رغم الانتقادات التي وجهت إلى مدافعي المنتخب الإنجليزي عقب هدف التعادل الذي أحرزته روسيا في الوقت الإضافي في مباراتهم الأولى ضمن منافسات المجموعة الثانية في «يورو 2016» فإن أداء قلب دفاع المنتخب الإنجليزي ومانشستر يونايتد كريس سمولينغ لم يتعرض لانتقادات حادة. لم تكن آخر مباراة لكريس سمولينغ بعد موسم طويل في الدوري سوى انعكاس دقيق لموسمه السادس والأكثر نجاحا كلاعب يدافع عن ألوان مانشستر يونايتد. في 24 من 55 مباراة في كل المسابقات مع النادي، كان يسير سعيدا مع صافرة النهاية لمعرفته أنه كان جزءا من دفاع محكم. وفي نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي خرج قبل صافرة النهاية بعد أن نال بطاقة صفراء ثانية بسبب عرقلة على طريقة لعبة الرغبي لمنع مرور جناح كريستال بالاس يانيك بولاسي. حصل على البطاقة الصفراء الأولى في وقت مبكر من المباراة عندما أثبت مهاجم كريستال بالاس، كونور ويكهام، أنه مصدر إزعاج يصعب السيطرة عليه بالنسبة إلى لاعب قلب الدفاع. لقد مررنا جميعا بأيام سيئة، لكن سمولينغ يمكن أن يجد لنفسه العزاء على الأقل لمعرفته أن هذا اليوم النادر انتهى به وعنقه مطوق بميدالية الفوز بكأس الاتحاد.
كان من الممكن أن تسير الحياة في طريق مختلف تماما بالنسبة إلى اللاعب صاحب الـ26 عاما، من غرينتش. عندما كان سمولينغ طالبا في مدرسة «تشاتام غرامر سكول» تفوق في نادي الجودو المحلي وأصبح بطلا لبريطانيا وعمره 15 عاما، قبل أن يتخذ قراره بالتركيز على كرة القدم. كان يلعب في أكاديمية ميلوول، لكن المسافة الطويلة إلى مكان التدريب كانت تتسبب في تغيبه عن بعض الحصص التدريبية، ومن ثم فقد قرر الالتحاق بميدستون يونايتد الذي يلعب في دوري رايمان.
ومع بلوغه الـ18، اكتشفه مدير الكرة في فولهام آنذاك، ليس ريد، ودعاه لإجراء اختبار في مركز تدريب النادي، في موتسبر بارك، وهناك لفت اهتمام روي هودجسون، الذي كان يعمل في ذلك الوقت مدربا للفريق، الذي كان لاعبا سابقا به. ومن ثم أجل سمولينغ خططه للحصول على درجة جامعية في دراسات الأعمال في ليستر أو لافبورو، عندما طمأنه هودجسون بأنه سيكون لاعبا محترفا في الفريق. وقال سمولينغ: «كان (هودجسون) يتابع بالصدفة وأخذني إلى مكتبه ومن هناك بدأ كل شيء. لا أستطيع أن أتذكر الحوار الذي دار بالكامل، لكن روي كان مشجعا جدا».
تعاقد فولهام مع سمولينغ مقابل 10 آلاف جنيه وحصل على عائد بلغ 11 مليون جنيه بعد عامين فقط، عندما تعاقد معه السير أليكس فيرغسون لينضم إلى مانشستر يونايتد في 2010، إذ نجح في اقتناصه بعد أن كان قاب قوسين أو أدنى من الذهاب لآرسنال، ردا على تعاقد النادي اللندني مع أرون رامزي من كارديف سيتي رغم أن يونايتد كان أعلن أنه اتفق على تفاصيل ضم لاعب الوسط الويلزي. كتب فيرغسون عن الصفقة التي انضم بموجبها سمولينغ لأولد ترافورد: «ثأرت لنفسي بعدما لعب روي هودجسون دورا مهما في مساعدتنا على خطف سمولينغ من آرسنال».
كان مثل هذا السجال الذي حول مدافع شاب يفتقر للخبرة مثيرا للتساؤلات، لكن بعد أن اكتسب الخبرة والمهارة من مدافعين من طراز رفيع من أمثال نيمانيا فيديتش وريو فيرديناند، أسكت سمولينغ أصوات المعارضة التي كانت تزعم عدم تحسن مستواه، وقدم نفسه أخيرا كواحد من أفضل المدافعين المتمرسين في الكرة الإنجليزية.
كان جيمي كاراغر ينتقد سمولينغ في السابق لعدم انخراطه اجتماعيا مع زملائه في الفريق خارج الملعب، لكنه كان سعيدا لتغيير رأيه في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. قال على قناة «سكاي سبورتس»: «لقد أصبح رجلا، أصبح قائدا لمانشستر يونايتد، وأعتقد أن التطور في مستواه هو ما أوصله إلى ما وصل إليه هذا الموسم. وأعتقد أنه كان أفضل مدافع في الدوري الممتاز (البريميرليغ)، وإليه يعود الفضل في كثير من النتائج التي حققها دفاع يونايتد».
كانت هناك حفر على طول الطريق. وواقع الأمر أن سمولينغ شوهد وهو يرقص في إحدى الحانات في الساعات الأولى من صباح أحد أيام مارس (آذار) 2014، وفي أعقاب نشر صوره خارج إحدى الحانات في منطقة سبننغفيلد في مانشستر، وهو يغني «نحن مان يونايتد، سنفعل ما نشاء!»، أصدر مدربه آنذاك، ديفيد مويز، قرارا تأديبيا بحقه، وحذره من تكرار هذه السلوكيات في المستقبل.
وقبل هذه الواقعة ببضعة أشهر، لم يثر مثل هذا القدر من الضجة بعد استضافته حفلا تنكريا، ارتدى خلاله زيا يظهره كإرهابي. ظهرت صور اللاعب وهو يرتدي كوفية عربية، وحزاما ناسفا هزليا يضع فيه قنينة خمر ومشروب طاقة. اعتذر سمولينغ لاحقا واصفا إياه بأنه كان «قرارا غير حكيم ولا يراعي مشاعر الآخرين».
في الوقت الراهن ليس في الإمكان ما هو أفضل بالنسبة إلى لاعب يشارك بانتظام مع إنجلترا، ولديه شخصية تسانده منذ وقت طويل، ممثلة في شخص المدير الفني، وبدأت بطولة يورو 2016، وهو صاحب هدف الفوز في آخر مباراة ودية استعدادا للبطولة، ضد البرتغال على ملعب ويمبلي.
في مقابلاته دائما ما يعود سمولينغ إلى أيامه في ميدستون، وشغفه بالمباريات الحماسية خارج منافسات الدوري. قال ذات مرة: «أحب إلى حد ما أن أكون عدوانيا ومرعبا وهو ما يعطيك الثقة بفرض سيطرتك على المهاجمين وجعلهم يشعرون بأنهم كانوا في يوم سيئ عندما يغادرون أرضية الملعب، ويشعرون بالإحباط الشديد». ولا يتوقف هذا على استخدام يديه كما لو كان ملاكما، ففي السنوات الأخيرة أضاف سمولينغ إلى جعبته مزيدا من السهام، وبات يشكل قوة عندما يتقدم إلى الأمام. في الموسم الماضي مرر بمعدل 47 تمريرة في كل مباراة في البريميرليغ، بنسبة من الدقة وصلت إلى 83 في المائة، في حين كان معدل غاري كاهيل، زميله في دفاع إنجلترا، 32 تمريرة في المباراة وبنسبة دقة 85 في المائة مع تشيلسي.
ربما كانت الفترة التي تولى خلالها لويس فان غال تدريب مانشستر يونايتد مصدر إحباط للمشجعين، لكن بزوغ نجم سمولينغ، ليصبح لاعبا كبيرا وبارزا يعتمد عليه، كان واحدا من العوامل المطمئنة خلال ولايته التي أسدل الستار عليها مؤخرا. نضج المدافع بحيث قدم أفضل مستوياته في عهد الهولندي، صاحب النظرة الثاقبة. بعد أن تعرض لإصابة في يده في كرة مشتركة مع فيل جونز خلال فترة الاستعداد للموسم الماضي، كان فان غال مستعدا دائما لأن يضع ثقته في لاعب، حتى ولو كان اسمه يشير لرجل صغير: «سمولينغ»، فأداؤه يثبت أنه لاعب كبير.
سمولينغ.. اكتشفه هودجسون وضمه فيرغسون ولمع نجمه مع فان غال
قلب دفاع المنتخب الإنجليزي يروقه أن يكون «مرعبًا وعدوانيًا» مع المهاجمين
سمولينغ.. اكتشفه هودجسون وضمه فيرغسون ولمع نجمه مع فان غال
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة