«الكتائب» ينتقل إلى جبهة المعارضة.. ويوكل وزيريه المستقيلين بتصريف الأعمال

دو فريج لـ «الشرق الأوسط»: لا نقبل من الجميل أو سواه وصفنا بـ«الفاسدين»

عمال بناء أثناء إعادة ترميم مقر بنك بلوم الذي تعرض لأضرار بعملية تفجير إرهابية في العاصمة اللبنانية بيروت (رويترز)
عمال بناء أثناء إعادة ترميم مقر بنك بلوم الذي تعرض لأضرار بعملية تفجير إرهابية في العاصمة اللبنانية بيروت (رويترز)
TT

«الكتائب» ينتقل إلى جبهة المعارضة.. ويوكل وزيريه المستقيلين بتصريف الأعمال

عمال بناء أثناء إعادة ترميم مقر بنك بلوم الذي تعرض لأضرار بعملية تفجير إرهابية في العاصمة اللبنانية بيروت (رويترز)
عمال بناء أثناء إعادة ترميم مقر بنك بلوم الذي تعرض لأضرار بعملية تفجير إرهابية في العاصمة اللبنانية بيروت (رويترز)

اختار حزب «الكتائب اللبنانية» توقيت سحب وزيريه من الحكومة مع الخضة الأمنية التي تشهدها البلاد والقطاع المصرفي على خلفية التفجير الذي استهدف أحد البنوك في العاصمة بيروت، نهاية الأسبوع الماضي، سعيا لإحداث ما سماها رئيسه النائب سامي الجميل «صدمة إيجابية» تدفع باتجاه ملء الفراغ الرئاسي تمهيدا لإطلاق عجلة المؤسسات الدستورية المعطلة منذ نحو عامين.
إلا أن انتقال وزيري الكتائب، وزير العمل سجعان قزي، ووزير الاقتصاد آلان حكيم إلى جبهة المعارضة الحكومية، لا يبدو أنّه سيكون مكتملا إن كان بالشكل أو بالمضمون مع استمرارهما بتصريف الأعمال لتقتصر بذلك مفاعيل الاستقالة على مقاطعة جلسات مجلس الوزراء.
وهو ما دفع رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى وصف الاستقالة بـ«القنبلة الصوتية» باعتبار أن الوزيرين المستقيلين حديثا سيستمران بتصريف الأعمال، وهو ما أكّده وزير العمل سجعان قزي الذي قال إن «الاستقالة نافذة سياسيا لكن معلقة دستوريا لأن قبولها من صلاحيات رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة معا».
وينكب فريق عمل رئيس «الكتائب» الشاب حاليا على إعداد خطة عمل المرحلة المقبلة، التي قالت مصادره لـ«الشرق الأوسط» إنّها «ستحدد معالم المواجهة التي كانت تنحصر بالسابق في المنحى السياسي من داخل الحكومة، التي ستتحول في الأيام المقبلة لتسلك 3 محاور، سياسيا وقضائيا وفي الشارع، حين يلزم الأمر، وبالتحديد للتصدي لخطة النفايات التي ستحوّل بحرنا إلى مطامر قمامة غير مفرزة».
ويأتي انسحاب حزب «الكتائب» من الحكومة على خلفية ملفي خطة النفايات التي أقرتها الحكومة لحل الأزمة التي اجتاحت البلاد لـ8 أشهر، وسد جنة الذي يدفع تكتل «التغيير والإصلاح» الذي يرأسه النائب ميشال عون باتجاه إنشائه في منطقة جبيل شمال البلاد، في ظل اعتراض واسع على خلفيات بيئية. وينضم وزيرا الحزب المستقيلان إلى وزير العدل أشرف ريفي الذي كان تقدم باستقالته احتجاجا على سلسلة مواقف اتخذتها الحكومة خصوصا بموضوع الوزير السابق ميشال سماحة.
ولم يستقبل معظم الوزراء كما الكتل السياسية بارتياح الاستقالة الكتائبية، وهو ما عبّر عنه وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج، المحسوب على تيار «المستقبل»، الذي استغرب محاولة «الكتائب» الإيحاء بأن الانسحاب من الحكومة سيؤدي لصدمة تدفع بدورها باتجاه انتخاب رئيس للجمهورية، مشددا على أن «استقالة أي وزير مهما كان وزنه ولأي تيار انتمى لن يكون مؤثرا في هذا المجال طالما الضوء الأخضر الإيراني غير متاح لوضع حد للشغور الرئاسي». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «طالما لا رئيس للجمهورية يوافق على استقالة وزير ما، فإذن الاستقالة تبقى شكلية شبيهة باستقالة الوزير ريفي الذي ما زال يصرّف الأعمال».
وانتقد دو فريج ربط رئيس «الكتائب» الاستقالة برفضه أن يكون وزراؤه شهود زور على فساد الحكومة، وقال: «نحن لا نقبل من الجميل أو سواه توصيفنا بالفاسدين أو بشهود زور خصوصا أننا مستمرون في هذه الحكومة ونعضّ على الجرح للحفاظ على المؤسسة الدستورية الأخيرة في البلد رغم قلة إنتاجيتها والعلل التي فيها».
وبدا لافتا عدم انضمام وزير الإعلام رمزي جريج لوزيري «الكتائب» المستقيلين، باعتبار أنّه محسوب على كتلة الحزب الوزارية. وقال جريج لـ«الشرق الأوسط» إنه «غير حزبي، وهو ما يجعله غير ملزم بالقرارات الصادرة عن المكتب السياسي للكتائب»، لافتا إلى أنّه استنسب البقاء في الحكومة بعد الحديث مع الجميل الذي كان متفهما لموقفه. وأضاف: «صحيح أن عمل الحكومة متعثر وهي غير منتجة بكثير من الأحيان، إلا أنها تبقى المؤسسة الدستورية الوحيدة التي ترمز لما تبقى من شرعية في هذه البلاد وبالتحديد في ظل الأخطار المحيطة بنا». وشدّد جريج على أنّه سيبقى في الحكومة صوت «الكتائب» الذي يدافع عن القيم التي يؤمن بها لجهة الشفافية ومحاربة الفساد وتغليب مفهوم ومصلحة الدولة على ما عداها من مصالح خاصة.
من جهته، أكد مستشار رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان، بشارة خير الله، أن «كتلة سليمان الوزارية» باقية في الحكومة من منطلق أن المسؤولية الوطنية تقتضي الصبر والبقاء حتى انتخاب رئيس جديد للبلاد، متحدثا عن وجود هواجس وملاحظات وأحيانًا تحفظات على بعض الأداء الحكومي، لكن في الوقت عينه فإن حاجات الناس كما المتطلبات التقنية، تستدعي التضحية حتى تحقيق الهدف الأساسي، لافتا إلى أن علاقة الرئيس سليمان مع «الكتائب» كانت «ممتازة» وستبقى كذلك، حتى لو اختلفت النظرة أحيانًا حول طريقة المعالجة.
وأكّد خير الله لـ«الشرق الأوسط» أن كتلة سليمان ستمثل وجهة نظر «الكتائب اللبنانية»، تمامًا كما تعهدت تمثيل وجهة نظر حزب «القوات اللبنانية» غير المشارك أصلاً في الحكومة، وهذه الكتلة لن تتردد في تأييد وجهة نظر أي فريق يطرح قضية محقة، كقضية النفايات التي اعترض عليها الكتائب.
وعن إمكانية استمرار انعقاد «اللقاء التشاوري» الذي يضم مجموعة من المكونات الحكومية، أكد خير الله أن «اللقاء» لا يزال قائمًا، واجتماعاته حتمية عندما تدعو الحاجة، وهو سيكون الصوت المدافع عن المكونات غير الممثلة في الحكومة. وأضاف: «مع التشديد على ضرورة إقالة هذه الحكومة عبر إنهاء أعمالها لحظة انتخاب رئيس الجمهورية».



رغم إعلان «هدنة غزة»... الحوثيون يهاجمون إسرائيل والحاملة «ترومان»

جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)
جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)
TT

رغم إعلان «هدنة غزة»... الحوثيون يهاجمون إسرائيل والحاملة «ترومان»

جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)
جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)

على الرغم من التوصل إلى «هدنة غزة» واصلت الجماعة الحوثية، الجمعة، تصعيدها الإقليمي، إذ تبنّت مهاجمة إسرائيل في 3 عمليات بالصواريخ والمسيرّات، بالإضافة إلى مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» في شمال البحر الأحمر.

وبينما لم تصدر تعليقات على الفور من الجيشَيْن الأميركي والإسرائيلي بخصوص هذه الهجمات، أقرت الجماعة المدعومة من إيران بتلقيها 5 غارات وصفتها بـ«الأميركية» استهدفت منطقة حرف سفيان، التابعة لمحافظة عمران الواقعة إلى الشمال من صنعاء.

وخلال حشد في أكبر ميادين صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، أعلن المتحدث العسكري باسم الجماعة، يحيى سريع، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر.

وزعم المتحدث الحوثي أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

وبالتزامن مع ذلك، زعم المتحدث العسكري الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

المتحدث العسكري باسم الحوثيين يردّد «الصرخة الخمينية» خلال حشد في صنعاء (أ.ف.ب)

وتوعّد المتحدث الحوثي بأن قوات جماعته جاهزة لأي تصعيد أميركي أو إسرائيلي، وأنها ستراقب «تطورات الوضع» في غزة، و«ستتخذ الخيارات التصعيدية المناسبة» في حال نكثت إسرائيل الاتفاق مع حركة «حماس».

وبينما أعلنت وسائل إعلام الجماعة تلقي خمس غارات في منطقة حرف سفيان، لم تتحدث على الفور عن الآثار التي تسبّبت فيها لجهة الخسائر البشرية أو المادية.

ومع التفاؤل الدولي والإقليمي واليمني بأن تؤدي الهدنة في غزة إلى استعادة مسار السلام في اليمن، إلا أن مراقبين يمنيين يتخوّفون من استمرار الجماعة الحوثية في تصعيدها سواء البحري أو الداخلي، مستبعدين أن تجنح إلى السلام دون أن تنكسر عسكرياً.

تهديد بالتصعيد

جاءت الهجمات الحوثية والضربات الأميركية، غداة الخطبة الأسبوعية لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، التي استعرض فيها إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال 15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتِّفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

عناصر حوثية خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة لاستعراض القوة (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

يُشار إلى أن الجماعة تلقت في 10 يناير (كانون الثاني) الحالي أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران، ومحطة كهرباء جنوب صنعاء، وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

عرقلة السلام

عاق التصعيد الحوثي وردود الفعل الغربية والإسرائيلية مسار السلام اليمني، إذ كان اليمنيون يستبشرون أواخر 2023 بقرب إعلان خريطة طريق توسطت فيها السعودية وسلطنة عمان من أجل طي صفحة الصراع المستمر منذ 10 سنوات.

وتنفي الحكومة اليمنية السردية الحوثية بخصوص مناصرة الفلسطينيين في غزة، وتتهم الجماعة بتنفيذ أجندة إيران في المنطقة، خاصة أن الجماعة استغلت الأحداث لتجنيد عشرات الآلاف تحت مزاعم الاستعداد للمواجهة مع إسرائيل والولايات المتحدة، وفيما يبدو أن المسعى الحقيقي هو التجهيز لمهاجمة المناطق اليمنية الخاضعة للحكومة الشرعية.

السفينة التجارية «غلاكسي ليدر» قرصنها الحوثيون واحتجزوا طاقمها منذ 14 شهراً (رويترز)

وأدّت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، خلال 14 شهراً، إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتَيْن، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

وإذ استقبلت الجماعة نحو ألف غارة جوية وقصف بحري، خلال عام من التدخل الأميركي، كانت الولايات المتحدة أنشأت في ديسمبر (كانون الأول) 2023 تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على الهجمات الحوثية ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في عدد من المرات.

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين كان أغلبيتها من نصيب الحديدة الساحلية، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة.