الإجازة الصيفية وقطع الكهرباء يدفعان أهل غزة لتناول الإفطار على الشاطئ

للهروب من العتمة إلى فضاء مريح

الإجازة الصيفية وقطع الكهرباء يدفعان أهل غزة لتناول الإفطار على الشاطئ
TT

الإجازة الصيفية وقطع الكهرباء يدفعان أهل غزة لتناول الإفطار على الشاطئ

الإجازة الصيفية وقطع الكهرباء يدفعان أهل غزة لتناول الإفطار على الشاطئ

في مشهد بات معتادا، يتجمع عدد كبير من العوائل قبيل موعد الإفطار يوميا على شواطئ بحر غزة الواسع، بحثا عن نمط حياتي جديد يجعل من الساحل متنفسا وحيدا للسكان الذين يعانون من أزمات مختلفة تؤثر عليهم كانقطاع الكهرباء لساعات طويلة تزامنا مع ارتفاع درجات الحرارة التي تدفعهم إلى انتقاء ملاذ يشعرهم بالراحة النفسية المفقودة في كثير من الأحيان نتيجة للظروف الحياتية بغزة.
وبات الساحل البحري للقطاع، يشكل الجزء المهم في حياة السكان للتنفيس عن أنفسهم في ظل عدم وجود مظاهر حياتية أخرى يستطيعون فيها قضاء أوقات ممتعة تناسب ظروفهم الاقتصادية، كما هو الحال على شاطئ البحر الذي يعتبر منطقة مفتوحة أمام الفقراء والأغنياء الذين يرتادونه باستمرار للترفيه عن أنفسهم.
وما زالت أزمة انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة تلقي بظلالها على واقع الحياة، فتؤثر على السكان الذين استقبلوا شهر رمضان المبارك دون أي تغيير طرأ على نمط الحياة الذي اعتادوا عليه في السنوات الأخيرة جراء هذه الأزمة التي تتفاقم من فترة إلى أخرى دون أي حلول جذرية.
وتدفع هذه الأزمة المواطنين إلى تناول إفطارهم على الساحل البحري لعدم شعورهم بالراحة الكافية خلال تناولهم لطعام الإفطار على «العتمة»، الأمر الذي يدفعهم إلى إعداد وتجهيز أنواع مختلفة من الطعام في منازلهم والتوجه إلى الساحل قبيل وقت محدود من موعد الإفطار لتناوله هناك، وسط حالة من المزاج الإيجابي التي تسيطر على العائلة وخاصة الأطفال الذين يستغلون ذلك باللعب سويا قبل أن ينهمكوا بتناول طعامهم.
وتقول المواطنة «إلهام محمد» إنها اصطحبت أطفالها الأربعة منذ بداية شهر رمضان إلى بحر منطقة السودانية شمال غربي قطاع غزة، أربع مرات في أيام متفرقة كان آخرها أمس الأربعاء. مشيرة في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنها تجتهد لتجهيز طعام الإفطار في منزلها والذي تعده من أنواع خفيفة من الأكل الذي تستطيع التنقل فيه بسهولة ويتناوله أطفالها دون أي عناء.
وتشير الهام إلى أنها في المرات الأربعة التي أفطرت فيها على ساحل البحر برفقة أفراد عائلتها، فضلت الجلوس على الرمال مقابل الساحل تماما على أن تجلس في الكافتيريات التي قالت إن بعضها يستغل حاجة الناس للترفيه عن أنفسهم في الخروج من حالة الضغط العصبي التي يعيشونها في رمضان جراء أزمة الكهرباء وغيرها لتحقيق ربح مالي.
وتنتشر على طول سواحل القطاع كافتيريات تقدم خدمات وتعمل بعضها على تجهيز موائد الإفطار لبعض العوائل التي تحبذ شراء الطعام جاهزا من المطاعم، أو مما تعده الكافتيريات بدلا من تجهيزه في المنزل ونقله للبحر. ويشير «عبد الله سعد» صاحب إحدى الاستراحات على بحر السودانية، إلى أن الأسعار ما زالت طبيعية ولكن المواطنين يبالغون في اتهاماتهم. مشيرا إلى أن أرباحهم المادية كما هي وأن الموسم الصيفي الجديد مبشر بتحقيق ربح مادي جيد مقارنة مع بعض الأعوام السابقة.
وأشار إلى أن تزامن شهر رمضان مع الإجازة الصيفية منحهم الفرصة الجيدة لاستقبال الزبائن على عكس بعض المواسم التي كان الدوام المدرسي فيها يتزامن مع الشهر الفضيل. مشيرا إلى أن انقطاع الكهرباء في المنازل يشجع العائلات للنزول إلى البحر وتناول الإفطار عليه وهو ما يعود بالفائدة على أصحاب الكافتيريات والاستراحات.
وتتراوح أسعار استئجار «الخيم» أو «الطاولات» داخل الكافتيريات والاستراحات على الساحل البحري ما بين 25 إلى 35 شيقلا (أي نحو 7 إلى 9 دولارات) فأكثر دون شراء الطعام من ذات الكافتيريا أو الاستراحة والذي يختلف سعره وفقا لنوعيته.
فيما يشير «إسلام أبو عكر» أحد أصحاب الاستراحات على ساحل بحر خانيونس إلى أن عائلات كثيرة ترغب في قضاء وقت ممتع على البحر بعيدا عن شعورها النفسي السيئ تجاه تناول إفطار الطعام في رمضان تحت الظلام الدامس جراء انقطاع التيار الكهربائي.
وأوضح أبو عكر في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن الكافتيريات لديها مولدات كهرباء كبيرة تسمح للعوائل بقضاء وقتها وتناول إفطارها براحة وسعادة كبيرة على غير ما تعانيه في منازلها من شعور بحالة من الضغط النفسي والعصبي جراء انقطاع الكهرباء وعدم قدرتها على توفير مولدات أو حتى وقود لمولدات إن وجدت بسبب كثرة انقطاع التيار الكهربائي.
ورغم أن جدول الكهرباء المعمول فيه خلال فترة الشهر والنصف الماضية من 4 و6 ساعات وصل إلى 8 فقط، مقابل 8 قطع ويرى فيه المسؤولين بأنه عبارة عن تحسن ملحوظ، إلا أن الغزيين يشعرون بحالة من السخط والغضب، فبعضهم يكاد يتناول «السحور» في موعد انقطاع الكهرباء حتى يفطر في ذات اليوم تحت الظلام الدامس أيضا.
ويقول المواطن «خليل أبو عيد» الذي كان يرافق أفراد عائلته المكونة من 13 فردا على بحر خانيونس، إن أزمة الكهرباء تنغص على المواطنين حياتهم بشكل كبير خاصة في مثل هذه الأيام من الشهر الفضيل تزامنا مع ارتفاع درجات الحرارة. مشيرا إلى أن ما يشجع المواطنين لتناول الإفطار على الساحل البحري «الإجازة الصيفية» التي يتمتع بها طلاب المدارس.
ولفت أبو عيد إلى أن هناك عوائل لا تستطيع القدوم إلى البحر بشكل دائم، وإن رغبت بذلك لا تستطيع أن تحجز مكانا لها في الكافتيريات لعدم قدرتها على توفير المال اللازم لذلك، فتفترش الأرض قبالة السواحل وبحوزتها «إنارة صغيرة» يطلق عليها (كشاف) تستطيع من خلاله قضاء وقت ممتع وإن كان بأقل الإمكانات.
وانتشرت في الآونة الأخيرة بقطاع غزة، مولدات كهربائية ذات قدرة كبيرة جدا على توليد الكهرباء، حيث يتم تمديد خطوط لأصحاب المنازل الذين يرغبون في ذلك مقابل مبالغ مالية يتم احتسابها وفقا لكمية الكهرباء التي يتم استهلاكها.



«للموت 3»... مسلسل كل شيء

رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل
رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل
TT

«للموت 3»... مسلسل كل شيء

رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل
رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل

يدرك الجزء الثالث من مسلسل «للموت» أنّ الخطأ ممنوع، ومع ذلك تلقّفته أخطاء على شكل مبالغات. حوَّل تونس أرضاً لبنانية - سورية، وأعاد بطلتيه «سحر»، ماغي بوغصن، و«ريم»، دانييلا رحمة، إلى عالم المافيا بحجّة واهية بعد توبة لم تدم. وهو كرّر المحفوظ غيباً في المسلسلات المشتركة: فتيات ومخدرات ورجال وسلاح ودولارات مُسددة بعشرات الآلاف لارتكاب جرائم. ذلك يحاكي جانب «الأكشن» ويضمن اشتعال الأحداث. جانبه الآخر أشدّ واقعية؛ إنسانه يمكن تصديقه.
على الورق أن يضمن مكاناً في المنافسة الرمضانية، فالمسلسل يطلّ بعد موسمين قالا الكثير. تُوزّع كاتبته نادين جابر سطورها بين الحقيقة والخيال. تتجرأ في الطرح وتُجدّد المقاربة، باستعمال «حيل» تصطدم أحياناً بالهشاشة. لِمَ تونس والمطاردات السوريالية في شوارعها؟ أهكذا تعود البطلتان إلى بحيرة الدم؟ ماذا عن «القوى الخارقة» و«الحاسة السادسة»، فتكشفان (خصوصاً «سحر») المستور والمعلن، ويقع جميع الرجال في غرامهما!
إنها الدراما ولا مفرّ من توابل تُنكّه الطبخة. هنا، يخرج المسلسل من كونه «واقعياً» ويسبح حيث تتكاثر الحيتان. هذا الموسم، تدخل امرأة على الخط؛ ويكاد عنصر اللعب مع الرجال يعلن خواتيمه لولا رغبة «شفيق» (اللافت كميل سلامة) بالانتقام. هذه المرأة هي «كارما» (أداء متفوق لورد الخال)، فتضرب بيد من حديد وتمسك الزمام، إلى أن يطال شرّها ابنتها فتُذعن للمصير.

ورد الخال تتألق بشخصية «كارما» (لقطة من المسلسل)

لم تعد بوغصن ورحمة تقفان أمام كاميرا فيليب أسمر بكونهما ممثلتين. تستبدلان بكيانهما الشخصيتين وتتوهّجان فيهما. تقدّمانهما على طريقة ذوبان السكر في الماء لبلوغ المحلول الواحد المُحلّى. الثلاثية مع الخال تتألق.
عوامل قوة المسلسل (إنتاج «إيغل فيلمز»، «MTV» و«شاهد») تغلب ثغراته. فالنص مشغول لحبس الأنفاس، وإن مرّت حلقات باردة. الحوارات بعيدة عن السطح. وهناك أشعار تُقال على ألسنة الشخصيات، وأوجاع وحكم حياة. يحدث ذلك أمام عين مخرج ينتشل الجمال من أقصى القهر. كادراته ناطقة واختياره لـ«اللوكيشنات» خلّاق. أمامه، يعطي الممثلون الإحساس الصائب والـ«ريأكشن» المطلوب، فلا تتكاثر الدعسات الناقصة حول الأقدام. فيليب أسمر فنان المسلسل.
خطايا «كارما» المتوارثة عن الأب تصيب العائلة بأسرها. تمتلئ الشخصية بدوافع ارتكاب الشر، من دون مبرر يمنح سلوكها أسباباً تخفيفية. لكنها إنسان، والبشر خَطَأة. فإلى جانب السوء، تستطيع الحب ولفرط كثافته يصبح مَرضياً تجاه الرجل وشبه هوسي تجاه ابنتها بعد موت ابنها ضحية الأثمان المترتّبة على الصفقات.
يحرص مهيار خضور ويامن الحجلي عن الانفعال الموزون. الأول يجيد التردد ومراجعة الحسابات، ثم الخلاص بالحب. والآخر فنان في غضبه وألم الذاكرة، يقلّب صفحات مضيئة عنوانها حب العُمر. خلطُ أوراق يعيدهما إلى المعدن الطيب قبل توحّش الظروف، فيتحالفان على الجَمعة بعد قطيعة.
ذلك العالم الفانتازيّ ظلّ شاهداً على مشاعر صادقة وعطف لا مشروط. «سحر» و«ريم» جدليتان في كل حالاتهما؛ في خصامهما وصُلحهما. وَقْعٌ فريد في الدراما العربية، غير مفهوم إلا لأمهات لم ينجبن ولأوفياء هم عملة نادرة في زمن الغدر. عنوان المسلسل «للموت»، منبعه عاطفة لا يبررها إلا القادرون على العطاء.

ثنائي البطولة من سوريا يامن الحجلي (يمين) ومهيار خضور (لقطة من المسلسل)

المقلب الواقعي يبلغ جماله الإنساني في رندة كعدي بشخصية «حنان». العطف وأمومة العالم في العيون والملامح واللسان والقلب. لم يعد الحي فقيراً وهجرت أحوال ناسه الويلات؛ مع ذلك، تعتصره المعاناة حيث المال يصطدم بمنغّصات الحياة ودورة الزمن على البشر؛ فيؤدي أحمد الزين مشهداً بديعاً لرجل بلا ذاكرة، تآكل بالألزهايمر، وتقدّم كعدي أنبل دروس مواجهة السرطان بإرادة التغلّب عليه، وسط عويل ختام اللحام البارعة وتكاتف الأسرة رغم الامتحانات القاسية.
تُلقي نادين جابر على وسام صباغ بشخصية «محمود» قيمتين إنسانيتين يؤديهما بالدمع: إسقاط النظرة الذكورية حيال المرأة المطلّقة، وإعلاء صوت المواطن الشريف. ومن باب الانتخابات النيابية، يُبيّن المسلسل مدى تجذّر الفساد اللبناني وقدرة أزلامه على سحق الأنقياء.
مرة أخرى، تؤكد الكاتبة حق الأم بحضانة أطفالها وإنْ انحازت القوانين للأب. ورغم مسحة الكآبة الطافحة على وجه دوجا حيجازي، فقد قدّمت آلام الأمهات المنسلخات عن أولادهن بالظلم والقوة. يمرّر المسلسل رسائل نبيلة بصوت صريح حيناً وبرمزية فنية حيناً آخر. لا يكتفي بالتحوّل مسرحاً لغلبة المبالغة وسطوة البطولات؛ بل يتبنّى مواقف ويُذكّر بقضايا تمسّ الصميم، تستوجب التحديث وإعادة النظر.
ينطبق على المسلسل عدُّه مسلسلَ كل شيء، ففيه خليط يخاطب الجميع. يصبح أبطاله بعضاً من الناس، الجدد منهم والقدماء. ريان حركة بشخصية «لميس»، أداء عفوي منساب، اختزالها مؤثر لثمن الزواج المبكر وتطوّر أفكار الإنسان. كارول عبود بدور «سارية» القناع الترفيهي لنفس طمّاعة تجيد إمساك تفاصيلها. فادي أبي سمرا حالة خاصة؛ ومن تونس فاطمة بن سعيدان بشخصية «جاكو» بطعم العسل.
يكتمل الأداء الجماعي مع فايز قزق ومحمد عقيل وعلي منيمنة وسحر فوزي ورانيا عيسى وساشا دحدوح وعلي سكر وروزي الخولي ومنير شليطا وسلطان ديب وأوس وفائي ومارلين نعمان... مع خليل أبو عبيد والطفلة تالين بورجيلي بشخصية «خلود» المُحمّلة عذابات الكبار.