الشاي الأخضر.. وعلاج مرضى «داون»

تناوله يؤدي إلى تحسين عمل الخلايا العصبية وتعزيز قدرات الإدراك للمصابين به

الشاي الأخضر.. وعلاج مرضى «داون»
TT

الشاي الأخضر.. وعلاج مرضى «داون»

الشاي الأخضر.. وعلاج مرضى «داون»

أصبح تناول الشاي الأخضر (Green tea) أكثر انتشارًا الآن في البلدان العربية، نظرًا لكثير من الفوائد الطبية التي يمتاز بها والتي قد يكون أشهرها دوره الفعال في عدم تراكم الدهون والتخلص منها، وبالتالي إنقاص الوزن مما جعل الكثيرين يقبلون على تجربته.
والحقيقة أن الشاي الأخضر له كثير من الفوائد الأخرى مثبتة بشكل علمي، مثل أنه يعمل على تنبيه المخ والجهاز العصبي لاحتوائه على مادة الكافيين المنبهة، ولكن بشكل أقل من القهوة، وبالتالي فإنه يحفز الجهاز العأمراصبي دون التوتر المصاحب للكميات الكبيرة من الكافيين، فضلاً على احتوائه على مواد مضادة للأكسدة تعمل على وقاية الجسم من الض المختلفة والأورام الخبيثة، ويعمل على الوقاية من مرض ألزهايمر في الكبر. وما زال هناك كثير من الدراسات التي تكتشف فوائد جديدة للشاي الأخضر، وهو الأمر الذي يجعل منه واحدًا من أكثر المشروبات الصحية في العالم كله.
أحدث دراسة نشرت في مطلع شهر يونيو (حزيران) الحالي في دورية «لانست» الشهيرة لعلم الأعصاب (The Lancet Neurology) قام بها علماء من مدينة برشلونة بإسبانيا، تناولت آثار استخدام الشاي الأخضر كعلاج للأطفال مرضى متلازمة دوان (Down syndrome)، وذكرت أنه قد يساهم في تحسين حالتهم. واكتشف العلماء مادة موجودة في الشاي الأخضر يرمز لها بـ«EGCG» تحسن من القدرات الإدراكية للأطفال الذين يعانون من هذه الحالة، حيث يمكن أن يتم استخدامه لعلاج مثل هذه الحالات.
وجاءت نتائج هذا البحث لتتوج كثيرًا من التجارب الإكلينيكية والمختبرية على الدواء المستخلص من تلك المادة، ويعتبر من أهم الأدوية التي كانت نتائجها مبشرة في علاج المرض.
وتبلغ نسبة حدوث حالات متلازمة داون حالة واحدة لكل 1000 مولود تقريبًا في العالم، وهذا الرقم يعتبر كبيرًا جدًا إذا وضعنا في الحسبان أن هؤلاء الأفراد من متلازمة داون لا يستطيعون التعلم أو الاعتماد على النفس بشكل كامل. وتعتبر متلازمة داون أشهر مرض يحدث نتيجة لخلل في الجينات الوراثية بين الأميركيين.
وقام الباحثون بإجراء التجربة على 84 شخصًا لمدة عام كامل، تم اختيارهم بشكل عشوائي من مرضى متلازمة داون تتراوح أعمارهم بين 16 و34 عامًا، وتم تقسيمهم إلى مجموعتين: المجموعة الأولى تناولت يوميًا الشاي الأخضر منزوع الكافيين (decaffeinated) يحتوي على مادة «EGCG» بجرعة 9 ملليغرامات لكل كيلوغرام، بينما تناولت المجموعة الأخرى شرابًا عاديًا من دون أي مواد فعالة (ما يشبه العقار الوهمي).
وخضعت المجموعتان لتدريبات أسبوعية لتحسين القدرات الإدراكية من خلال برامج معدة خصيصًا لتنمية الذكاء للمرضى طوال العام. وكانت هذه التجربة محايدة، إذ إن كل الأطراف المشاركين فيها لم يكونوا على علم بطبيعة المادة التي يتم تناولها، وهي الشاي الأخضر، سواء المرضى أو عائلاتهم أو حتى الأطباء القائمين على التجربة فيما يطلق عليه علميًا «double - blind study»، وقام فريق البحث بعمل أشعة رنين مغناطيسي على المخ بعد مرور 3 و6 شهور وأيضًا في نهاية العام وبعد انتهاء العلاج بـ6 أشهر.
وأظهرت النتائج أن الأشخاص الذين تناولوا المادة الموجودة بالشاي الأخضر مع خضوعهم لبرنامج لتحفيز القدرات الإدراكية سجلوا درجات أعلى في اختبارات القدرات الإدراكية. وتميز هؤلاء الأشخاص عن الآخرين الذين لم يتناولوا الشاي في 3 نواحٍ: أولها سرعة استعادة الذاكرة البصرية بمعنى سهولة التعرف على الأشياء عند رؤيتها مجددًا، وثانيها التحكم في الأفعال ومقاومة التشتت، وثالثها في السلوك التكيفي بمعنى القدرة على استخدام المهارات الاجتماعية والعملية في الاستخدام اليومي.
وأشار الباحثون إلى أن الأمر يتطلب بالطبع إجراء التجربة على عدد أكبر من المرضى، ولكن البداية كانت مبشرة جدًا خصوصًا أن فريق البحث استطاع أن ينتقل من التجارب على الفئران التي أثبتت تحسنًا فعليًا إلى مرحلة إجرائها على الإنسان التي أظهرت تحسنًا أيضًا، وهو ما يعني إمكانية تطوير العلاج مستقبليًا خصوصًا أن هذه المادة قامت بتثبيط الجين الموجود في متلازمة داون والمسؤول عن إحداث الخلل في القدرات الإدراكية ومستوى الذكاء والذاكرة. وكان التحدي أمام فريق البحث هو الإجابة على السؤال: هل تثبيط هذا الجين يعني بالضرورة تحسن القدرات الإدراكية؟ وما دامت النتائج إيجابية في الفئران والإنسان تكون إجابة السؤال بالإيجاب.
وتم إجراء الأشعة خلال التجربة وبعدها بـ6 شهور لمعرفة ما إذا كان هذا التحسن الذي طرأ على مرضى متلازمة داون، هو تحسن إدراكي وتحسن في الذاكرة والذكاء فقط، أم تحسن عضوي في المخ. وكانت المفاجأة الكبرى أن التحسن كان عضويًا أيضًا، حيث طرأت تغيرات وظيفية في الخلايا العصبية جعلتها تؤدي وظيفتها بشكل أكثر كفاءة ويمكن أن تستجيب لمزيد من العلاج، وهو الأمر الذي يمكن أن يغير من حياة مرضى متلازمة داون تمامًا.
وأوضح الباحثون أنهم في طريقهم لعمل تجارب إكلينيكية على الأطفال الصغار بعد أن أثبتت النتائج التي أجريت على المراهقين والبالغين نتائج إيجابية، خصوصًا أن مخ الأطفال الذي لا يزال في مرحلة التكوين سوف تكون استجابته للعلاج أسرع وأكثر كفاءة، وقد يمنع المضاعفات الخطيرة في مستويات القدرات العقلية الإدراكية.
* استشاري طب الأطفال



الكالسيوم وأمراض القلب: ما الصلة؟

الكالسيوم وأمراض القلب: ما الصلة؟
TT

الكالسيوم وأمراض القلب: ما الصلة؟

الكالسيوم وأمراض القلب: ما الصلة؟

كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية):جولي كورليس

*من بين الاختبارات التي يلجأ إليها الأطباء، لفهم مخاطر الإصابة بأمراض القلب على نحو أفضل، فحص الكالسيوم في الشرايين التاجية، وهو نوع خاص من التصوير المقطعي المحوسب.

اختبار الكالسيوم

ويقيس هذا الاختبار كمية الكالسيوم في جدران شرايين القلب، لتحديد درجة (تركيز) الكالسيوم. وكلما ارتفعت الدرجة، زاد خطر الإصابة بنوبة قلبية.

جدير بالذكر هنا أن الكالسيوم يشكل جزءاً ضئيلاً فقط من الترسبات الضارة (المعروفة باسم اللويحة plaque)، التي تسبب ضيق شرايين القلب. وفي هذا الصدد، أوضح د. راندرسون كاردوسو، اختصاصي أمراض القلب بمستشفى بريغهام والنساء، التابع لجامعة هارفارد: «تحتوي اللويحة كذلك على كوليسترول وخلايا التهابية وأنسجة ندبية». وفي التصوير المقطعي المحوسب، لا يكون الكوليسترول مرئياً، بينما من السهل رؤية الكالسيوم. ونظراً لوجود ارتباط وثيق بين كمية الكالسيوم وحجم اللويحة، فإن «درجة الكالسيوم» تعد مؤشراً جيداً على نوع اللويحة داخل الشرايين.

ومع ذلك، ربما يتساءل البعض - مثلما فعل مرضى د. كاردوسو وغيرهم - حول ما إذا كان تناول الكالسيوم في نظامك الغذائي، أو من المكملات الغذائية، يؤثر على درجة الكالسيوم لديك.

اللافت أن الأبحاث حول هذا الموضوع متضاربة إلى حد ما، لكن دراسة نشرت في عدد يوليو (تموز) 2024 من دورية الكلية الأميركية لأمراض القلب «أدفانسيز» تقدم إجابات أوضح.

تناول الكالسيوم يقلل تكلّس الشرايين

جاءت النتائج بناءً على دراسة 1914 شخصاً، في إطار جهود للتعرف على مخاطر تصلب الشرايين على المدى البعيد داخل المجتمعات المتنوعة. وتراوحت أعمار من شملتهم الدراسة بين 45 و64 عاماً، في أواخر الثمانينات من القرن الماضي. وتمكن الباحثون من تقدير كمية الكالسيوم التي يتناولها المشاركون عادةً، بناءً على استبيانات النظام الغذائي التفصيلية التي أجريت عند تسجيلهم للمرة الأولى، ومرة أخرى بعد 10 سنوات.

وبعد نحو 20 عاماً من بدء الدراسة، خضع المشاركون لفحوصات التصوير المقطعي المحوسب، لقياس حجم التكلس في الشرايين التاجية، وكذلك في الشريان الأورطي والصمام الأورطي والصمام التاجي، حيث قد يتراكم الكالسيوم كذلك.

وخلص الباحثون إلى أن الأشخاص الذين استهلكوا الكميات الأكبر من الكالسيوم، كان لديهم تكلس أقل بالشرايين التاجية (وكذلك في أجزاء من الشريان الأورطي والصمام الأورطي)، مقارنة بالأشخاص الذين استهلكوا الكميات الأقل.

وتتوافق هذه النتائج مع أبحاث أخرى كشفت أن الكالسيوم الغذائي مفيد، حسبما أفاد د. كاردوسو. وأضاف: «يساعد الكالسيوم على خفض ضغط الدم، ربما عبر تحسين وظيفة بطانة الأوعية الدموية. ويعد هذا أحد الأسباب التي تجعل النظام الغذائي المعروف باسم «داش» DASH- Dietary Approaches to Hypertension (النهج الغذائي لوقف ارتفاع ضغط الدم)، يتضمن حصتين من منتجات الألبان قليلة الدسم والغنية بالكالسيوم يومياً».

جرعات الكالسيوم اللازمة

حسب استطلاعات النظام الغذائي، لا يحصل الكثير من الأميركيين (خاصة البالغين الأكبر سناً) لا يحصلون على مستويات الكالسيوم الموصى بها. وتشير أحدث البيانات إلى أن الأشخاص، الذين تبلغ أعمارهم 60 عاماً أو أكثر، يستهلكون في المتوسط 875 ملليغراماً فقط من الكالسيوم يومياً، بدلاً عن 1000 ملليغرام الموصى بها (للرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 51 و70 عاماً) أو 1200 ملليغرام (للنساء في سن 51 عاماً أو أكثر، والرجال الذين تبلغ أعمارهم 71 عاماً أو أكثر).

في هذا الصدد، قال د. كاردوسو: «أنصح مرضاي بالتأكد من حصولهم على كميات كافية من الكالسيوم من وجباتهم الغذائية».

جدير بالذكر أن ما يقرب من ثلاثة أرباع الكالسيوم الغذائي يأتي من منتجات الألبان، والأطعمة التي تحتوي على منتجات الألبان، داخل الولايات المتحدة.

وشرح د. كاردوسو أن الأشخاص الذين يتبعون نظاماً غذائياً نباتياً، يستبعد منتجات الألبان والأطعمة الأخرى القائمة على الحيوانات، ربما ينبغي لهم استشارة اختصاصي تغذية للتأكد من حصولهم على ما يكفي من الكالسيوم. ومع ذلك، هناك الكثير من ماركات حليب اللوز أو حليب الشوفان أو غيرها من أنواع الحليب النباتي، مدعمة بالكالسيوم.

والآن، ماذا عن مكملات الكالسيوم، والتي غالباً ما يُنصح بها للنساء بعد انقطاع الطمث، للمساعدة في منع هشاشة العظام؟ رغم أن بعض الأبحاث تشير إلى وجود صلة بين مكملات الكالسيوم بجرعات عالية (1000 ملليغرام يومياً) وأمراض القلب، فإن أبحاثاً أخرى لا تشير إلى ذلك.

ومع ذلك، فمن الأفضل الحصول على الكالسيوم من الطعام، وتجنب المكملات الغذائية ما لم يوصِ بها طبيبك، وينصح الكثير من الخبراء بعدم تناول أكثر من حبة واحدة بجرعة 500 ملليغرام يومياً، مع الطعام لتحسين الامتصاص.

* رسالة هارفارد للقلب

ـ خدمات «تريبيون ميديا»