رمضان «يخلص» المغاربة من التوقيت الصيفي

جدل لا يتوقف بين مؤيدي تغيير الساعة ومعارضيه

مغربية تعرض بضاعتها في أحد الأسواق الشعبية بمراكش ({الشرق الأوسط})
مغربية تعرض بضاعتها في أحد الأسواق الشعبية بمراكش ({الشرق الأوسط})
TT

رمضان «يخلص» المغاربة من التوقيت الصيفي

مغربية تعرض بضاعتها في أحد الأسواق الشعبية بمراكش ({الشرق الأوسط})
مغربية تعرض بضاعتها في أحد الأسواق الشعبية بمراكش ({الشرق الأوسط})

يتخلص المغاربة من التوقيت الصيفي خلال شهر رمضان ويعود العمل بالتوقيت القانوني للبلاد الذي يوافق توقيت (غرينتش)، فيعود الجدل من جديد حول الجدوى من «تغيير الساعة» والعمل بهذا التوقيت الذي يرغم الناس على إضافة 60 دقيقة لساعاتهم بدءا من الأحد الأخير من مارس (آذار) وحتى الأحد الأخير من أكتوبر (تشرين الأول) من كل سنة.
الانتقال إلى العمل بالتوقيت الصيفي ثم التراجع عنه خلال شهر رمضان تسبب هذا العام في إرباك عدد من الطلبة الذي لم يتمكنوا من الالتحاق بمراكز الامتحانات في الساعة الثامنة صباحا جراء الانتقال التلقائي إلى التوقيت العادي في عدد من الهواتف الذكية يوما قبل الموعد المحدد بسبب خطأ تقني من شركة الاتصالات، الأمر الذي دفع وزارة التربية والتعليم إلى أن تقرر السماح لهؤلاء الطلبة الذين أطلق عليهم اسم «ضحايا تغيير الساعة» من اجتياز اختبارات استدراكية نظمت الجمعة الماضية.
ووجد المتذمرون والمنزعجون من تغيير الساعة من هذا الحادث فرصة لإثبات صحة وجهة نظرهم وموقفهم الرافض للقرار الرسمي باعتماد التوقيت الصيفي.
وشرع المغرب في اعتماد التوقيت الصيفي للمرة الأولى عام 1984 ودامت التجربة من منتصف شهر مارس إلى الأول من أكتوبر، ثم عام 1989 ولم تدم سوى شهر واحد.. وبعد ذلك توقف العمل بهذا النظام إلى أن عاد العمل به مجددا في 2008. وكان العمل بالتوقيت الصيفي يبدأ من الأول من يونيو (حزيران) إلى غاية مطلع سبتمبر (أيلول).
وفي 2013 قررت الحكومة الحسم بشكل نهائي في هذا الموضوع، وصادق مجلس الحكومة على مرسوم (قانون) يقضي بتغيير المرسوم المتعلق باعتماد نظام نهائي لتغيير الساعة القانونية، ونص المرسوم الجديد على إضافة ساعة بدءا من الثانية صباحا من يوم الأحد الأخير من شهر مارس والرجوع إلى الساعة القانونية الأحد الأخير من شهر أكتوبر من كل سنة. وعللت الحكومة القرار آنذاك بأنه يساهم في «ترشيد استعمال الطاقة والانسجام مع المحيط الاقتصادي للمغرب، وخاصة دول الاتحاد الأوروبي التي تعتمد نفس هذه المدة الزمنية عند تغيير التوقيت القانوني». وتقرر أيضا تعطيل العمل بالتوقيت الصيفي خلال شهر رمضان لصعوبة تقبل المغاربة تأخير موعد الإفطار ساعة كاملة.
ويؤثر التوقيت الصيفي في مزاج عدد كبير من المغاربة، حيث يجدون صعوبة في التأقلم معه، نتيجة اضطراب ساعات نومهم، وهناك من لا يغيرون توقيت ساعتهم اليدوية أو ساعات المنزل، ويصرون على العمل وفق «الساعة القديمة» تأكيدا لرفضهم لـ«الساعة الجديدة».
ويطلق معارضو التوقيت الصيفي حملات على مواقع التواصل الاجتماعي كل عام مع بدء العمل به، سرعان ما تخبو ويتأقلم معظم الناس مع الساعة الجديدة، بيد أن نشطاء من عدد من الجمعيات، ومنذ 2013 أنشأوا صفحة أطلقوا عليها اسم «حركة ضد تغيير الساعة القانونية بالمغرب» بشعار «لا لتغيير الساعة الطبيعية» لقيت نجاحا واسعا ومستمرا وانضم إليها الآلاف من المؤيدين. ويقف وراء هذه المبادرة الناشط عبد الرحيم يشاوي الذي لم يتقبل بعد الأمر ويصر على مواصلة التحرك والمطالبة بإلغائها.
وتعليقا على توقف العمل بالتوقيت الصيفي خلال رمضان، قال يشاوي لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا أحد يملك تفسيرا علميا مقنعا لماذا يتمّ الرجوع للساعة القانونية في رمضان والتخلّي عنها بعد رمضان. فلا ساعات الصيام ستنقص ولا موعد الإفطار الطبيعي (بعد غروب الشمس) سيتغير». وأضاف يشاوي أن التراجع عن هذا التوقيت في رمضان «يتسبب في مشاكل كبيرة كل سنة سواء لشركات الطيران أو حتى لشركات الاتصالات التي تخطئ كل سنة بيوم واحد في تغيير التوقيت قبل ميعاده فيتغيب الكثيرون في الساعة الأولى إما عن عملهم، أو عن موعد إجراء الامتحانات بالنسبة للتلاميذ وما وقع لتلاميذ الباكالوريا (الثانوية العامة) هذه السنة خير دليل على البلبلة التي باتت تتكرّر كل عام،» حسب رأيه.
وتجنبا لحدوث البلبلة تختار وزارة الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة يوم الأحد كموعد لبدء الانتقال إلى التوقيت الصيفي أو الرجوع للتوقيت العادي، باعتباره يوم عطلة رسمية، وذلك لتقليص حالات الارتباك التي قد تحدث لا سيما المتعلقة بدوام العمل في الإدارات ومختلف المؤسسات والشركات.
ويدافع محمد مبديع وزير الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة، على إضافة ساعة إلى التوقيت القانوني ويقول: إنه يساعد على اقتصاد مقدار من الطاقة يضاهي ما تستهلكه مدينة كاملة من حجم مدينتي مكناس أو تطوان.
وبعكس التذمر الذي يبديه البعض، قال مبديع في تصريحات سابقة بأن «الأمور تسير على أحسن ما يرام ولا وجود لأي لوم أو انتقاد من طرف باقي فئات المجتمع، خاصة الموظفين بالإدارات والمدارس». إلا أن المناهضين لهم رأي آخر، حيث أطلق نشطاء ينتمون إلى جمعيات مدنية عريضة يطالبون فيها بإلغاء العمل بالتوقيت الصيفي الذين حملوه مسؤولية تراجع التحصيل الدراسي للتلاميذ، والتسبب في حوادث السير وحتى الأزمات القلبية، والتوترات العصبية، مستدلين بدراسات أنجزت في دول أوروبية. واقترح أحدهم «توجيه عريضة للاتحاد الأوروبي لمطالبته بإلغاء ما يسمى التوقيت الصيفي»، فيما علل ناشط آخر رفضه لتغيير الساعة بالخلل الذي تحدثه في مواعد الصلاة والأكل، وخلص إلى أن «الساعة الإضافية غير صالحة لنا، لأننا كشعب مغربي لدينا نظام نعيشه، نصلي الظهر ثم نتغدى، ونصلي العشاء ثم نتعشى. يعني توفيق بين ساعة الأكل والصلاة. بإضافة الساعة أصبح النظام به خلل» من وجهة نظره.



الشماغ السعودي في ذروة مواسم بيعه

بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)
بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)
TT

الشماغ السعودي في ذروة مواسم بيعه

بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)
بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)

أفصح مختصون في نشاط صناعة واستيراد الشماغ السعودي عن بلوغ هذا الزي التقليدي الرسمي أعلى مواسم البيع السنوية، مسجلاً مبيعات تُقدَّر بنحو 900 مليون ريال سنوياً، كاشفين عن توجهات المستهلكين الذين يبرز غالبيتهم من جيل الشباب، وميلهم إلى التصاميم الحديثة والعالمية، التي بدأت في اختراق هذا اللباس التقليدي، عبر دخول عدد من العلامات التجارية العالمية على خط السباق للاستحواذ على النصيب الأكبر من حصة السوق، وكذلك ما تواجهه السوق من تحديات جيوسياسية ومحلية.
ومعلوم أن الشماغ عبارة عن قطعة قماش مربعة ذات لونين (الأحمر والأبيض)، تُطوى عادة على شكل مثلث، وتُلبس عن طريق وضعها على الرأس، وهي لباس تقليدي للرجال في منطقة الخليج العربي وبعض المناطق العربية في العراق والأردن وسوريا واليمن، حيث يُعد جزءاً من ثقافة اللبس الرجالي، ويلازم ملابسه؛ سواء في العمل أو المناسبات الاجتماعية وغيرها، ويضفي عليه أناقة ويجعله مميزاً عن غيره.
وقال لـ«الشرق الأوسط»، الرئيس التنفيذي لـ«شركة الامتياز المحدودة»، فهد بن عبد العزيز العجلان، إن حجم سوق الأشمغة والغتر بجميع أنواعها، يتراوح ما بين 700 و900 مليون ريال سنوياً، كما تتراوح كمية المبيعات ما بين 9 و11 مليون شماغ وغترة، مضيفاً أن نسبة المبيعات في المواسم والأعياد، خصوصاً موسم عيد الفطر، تمثل ما يقارب 50 في المائة من حجم المبيعات السنوية، وتكون خلالها النسبة العظمى من المبيعات لأصناف الأشمغة المتوسطة والرخيصة.
وأشار العجلان إلى أن الطلب على الملابس الجاهزة بصفة عامة، ومن ضمنها الأشمغة والغتر، قد تأثر بالتطورات العالمية خلال السنوات الماضية، ابتداءً من جائحة «كورونا»، ومروراً بالتوترات العالمية في أوروبا وغيرها، وانتهاء بالتضخم العالمي وزيادة أسعار الفائدة، إلا أنه في منطقة الخليج العربي والمملكة العربية السعودية، فإن العام الحالي (2023) سيكون عام الخروج من عنق الزجاجة، وسيشهد نمواً جيداً مقارنة بالأعوام السابقة لا يقل عن 20 في المائة.
وحول توجهات السوق والمستهلكين، بيَّن العجلان أن غالبية المستهلكين للشماغ والغترة هم من جيل الشباب المولود بين عامي 1997 و2012، ويميلون إلى اختيار التصاميم والموديلات القريبة من أشكال التصاميم العالمية، كما أن لديهم معرفة قوية بأسماء المصممين العالميين والماركات العالمية، لافتاً إلى أن دخول الماركات العالمية، مثل «بييركاردان» و«إس تي ديبون» و«شروني 1881» وغيرها إلى سوق الأشمغة والغتر، ساهم بشكل فعال وواضح في رفع الجودة وضبط المواصفات.
وأضاف العجلان أن سوق الملابس كغيرها من الأسواق الاستهلاكية تواجه نوعين من المشكلات؛ تتمثل في مشكلات جيوسياسية ناتجة عن جائحة «كورونا» والحرب الروسية الأوكرانية، ما تسبب في تأخر شحن البضائع وارتفاع تكاليف الشحن وارتفاع الأسعار بسبب التضخم وارتفاع أسعار الفائدة، بينما تتمثل المشكلات المحلية في انتشار التقليد للعلامات العالمية والإعلانات المضللة أحياناً عبر وسائل الاتصال الاجتماعي.
من جهته، أوضح ناصر الحميد (مدير محل بيع أشمغة في الرياض) أن الطلب يتزايد على الأشمغة في العشر الأخيرة من شهر رمضان من كل عام، ويبدأ الطلب في الارتفاع منذ بداية الشهر، ويبلغ ذروته في آخر ليلتين قبل عيد الفطر، مضيفاً أن الشركات تطرح التصاميم الجديدة في شهر شعبان، وتبدأ في توزيعها على منافذ البيع والمتاجر خلال تلك الفترة.
وأشار الحميد إلى أن سوق الأشمغة شهدت، في السنوات العشر الأخيرة، تنوعاً في التصاميم والموديلات والماركات المعروضة في السوق، وتنافساً كبيراً بين الشركات المنتجة في الجودة والسعر، وفي الحملات التسويقية، وفي إطلاق تصاميم وتطريزات جديدة، من أجل كسب اهتمام المستهلكين وذائقتهم، والاستحواذ على النصيب الأكبر من مبيعات السوق، واستغلال الإقبال الكبير على سوق الأشمغة في فترة العيد. وبين الحميد أن أكثر من نصف مبيعات المتجر من الأشمغة تكون خلال هذه الفترة، مضيفاً أن أسعارها تتراوح ما بين 50 و300 ريال، وتختلف بحسب جودة المنتج، والشركة المصنعة، وتاريخ الموديل، لافتاً إلى أن الشماغ عنصر رئيسي في الأزياء الرجالية الخليجية، ويتراوح متوسط استهلاك الفرد ما بين 3 و5 أشمغة في العام.