الفن النوبي بين السدود والشلالات

نوبيات محمد منير أشعلت الثورة في ميدان التحرير

الفن النوبي بين السدود والشلالات
TT

الفن النوبي بين السدود والشلالات

الفن النوبي بين السدود والشلالات

يعد الفن النوبي، والموسيقى النوبية بالتحديد، من الفنون التي استطاعت أن تخلق لنفسها دربا خاصا ومميزا في الثقافة الفنية المصرية دون أن تذوب فيها. حتى يكاد الفن النوبي يكون فنا مصريا مستقلا، فهو مصري بالاسم، لكنه أفريقي الطابع وهو ما يعطي للثقافة المصرية طابعا آخر، إضافة إلى باقي الفنون المتوارثة عبر الأجيال.
ويعد الفنان محمد منير من أشهر فناني النوبة الذي نجح في عولمة هذا الفن وتطويره، ونشره من خلال أغنيات شهيرة مستوحاة من البيئة النوبية الصميمة، وقد سبقه من قبل الفنان النوبي أحمد منيب الذي يعد الأب الروحي للفنان محمد منير.
الفنان والناقد الكبير الدكتور زين نصار، أستاذ النقد بأكاديمية الفنون المصرية، تحدث لـ«الشرق الأوسط» عن الفن النوبي ودوره في الثورة المصرية، وقال: «إن التراث النوبي الفني موجود في كيان كل المصريين، ويتم استدعاؤه بقوة في أوقات كثيرة، منها في فترات الثورة المصرية، في ميدان التحرير قبل تنحي الرئيس مبارك كان الشباب المصريون يغنون أغنيات نوبية لمحمد منير وأغنيات أخرى له مثل (حدوتة مصرية)، لأن الثورة لم يكن لديها ما تستقوي به سوى هذا التراث وغيره من التراث الموسيقي». ويمضي دكتور نصار مؤكدا دورا آخر للفن النوبي كملهم لكبار المبدعين المعاصرين، ويقول: «إن التراث الشعبي المصري، بما فيه التراث النوبي، كان مصدر إلهام كبيرا لأعمال فنية كبيرة، وهناك كونشرتات موسيقية، منها مثلا للفنانين سعيد مطر ورفعت جرانة». الموسيقي والفنان والمؤرخ النوبي فكري كاشف، قال لـ«الشرق الأوسط» إن أي فن عالمي يرتبط بمجتمعه والثقافة التي تنبع منه. وعن مقارنة الفن النوبي والعربي، يقول: «إن كل الموسيقى العربية والتركية واليونانية والفارسية كلها من عائلة واحدة، تتبع الـ7 تون أو السلم الموسيقي السباعي، بينما الفن النوبي يختلف عن هذه المجموعة في كون موسيقاه تنتمي إلى السلم الخماسي الأفريقي». وعن سر هذا الاختلاف، يقول كاشف: «إن الجغرافيا أو البيئة هما السر في تميز واختلاف الفنون النوبية عما عداها من فنون في منطقتها المحيطة، لأن نهر النيل يسير بشكل سلس وعادي من أقصى الشمال حتى منطقة أسوان جنوب مصر، ولذلك يستطيع أي إنسان أن يأتي، من إيطاليا مثلا، عبر نهر النيل، ويدخل في أعماق مصر حتى الجنوب، في رحلة سهلة حتى يصطدم بمنطقة الشلالات القاسية والانكسارات في قلب النهر التي يعيش خلفها أهل النوبة والتي تبدأ مظاهر ثقافتهم من هذه المنطقة، فنجد فنونها أقرب للطابع الأفريقي بسبب السلم الخماسي، فلا شك في أن جغرافيا الأرض وعوائق تؤثر في طبيعة الشعب وموسيقاه. فعند هذه المنطقة، نجد لغة أخرى وفنونا أخرى، بمعنى أنه عالم آخر يكمن خلف شلالات النيل».
ويشير فكري كاشف إلى صدمات تعرض لها أهل النوبة - على حد وصفه - ويقول: «إن السدود والخزانات المبنية على النيل تسببت في تهجير النوبيين من أماكنهم المستقرة إلى أماكن أخرى صحراوية، مما أحدث تغيرا في موسيقاهم التي كانت متواصلة مع استقرارهم، وذلك لتغير البيئة، وبدت ملامح التغير في موسيقى النوبة متمثلة في تغير الاعتماد على الدفوف البسيطة إلى إدخال آلات موسيقية أخرى مدنية كالأورج وخلافه، وإن كان السلم الخماسي هو صاحب الفضل في الحفاظ على الطابع النوبي الأفريقي رغم التغيرات المدنية لأهل النوبة».
مشكلة أخرى للفن النوبي يشير إليها فكرى كاشف متمثلة في اللغة النوبية، فيقول: «إنها مهددة بالانقراض رغم وجود فنانين نوبيين وصلوا للعالمية مثل حمزة علاء الدين الذي وصلت شهرته لأميركا واليابان». ويقول: «إن مشاهير النوبة، مثل محمد منير وأحمد منيب، لم يقدموا فنا نوبيا محضا وإنما قدموا الموسيقى النوبية بكلمات عربية، لأن الاستماع للغة النوبية غير مألوف بين العرب ولا حتى بين المصريين، وهي مسألة مرتبطة بالثقافة والمزاج والأذن التي تسمع، فرغم وجود شباب يستمعون مثلا إلى أغان أجنبية لمايكل جاكسون وغيره، لكن قلما ما نجد أذنا تستمع إلى الغناء النوبي بلغته وموسيقاه، وهو أمر ملحوظ حتى بالنسبة للفن السوداني الذي ينطق باللغة العربية، وهو أمر ربما يرجع لشعبية الرتم الأفريقي وأيضا لأن الفن الأفريقي، والنوبي خاصة، لم يأخذ حقه إعلاميا». المفكر السياسي النوبي الكبير خليل كلفت، تحدث إلى «الشرق الأوسط» حول تأثير الجانب السياسي والاجتماعي على الفن النوبي. يقول كلفت: «إن الفن النوبي يلقى قبولا حسنا من جميع المصريين، كما أن المطربين النوبيين يحظون بشعبية كمحمد منير، وله أصداء جميلة على المستوى الاجتماعي والشعبي، ولكن السياسة ألقت بظلالها على أوضاع النوبيين من خلال المشروعات المائية على نهر النيل ومشروعات الاستثمار التي خرج بسببها النوبيون من بيوتهم وهاجروا بعيدا عن الأرض الزراعية متجهين للقاهرة والإسكندرية، وهو واقع أثر كثيرا في فنونهم». وحول صورة النوبي في الدراما والأدب وتأثير ذلك على شعبية الفن النوبي، قال خليل كلفت: «من الأمور المؤسفة، السخرية كثيرا من النوبي وذكائه، وكونه يظهر بصورة البواب دائما على الشاشة،إلا أنني أعود وأقول إن مأساة النوبة في تهجيرهم من أراضيهم جعلت لهم وضعا استثنائيا، حيث لم يكن أمامهم في تلك الفترة سوى العمل بوابين وحراسا وطباخين في المجتمعات الجديدة التي بنيت، ولذلك قلت لأصدقائي الذين ينتقدون رواية الدكتور علاء الأسواني الجديدة (نادي السيارات) لتصويرهم في الرواية في الإطار نفسه، قلت لهم إن هذا مكان استثنائي، حيث كان النادي لا يدخله إلا علية القوم ومعهم حاشيتهم ومنهم النوبيون. ومع ذلك، فالمجتمع النوبي مجتمع مفتوح للغاية ومتعلم ومثقف، ونسبة النخبة النوبية في مجتمعهم أكبر بكثير من نسبتهم الإجمالية العددية، فهم متحضرون للغاية وذواقة، ويبدو ذلك في موسيقاه الرائعة التي تطرب من يستمع إليها».



«نصر الله» ليس الوحيد... آخرون قتلوا في القصف على الضاحية الجنوبية

دخان يتصاعد نتيجة غارة إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد نتيجة غارة إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)
TT

«نصر الله» ليس الوحيد... آخرون قتلوا في القصف على الضاحية الجنوبية

دخان يتصاعد نتيجة غارة إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد نتيجة غارة إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)

مثلت الضربة الإسرائيلية التي استهدفت قلب الضاحية الجنوبية لبيروت زلزالاً داخل «حزب الله» اللبناني، خصوصاً بعد تأكيد الأنباء عن مقتل الأمين العام للحزب حسن نصر الله بها، إلا أن نصر الله لم يكن القتيل الوحيد في تلك الضربة.

قال هرتسي هاليفي، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، في بيان، إن قواته نفذت، الجمعة، ضربة استهدفت مقراً قيادياً لـ«حزب الله» تحت الأرض في بيروت؛ ما أدى إلى مقتل الأمين العام للحزب حسن نصر الله، وعدد من كبار القياديين بالتنظيم.

علي كركي

وأعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، السبت، أن مِن بين مَن قضوا في الغارة على الضاحية الجنوبية لبيروت؛ القيادي في «حزب الله» علي كركي، الذي وصفه بأنه قائد جبهة الجنوب في الحزب.

ونجا كركي من قصف إسرائيلي استهدفه، الاثنين، في الضاحية الجنوبية لبيروت. وقال مصدر أمني لبناني، إن ضربة إسرائيلية، مساء الاثنين، على الضاحية الجنوبية لبيروت استهدفت القيادي الكبير في «حزب الله» اللبناني، علي كركي، قائد الجبهة الجنوبية.

إنفوغراف... استهدافات إسرائيلية لقادة «حزب الله» (الشرق الأوسط)

وأكّد مصدر مقرّب من الحزب لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أن الغارة «استهدفت قائد جبهة الجنوب حالياً في (حزب الله) علي كركي، الذي يُعدّ الرجل الثالث عسكرياً في الحزب، بعد القياديَين فؤاد شكر وإبراهيم عقيل»، اللذَين قُتلا بضربات مماثلة.

من جهته، أعلن «حزب الله»، الاثنين، أن القيادي علي كركي الذي قال مصدر مقرب من الحزب إنه استهدف بغارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت «بخير»، وانتقل إلى «مكان آمن».

وقال الحزب في بيان بعد ساعات من الغارة، إن «الأخ العزيز المجاهد القائد الحاج علي كركي بخير»، مضيفاً أنه «انتقل إلى مكان آمن».

عباس نيلفروشان

وأكدت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» مقتل نائب قائد عمليات «الحرس الثوري»، الجنرال عباس نيلفروشان، في القصف الذي أسفر عن مقتل أمين عام «حزب الله»، حسن نصر الله، في الضاحية الجنوبية لبيروت.

وكانت صحيفة «كيهان»، المقربة من مكتب المرشد الإيراني، قد نقلت عن مصادر «غير رسمية» أن نيلفروشان قضى في غارة جوية إسرائيلية على معقل «حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت.

وسارعت وكالة «دانشجو» التابعة لقوات «الباسيج الطلابي» إلى نشر بروفايل موجز عن حياة القيادي، الذي كشفت عن دوره في سوريا ولبنان، ليكون خليفة الجنرال محمد رضا زاهدي، الذي قضى في ضربة جوية استهدفت القنصلية الإيرانية، مطلع أبريل (نيسان).

وشغل نيلفروشان (58 عاماً) منصب نائب عمليات القوات البرية في «الحرس الثوري»، وعُيّن نائباً لقائد عمليات تلك القوات، خلفاً لزاهدي في عام 2019، بعدما كان نائباً له.

وينحدر كلاهما من مدينة أصفهان وسط البلاد. ويتولى نيلفروشان منصب نائب غرفة العمليات المشتركة في «الحرس الثوري»، وهذه المرة الأولى التي تكشف وسائل إعلام عن انتقاله إلى لبنان للإشراف على قوات «الحرس الثوري».

زينب نصر الله

أعلنت القناة «12» الإسرائيلية، أمس، أن زينب ابنة حسن نصر الله الأمين العام لـ«حزب الله» قتلت في الغارة التي استهدفت مقراً قيادياً تحت الأرض في ضاحية بيروت الجنوبية. إلا أنه لم يصدر أي تأكيد أو نفي لتلك الأنباء من «حزب الله» أو مصادر لبنانية رسمية.

ويقع المقر المستهدف تحت عدة بنايات في قلب الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت، ولم يعرف على الفور عدد القتلى والجرحى جراء قصف هذه البنايات بخلاف الذين قضوا في مقر القيادة تحت الأرض.

وذكر وزير الصحة اللبناني، في مؤتمر صحافي، السبت، أن حصيلة القتلى والجرحى في الاستهدافات الإسرائيلية للمناطق المختلفة في لبنان، منذ الجمعة، بلغت 11 قتيلاً، و108 جرحى. ولم يوضح كم منهم سقط في الضربة التي استهدفت الضاحية الجنوبية.

ومنذ الاثنين، كثّفت إسرائيل وتيرة ضرباتها على «حزب الله» بمناطق مختلفة في لبنان، ما استدعى ردوداً من الحزب، في تصعيد غير مسبوق منذ بدء تبادل إطلاق النار بين الطرفين غداة اندلاع الحرب بقطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.