الائتلاف و«هيئة التنسيق» في بروكسل لدعم الهيئة العليا للتفاوض بغطاء أوروبي

يشاركان في 3 ورش عمل تلحظ إحداها إعادة هيكلة الأمن في المرحلة الانتقالية

مقاتل من «قوات سوريا الديمقراطية» يشير باتجاه الأطراف الغربية لمدينة منبج التي يسيطر عليها تنظيم داعش شمال حلب (رويترز)
مقاتل من «قوات سوريا الديمقراطية» يشير باتجاه الأطراف الغربية لمدينة منبج التي يسيطر عليها تنظيم داعش شمال حلب (رويترز)
TT

الائتلاف و«هيئة التنسيق» في بروكسل لدعم الهيئة العليا للتفاوض بغطاء أوروبي

مقاتل من «قوات سوريا الديمقراطية» يشير باتجاه الأطراف الغربية لمدينة منبج التي يسيطر عليها تنظيم داعش شمال حلب (رويترز)
مقاتل من «قوات سوريا الديمقراطية» يشير باتجاه الأطراف الغربية لمدينة منبج التي يسيطر عليها تنظيم داعش شمال حلب (رويترز)

ينكب الائتلاف السوري المعارض وهيئة التنسيق الوطنية (معارضة في الداخل)، وعلى الرغم من التخبط الذي تشهده العملية السياسية في سوريا على وقع التصعيد غير المسبوق في الميدان خصوصا شمال البلاد، على محاولة توحيد رؤيتهما للحل السياسي والمرحلة الانتقالية قبيل انطلاق جولة جديدة من المفاوضات، من خلال اجتماعات يعقدانها في العاصمة البلجيكية بروكسل بدعم من الاتحاد الأوروبي. وقد أقر ممثل الاتحاد أمس أمام المجتمعين باستحالة إقامة هيئة حكم انتقالي في أغسطس (آب) المقبل، فيما قال رئيس الائتلاف السوري أنس العبدة، إن «العملية التفاوضية وصلت إلى طريق مسدود، ولا قدرة لأي أحد على فرض اتفاق وقف العمليات العدائية على النظام وحلفائه».
وبحسب مصادر معنية بتنظيم الاجتماع الرابع من نوعه بين الائتلاف وهيئة التنسيق، فإن الهدف الأساسي منه، «بحث سبل تعزيز جهود الهيئة العليا للتفاوض بعد 3 أشهر من بدء مهامها، والمشاركة في 3 ورشات عمل ينظمها الاتحاد الأوروبي، تبحث الأولى ملف الإصلاح السياسي والدستوري ودعم الهيئة العليا للتفاوض والمعارضة، والثانية ملف الإدارة المحلية والإنعاش والاستقرار في المناطق المحررة، فيما تركّز الورشة الثالثة على إعادة هيكلة الجيش والأمن في المرحلة الانتقالية».
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن «المجتمعين سيبحثون في الواقع الميداني الداخلي في سوريا، وكيفية تفعيل الشراكة بين الائتلاف والهيئة».
ويشارك في اجتماع بروكسل الذي سبقته 3 اجتماعات أخرى، عقد الأول في القاهرة والثاني في باريس والثالث في بروكسل، كل من أنس العبدة (رئيس الائتلاف)، وميشيل كيلو، وأحمد رمضان، وهادي البحرة، وسميرة مسالمة، وعبد الأحد اسطيفو، وبدر جاموس، وهيثم رحمة، ونغم الغادري، ورياض الحسن، ممثلين عن الائتلاف، فيما تتمثل هيئة التنسيق بمنسقها العام حسن عبد العظيم، وصفوان عكاش، وخلف الداهود، وجون نسطة، وأمل نصر، وزياد وطفة، ومحمد حجازي، ومحمد زكي الهويدي، ونورا غازي، ويحيى عزيز.
وأوضح عضو الائتلاف المشارك بالاجتماع أحمد رمضان أن جدول الأعمال «يركز على ترجمة التعاون بين الائتلاف والهيئة لجوانب عملية، تتضمن تشكيل لجان مشتركة حول القضايا السياسية والإعلامية التي تدعم العملية السياسية وتعزز حضور الثورة السورية إقليميا ودوليا، إضافة إلى عقد ورشات عمل تضم خبراء ومختصين بهدف إنجاز أوراق عمل تساعد الإطار الدولي على تبني المواقف الداعمة لقضية الشعب السوري العادلة». وأشار رمضان في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الهدف الأساسي للاجتماع دعم الهيئة العليا للتفاوض وتقديم التوصيات والمقترحات لها في مجال أوراق العمل والأبحاث بشأن آليات الانتقال الدستوري والمرحلة الانتقالية، وتعزيز الإطار التفاوضي بالخبرات والكفاءات اللازمة، والمساعدة على توطيد العلاقة مع أصدقاء الشعب السوري، ومن ضمن ذلك تفعيل العلاقة مع الاتحاد الأوروبي وحثه على لعب دور أكثر حيوية في المجالين الإنساني والسياسي، ومن ضمنه منع انهيار العملية التفاوضية وفق ما يخطط له النظام، ويساعده في ذلك حلفاؤه الروس والإيرانيون».
وبحسب، خلف الداهود، عضو المكتب التنفيذي لهيئة التنسيق الوطنية المشارك بلقاء بروكسل، فإن المشاورات مع وفد الائتلاف تركّز بشكل خاص على «تقييم الأوضاع السياسية الدولية والإقليمية والداخلية والتحديات التي يواجهها الشعب السوري في هذه المرحلة، كما تلحظ طرق دعم الهيئة العليا للمفاوضات في تفعيل المسار السياسي، وتوسيع دائرة الحوار السياسي والمجتمعي السوري – السوري، بما يتوافق مع تطلعات الشعب السوري، والتأكد من أن أي حل يطرح يتوافق معها». وقال الداهود لـ«الشرق الأوسط» إنّه يتم البحث أيضا بـ«العلاقة التنسيقية بين التنظيمين ومأسستها، وبرامج التدريب المشتركة بخصوص العملية السياسية وعملية الانتقال السياسي».
وعمّا إذا كان الاجتماع سيبحث تعديل وفد الهيئة العليا للمفاوضات، لفت الداهود إلى أن «الأمور التنظيمية والإدارية الخاصة بالهيئة العليا للمفاوضات تبحث ضمن إطارها التنظيمي، باعتبار أن (هيئة التنسيق الوطنية) والائتلاف ممثلان في الهيئة المذكورة».
وفي كلمة له خلال الاجتماع، اعتبر رئيس الائتلاف أنس العبدة أن «استمرار نظام الأسد وروسيا باستهداف المدنيين، يدل على أن العملية التفاوضية وصلت إلى طريق مسدود، ولا قدرة لأي أحد على فرض اتفاق وقف العمليات العدائية على النظام وحلفائه»، لافتا إلى أن «أحد أهم الأعضاء في المجتمع الدولي الراعي للعملية السياسية (روسيا) هو شريك في استهداف المدنيين»، وأضاف: «ليس هناك ردة فعل دولية حقيقية على انتهاكات قرار وقف العمليات العدائية من قبل النظام وحلفائه».
وإذ حث العبدة الاتحاد الأوروبي على «حماية العملية السياسية ودعم وصولها إلى مبتغاها في الانتقال السياسي والوصول إلى حل سياسي عادل يأخذ بعين الاعتبار تطلعات الشعب السوري، شرط أن يكون قابلاً للتطبيق»، شدد المنسق العام لهيئة التنسيق حسن عبد العظيم على ضرورة «التفاعل لإنهاء انقسام المعارضة، وتعزيز عملية استكمال جهود توحيدها من أجل إنهاء معاناة الشعب السوري». وقال إن «سوريا تعيش حالة خطرة من سفك الدماء وتدمير المدن من قوى إرهابية تسيطر على بعض المناطق ومن قوى أخرى تريد فرض الفيدرالية»، مؤكدًا على ضرورة توحيد كل قوى المعارضة واستكمال تمثيل الأكراد، الذي اعتبره «هامًا جدًا».
أما الأمين العام لجهاز العمل الخارجي للاتحاد الأوروبي ألان لي روي الذي شارك باجتماع وفدي الهيئة والائتلاف أمس، فاعتبر أن «السقف المحدد لإقامة هيئة حكم انتقالي في أغسطس المقبل صعب جدًا تحقيقه ما لم نبذل جهودًا كبيرة للوصول إلى الحل المنشود»، مؤكدًا على ضرورة تنسيق عمل المعارضة ووضع رؤية مشتركة للحل السياسي. وأضاف: «مستعدون لبذل ما بوسعنا لإنهاء مأساة الشعب السوري»، مشيرًا إلى أن الاتحاد الأوروبي يؤدي دورا مهما في العملية السياسية ودعم المعارضة السورية للتوصل لحل شامل.
وكان الائتلاف وهيئة التنسيق وقعا في يوليو (تموز) 2015 في اجتماع عقده ممثلون عنهم في بروكسل، ما عُرف بـ«خارطة طريق مشتركة لإنقاذ سوريا» تضم «مبادئ أساسية للتسوية السياسية، على رأسها تنفيذ إعلان جنيف بكل بنوده؛ بدءًا بتشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحية، وتغيير النظام السياسي بشكل جذري وشامل، بما يشمل رأس النظام ورموزه ومرتكزاته وأجهزته الأمنية، عبر حل سياسي ترعاه الأمم المتحدة ويتولاه السوريون، وإدانة عنف النظام وتنظيم داعش و(حزب الله)، وكذلك تحميل المجتمع الدولي مسؤولية ما يجري في سوريا».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم