوزيع الزكاة لا ينبغي قصره على هذا الشهر فحسب».



أجواء احتفالية في مصر ابتهاجاً بعيد الفطر

زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
TT

أجواء احتفالية في مصر ابتهاجاً بعيد الفطر

زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)

سادت أجواء البهجة منذ الساعات الأولى من صباح أول أيام عيد الفطر في مصر، حيث احتشد المصلون من مختلف الأعمار في ساحات المساجد، وسط تكبيرات العيد التي ترددت أصداؤها في المحافظات المختلفة.
وشهدت ساحات المساجد زحاماً لافتاً، مما أدى إلى تكدس المرور في كثير من الميادين، والمناطق المحيطة بالمساجد الكبرى بالقاهرة مثل مسجد الإمام الحسين، ومسجد عمرو بن العاص، ومسجد السيدة نفيسة، ومسجد السيدة زينب، وكذلك شهدت ميادين عدد من المحافظات الأخرى زحاماً لافتاً مع صباح يوم العيد مثل ساحة مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية.
وتبدأ مع صلاة العيد أولى مباهج الاحتفالات عبر «إسعاد الأطفال»، وفق ما تقول ياسمين مدحت (32 عاماً) من سكان محافظة الجيزة (غرب القاهرة). مضيفةً أن «صلاة العيد في حد ذاتها تعد احتفالاً يشارك الأهالي في صناعة بهجته، وفي كل عام تزداد مساحة مشاركة المصلين بشكل تطوعي في توزيع البالونات على الأطفال، وكذلك توزيع أكياس صغيرة تضم قطع حلوى أو عيدية رمزية تعادل خمسة جنيهات، وهي تفاصيل كانت منتشرة في صلاة العيد هذا العام بشكل لافت»، كما تقول في حديثها مع «الشرق الأوسط».

بالونات ومشاهد احتفالية في صباح عيد الفطر (وزارة الأوقاف المصرية) 
ويتحدث أحمد عبد المحسن (36 عاماً) من محافظة القاهرة، عن تمرير الميكروفون في صلاة العيد بين المُصلين والأطفال لترديد تكبيرات العيد، في طقس يصفه بـ«المبهج»، ويقول في حديثه مع «الشرق الأوسط» إن «الزحام والأعداد الغفيرة من المصلين امتدت إلى الشوارع الجانبية حول مسجد أبو بكر الصديق بمنطقة (مصر الجديدة)، ورغم أن الزحام الشديد أعاق البعض عند مغادرة الساحة بعد الصلاة بشكل كبير، فإن أجواء العيد لها بهجتها الخاصة التي افتقدناها في السنوات الأخيرة لا سيما في سنوات (كورونا)».
ولم تغب المزارات المعتادة عن قائمة اهتمام المصريين خلال العيد، إذ استقطبت الحدائق العامة، ولعل أبرزها حديقة الحيوان بالجيزة (الأكبر في البلاد)، التي وصل عدد الزائرين بها خلال الساعات الأولى من صباح أول أيام العيد إلى ما يتجاوز 20 ألف زائر، حسبما أفاد، محمد رجائي رئيس الإدارة المركزية لحدائق الحيوان، في تصريحات صحافية.
ويبلغ سعر تذكرة حديقة الحيوان خمسة جنيهات، وهو مبلغ رمزي يجعل منها نزهة ميسورة لعدد كبير من العائلات في مصر. ومن المنتظر أن ترتفع قيمة التذكرة مع الانتهاء من عملية التطوير التي ستشهدها الحديقة خلال الفترة المقبلة، التي يعود تأسيسها إلى عام 1891، وتعد من بين أكبر حدائق الحيوان في منطقة الشرق الأوسط من حيث المساحة، حيث تقع على نحو 80 فداناً.