«مدفع رمضان».. 500 عام على «الصدفة» التي ميزت الشهر الفضيل

يواصل تنبيه الصائمين في دول عربية.. ويغيب عن أخرى

غروب آخر يوم في شهر شعبان واستعداد إطلاق المدفع لدخول شهر رمضان بجبل المدافع شرق مكة المكرمة  (تصوير: أحمد حشاد)
غروب آخر يوم في شهر شعبان واستعداد إطلاق المدفع لدخول شهر رمضان بجبل المدافع شرق مكة المكرمة (تصوير: أحمد حشاد)
TT

«مدفع رمضان».. 500 عام على «الصدفة» التي ميزت الشهر الفضيل

غروب آخر يوم في شهر شعبان واستعداد إطلاق المدفع لدخول شهر رمضان بجبل المدافع شرق مكة المكرمة  (تصوير: أحمد حشاد)
غروب آخر يوم في شهر شعبان واستعداد إطلاق المدفع لدخول شهر رمضان بجبل المدافع شرق مكة المكرمة (تصوير: أحمد حشاد)

رغم دخول التقنية الحديثة، والبث التلفزيوني بمراحل تطوره كافة، فإن هذه الثورة لم تنجح في تغييب «مدفع رمضان» عن الساحة في بعض الدول العربية، مثل مصر والإمارات.
أما في السعودية، فأدت هذه المدافع في مكة المكرمة إلى توقف صوته منذ رمضان الماضي، رغم أنه الأكثر متابعة لحظة الإفطار عبر شاشة التلفزيون السعودي على مدى عقود، قبل أن يتوقف في آخر موسمين.
ويستخدم مدفع رمضان كأسلوب للإعلان عن موعد الإفطار، وإخبار العامة عن هذا الموعد. وهو تقليد متبع في كثير من الدول الإسلامية على مدى قرون، بحيث تطلق قذيفة مدفعية صوتية لحظة غروب الشمس، ليعلم الصائمون بموعد إفطارهم خلال شهر رمضان، وعند الفجر مثل ذلك معلنًا وقت الإمساك.
واختلف علماء الآثار في تحديد موعد استخدام المدفع في رمضان، فبعضهم أرجعه إلى عام 859هـ، والبعض الآخر أرجعه إلى ما بعد ذلك بعشرات السنين، وبالتحديد خلال حكم محمد علي الكبير.
ومن الروايات المشهورة أن والي مصر (محمد علي الكبير) كان قد اشترى عددًا كبيرًا من المدافع الحربية الحديثة في إطار خطته لبناء جيش مصري قوي، وفي يوم من الأيام الرمضانية كانت تجري الاستعدادات لإطلاق أحد هذه المدافع كنوع من التجربة، فانطلق صوت المدفع مدويًّا في لحظة غروب الشمس وأذان المغرب من فوق القلعة، فتصور الصائمون أن هذا تقليد جديد لإعلان موعد الإفطار، واعتادوا عليه، وطلبوا من الحاكم أن يستمر هذا التقليد خلال شهر رمضان في وقت الإفطار والسحور. فوافق، وتحول إطلاق المدفع بالذخيرة الحية مرتين يوميًا إلى ظاهرة رمضانية مرتبطة بالمصريين كل عام، ولم تتوقف إلا خلال فترات الحروب العالمية.
لكن رواية أخرى تذكر أن استخدام المدفع كان زمن حكم الوالي العثماني في مصر خوشقدم (عام 859 هـ)، إذ كان جنوده يختبرون مدفعًا جديدًا جاء هدية للسلطان من صديق ألماني، وكان ذلك وقت غروب الشمس، فظن المصريون أن السلطان استحدث هذا التقليد الجديد لإبلاغ المصريين بموعد الإفطار. وكان «مدفع رمضان» في مدينة جدة (غرب السعودية) مظهرًا من المظاهر التي تمثل التوقيت الرسمي للإفطار والإمساك عن الطعام، وكان سكان جدة قبل مئات السنين يعتمدون في إفطارهم وإمساكهم عن الطعام على المدفع الوحيد الذي كان موجودًا في منطقة تسمى «القشلة». وبعد إزالة سور جدة لدخوله في منطقة العمران عام 1947، تم وضع مدفعين إضافيين.
وحول ذلك، يقول الدكتور محمد الصعيدي، رئيس مقعد جدة، إنه «قبل هدم سور جدة، كان سكان المنطقة يسمون مدفع الإفطار بمدفع المويه (الماء)، كون سماع صوته يعلن عن الإفطار أو شرب الماء قبل الإمساك عن الطعام بربع ساعة من أذان الفجر».
وأضاف أن القاعدة العسكرية في منطقة القشلة كانت تنصب خيامًا لإقامة «المدفع» قبل أن يهدم السور، وكان مسجد الحنفي في حارة الشام يرفع علمًا أخضر فوق منارته كونه أقرب مسجد للقاعدة، إشارة منه للقائم على المدفع بإطلاق الذخيرة تزامنا مع الأذان لإعلام الناس بموعد الإفطار، وكذلك الإمساك عن الطعام.
ونظرا لعدم وجود التلفاز في السابق، واعتماد غالبية الناس على الراديو فقط، يبين الصعيدي أن دوي المدفع كان الوسيلة الوحيدة للقاطنين بعيدا عن المساجد لمعرفة موعد الإفطار والإمساك في السحور، وأيضًا الإعلان عن انتهاء الشهر الفضيل وإعلان العيد.
كما أشار إلى أن الناس في تلك الحقبة الذين يمتلكون جهاز راديو كانوا يعرفون موعد الإفطار من خلال الأذان من الحرم المكي الشريف، بعد سماع قراءة القرآن من الشيخ باحيدره أو الشيخ المقادمي أو الشيخ سعيد محمد نور، وكان من لا يمتلك هذا الجهاز يعتمد في إفطاره على سماع دوي المدفع.
وتطرق إلى أن المدفع كان يطلق 21 طلقة متواصلة في نهاية شهر رمضان، وعند التثبت من رؤية هلال العيد، كما كان المدفع يستمر في إطلاق الذخيرة مرة واحدة عند كل صلاة في يوم العيد، حيث كانت طلقاته تذكر بمواعيد الصلوات الخمس.



الدراما الاجتماعية تتصدر «الماراثون» التلفزيوني مصرياً

من مسلسل {جعفر العمدة}
من مسلسل {جعفر العمدة}
TT

الدراما الاجتماعية تتصدر «الماراثون» التلفزيوني مصرياً

من مسلسل {جعفر العمدة}
من مسلسل {جعفر العمدة}

من بين 30 عملاً درامياً مصرياً تم عرضها خلال ماراثون دراما رمضان 2023، تنوعت بين دراما اجتماعية وكوميدية، ووطنية، وتاريخية، تصدرت الدراما الاجتماعية السباق، بعدما حققت بعض المسلسلات التي تنتمي لها تفاعلاً كبيراً بين الجمهور، وإشادات نقدية لافتة.
وشهد هذا الموسم ظواهر عديدة، منها زيادة عدد المسلسلات القصيرة، وتشابه الأفكار بين أكثر من عمل، وتصدر الفنانات لبطولات العديد من الأعمال، وعودة الدراما الدينية مع مسلسل «رسالة الإمام»، وطرح قضايا المرأة الشائكة، على غرار مسلسلات «تحت الوصاية، وعملة نادرة، وستهم»، كما أنتجت الشركة المتحدة عملين وطنيين يرصدان بطولات الجيش المصري في حربه ضد الإرهاب، وهما: «الكتيبة 101»، و«حرب»، وقدمت عملاً تاريخياً بعنوان «سره الباتع» كأول أعمال المخرج خالد يوسف في الدراما التلفزيونية، فيما كان نصيب الأسد للأعمال الكوميدية بـ7 مسلسلات.

نيللي كريم

وبينما احتلت بعض الأعمال «الترند» أكثر من مرة، خلال الماراثون على غرار مسلسلي «جعفر العمدة، وتحت الوصاية»، و«ضرب نار»، و«المداح»، مرت أعمالاً أخرى مرور الكرام، ولم تكن مثار اهتمام على أي وجه. وفق نقاد.
وبحسب محلل البيانات والذكاء الاصطناعي مصطفى أبو جمرة، فإن مواقع «السوشيال ميديا» كانت محركاً أساسياً في دفع الجمهور لمشاهدة أعمال دون أخرى، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن أكبر دليل على ذلك نسب المشاهدة لـ«جعفر العمدة» التي عززتها مواقع التواصل ودفعت لتوجيه متابعين جدد للمسلسل، مشيراً إلى أن «جعفر العمدة» لمحمد رمضان، و«تحت الوصاية» لمنى زكي، نالا نصيب الأسد في نسب المشاهدة خلال الماراثون الرمضاني، وفقاً لمؤشرات تحليل مواقع «السوشيال ميديا»، على حد تعبيره.
وبين صعود وهبوط مسلسلات ماراثون دراما رمضان، ترصد «الشرق الأوسط» أبرز الأعمال التي نجحت في جذب الانتباه من خلال أفكارها الجذابة وسردها المشوق، والأخرى التي فشلت في لفت الأنظار وشهدت تراجع بعض النجوم، عبر آراء نقاد.

خالد النبوي في {رسالة الإمام}

- تألق منى زكي
تقيس الناقدة خيرية البشلاوي نجاح العمل الفني بمدى ما يحققه من صدى اجتماعي إيجابي، لذا ترى أن مسلسل «تحت الوصاية» عمل جيد تتكامل فيه العناصر الفنية، ونجحت بطلته منى زكي في أداء دورها بشكل صادق، ولم تكن الطفلة «التوأم» ولا الطفل «عمر الشريف» بأقل حضوراً وتلقائية، وكل الممثلين على نسق أداء بارع مثل رشدي الشامي، كما أن نيللي كريم التي طرحت قضية تمس آلاف النساء في صعيد مصر تتعلق بحرمان بعض النساء من ميراثهن الشرعي بحكم عادات وتقاليد مغلوطة عبر مسلسل «عملة نادرة».
ورغم الانتشار الكبير لمسلسل «جعفر العمدة»، فإن الناقدة المصرية تتحفظ على النجاح الجماهيري الذي حققه المسلسل، وتراه مؤشراً على تراجع المجتمع، مبررة ذلك بقولها إن المسلسل ومعه «المداح» هما الأسوأ لأنهما يشدان المجتمع للخلف عبر ما يطرحانه من أفكار تمثل ردة حقيقية. على حد تعبيرها.

ياسمين عبد العزيز في مشهد من مسلسل (ضرب نار)

- تراجع يسرا
فيما يرى الناقد طارق الشناوي أن أبرز أعمال رمضان 2013 مسلسل «تحت الوصاية» لتميزه في الكتابة لخالد وشيرين دياب، وتكامل عناصره الفنية التي قادها المخرج محمد شاكر خضير، ووصول أداء منى زكي فيه إلى ذروة الإبداع.
وأشار إلى أن فكرة البطولة الثنائية في مسلسلي «الكتيبة 101، وحرب» من الجماليات الفنية التي تحسب لصناع العمل، كما جاء «رسالة الإمام» بطولة خالد النبوي، في توقيته ليقدم صورة صادقة عن سماحة الإسلام.
وعن أفضل الأعمال الكوميدية هذا العام قال: «كامل العدد، والصفارة» الأبرز.
ويعتقد الشناوي، أن مسلسل «سوق الكانتو» عمل مهم، لكن ظلمه صخب العرض الرمضاني، مما أثر عليه سلباً، لكنه يرى أنه سيأخذ حقه في عرضه الثاني بعد شهر رمضان.
ولم يخف الشناوي انحيازه لـ«الهرشة السابعة» لجرأته في الكتابة، وبطلته أمينة خليل التي تعبر بقوة عن فن أداء الممثل الفطري، مشيراً إلى أن مسلسل «1000 حمد الله على السلامة» شهد تراجعاً بالنسبة للفنانة يسرا لأن اختيارها لم يكن موفقاً نصاً وإخراجاً.

علي قاسم وأسماء جلال في مشهد من مسلسل «الهرشة السابعة»

- تكرار الشخصيات
من جهتها، أكدت الناقدة ماجدة خير الله، أن مسلسل «تحت الوصاية» تصدر قائمة الأفضل لديها من دون منازع، لكن هذا لا يمنع من تميز مسلسلات أخرى من بينها «الهرشة السابعة» و«كامل العدد» كأعمال اجتماعية لطيفة، بجانب «تغيير جو» الذي يمثل نوعية أخرى تتطلب تأملاً، وكذلك «رشيد» لمحمد ممدوح، و«جت سليمة» لدنيا سمير غانم.
وترى خير الله أن الممثل محمد سعد «انتحر فنياً» بإصراره على اختيارات غير موفقة، معلنة عدم تعاطفها مع «جعفر العمدة»، مشيرة كذلك إلى تكرار عمرو سعد نفسه، على مدى ثلاث سنوات بالمحتوى والأداء نفسيهما.
- الأفضل كوميدياً
ورغم عرض سبعة أعمال كوميديا خلال الشهر الكريم، فإن الجمهور يميل أكثر للدراما الاجتماعية في رمضان بحسب الناقد خالد محمود، الذي يرى أن «الكبير أوي» لأحمد مكي إضافة مهمة في جزئه السابع، وتميز بالدفع بوجوه جديدة، وهو يظل عملاً ناجحاً، و«الصفارة» كان الأبرز لأن أحمد أمين لديه قدرة على التغيير والتلوين، ونجح مسلسل «جت سليمة» لدنيا سمير غانم في الجمع بين الكوميديا والاستعراض والغناء، لكن محمود يرى أن تجربة يسرا مع الكوميديا هذا العام غير موفقة لضعف السيناريو.

زكي خطفت الإشادات عبر «تحت الوصاية» (الشرق الأوسط)

- مستوى متوسط
ووفقاً للناقد رامي عبد الرازق فإن الموسم الدرامي هذا العام جاء متوسط المستوى والنجاح، وأن الخاسرين أكثر من الفائزين، مؤكداً أن المسلسلات القصيرة ستفرض وجودها في المواسم اللاحقة، لا سيما مع تفوق أعمال من بينها، «الهرشة السابعة» و«الصفارة» و«تحت الوصاية»، التي يراها «أكثر ثلاثة أعمال رابحة على مستوى الشكل الفني والمضمون الدرامي الذي ينطوي على قدر كبير من التماسك والنضح والعمق والتوزان».
وأعرب عبد الرازق عن إحباطه من مسلسل «سره الباتع»، مبرراً ذلك بقوله: «المسلسل شهد استسهالاً في المعالجة، ومباشرة في الطرح، ونمطية وعدم إتقان في الشكل رغم الميزانية الضخمة التي أتيحت له، وأن مسلسل «سوق الكانتو» حقق نقلة فنية في شكل الديكورات والإخراج الفني لكن الدراما به جاءت هشة كما أن إيقاعها بطيء، بالإضافة إلى أن كثيراً من الأعمال سوف تتبخر تماماً من ذاكرة المشاهد ولن يعود إليها مرة أخرى، باستثناء مسلسل «تحت الوصاية». مؤكداً أن على ياسمين عبد العزيز أن تكتفي بهذا القدر من الأعمال التي تجمعها وزوجها الفنان أحمد العوضي بعد «ضرب نار».